قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب : "نحن في زمن تكالب فيه الأعداء على المسلمين وتداعوا عليهم كما تتداعى الأكلة على قصعتهما، فإننا نخشى من ذنوبنا، فالمتحتم علينا ان نحفظ الله في أنفسنا وفي ديننا، فإن صدقنا مع الله فان الله مولانا". وقال في خطبة الجمعة أمس في المسجد الحرام:"التائبون إلى الله همم متفاوتة ودرجات متعالية، وأعظمهم منزلة وأسبقهم فوزاً هو من كان لله ولياً وعنه رضياً، والولاية ليست ادعاء وتظاهراً، بل إنها حقيقة يوفق الله لها من شاء من عباده إذا سلكوا طريق رضاه"، مشيراً إلى ان الغاية التي خلق من اجلها الإنسان هي عبادة الله وتوحيده وطاعته وتمجيده، الذي جعل الدنيا دار ابتلاء وامتحان، وجعل من سنة الحياة كثرة العوارض والآفات والأعداء من الشياطين والشهوات، فان الله تعالى لم يسلم عباده ولم يخذل أولياءه، بل وعد سبحانه بالحفظ والرعاية لأصفيائه، والنصر والتمكين لأوليائه، إذا هم قاموا بما أمر، واجتنبوا ما نهى عنه، وتوكلوا عليه حق التوكل، وحفظوا دينهم. كما أوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد في جوامع كلمه إلى طريق الولاية، وما يكون به الحفظ والصيانة، مشيراً إلى ان من أعظم ما يجب حفظه والعناية به، إخلاص العبادة لله تعالى، وحفظ النفس من الوقوع في الشرك بشتى أنواعه، فمن أشرك بالله تعالى فقد أضاع جهده وأحبط عمله. وقال:"إن المسلم العاقل هو الذي يتفقد نفسه وعمله، حتى لا يقع في شيء من محبطات الأعمال، وكذلك المحافظة على الصلاة، وكذا حفظ الجوارح خصوصاً الفم والفرج". وأفاد بأن الحفظ عام في أمور الدنيا والآخرة، فمنها ان الله تعالى يحفظ له مصالح دنياه، فيحفظه في بدنه وولده وأهله وماله، ومن ضيع أمر الله أضاعه الله فضاع بين خلقه، حتى يدخل عليه الضرر والأذى ممن كان يرجو نفعه من أهله وغيرهم، وكما يحفظ الله تعالى الإنسان في دنياه، فانه يحفظه في دينه وإيمانه، فيحفظه من الشبهات والشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه فيتوفاه على الإيمان، ومن ضيع حقوق الله تعالى فانه لا يحفظ. وقال:"ان من أركان الإيمان... الإيمان بالقضاء والقدر، وانه لا يقع في هذا الكون حادث صغير ولا كبير إلا بقدر سابق، سطره القلم في اللوح المحفوظ، بأمر الله تعالى وعلمه وتقديره، قبل خلق السموات والأرض، فلا يكون شيء إلا بمقتضى ذلك، علم العبد أو جهل، ومن هنا كان كمال توحيد المؤمنين، فخضعت قلوبهم لأحكام القضاء والقدر، وهان عليهم الصبر على البلاء، والشكر في السراء، وفوضوا أمرهم إلى الله وسألوه المغفرة والرحمة واللطف والنصرة، ولهذا وصى النبي صلى الله عليه وسلم الأمة جامعة بالإيمان بالقضاء، والصبر على البلاء، واليقين على رب الأرض والسماء، وعند استحضار هذه المعاني تطمئن النفوس الرضية، وتعيش حياة هنية".