إطلاق النسخة التجريبية لأكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في المسجد النبوي    اتفاقية تعاون بين قدرة للصناعات الدفاعية وفيلر الدفاعية لتعزيز الصناعات العسكرية بالمملكة    تشلسي يفوز على مانشستر يونايتد في الجولة ال (37) من الدوري الإنجليزي    الفريدي يحصل على الماجستير في الإعلام الرقمي    المملكة تحتل المركز الثاني عالميًا بعد الولايات المتحدة في جوائز "آيسف الكبرى"    محافظ الزلفي يدشن ملتقى الباب للتمكين التقني    النفط يتجه لثاني أسبوع من المكاسب    صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على منح وسام الملك عبدالعزيز    النصر يتعادل إيجابياً مع التعاون في دوري روشن للمحترفين    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على الفتح    النصر يتعادل أمام التعاون ويفقد فرصة اللعب في دوري أبطال أسيا للنخبة    الRH هل يعيق الإنجاب؟    الرياض عاصمة القرار    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 23 جائزة في مسابقة آيسف 2025    سيرة الطموح وإقدام العزيمة    سلام نجد وقمة تاريخيّة    صامطة تنضم رسميًا إلى برنامج المدن الصحية وتعقد أولى اجتماعاتها لتعزيز جودة الحياة    سمو الأمير سلطان بن سلمان يدشن "برنامج الشراكات العلمية العالمية مع أعلى 100 جامعة " مع جامعة كاوست    الاتحاد حديث الصحف العالمية بعد التتويج بلقب دوري روشن    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 53,119 شهيدًا    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقرّبوا إلى الله بالفرائض والنوافل.. ولا وسائط بين العبد وربه    الدوسري في خطبة الجمعة: الدعاء مفتاح الفرج والحج لا يتم إلا بالتصريح والالتزام    نادي الاتفاق يتحصل على الرخصة المحلية والآسيوية    جمعية تعظيم لعمارة المساجد بمكة تشارك في معرض "نسك هدايا الحاج"    نائب رئيس جمعية الكشافة يشارك في احتفالية اليوبيل الذهبي للشراكة مع الكشافة الأمريكية في أورلاندو    أمانة القصيم تطرح فرصة استثمارية لإنشاء وتشغيل وصيانة لوحات إعلانية على المركبات بمدينة بريدة    أمانة القصيم تقيم حملة صحية لفحص النظر لمنسوبيها    وزارة الداخلية تشارك في أعمال المؤتمر العربي ال (16) لرؤساء أجهزة الإعلام الأمني بجمهورية تونس    أمين الطائف" يطلق مبادرةً الطائف ترحب بضيوف الرحمن    زمزم الصحية تشارك في فرضية الطوارئ والكوارث    46٪ لا يعلمون بإصابتهم.. ضغط الدم المرتفع يهدد حياة الملايين    مبادرة طريق مكة والتقدير الدولي    استمرار تأثير الرياح المثيرة للغبار على معظم مناطق المملكة    بلدي+ .. أول تطبيق للخرائط المحلية وإعادة تعريف تجربة التنقل في مدن المملكة        "الصحة" تُصدر الحقيبة الصحية التوعوية ب 8 لغات لموسم حج 1446ه    "هيئة تقويم التعليم والتدريب" تطبق الاختبارات الوطنية "نافس"    ضبط مصري نقل 4 مقيمين لا يحملون تصريح حج ومحاولة إيصالهم إلى مكة    برشلونة بطلاً للدوري الإسباني للمرة 28 في تاريخه    الرياض تعيد تشكيل مستقبل العالم    انطلاق "عرض سلافا الثلجي" في الرياض    الاتحاد السعودي يختتم برنامجه الرياضي في مخيم الزعتري بالأردن    وحدة التَّوعية الفكريَّة تنظِّم ملتقى تعزيز الوعي الفكري والانتماء الوطني    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع هيئة التراث بالمحافظة    نائب أمير الرياض يطّلع على برامج وخطط جائزة حريملاء    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    تحذيرات فلسطينية من كارثة مائية وصحية.. «أونروا» تتهم الاحتلال باستخدام الغذاء كسلاح في غزة    أكد أن كثيرين يتابعون الفرص بالمنطقة… ترامب لقادة الخليج: دول التعاون مزدهرة.. ومحل إعجاب العالم    أسرتا إسماعيل وكتوعة تستقبلان المعزين في يوسف    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    "بينالي الفنون" يدعم صناعة الأفلام التناظرية    رؤيةٌ واثقةُ الخطوةِ    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    عظيم الشرق الذي لا ينام    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعد من إطلاق الأسرى اللبنانيين
نشر في الحياة يوم 03 - 07 - 2008

لا تقف معاني إقرار صفقة التبادل بين إسرائيل و"حزب الله" عند الحدود التي يريدها الحزب، باعتبارها مجرد رضوخ إسرائيلي لمطلبه في إطلاق الأسرى اللبنانيين مقابل إطلاقه الجنديين الإسرائيليين، كما لا تقف عند حدود المطلب الإسرائيلي في استعادة الجنديين حيين أو ميتين. فبالنسبة الى الحزب كانت استعادة الأسرى أحد العناوين الثلاثة لاستراتيجيته التي تحولت في بيان حكومة لبنان برئاسة فؤاد السنيورة في تموز يوليو 2005 الى استراتيجية رسمية للدولة اللبنانية. وإضافة الى استعادة الأسرى ضمت تلك الاستراتيجية عنواني استعادة مزارع شبعا ووقف الخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية. اما بالنسبة الى اسرائيل فكان أمر استعادة الجنود وحتى الأشلاء من أرض العدو مثار فخر ومزايدة في الدولة الصهيونية، فكيف اذا ارتبط مثل هذا"الإنجاز"بمعارك السياسيين الإسرائيليين الداخلية على السلطة، خصوصاً ايهود اولمرت الذي يسعى الى نجاحات تعيده لقيادة دولته، تبدأ بإعادة"أسيريه"مروراً بتحقيق شيء ما في عملية التفاوض على المسارين السوري والفلسطيني.
التبادل في هذا الوقت ولمناسبة الذكرى السنوية الثانية لانتصار"حزب الله"على إسرائيل في حرب تموز يوليو يتخذ أبعاداً سياسية محلية وإقليمية وحتى دولية، بقدر ما يثير أسئلة عن حقيقة تحول الموقف الإسرائيلي - الأميركي عما كان عليه قبل عامين، يومها رفضت إسرائيل التبادل وخاضت حرب"الاسترداد"ودعمتها الولايات المتحدة في تلك الحرب المدمرة التي أوقعت خسائر لا تعوّض في لبنان. أما اليوم فتسارع إسرائيل، وفي ذكرى"هزيمتها"تحديداً، الى القبول بما لم تقبل به قبل هذه"الهزيمة"، بل تذهب أبعد من ذلك فتضمّن"اتفاق التبادل"بندين لافتين، واحداً عن الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين اختطفوا اثناء هجومها على لبنان عام 1982، والثاني عن إطلاق معتقلين فلسطينيين، الأمر الذي يعني ان"حزب الله"لم ينتصر فقط في حرب تموز بل هو فاوض إسرائيل باسم ثلاثة أطراف دفعة واحدة: لبنان وفلسطين وإيران، وفرض على العدو الذي يعيش أجواء الإعداد لهجوم على إيران وأجواء"كباشٍ"لا ينتهي مع الفلسطينيين ومن ورائهم العرب، تراجعاً استراتيجياً بالمعنى السياسي والنفسي، وسيكسب"حزب الله"من دون شك في هذه العملية مزيداً من التعزيز لموقعه ليس فقط على مستوى لبنان وإنما على مستوى المنطقة العربية والإسلامية، بوصفه صاحب شعار: التفاوض ينبع من فوهة البندقية، على عكس ما ساد سابقاً ويسود راهناً من مفاوضات غير مدعومة بعمل مقاوم.
يهمنا، بالتأكيد، ان الأسرى وعلى رأسهم سمير القنطار والشبان الذين واجهوا العدو في قرى الجنوب اللبناني سيعودون الى أهلهم وأرضهم، وهذا سيكون مثار فخر للبنانيين، ويوم عودتهم ينبغي ان يتحول الى عرس وطني، لكن ما يثير التساؤل ويجب أن يثيره، هو ما تخبئه إسرائيل فعلياً وراء"كرمها"الزائد في ذكرى انتصار"حزب الله"على جيشها عندما منعه من ان يحقق أهدافه في صيف 2006.
فإذا كان حديث الحرب في المنطقة هو السائد، وهذا ما نتلمس ملامحه يومياً في التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل وأميركا، فإن إسرائيل تعتبر ان"حزب الله"سيكون طرفاً في هذه الحرب، ولم تقصّر التصريحات الإيرانية في إيضاح هذه الفكرة، فهي تعتبر لبنان عمقاً"استراتيجياً مترامياً"كما انها لم تكفّ، في سياق تهديدها بردع أي عدوان إسرائيلي، عن التذكير بكيفية تلقين"المقاومة الإسلامية"العدو الصهيوني دروساً في حرب ال33 يوماً.
وعندما تهدد إيران بقصف صاروخي لإسرائيل، فإن تل أبيب تترجم هذا التهديد، باستعادة صورة صواريخ"حزب الله"وهي تتساقط عليها في تموز وآب اغسطس 2006، خصوصاً أن شكوكاً تقنية تحيط بقدرة إيران على الرد وإصابة مواقع في إسرائيل في حال اعتداء إسرائيلي عليها، نظراً لبعد المسافة بين الدولتين واحتمالات عدم دقة سلاح الصواريخ الإيراني.
هذا يعني ان إسرائيل تتساءل، وتخطط على الأرجح، للخلاص من"الصواريخ القريبة"، في حال قررت السير في مغامرتها الإيرانية، ما يعني ايضاً ان احتمالات عدوان استباقي على لبنان واردة قبل"الموقعة الكبرى"مع إيران، بهدف منع انطلاق صواريخ لبنان وتفرغاً للمهمة البعيدة المدى، وفي النتيجة فإن ما تخبئه إسرائيل للبنان في سياق ما يُطبخ دولياً قد يكون عدواناً تدميرياً أبشع بكثير من حرب تموز، وفي ظروف لبنانية داخلية لا يشتهيها أي عاقل.
لذلك، مهمة جداً معرفة استثمار الانتصار في عملية استرجاع الأسرى اللبنانيين، لمصلحة هؤلاء الأسرى ولمصلحة الشعب اللبناني الذي زادته غزوات أيار مايو الماضي تشرذماً وتباعداً، وهنا يتحمل"حزب الله"مسؤولية عظمى في كيفية تقديمه إنجاز استرجاع الأسرى الى الشعب اللبناني. ومن نافل القول انه يمكن استخدام الإنجاز في شكل فئوي يزيد القضايا اللبنانية تعقيداً، كما يمكن استخدامه في شكل وطني شامل، يعيد الحياة الى التواصل الداخلي ويسهل قيام الدولة، وفي ذلك فقط ما يحمي لبنان ويصون"حزب الله"ولا يحوّله خروفاً على مائدة الاحتفالات الحربية الإقليمية.
* كاتب لبناني من أسرة"الحياة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.