الجدعان يرأس وفد المملكة في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية ال 33    «الإسلامي للتنمية» يصدر صكوكاً بقيمة مليارَي دولار أمريكي خلال الربع الأول من هذا العام    جامعة الملك سعود تُتوّج ببطولة الرياضات الإلكترونية    الخليج يطرح تذاكر مواجهة الاتحاد .. في الجولة 32 من دوري روشن    عساك «سالم» يا عميد    نحو سينما سعودية مبهرة    البصمة السينمائية القادمة    سلمان بن سلطان يرعى حفل تخريج الدفعة ال 20 من طلاب وطالبات جامعة طيبة    إبادة بيئية    جامعة «مالايا» تمنح د. العيسى درجة الدكتوراة الفخرية في العلوم السياسية    برعاية ولي العهد.. قمة عالمية تبحث مستجدات الذكاء الاصطناعي    50 مليار دولار فرص استثمارية بمطارات المملكة    681 مليون ريال انخفاض مبيعات النقد الأجنبي بالمصارف    سيدات الأهلي يحصدن كأس الاتحاد لرفع الأثقال    طائرة الأخضر إلى نهائيات كأس آسيا    تحسينات جديدة في WhatsApp    الذكاء الاصطناعي يتعلم الكذب والخداع    نسيا جثمان ابنهما في المطار    إنقاذ ثلاثيني من إصابة نافذة بالبطن    مواد مسرطنة داخل السيارات    وفاة أول زارع كلية خنزير    تحضيري القمة العربية يناقش خطة فلسطين للاستجابة الطارئة    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع عقارات الدولة    انتخابات غرفة الرياض    جدة .. سحر المكان    تطوير 12 مشروعاً للعوالم الافتراضية    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة كليات الشرق العربي    سنابل (روشن) زرقاء..!    أرتيتا يحلم بتتويج أرسنال بلقب الدوري الإنجليزي في الجولة الأخيرة    أرسنال يسقط اليونايتد ويستعيد الصدارة    بعض الدراسات المؤرشفة تستحق التطبيق    " الأحوال" المتنقلة تواصل خدماتها    محافظ جدة يدشن مبادرة " العمل والأسرة"    تدريب 18 ألف طالب وطالبة على الأمن والسلامة في الأحساء    «الأحوال المدنية المتنقلة» تقدم خدماتها في 48 موقعاً    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    هنأت رؤساء روسيا وقرغيزيا وطاجيكستان.. القيادة تعزي ملك البحرين ورئيس الإمارات    رعى حفل الأهالي وتخريج الجامعيين.. أمير الرياض يدشن مشروعات في المجمعة    كبسولة السعادة .. ذكرى ميلادي الرابعة والأربعون    تنمية المواهب في صناعة الأزياء محلياً    لؤلؤ فرسان .. ثراء الجزيرة وتراثها القديم    أمير نجران يكرّم المتميزين في «منافس»    إنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة طريق مكة آليًا    مختبرات ذات تقنية عالية للتأكد من نظافة ونقاء ماء زمزم    أمير تبوك يطلع على إنجازات "التجارة"    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    القوات المسلحة تشارك في«الأسد المتأهب» بالأردن    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    نيابة بمطار الملك خالد على مدار الساعة    نقل اختصاص قطاع "السينما" لهيئة الأفلام    القتل حدًا لمواطن نحر زوجته بالشرقية    نائب أمير مكة يناقش مستوى جاهزية المشاعر لاستقبال الحجاج    سمو أمير منطقة تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج غداً    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول الأمطار على عدد من المناطق    الماء    طريق مكة    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألمانيا ترفع شعار "التسيير الكهربائي" في المواصلات وتواكب استراتيجية عالمية لهجر الوقود الاحفوري
نشر في الحياة يوم 13 - 09 - 2009

الأرجح أن عام 2009 يستأهل أن يُلقّب ب"سنة التحوّل في تاريخ الطاقة"، بالنظر الى تكاثر المبادرات الاستراتيجية التي تصب في إتجاه الاستغناء عن الوقود الإحفوري فحم حجري ونفط الذي ثبت أن العوادم التي تنجم من احتراقه، خصوصاً ثاني أوكسيد الكربون، تُلوّث الغلاف الجوي وتساهم في ظاهرة الإحتباس الحراري التي تُهدّد الحياة على الكرة الأرضية. وفي هذه السنة، تزاحمت مبادرات الدول الكبرى التي تدفع باتجاه نشر السيارات التي تستهلك وقوداً أقل، وكذلك توسيع صناعة السيارات التي تستعمل وسائل غير تقليدية في الطاقة، مثل تلك التي تعتمد على الكهرباء والمحركات الهجينة والهيدروجين السائل وخلايا الوقود وغيرها.
وفي مبادرة استراتيجية ضخمة تصبّ في هذا السياق، قررت ألمانيا دخول حلبة المنافسة الدولية لإنتاج سيارات المستقبل. ورفعت شعار"التسيير الكهربائي"لوسائل النقل كهدف محوري يشمل إنتاج مليون سيارة كهربائية وبيعها في البلاد خلال السنوات العشر المقبلة.
وفي هذا الصدد، أفاقت شركات السيارات الألمانية أخيراً من غيبوبتها التي اختارتها قبل عشر سنوات عندما تهرّبت من مواكبة التطوّر الحتمي لصنع سيارات أقل استهلاكاً للوقود. وتحاول راهناً اللحاق بركب الشركات العالمية التي بدأت عصر السيارات التي تعمل بمحرك هجين"هايبرد"Hybrid صديق للبيئة. وتُطلق صفة الهجينة على السيارات التي تسير بمحركين، أحدهما كهربائي والآخر يسير بالوقود. ويتوقع أن يتحوّل معرض السيارات الدولي السنوي في فرانكفورت في 17 الجاري مناسبة لتقدم بعض الشركات الألمانية فيه عدداً من نماذجها عن السيارات الصديقة للبيئة.
ويُذكر أن الحكومة أقرّت في أواخر الشهر الفائت خطة مستقبلية لدعم بحوث تطوير البطاريات الكهربائية، التي تعتبر أساس السيارات الكهربائية والهجينة. وبيّن ذلك نيتها للشروع في منافسة شرسة مع اليابان والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين. وتتركز هذه المنافسة على صنع بطاريات تقدر على تشغيل محركات السيارات إلى مسافات بعيدة، بحيث تنافس سيارات ال"هايبرد"التي تنتجها اليابان منذ سنوات بشكل موسّع.
وتمثّل سيارات"برايوس"Prius نموذجاً من جهد اليابان في إطار السيارات الهجينة. ويجمع الخبراء وحماة البيئة والسياسيون والمنتجون والمستهلكون على أن فكرة سيارة الكهرباء لها مستقبل كبير، خصوصاً في المدن المكتظة. وتتفاوت وجهة نظرهم في شأن الفترة الزمنية التي يحتاجها العلماء للتوصّل إلى اختراع نوع ثوري من البطاريات المستدامة وغير المُكلفة.
نهاية قرن من مركبات الوقود
في هذا السياق، خصّصت برلين نصف بليون يورو نحو 700 مليون دولار من أموال برنامج الدعم الحكومي الثاني، لتشجيع الجامعات ومعاهد البحوث الألمانية على مواصلة تطوير البطاريات الكهربائية وتحسين نوعيتها وقدرتها على التحمل وخفض كلفتها العالية التي تتراوح حالياً بين 10 و 15 ألف يورو. ويتوجّب على الخبراء اقتراح البنى التحيتة اللازمة لهذا"التطوير الثوري"، بحسب تعبير وزير المواصلات فولفغانغ تيفنزيه في مؤتمر صحافي عقده أخيراً. وذكر تيفنزيه أيضاً أن التطوير المنتظر قد يُحدث"ثورة في صناعة السيارات وينهي قرناً من السيارات المعتمدة على الوقود". ورفع تيفنزيه مع زميله وزير الاقتصاد كارل تيودور تسو غوتنبيرغ، راية التحدي بوجه الدول الأخرى في هذا المجال، خصوصاً اليابان والولايات المتحدة. وقالا:"لم يفت ألمانيا القطار بعد... إنها تتمتع بخلفية علمية وفكرية لا يستهان بها تساعدها في الحاق بمن سبقها في هذا المجال". وتوقّعا أن تتصدر ألمانيا صناعة سيارات الكهرباء، كحالها في صناعة المركبات التقليدية.
وتتطلع الخطة المقرَّة إلى تكثيف البحوث خلال السنوات المقبلة لتطوير فكرة التسيير الكهربائي غير المعتمد على المحروقات بهدف المساهمة في توجّه دولي لخفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون والاستفادة من طاقات الشمس والرياح والمياه، ومواجهة تدني احتياطات النفط والغاز وغلاء أسعار هاتين المادتين مستقبلاً. ويفتح هذا الباب أمام ألمانيا مجالاً واسعاً للمنافسة دولياً مع اليابان والولايات المتحدة المتقدمتين عليها في هذا المضمار. والمفارقة أن فكرة البطارية الكهربائية ألمانية الجذور. إذ أجريت بحوث تطويرها منذ سنوات عدّة، قبل أن تُسدل صناعة السيارات الألمانية الستار عليها. ثم التقطها الآخرون، خصوصاً اليابان التي تعتبر الأكثر تقدّماً في صنع السيارات الهجينة. وتسير في شوارع ألمانيا حالياً بضعة آلاف سيارة"هايبريد"99 في المئة منها يابانية الصنع، إضافة إلى نحو 1500 سيارة كهربائية من صنع محلي، تسير لمسافة محدودة قبل معاودة شحنها.
وغداة إعلان الخطة الحكومية، قاد وزير البيئة زيغمار غابرييل بنفسه سيارة كهربائية ألمانية أمام الصحافيين للتدليل على عزم الحكومة على السير في هذه التكنولوجيا للطاقة وعدم الاكتفاء بتكنولوجيا"هايبرد"التي لا تشكل البديل البيئي المطلوب حتى الآن. ودعا إلى تطوير سيارات الكهرباء بهدف حماية البيئة والمناخ و... الاقتصاد.
وواقع الأمر أن السيارات التي تعمل على الكهرباء غير صالحة حالياً كي تكون تجارية. ولا تلبي حاجات المواطنين للسفر الطويل لكون بطارياتها لا تسيِّر المحرك إلا لمسافات قصيرة نسبياً أقصاها100 كلم، إضافة إلى وجود شبكة محدودة جداً من المحطات التي تؤمن إعادة شحنها بالكهرباء.
وطلبت الحكومة الألمانية من أربع وزارات البحوث والبيئة والاقتصاد والمواصلات ان تنسق جهودها، وبمشاركة القطاع الخاص، لتنفيذ خطة التسيير الكهربائي. وتتضمن المرحلة الأولى إنتاج السيارات الكهربائية الأولى عام 2011 ثم صنع 100 ألف منها عام 2012.
وفي المرحلة الثانية حتى 2017 يجري التحضير إقتصادياً وعملانياً لدخول الأسواق. وتخصّص المرحلة الثالثة للإنتاج الموسّع والمنافسة عالمياً. وقال غابرييل إنه يتوجب على العلماء تصغير حجم البطاريات وخفض سعرها إلى النصف تقريباً، لتشجيع المواطنين على شرائها، قبل الإنتاج الموسّع للسيارة الثورية.
وأشار الى ضرورة إزالة المشاكل المتعلقة بسلامة ركابها. ووجّه رسالة إلى السائقين مفادها أن كلفة الطاقة المتجددة التي تستهلكها السيارة كل 100 كيلومتر تبلغ نصف كلفة سيارة المحروقات حالياً. ورأى وزير الاقتصاد تسو غوتنبيرغ أن تسيير مليون سيارة كهربائية في الشوارع الألمانية حتى 2020"هدف طموح وممكن التحقيق".
وأشار إلى أنها لن تستهلك أكثر من 0،3 في المئة من الكهرباء المنتجة في البلاد سنوياً. وأضاف أنه بموازاة التسيير الكهربائي ستواصل الحكومة دعم إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة الأخرى. وبذا، يصبح من الممكن شحن بطاريات السيارات من الكهرباء المنتجة من طواحين الرياح التي يتزايد انتشارها في ألمانيا.
ودعت أنّيته شافان وزيرة البحوث الألمانية، العلماء"إلى إعادة اختراع سيارة جديدة كل الجدّة". وقال وزير المواصلات تيفنزيه إنه بعد مئة عام على اختراع المحركات العاملة بالمحروقات"نصل الآن إلى منعطف تاريخي يتطلب إقامة بنى تحتية خاصة لتأمين تعبئة سريعة لبطاريات السيارات، وكذلك دراسة سبل حماية المواطنين والأطفال منها لأنها ستكون سيارات صامتة تماماً". ودعا تيفنزيه صناعة السيارات الألمانية إلى بذل جهد استثنائي لتحقيق هذه الخطة. وكذلك نفى وزير الاقتصاد أن تكون صناعة السيارات الألمانية تضع عراقيل أمام الخطة، مؤكداً أنها ستشارك في البحوث والتطوير أيضاً، إضافة إلى الإنتاج.
واكتشفت شركات السيارات الألمانية أخيراً خطأ عدم تخليها استراتيجياً قبل نحو عشر سنوات، عن إنتاج السيارات الكبيرة المستهلكة لكميات كبيرة من البنزين والديزل، ما ترك الساحة خالية تقريباً أمام الشركات اليابانية لتطوير سيارات ال"هايبرد". وراهناً، خُصّصت 8 مناطق نموذجية في ألمانيا لإجراء التجارب على التكنولوجيا الجديدة هي: هامبورغ، وبريمن/ أولدنبورغ، وراين - رور، وراين - نيكار، وشتوتغارت، وميونيخ، وساكسن، وبوتسدام - برلين.
البطارية أغلى قطعة
في حديث مع"الوكالة الألمانية للأنباء"قال البروفسور ديرك أوفه زاور من معهد"إر في تي ها"ان السيارة الكهربائية تبقى على المدى المنظور، صالحة لأن تكون سيارة رديفة للمستهلك تفيده في رحلاته القصيرة، خصوصاً داخل المدن. ورأى سوقاً كبيرة لها. وتوقّع أن يباع منها في ألمانيا أكثر من 10 ملايين سيارة. وأشار إلى أن المئة كيلومتر التي تتحملها بطارية الكهرباء قبل إعادة شحنها، كافية لحاجات الناس في المدن.
ووصف هدف الحكومة بيع مليون سيارة منها حتى 2020 بأنه"متحفظ جداً". وبالنسبة إلى المسافات المتوسطة والطويلة، قال إنه يعتقد أن البديل خلال العقود الثلاثة المقبلة سيكون سيارة"هايبرد"التي تجمع بين محركي الوقود والكهرباء بانتظار حصول ثورة تكنولوجية جديدة تمدد عمر البطارية الكهربائية وتقصّر فترة تعبئتها. ولاحظ أن سعر السيارة الكهربائية التي تقطع 50 كيلومتراً قبل إعادة الشحن مثلاً، سيكون أرخص بكثير من زميلتها التي تقطع بطاريتها عدة مئات الكيلومترات. وأوضح أنه ينتظر تحولاً سريعاً لقسم كبير من المواطنين صوب سيارات الكهرباء لأنها بديل عملي، خصوصاً إذا حدث ارتفاع غير مقبول في سعر البنزين.
وتوقّع زاور أن تلجأ شركات السيارات خلال فترة قصيرة إلى وضع خطط جديدة لإنتاج سيارات كهرباء. وكذلك أن ينطلق إنتاجها جماهيرياً خلال سنتين من الآن. وأضاف أن على المرء الانتباه إلى أن الدول الآسيوية ستنتج في السنوات المقبلة سيارات صغيرة ورخيصة بثمن يقل عن ثمانية آلاف يورو بهدف غزو الأسواق.
وتوقع أن تأتي المنافسة من الصين أولاً، لكون الدولة فيها تدعم مادياً بقوة بحوث تطوير البطاريات. ولاحظ أن الكوريين واليابانيين"يتمتعون بعلاقة عضوية قوية مع الشركات المنتجة للبطاريات. وباتوا مطّلعين على دقائق التطوّر فيها". وأضاف أن 80 في المئة من كلفة الابتكار والتطوير في السيارة يتمحور مستقبلاً حول تقنيتي الكهرباء وكيمياء الكهرباء، متوقّعاً بروز لاعبين جدد في سوق السيارات. وأعرب عن تأييده خطوة شركة"مرسيدس بنز"بتأسيس شركة مشتركة مع"لي تك"لتطوير البطاريات وإنتاجها، واصفاً إياها ب"الخطوة الضرورية لعدم الارتهان إلى أحد في هذا المجال".
وفي رأي البروفسور زاور، يرتبط ثمن السيارة الكهربائية في ألمانيا بإنتاج بطاريات ملائمة بكمية كافية. واعتبر أن الهدف الكبير يتمثّل في خفض كلفة كيلوواط الكهرباء/ساعة إلى 300 يورو. فحينها، تصبح كلفة البطارية الكهربائية التي تسيِّر السيارة مسافة 100 كيلومتر نحو 4500 يورو، أي تقريباً نصف كلفة إنتاج هيكل سيارة صغيرة الحجم. وذكّر بأن سعراً كهذا ممكن في حال إنتاج حوالى 10 ملايين خلية بطاريات في السنة لنحو 100 ألف سيارة كهربائية. وعلى حد تعبير زاور، فإن"البطارية الكهربائية ستكون في المستقبل القطعة الأغلى في السيارة".
وذكرت مؤسسة الاستشارات"مك كينسي"في دراسة وضعتها أخيراً أن من المنتظر أن تتكلف شركات السيارات الألمانية خلال السنوات المقبلة قرابة 115 بليون يورو لتطوير محركات سيارات تقليدية خفيضة الاستهلاك للبنزين، ولدعم بحوث تطوير بطاريات كهرباء أفضل.
وفي سياق متصل، حض الخبير ماتياس كلينغنر المسؤول عن"معهد فراونهوفر لأنظمة السير وبناها التحتية"في مدينة درسدن الألمانية على الإفادة من الفرصة الراهنة. ولفت إلى أن المنتجين الألمان"ناشطون حالياً بصورة غير عادية، ويحاولون جاهدين تحقيق الاختراق التكنولوجي المنتظر".
مواقف متباينة لحماة البيئة
تفاوتت مواقف الاتحادات والجمعيات البيئية الألمانية إزاء أهمية السيارات الكهربائية إلى حد الاختلاف المبدئي. وتراوحت المواقف من التأييد إلى التشكيك وصولاً إلى التنديد. ومن المستطاع القول ان خطة"التسيير الكهربائي"لاقت تأييداً وترحيباً مشروطين. وحذّر المؤيدون من التركيز على نوع وحيد من البدائل الصديقة للبيئة، كي يحل بديلاً من محركات الوقود التقليدية، بحسب بيان من"اتحاد نادي السير". وانتقد"نادي المواصلات الألماني البيئي"الخطة لكونها غير دقيقة المعالم، وتتضمن مواقف غير ملزمة. وأعلن"اتحاد صناعة الطاقة والمياه"و"اتحاد حماية الطبيعة"و"رابطة الطاقات المتجددة"تأييدها للخطة بتحفظ. وقلّلت"منظمة مساعدة البيئة"أومفيلت هيلفه من أهمية إنتاج مليون سيارة كهربائية حتى عام 2020 قائلة إن الرقم لن يشكل أكثر من 2 في المئة من عدد السيارات التي تسير في ألمانيا في حينه. واتهمت الحكومة بتشجيع"تكنولوجيا محدودة التأثير".
ويبلغ عدد السيارات والشاحنات والمركبات في ألمانيا راهناً نحو 50 مليوناً.
وانتقد"حزب الخضر"الحكومة على عدم إقرارها دفع مكافأة من 5000 يورو لمن يريد شراء سيارة كهربائية. وأثنى"اتحاد حماية الطبيعة"على خطة الحكومة، لكنه أبدى خشيته من أن تكون"صورية وإعلانية". ورفض فكرة تخصيص مكافأة للشارين. وطالب ب"تأكيد أن سيارة المستقبل الكهربائية ستسير بواسطة الكهرباء المنتجة من الشمس والرياح والمياه أيضاً". وإذ أشار إلى أن حماية المناخ"لن تتم فقط من خلال تبديل محرك وقود بمحرك كهربائي"، رفض شحن البطاريات الكهربائية المستقبلية بكهرباء منتجة من مصانع الفحم الحجري. وقال إن ذلك"يشبه تغيير شرَّ بآخر". ورأى أن بيع مليون سيارة كهرباء حتى عام 2020 لن يقدّم مساهمة جوهرية لحماية البيئة، مقترحاً مواصلة التركيز على محركات السيارات التقليدية الخفيضة الاستهلاك للوقود اذ تعمل بعض شركات السيارات على إنتاج محركات تستهلك 3 ليترات البنزين لكل 100 كيلومتر. وأعرب الاتحاد عن أسفه لأن الحكومة لم تقدِّم مساهمة أساسية في هذا المضمار.
وأشار إلى"مبالغ كبيرة جداً صرفت على تطوير خلايا شمسية ومحركات هيدروجينية، من دون توقع إنتاج سيارة عملية منها في المدى المنظور". وشبّهت"منظمة السلام الأخضر"غرين بيس الخطة الألمانية ب"قصص الأطفال العالية التقنية"، مشيرة إلى أن السيارات الكهربائية"لن تؤدي أي دور يذكر في حماية المناخ في العقدين المقبلين".
وأثنت"الرابطة الاتحادية للطاقات المتجددة"على خطة تسريع البحوث في"التسيير الكهربائي". ووصفت هذا التسيير بأنه"موضوع المستقبل لأنه يفتح لألمانيا التي تملك تكنولوجيا عالية المستوى أسواقاً ضخمة". وقال الأمين العام للرابطة بيورن كلوسمان، ان وجود عدد كبير من السيارات الكهربائية يسهِّل ربط الكهرباء المستخرجة من الطاقات المتجددة بالشبكة العامة، الأمر الذي يسهّل بدوره تخزين فائض الكهرباء المكتسبة من الرياح والشمس. وأضاف أن هدف تسيير مليون سيارة كهربائية حتى عام 2020 لن يؤدي إلى استهلاك كبير للكهرباء، خصوصاً أن الكمية التي ستحتاج إليها يمكن تأمينها من تنامي إنتاج الطاقات المتجددة. وأضاف أن ما أُنتِج من كهرباء من الطاقات المتجددة في 2008 بلغ 4,3 بليون كيلوواط/ ساعة، أي أكثر من ضعف ما تنتظر الحكومة استهلاكه من جانب المليون سيارة كهربائية.
وفي رد ضمني على اتحاد حماية الطبيعة، أوضح إن هذه الأرقام"تظهر بوضوح أن المرء لن يحتاج إلى المزيد من مصانع الطاقة العاملة على الفحم الحجري ولا إلى تمديد فترة عمل المفاعلات النووية المنتجة للكهرباء لتأمين الطاقة للسيارات الكهربائية مهما بلغ عددها مستقبلاً".
المنافسة الدولية
لإعطاء صورة عامة عن حلبة المنافسة الدولية في مجال السيارات التي تسير بالطاقة النظيفة، يجب تذكّر المعلومات الأساسية الآتية:
الولايات المتحدة: تدعم بحوث تطوير بطاريات كهربائية بمبلغ يصل إلى بليوني دولار 1,4 بليون يورو. ووعدت الحكومة شركات إنتاج السيارات بالحصول على 25 بليون دولار لإعادة تجهيز مصانع إنتاجها لهذه الغاية. وتقدم الدولة دعماً لكل من يشتري سيارة كهربائية قيمته 5800 دولار تخصم من ضرائبه العامة.
اليابان: منذ 2006 تخصّص الدولة اليابانية 200 مليون يورو سنوياً للاستثمار في بحوث تطوير بطارية كهرباء لتسيير السيارة في شكل كامل. وتحوز الشركات اليابانية قصب السبق في إنتاج محركات"هايبرد"التي تنتشر تدريجاً في الأسواق. وكذلك تعي ضرورة تطوير تكنولوجيتها للحفاظ على طليعيتها في عالم إنتاج السيارات الأكثر ملاءمة للبيئة. وتقدم الدولة لكل مشتر من هذه السيارات علاوة يصل حدّها الأقصى إلى 10 آلاف يورو.
الصين: على رغم أن الصين جديدة في حلبة إنتاج السيارات، خصّصت الدولة أخيراً بليون يورو لبرنامج بحوث تطوير بطاريات كهربائية تعمل فترة طويلة. وخصّصت بليوني يورو لدعم 13 مشروع اختبار لإنتاج 10 آلاف مركبة تعمل بطاقة الكهرباء حتى 2011. تقدم الدولة دعماًَ لكل شار هذه السيارات بقيمة خمسة آلاف يورو تقريباً.
بريطانيا: يحصل الشارون للسيارات الصديقة للبيئة على دعم يتراوح بين 2200 و5600 يورو.
فرنسا: خصّصت الحكومة الفرنسية للسنوات الأربع المقبلة 400 مليون يورو لدعم برامج تطوير البطاريات الكهربائية. ويصل دعمها للشاري إلى خمسة آلاف يورو.
ولم تقرر ألمانيا ما إذا كانت ستدفع علاوة حكومية لتشجيع شراء السيارات البيئية، لكن بعض المصادر المطلعة تقول ان هذا الأمر سيُحسم عندما يبدأ إنتاج هذه السيارات.
وتعقيباً على الخطة الحكوميه الطموحة، أعلن فرنر شنابّآوف الأمين العام لاتحاد الصناعة الألمانية أن قطاعه يدعم فكرة التسيير الكهربائي للسيارات ويعتبرها فكرة واقعية وطموحة.
وأشار إلى أن تعاون الحكومة مع القطاع الخاص سيمكَّن ألمانيا من قيادة الأسواق العالمية في مسألة"التسيير الكهربائي". وحضّ الحكومة على توسيع البنى التحتية لإدخال التسيير الكهربائي في الحياة اليومية، إضافة إلى تقديم التشجيع المالي لإدخال سيارات الكهرباء إلى الأسواق سريعاً. ولاحظ أن شركات ألمانية عدة تقف حالياً على رأس صناعات دولية مثل السيارات ومعامل الكهرباء والكيماويات وتقنيات الاتصال والمعلومات.
وتوقّع أن يقدّم معرض فرانكفورت الدولي للسيارات من 17 إلى 27 الجاري نماذج من سيارات كهربائية قد تُحدث صدى مميّزاً. ومن هذه السيارات"سمارت"ل"مرسيدس"، و"ميني"ل"بي إم دبليو"، و"إي مييف"ل"ميتسوبيشي".
ويبقى أنها مجرد نماذج. ولن تدخل عملية الإنتاج التجاري حالياً لأنها تخضع إلى التجارب لجمع المعلومات حول بطارياتها، كما حول البنى التحتية التي تتطلبها هذه السيارات ومعرفة الحاجات الجديدة للمستهلكين. ومقابل المتفائلين يعمّ أيضاً تشاؤم في القدرة على إنتاج بطاريات"ناضجة وتجارية"عام 2015.
لكن التحدي الدولي الذي أطلقته ألمانيا سيسعر المنافسة الدولية بين مختلف شركات السيارات الرئيسة كما بين العلماء، خلال السنوات المقبلة. وإذا لم يفز الألمان بالتحدي، فقد يحصده اليابانيون أو الأميركيون أو غيرهم فيحصل الاختراق المنتظر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.