اعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عزم بلاده على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع العراق، وحض، بعد لقائه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد أمس، دول الجوار على تقديم المزيد من الدعم للعراق لتجاوز"مصاعبه". واشاد بتشكيل"المجلس الاعلى للتعاون الاستراتيجي"بين البلدين، كاشفاً تلقي تركيا دعم الحكومة العراقية المركزية وحكومة اقليم كردستان في محاربة حزب العمال الكردستاني، ودعا الى حل لقضية كركوك يضمن تمثيل كل الاطراف فيها، فيما اعتبر المالكي زيارة المسؤول التركي بأنها"تاريخية". وكان رئيس الوزراء التركي وصل أمس الى بغداد على رأس وفد حكومي كبير في زيارة رسمية العراق للبحث في عدد من القضايا المشتركة أبرزها التعاون السياسي والاقتصادي والأمني والمياه والطاقة. وقال اردوغان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المالكي"لا بد من ان نزيد دعمنا للعراق على مستوى دول الجوار". واضاف مخاطبا العراقيين"نحيي الشعب العراقي. كونوا متفائلين لتعبروا هذه المرحلة الصعبة وستجدونني دائما بجانبكم ان شاء الله"، مؤكدا ان"الحكومة والشعب التركي سيقفان بجانبكم". من جانبه، وصف المالكي زيارة اردوغان ب"التاريخية"لكونها جاءت في اطار التفاهم بين البلدين وفتحت آفاقا واسعة للتعاون في مختلف المجالات. وأضاف"من حق العراقوتركيا ان يتطلعا الى تطوير العلاقات الثنائية والوصول الى مرحلة متقدمة"، مشيرا الى ضرورة التعاون في مجال"مكافحة التحديات الارهابية التي تريد إرباك الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة". واعلن المالكي تشكيل"مجلس اعلى للتعاون الاستراتيجي"بين البلدين لتنظيم التعاون في جميع المجالات الاقتصادية ومكافحة الارهاب والمياه. واشار الى ان المجلس الاعلى سيعقد اجتماعين في كل عام. بدوره قال رئيس الوزراء التركي"لا شك انها زيارة تاريخية لكونها جاءت بعد 18 عاماً. انا سعيد لزيارة العراق بعد هذا الانقطاع في العلاقات. وانا متأكد من انه لن يحدث مثل هذا الانقطاع مستقبلا". واضاف"سنلتقي العراقوتركيا على مستوى رؤساء وزراء مرة في كل عام وثلاث مرات على مستوى الوزراء". وقال اردوغان ان"المجلس يعني ان الوزارات المهمة الاقتصادية والأمنية ستعمل بشكل مشترك وستخطط لمستقبل العلاقات بين البلدين"، معربا عن امله بزيادة حجم التبادل التجاري مع العراق من 5 بلايين دولار سنويا الى 25 بليوناً خلال السنوات الخمس المقبلة. وقال اردوغان"انا كرئيس سأعمل على تحقيق الاهداف التي تبنيناها". واشار الى وجود"ارادة مشتركة على اعلى مستوى في اطار التعاون الاستراتيجي". من جانبه دعا رئيس الوزراء العراقي الشركات التركية الى الاستثمار في العراق لافتاً الى"النجاحات في مجال مكافحة الإرهاب والخارجين على القانون التي نقلت البلاد الى مرحلة البناء والاعمار". وفي سؤال عن القوات التركية الموجودة في شمال العراق لمطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني المناوئة لتركيا قال المالكي"لم نبحث موضوع هذه القوات لأنه متربط بالتطورات في الأوضاع الأمنية والسيطرة على الحدود، وسيتم بحث الأمر في المستقبل". لكن اردوغان أعلن أنه تلقى"دعم الحكومة العراقية المركزية وحكومة اقليم كردستان في محاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني". واضاف ان"حزب العمال يشكل تهديدا للمنطقة كلها وليس للعراق وتركيا فقط". وشدد اردوغان قائلا"لا نسمح لهذه المنظمة ان تسمم العلاقات بين البلدين. وهناك تفهم مشترك في هذا المجال بالذات وارادة مشتركة لإزالة هذه المنظمة". وعن قضية كركوك المتنازع عليها بين الاكراد والتركمان والعرب قال رئيس الوزراء التركي"بحثنا هذا الموضوع مع المالكي ونريد تمثيلاً مشتركاً لكل هذه المكونات في محافظة كركوك". والتقى اردوغان، الذي وصل الى بغداد صباح الخميس برفقة وفد ضم وزراء الخارجية علي باباجان والطاقة حلمي غولر والاقتصاد والتجارة والاستثمار، رئيس الجمهورية جلال طالباني ونائبيه طارق الهاشمي وعادل عبدالمهدي وقال رئيس ديوان الرئاسة نصير العاني ل"الحياة"ان"مجلس الرئاسة بحث مع رئيس الوزراء التركي سبل تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية ورفع مستوى التبادل التجاري وملف المياه". وكان نائب الرئيس طارق الهاشمي اكد في بيان ان"الاتفاقية الاستراتيجية مع تركيا ستتناول ايضا موضوع حزب العمال الكردستاني"من دون ان يذكر مزيداً من التفاصيل حول الامر. ورحب الاكراد ايضا بزيارة اردوغان الى العراق ودعوا الى توسيع العلاقات الاقتصادية مع انقرة. وقال عضو التحالف الكردستاني محمود عثمان ل"الحياة"ان"زيارة رئيس الوزراء التركي ستطور العلاقات الاقتصادية بين العراقوتركيا من خلال زيادة حجم التجارة الثنائية وتفعيل اللجان المشتركة والبحث في مسألة شح المياه في نهري دجلة والفرات مقابل تسهيلات نفطية تقدم الى تركيا"ووصف"المجلس الاعلى الاستراتيجي"بأنه"خطوة ايجابية في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين". لكن عثمان استبعد التوصل الى حلول بشأن الملف الامني خصوصاً في ما يتعلق بمشكلة حزب العمال الكردستاني، وقال"لن يكون هناك تطور ايجابي في هذا الخصوص. والقصف التركي مستمر على القرى التركية". واردوغان هو الزعيم الثاني في المنطقة الذي يزور العراق منذ اجتياحه عام 2003، بعد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي قام بزيارة تاريخية لبغداد في اذار مارس الماضي. وتركيا أحد أهم الشركاء التجاريين للعراق، وتهيمن الشركات والبضائع التركية على الاقتصاد في شمال العراق كما تجري شركة الطاقة الحكومية التركية تي.بي.ايه.أو محادثات للتنقيب عن النفط. وتتدفق صادرات النفط من حقول كركوك في شمال العراق من خلال خط أنابيب الى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط. وهناك أيضا خطط بشأن خط أنابيب لنقل الغاز.