كثرت، في الأيام الأخيرة، شائعات تتصل باحتمال هجوم اسرائيلي وشيك، على إيران لمنعها من تصنيع القنبلة النووية. ومصادر في البنتاغون تتوقع قيام اسرائيل بهجومها قبل نهاية العام الحالي. وقد يصح القول ان الحرب بدأت، وأننا اليوم في المرحلة التي تسبقها. والحق انها حرب كلامية. ولكن أصداءها تُسمع واضحة في إيران، وتشغل دول العالم. وثمة انطباع بأن أمراً ما بدأ ينضج، والعالم مدعو الى أن يدرك الحاجة الى استخدام وسائل ديبلوماسية أكثر فاعلية قبل أن يفوت الأوان. ويتوجه هذا الكلام، على نحو خاص، الى روسيا والصين. فالدولتان لا تزالان تترددان في تطبيق العقوبات على إيران. ويتوجه الى دول أوروبية، مثل ألمانيا والنمسا وسويسرا وغيرها. فهي لا تزال تحتفظ بعلاقات تجارية بإيران، وتتجاهل الأزمة النووية المتفاقمة. وفي سبيل فهم المرحلة التي تسبق الحرب، اليوم، علينا تناول كلام مصادر البنتاغون، وهو بثته قناة أي بي سي الأميركية، والوقوف عنده ملياً. فالمصادر هذه نهت الى تعاظم احتمالات ضربة عسكرية لإيران، الى نهاية العام الحالي. فيتوقع أن تمتلك إيران من اليورانيوم المخصب ما يكفي لصنع قنبلة نووية. ويحتمل أن تنجز إيران انتاج اليورانيوم هذا العام، أو مطلع العام المقبل. وعليه، فالهجوم يجب أن يسبق الموعد هذا. ولا يحب الإيرانيون سماع الكلام على احتمال ضربة قريبة. ولكنهم لم يغيروا نهجهم الإعلامي. فالرئيس محمود أحمدي نجاد لا يكف عن القول ان ليس من قوة في العالم يسعها ثني إيران عن تخصيب الأورانيوم. ورد وزير الخارجية الإيراني على كلام البنتاغون بالقول ان لا اسرائيل، ولا الولاياتالمتحدة، بقادرتين على المغامرة بمهاجمة ايران. فاسرائيل تعاني أزمة داخلية عميقة، على قول متقي، والولاياتالمتحدة غارقة في الوحل العراقي، وهي على مشارف معركة انتخابية صعبة. ويبدو، في هذا الصدد، ان وسائل الإعلام الغربي تحمل تعليل متقي على محمد الجد. والسؤال الجدي الذي تنبغي مناقشته هو: ما الذي فعله حلفاء إيران؟ وهل يشاركون تلقائياً في قصف إسرائيل؟ فسورية حليف إيران، وترفض الانفكاك من حلفها. ولكن مشاركتها في حرب على حليفها تجر عليها دماراً عظيماً، مستبعدة. يصبح الكلام نفسه في"حزب الله". فإذا هاجم الحزب اسرائيل، وورط لبنان على رغمه مرة أخرى في الحرب، تسبب في انقسام داخلي، وحرب أهلية، ربما بتقسيم لبنان الى مناطق مستقلة على أساس طائفي. وأما"حماس"فثمة احتمال كبير بأن تقوم بتوجيه صواريخها الى الجزء الجنوبي من اسرائيل. وتؤدي هذه الخطوة الى رد فعل إسرائيلي عنيف، والقضاء على سيطرة"حماس"على غزة. والحق أن خيارات اسرائيل كلها سيئة. ولكن إيران كذلك زجت بنفسها في موقف عسير. فوقفها تخصيب اليورانيوم قد يبدو إذعاناً، ولكنها تجني منه إنجازات اقتصادية كبيرة يتوجها ازدهار أكيد. وفي أثناء كتابتي هذه الأسطر علمت أن موقعاً الكترونياً إيرانياً غير رسمي نشر خبراً عن تعليق إيران تخصيب الأورانيوم، وعزمها على ابتداء التفاوض مع الأوروبيين، نزولاً على نصائحهم. وعدد من المعلقين يرى ان تصريحات متكي الأخيرة انطوت على إشارات الى انفتاح على المفاوضة مع الأوروبيين. وعُلم أن علي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي، بعث رسالة معتدلة اللهجة الى وزير الخارجية الفرنسي. فهل هذه دلائل تغيير ما؟ ليس من اليسير الجواب بجواب حاسم. فقد سبق أن أرسلت إيران إشارات إيجابية، تبين بعدها انها محاولات مترددة. وعلى ما يبدو، لم يُحسم الأمر. ولا يزال هناك متسع للمساعي الديبلوماسية الحثيثة، اسرائيلية كانت أم أميركية. عن تسفي مزال، "هامركاز هيروشلمي لعنيني هاتسيبور" الاسرائيلي، 6/7/2008