اختتم الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس، زيارته لبنان التي استمرت يومين، بتأكيد وقوفه"بوضوح إلى جانب الدولة اللبنانية ومع كل ما تقرره في الشأنين اللبنانيوالفلسطيني". والتقى في مقر إقامته في فندق الحبتور في سن الفيل عدداً من المسؤولين اللبنانيينوالفلسطينيين، كما أجرى اتصالات هاتفية بكل من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان والعلامة السيد محمد حسين فضل الله وبطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام. والتقى عباس الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل الذي وصف زيارة الرئيس الفلسطيني بالپ"تاريخية"، مشيراً إلى أن هناك قضايا مشتركة بين القيادتين اللبنانيةوالفلسطينية. وقال الجميل:"نحن والقيادة الفلسطينية ضد التوطين، وسنقوم بكل ما في وسعنا لنقف في وجه أي محاولة لتوطين الفلسطينيين في لبنان أو في أي منطقة أخرى، لأن الفلسطيني لا يطمح إلا للعودة إلى وطنه"، لكنه شدد على أنه"بما أنه موجود في لبنان للظروف المعروفة، فلا بد من تأمين الظروف المعيشية له في لبنان". وأشار الجميل إلى أن"القيادة الفلسطينية شددت على ضرورة تضافر الجهود بين اللبنانيينوالفلسطينيين وعلى كل الصعد العربية لتدفع إلى الأمام القضية الفلسطينية، لا سيما في المحافل الدولية ولدى دول القرار ونقنعهم بأن من مصلحتهم إذا ما أرادوا محاربة الإرهاب والتطرف أن عليهم محاربة كل ما يعيق مسيرة السلام في العالم". وتابع أن"الرئيس أبو مازن أكد بوضوح وقوفه إلى جانب الدولة اللبنانية ومع كل ما تتخذه من قرارات. ويبقى أن تحسم الحكومة اللبنانية أمرها وتقوم بواجباتها من اجل أن تبسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية". كما التقى عباس سفراء المجموعة العربية، وتحدث باسمها سفير الإمارات محمد سلطان السويدي الذي أكد أن"اللقاء سلط الضوء على كثير من النقاط التي تتصل بالوضع الفلسطيني بصفة خاصة، والوضع العربي بصفة عامة، ومن ضمن النقاط التي ذكرت الوضع الفلسطيني ضمن الأراضي اللبنانية ومسألة الاستيطان"، مشدداً على أنه"لا يمكن أن يقبل أي فلسطيني بالاستيطان خارج الأراضي الفلسطينية". وأضاف أن"الإخوان الفلسطينيين هم ضيوف على الأراضي اللبنانية وما يطبق على المواطن اللبناني يطبق على الشعب الفلسطيني وهم يخضعون للقانون اللبناني على الأراضي اللبنانية". وعن إمكان مساعدة الدول العربية في إعمار مخيم نهر البارد، قال السويدي:"لم نبحث مع فخامة الرئيس في هذا الموضوع، وهو مطروح مع الحكومة اللبنانية والدول العربية وهو أمر أساسي، إضافة إلى تبرعات المنظمات والدول الأجنبية الأخرى". ثم استقبل عباس قيادة فصائل"منظمة التحرير الفلسطينية"برئاسة عضو المكتب السياسي لپ"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"علي فيصل الذي قال:"أعدنا تأكيد ضرورة أن تولي القيادة الفلسطينية الاهتمام البالغ لوضع الفلسطينيين في لبنان، وللتمسك بنضالهم المتواصل من أجل حق العودة وفق القرار 194". ثم استقبل عباس وفد لجنة المتابعة ل"اللقاء الوطني المسيحي"المؤلفة من النائب هاغوب بقرادونيان واميل رحمة وحبيب افرام، زياد مكاري وناجي حايك. والتقى الرئيس الفلسطيني لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني برئاسة السفير خليل مكاوي. وخلال الاتصال الذي تلقاه من عباس، نوه قباني بمواقف الأخير التي"تؤيد الإجماع اللبناني في أي قرار تتخذه الحكومة في شأن الفلسطينيين في لبنان"، وتمنى له التوفيق في تحقيق أهداف زيارته للبنان. كما تمنى للشعب الفلسطيني الوحدة والصمود في مواجهة العدوان الإسرائيلي اليومي على شعب فلسطين. كما عرض عباس في اتصاله مع فضل الله، الأوضاع المعقدة التي تمر بها فلسطين في هذه المرحلة، والحصار الإسرائيلي المتواصل للشعب الفلسطيني، إضافة إلى الاستحقاقات المصيرية التي تمر بها الساحة الفلسطينية. وأثنى عباس على مواقف فضل الله، الذي تمنى على الأطراف داخل الساحة الفلسطينية"الانتباه إلى لعبة إسرائيل ومشاريعها الهادفة إلى تمزيق الساحة الفلسطينية الداخلية"، داعياً إلى مواجهة هذه المشاريع من خلال التعاون لتحقيق وحدة الشعب الفلسطيني. وشدد على أن"فلسطين هي أمانة الله في أعناق الجميع". كما اتصل عباس بالبطريك لحام الذي أشار إلى أن"الجهود الهادفة إلى التهدئة وإحلال الحوار مكان القتال يجب تشجيعها"، متمنياً"الإسراع بوضع حد للأزمات السياسية والاجتماعية التي يعيشها أبناء فلسطين الذين هم في الداخل والخارج". كما أشاد بپ"المواقف الرصينة التي أعلنها الرئيس الفلسطيني في خصوص الأمن في لبنان وأمن المخيمات". وقبل مغادرته التقى عباس الى مائدة الغداء بدعوة من مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، عدداً كبيراً من ممثلي الفصائل والتنظيمات والشخصيات اللبنانيةوالفلسطينية السياسية والروحية الصديقة وإعلاميين في ما سماه"الكلمة الحميمة"مع الأشقاء والأحباء. وأمل عباس بأن تكون الأيام المقبلة"أحلى مما سبق". وإذ أشار الى أن محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين شملت"المأساة التي يعيشها الفلسطينيون ومأساة ما بعد الانقلاب والجهود التي نبذلها لإنهاء هذا الوضع إذ ليس لدينا بديل من أن نستعيد وحدة شعبنا". وشكر"أشقاءنا في اليمن على مبادرتهم لإعادة الوحدة الفلسطينية التي قبلناها فوراً وزرنا دمشق لنشكرهم أيضاً على تبنيهم المبادرة في القمة العربية والآن يجرى حوار فلسطيني حثيث في القاهرة ونرجو ان يكلل بالنجاح لنستعيد الوحدة الوطنية". وقال عباس انه عرض في لبنان المفاوضات العسيرة مع الكيان الإسرائيلي التي تتناول الحدود واللاجئين والمياه، الأمن والقدس وزاد:"نحن نسعى الى حل شامل لا تؤجل منه أي قضية مهما صغرت لنقدمه الى الاستفتاء الشعبي". وأضاف عباس:"في هذه الأثناء نتشاور مع الأشقاء جميعاً لأن الكثير من القضايا يمسهم مباشرة، فالمياه معني بها سورية ولبنان والأردن واللاجئون مشردون بين لبنان وسورية والأردن ومصر وتقرير مصيرهم يرتبط بمواقف الفرقاء جميعاً. أما موضوع القدس فأوسع من ذلك بكثير وتقرير مصيره يجب ان يتم بالتوافق. وعلى هذه الأسس نتفاوض، لأن الأمور يجب ان تتم بالتوافق مع أشقائنا". وعن العلاقات اللبنانية ? الفلسطينية قال عباس:"منطلقنا هو الحرص على وحدة لبنان وسيادته وأمنه فنحن ضيوف وتحت القانون وقلنا إن ما ترونه نحن ننفذه سواء في القضايا الأمنية أو أي قضية". وأوضح أنه لن يدخل في التفاصيل حول السلاح والمخيمات"فهذا من شأن اللبنانيين يقررون ما يرونه ونحن علينا الطاعة، ولا نريد لأحد أن يخطر في باله اننا مع ما يسمى بالتوطين إذ لن نكون معه ونحن متوافقون على ذلك مع لبنان". وأشار عباس الى أنه سمع من المسؤولين اللبنانيين عن أوضاع الفلسطينيين المقيمين في لبنان، المعيشية والاجتماعية وانهم مع أن يتمتع هؤلاء بما يتمتع به المقيمون على أرضه. ونوه عباس بوزير العمل السابق طراد حمادة الذي كان يجلس الى جانبه لقراره قبل 3 سنوات بتمكين الفلسطينيين من العمل على الأرض اللبنانية وهذا الآن بات سياسة الحكومة اللبنانية. وأشار الى أن"هناك تطبيقات ستتناول الوضع الفلسطيني نريدها أن تكون مقننة...". وعند الرابعة عصراً غادر عباس بيروت، وكان في وداعه في المطار الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي اصطحب معه مدير المخابرات في الجيش العميد الركن جورج خوري، وشارك في الوداع أيضاً وزير الخارجية فوزي صلوخ.