الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 28 يونيو    Microsoft تنافس بالذكاء الاصطناعي    وَهل يُزعِج أميركا تدمير «رفح»؟!    أمير المدينة يرعى ملتقى التوجيه المهني    IF يتصدر شباك التذاكر    الجامعة العربية تؤكد أهمية حوار الحضارات كتنوع ثقافي متناغم    تعليم الطائف يعلن ترتيب شرائح النقل عبر نظام نور لمعلمي ومعلمات التعاقد المكاني    نائب أمير مكة يستقبل مدير عام الجوازات والوفد المرافق له    نائب وزير الخارجية يقدم واجب العزاء والمواساة في وفاة رئيس إيران    700 ألف صك عبر البورصة العقارية    هاتف (HUAWEI Pura 70 ) يفوز بجائزة «عكاظ» للتميز في التصوير السريع    ما المشاريع التي دشنها أمير حائل في محافظة السليمي بأكثر من مليار ريال؟    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    أخضر الملاكمة بالمعسكر الدولي    آرني سلوت: عرض العمل مع ليفربول يستحيل تجاهله    أمير منطقة تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    سمو محافظ الخرج يرعى حفل التخرج لمتدربي ومتدربات وحدات التدريب التقني بالمحافظة    مدير مكتب التعليم بالروضة يفتتح العيادة المدرسية بمتوسطة زهير بن أبي أمية    معرض تعاوني للتدريب.. يستقبل 3 آلاف طالبة وطالب خلال 3 أيام    46 مليار ريال سنويا التسهيلات المقدمة للمنشآت    وكالة الفضاء السعودية تعلن أسماء الفائزين ال10 من 8 دول عربية في مسابقة #الفضاء_مداك    «جامعة نايف العربية» تطلق في تونس أعمال الملتقى العربي للحد من تهريب المهاجرين    "عطور الشرق" يفتح أبوابه للزوار في المتحف الوطني السعودي    غرق 10 فتيات بعد سقوط حافلة بمجرى مائي في القاهرة    ريال مدريد: كروس قرر إنهاء مسيرته الكروية بعد يورو 2024    السعودية تحقق أكبر تحسن إقليمي في قطاع السياحة منذ 2019    تاج العالمية تفتتح مكتبها في الرياض ضمن 19 موقعا عالميا    العالم حريص على توحيد الجهود الدولية لإيجاد حلولٍ شاملة لقضايا المياه    وزير الإسكان يشهد توقيع "الوطنية للإسكان" 5 مذكرات تفاهم    النفط يتراجع والذهب في ارتفاع    ولي العهد يطمئن الجميع على صحة الملك    انخفاض قياسي لتكلفة الكهرباء من الرياح بالغاط ووعد الشمال    إطلاق "مانجا إنترناشونال" للأسواق الدولية    الربيعة يدعو لتأسيس "مجلس طيران إنساني عالمي"    نائب أمير الرياض يستقبل نائب وزير الحرس الوطني المكلف    طلاب الاحساء يحصدون 173 جائزة لوزارة الثقافة    أكثر من 5.5 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أبريل الماضي    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    موعد مباراة الهلال والطائي..والقنوات الناقلة    حرس الحدود يحبط تهريب 295 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    رسميًا.. الاتحاد يعلن رحيل رومارينهو وغروهي    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    5 فوائد للمشي اليومي    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    خادم الحرمين الشريفين يخضع لبرنامج علاجي    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    لا عذر لخائن    تسهيل وصول أمتعة الحجاج لمقار سكنهم    أنديتنا وبرنامج الاستقطاب    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النخب المصرية وإجهاض الثورة
نشر في الحياة يوم 11 - 06 - 2013

تتميز النخب المصرية بالتناقض في رؤيتها للتاريخ والأحداث الجارية، وغالبيتهم من الرجال المتخصصين في علم السياسة، وهو مثل علم الطب الذي درسناه باللغة الإنكليزية، والذي لا ينبع من دراسة أمراضنا الواقعية وتحليلها بعقولنا وإبداع نظريات جديدة لعلاجها، بل يتبع النظريات المنقولة عن عقول خارجية اعتمدت في نظرياتها على واقعها ومشاكلها ورؤيتها لمستقبلها ومصالحها.
لا تكف النخب المصرية عن استخدام الأسماء الأجنبية والمصطلحات المعقدة في مقالاتهم ومؤلفاتهم. يتباهون بكثرة الاطلاع والتعقيد والغموض. لا يدركون أن الفكرة الأصيلة المبدعة سهلة الفهم والإدراك، بديهية، لأنها تنبع من العقل المبدع المتجدد والواقع المعيش. تتناقض هذه النخب في تحليلها ثورة يناير 1102 أو أي حركة شعبية، ومنها حركة تحرير المرأة المصرية. يرجع ذلك إلى أسباب متعددة، منها تخلف التعليم الجامعي كجزء من التخلف العام، وخضوعهم للفكر الطبقي الأبوي الذكوري في الدولة والأسرة، والفصل بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، وبين العلم والفن، والاعتماد على التخصصات الأكاديمية الجافة، وفقدان النظرة الكلية للإنسان والكون والفرد والمجتمع، والاعتماد على المناهج الأجنبية في التعليم والثقافة والأدب بمثل الاعتماد على القروض والمعونات الخارجية في الاقتصاد والتنمية، كما تلعب القيود السياسية والدينية المفروضة دوراً في مصادرة التفكير الحر والإبداع. وتميل هذه النخب إلى البعد من مخاطر المشاركة في الحركة الشعبية في الشارع، وتعتمد في تحليلاتها على النقل من الكتب.
ويدور حوار طويل بين النخب حول أسئلة مثل: لماذا لم يعمل"المجلس العسكري"لصالح الثورة؟ كأنما لم يكن هذا المجلس جزءاً من النظام القديم، وجاء بقرار من حسني مبارك نفسه، أو كأنه لا يحصل كل عام على أكثر من بليون دولار أميركي من بؤرة الاستعمار في واشنطن؟ ويرى بعض النخب البارزة في مصر أن"المجلس العسكري"لم يكن مسؤولاً عن تحقيق مبادئ الثورة، وكان دوره قاصراً على وضع القواعد القانونية والدستورية في المرحلة الانتقالية التي ستقود في ما بعد لتحقيق مبادئ الثورة. يتجاهلون أن مراحل الثورة حلقات متصلة، وبالتالي تشمل المرحلة الانتقالية، وأن تحقيق مبادئ الثورة غير منفصل عن القواعد القانونية والدستورية التي تقود لتحقيق أهدافها.
ويقول بعضهم إن الشعب المصري عجز عن انتخاب ممثلي الثورة من خلال القواعد القانونية والدستورية العادلة التي وضعها"المجلس العسكري"، وهنا يتجاهلون أن هذه القواعد لم تكن عادلة، بل العكس هو الصحيح، إذ بعد ثلاثة أيام فقط من سقوط مبارك، أعلن"المجلس العسكري"تشكيل لجنة طارق البشري غالبيتها من الإخوان المسلمين التي فتحت الباب لإجهاض الثورة، بإجراء الانتخابات قبل وضع الدستور الجديد، ما أنتج برلماناً هزلياً تم حله بالضرورة، ومجلس شورى صدر الحكم ببطلانه بالقانون، ورئيس للدولة لم تكف التظاهرات الشعبية ضده، وتم تجميع ملايين التوقيعات لسحب الثقة منه في 03 الجاري. شاركت النخب السياسية مدنية ودينية ومعارضة وحكومة في إجهاض الثورة بتعبئة الجماهير للذهاب إلى انتخابات غير صحيحة، قالوا عنها"عرس الديموقراطية". أصبح الإيمان بالصندوق عندهم كالإيمان بالله، رغم أنه كان واضحاً منذ البداية أن"المجلس العسكري"، و?"الإخوان المسلمين"وحكومة أوباما، خططوا لهذه الانتخابات لتمكين"الإخوان"من الحكم. تضلل هذه النخب الرأي العام بإرجاع فشل الثورة إلى خيبة الثوار وضعف الشعب المصري المستعبد ثلاثين عاماً تحت حكم مبارك.
يتجاهلون أن هذا الشعب المستعبد استطاع بثورته العارمة أن يخلع مبارك في 81 يوماً فقط، وكان يمكن أن يسقط جسد النظام بعد سقوط رأسه، لولا تآمر القوى الخارجية الاستعمارية مع"المجلس العسكري"، و"الإخوان المسلمين"لسحق الثورة والثوار، وإعادة مصر إلى عصور الظلام والحروب الدينية. ولا تكف هذه النخب أيضاً عن الدفاع عن حقوق المرأة، ويقولون إنه منذ قاسم أمين لم يظهر أحد، وأننا في انتظار قاسم أمين آخر لينقذ المرأة من الردة، ثم يناقضون أنفسهم ويقولون لا بد أن تعلن النساء العصيان والتمرد، فلن يحرر المرأة إلا المرأة، ثم يصفون النساء المتمردات الثائرات بالاسترجال وعدم الأنوثة، ويتم إقصاؤهن وإبعادهن عن مراكز القرار. هذا التناقض يكشف محاولة استخدامهم قضية المرأة، مثل استخدامهم قضية الفقر أو العمال والفلاحين، لتحقيق مطامعهم في الحكم والثروة. لا تحترم هذه النخب إلا جهود الرجال وبعضَ النساء، مثل حرم الرئيس ومن يعينهن من الوزيرات أو المساعدات أو رئيسات المجالس القومية للمرأة، وتتجاهل النساء المناضلات اللائي تعرضن للموت أثناء الثورة ودخلن السجون وتحملن الاضطهاد من أجل تحرير النساء.
كان يمكن الثورة المصرية أن تسير قدماً نحو تحقيق أهدافها الحرية، العدالة، الكرامة لولا وجود هذه النخب وجذورها الراسخة في التربة المصرية. ولا يمكن الخلاص من هذه النخب إلا بثورة ثقافية وتعليمية وتربوية وأخلاقية تصاحب الثورات السياسية والاقتصادية وتفرز نخبة جديدة.
* كاتبة مصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.