خدمات تقنية ب11 مطارا ضمن طريق مكة    ختام موسم ربيع عرعر    خادم الحرمين يتلقى دعوة من رئيس العراق لحضور القمة العربية    كانيلو ألفاريز يفوز ببطولة العالم بلا منازع للوزن المتوسط الفائق    عبدالعزيز بن سعود ينقل تحيات القيادة لأهالي منطقة المدينة المنورة    وصول أولى رحلات حجاج أيران إلى المدينة المنورة    3 أسباب رئيسية وراء خسائر "سابك" في الربع الأول 2025    تقنيات حديثة لمراقبة الطرق المؤدية للمشاعر المقدسة    "الصين الجديدة في القرن الجديد" أحدث ترجمات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة    رئيس جمهورية إندونيسيا يزور صالة "مبادرة طريق مكة" بمطار سوكارنو هاتا الدولي بجاكرتا    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز بلقب دوري أبطال أسيا للنخبة    قسم الاعلام بجامعة الملك سعود ينظم فعالية "طل البدر"    بيئة المملكة خضراء متطورة    ناصر العطية يتوّج بلقب رالي السعودية.. والسعودي راكان الراشد يحصد المركز الثالث    أمير الرياض يطّلع على جهود وأعمال الدفاع المدني بالمنطقة    أمير الرياض يستقبل سفير أستراليا لدى المملكة    أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة العدل بالمنطقة    أمير الجوف يتفقد مشروع داون تاون ببحيرة دومة الجندل    أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة حفر الباطن وقيادات الجامعة    الرياض تحتضن النسخة الرابعة من المنتدى العالمي لإدارة المشاريع    أمير الجوف يستقبل مديري الأجهزة الأمنية بمحافظة دومة الجندل    "سعود الطبية" توثق في بحثٍ طبي نجاح إزالة ورم نادر من مولودة    إطلاق عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ضمن خريطة العمارة السعودية    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور أحمد بن علي علوش    الداخلية: غرامة مالية تصل إلى 100,000 ريال بحق كل من يقوم أو يحاول إيواء حاملي تأشيرات الزيارة بأنواعها كافة    المملكة تحقق تقدمًا بارزًا في تقرير مخزون البيانات المفتوحة لعام 2024م    السعودية تدين وتستنكر استهداف المرافق الحيوية والبنية التحتية في "بورتسودان وكسلا" بالسودان    مختص: متلازمة التأجيل تهدد الصحة النفسية والإنتاجية وتنتشر بين طلاب الجامعات    محاضرات ومشاريع تطويرية تعزز ثقافة الرعاية في مستشفى الملك سلمان    انطلاق مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية بجازان الأربعاء المقبل    الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان اليوم اجتماع جمعيتها العمومية السادس 26    برعاية الأمير عبدالعزيز بن خالد.. جمعية التنمية الأهلية في عياش تكرم العاملين والمتطوعين    وزير الموارد البشرية يفتتح المؤتمر الدولي السابع للسلامة والصحة المهنية    جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية تعقد اجتماعها السادس والأربعين في الجزائر    زلزال بقوة 4 درجات يضرب غرب تركيا    تعاون دولي بين التحالف الإسلامي والأمم المتحدة لتعزيز كفاءة محاربة الإرهاب    أمطار نشاط للرياح المثيرة للغبار على مناطق المملكة    العطاء المغني    أوبك بلس» تقرر زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يومياً    خطة تشغيلية تضمن التزام الشركات بمعايير السلامة والجودة.. «الطيران المدني» توفر 3 ملايين مقعد للحجاج    شاهد.. وزير الدفاع يشهد تمرين القوات الخاصة "النخبة"    رئيس مجلس القيادة اليمني يصدر مرسومًا بتعيين سالم بن بريك رئيساً للوزراء    توقيف زوجين احتجزا أطفالهما داخل «بيت الرعب»    عرض 5 أفلام سعودية في مهرجان مالمو للسينما العربية    ضبط 5 مقيمين نشروا حملات حج وهمية    ضبط 3212 محاولة تهريب في أسبوع عبر المنافذ الجمركية    في معرض جسور ب"جاكرتا".. "ركن المساجد" يبرز اهتمام المملكة ب"التاريخية"    "رفيقا درب" جمعتهما المبادرة: «طريق مكة» تسهل على ضيوف الرحمن أداء الفريضة    رئيس الاتحاد الآسيوي يُهنئ الأهلي ويشيد بنجاح المملكة في استضافة الحدث القاري    تحذيرات أممية من تصاعد العنف والتدخلات الخارجية في سوريا.. تحركات لفرض السيادة وتثبيت الأمن من جرمانا للسويداء    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    فيرمينيو يُتوّج بجائزة أفضل لاعب في دوري أبطال آسيا للنخبة    "سالم الدوسري" يحصل على جائزة هداف نخبة آسيا    مبادرة طريق مكة تجمع (رفيقي الدرب) بمطار حضرة شاه الدولي بدكا    المناعة مرتبطة باضطرابات العقل    ارتفاع شهداء غزة إلى 52495    شجر الأراك في جازان.. فوائد طبية ومنافع اقتصادية جمة    جامعة جازان تحتفي بخريجاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استقلال كوسوفو ... أو مزيد من الفوضى الدولية
نشر في الحياة يوم 29 - 02 - 2008

عاد الاعتبار للجغرافيا السياسية بعيد سقوط جدار برلين وانبعاث الحركات القومية والإثنية في البلقان وآسيا الوسطى. لقد شكل انهيار الاتحاد السوفياتي مرحلة التحوّل من نتائج الحرب العالمية الثانية الى ايجاد أوضاع جيوبوليتيكية جديدة ليس أقلها ما يجري في البلقان منذ عام 1992.
عادت البلقنة لتجتاح أوروبا ومناطق أخرى من العالم، ويصعب التكهن بمصير الجمهوريات المستقلة حديثاً على أنقاض الاتحاد اليوغوسلافي الذي قاده الزعيم جوزيف بروز تيتو. إن مصير إقليم كوسوفو هو مجرد مثال لما يمكن أن يحدث عند الأقليات المنتشرة في البوسنة والهرسك ومقدونيا، ولما يجرى التحضير له في بلاد أوروبية وآسيوية تشهد صحوة الأقليات مثل: جورجيا، ومولدافيا وأذربيحان وكازاخستان واسبانيا ورومانيا وقبرص... هذا إضافة الى تصدع الدولة المستقلة حديثاً في أفريقيا، والأمثلة عدة في القارة السوداء.
إقليم كوسوفو هو من الناحية القانونية جزء من جمهورية صربيا، وان كان يتمتع باستقلال ذاتي موسع منذ العام 1999 بعد صدور قرار مجلس الأمن، الرقم 1244، الذي أدخل الإقليم تحت وصاية الأمم المتحدة على الصعيد الإداري، فيما سيطرت قوات حلف شمال الأطلسي ولا تزال على الصعيد الأمني. حصل ذلك بعد مواجهة عسكرية بين قوات الأطلسي والقوات الصربية المدعومة بالسلاح الروسي. بتعبير آخر، ظل إقليم كوسوفو جزءاً من السيادة الصربية.
صحيح ان الاستقلال الذاتي يقود غالباً إما الى الاندماج في الدولة الأصلية، أو الاستقلال التام عنها، بيد أن شروط الاستقلال استناداً الى قاعدة حق تقرير المصير يجب أن تتوافر في الإقليم الذي ينشد السيادة الوطنية والاستقلال، في طليعتها إجماع أو شبه إجماع أبناء الإقليم على مطلب الاستقلال، وتوافر حد أدنى من إمكانات قيام الدولة مادياً وبشرياً، وموافقة دول الجوار الإقليمي على الاستقلال.
يمكن القول إن غالبية سكان كوسوفو نحو 90 في المئة مسلمون وهم من أصل ألباني. بيد أن الأقلية الصربية هناك ترفض الانفصال، وتتمسك بأملاكها الخاصة. أما إمكانات كوسوفو فهي محدودة، حيث يعاني أكثر من أربعين في المئة من القوى العاملة من مشكلة البطالة، والقدرات الاقتصادية متواضعة، ولا يزيد عدد السكان الإجمالي على 2.4 مليون نسمة. المشكلة الأصعب هي في موقف الجوار وخصوصاً في موقف صربيا الرافضة في المبدأ لاستقلال كوسوفو.
لا تزال جمهورية صربيا تعالج سلبيات انفصال جمهورية الجبل الأسود التي صارت عضواً في الأمم المتحدة. وهي ما برحت تلملم نتائج حرب كوسوفو 1999، ومطاردة المجتمع الدولي لها نظراً الى ما ارتكبت من حملات تطهير عرقي ضد المسلمين وغيرهم. صربيا هذه ستدخل في مواجهة شبه دائمة مع الدويلة الوليدة، أو هي على الأقل في حالة توتر دائم معها.
ما يعضد الموقف الصربي هو الدعم الروسي المعلن. روسيا لم تعد تقبل تحت ذرائع الأمن توسّع حلف الأطلسي نحوها، ولا إقامة الدرع الصاروخية الأميركية في بولندا وتشيخيا. والقيادة الروسية تخشى الدعم الأميركي لحكومتي جورجيا وأوكرانيا، فضلاً عن خشيتها الدائمة من القواعد العسكرية الأميركية في جوارها الجنوبي طاجكستان وكازاخستان بالتزامن مع حربي أفغانستان والعراق... القيادة الروسية الحالية أعادت ترتيب بيتها الداخلي، وتستعد للانطلاق في مضمار التنافس الدولي بدءاً من الدائرة الإقليمية المحيطة، وستجهد لاستمرار هذا النهج السياسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة قريباً.
مجمل هذه الأسباب تقف وراء الاضطراب الدولي الحاصل بعيد الإعلان عن استقلال كوسوفو. وربما تقف منظمة المؤتمر الإسلامي مؤيدة هذا الاستقلاب لأسباب عقيدية، بيد أن المصالح الدولية ستفعل فعلها هذه المرة. كل دولة إسلامية أو غير إسلامية مهددة في وحدتها الداخلية ستتخذ جانب الحذر من دعم استقلال الأقاليم الانفصالية.
ماذا لو انفصل اقليم كشمير الباكستاني عن باكستان؟ أو إقليم كشمير الهندي عن الهند.
ماذا لو تحركت الأقلية الشيشانية في روسيا، وجرّت معها الأقاليم الأخرى من غير القوميات الروسية؟
أمام العالم الإسلامي تجربة قبرص التركية، التي لم تحظَ باعتراف دولي عدا الاعتراف التركي. وماذا لو تحرك ألبان جمهورية مقدونيا للمطالبة بالدولة المستقلة؟
مشاهد عدة عن حالات انفصالية، بعضها إسلامي، وبعضها الآخر مختلف دينياً وقومياً وعرقياً. انها مشاهد عن فوضى النظام العالمي. فوضى في فكرة الأمن الجماعي، وفوضى في تطبيقات القانون الدولي، وفوضى في حفظ السلم والأمن. وها هي الفوضى الأمنية والسياسية تضرب معاقل الاتحاد الأوروبي بدءاً من حروب البلقان. أليست تجربة حصار ساراييفو في منتصف التسعينات هي التي قوّضت سياسة الأمن الأوروبي، وشرّعت الأبواب أمام زحف القوات الأطلسية تحت القيادة الأميركية؟
أوروبا اليوم في حالة فوضى سياسية. بعض دولها سارع الى الاعتراف باستقلال كوسوفو بريطانيا، فرنسا، إيطاليا...، وبعضها الآخر يرفض هذا الاستقلال جهاراً إسبانيا، رومانيا، قبرص، اليونان.... وهناك دولة أوروبية مترددة بين الموقفين.
هل يدخل الاتحاد الأوروبي في مزيدٍ من الفوضى، خصوصاً أنه فشل في صوغ سياسة خارجية موحدة؟
لا نعتقد بأن الدعم الأميركي الراهن لاستقلال كوسوفو سيقنع العالم الإسلامي بوقوف الإدارة الأميركية الحالية مع مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير. ذلك لسبب بسيط ومباشر إنه رفض إعمال هذا الحق تجاه شعب فلسطين.
من أولى بالاستقلال والسيادة تبعاً لقواعد الشرعية الدولية؟ وما هي الأزمة التي أرّقت المجتمع الدولي منذ العام 1948 سوى ما يسميه الغرب أزمة الشرق الأوسط؟ ألا تستأهل موقفاً دولياً حازماً وجازماً؟
قد يُقال هذا تحليل مثالي ينطلق من القاعدة القانونية، ويتجاهل اعتبارات المصالح الدولية. لذلك أشرنا الى صعوبة إقناع العالم الإسلامي بأولوية استقلال كوسوفو. هذا مع ضرورة الإشارة الى الفظائع الإجرائية التي ارتكبها الصرب ضد الأقليات الأخرى في بلاد البلقان. حسبنا الحديث على ظاهرة ميلوشوفيتش وما خلّفه من مآسٍ إنسانية، كانت ولا تزال سبباً رئيساً لمطالبة ألبان كوسوفو بالاستقلال والسيادة. وبقطع النظر عن أي تحليل إيديولوجي، يمكن القول ان مرحلة ما بعد الحرب الباردة حملت مزيداً من الفوضى على مستوى النظام العالمي، وأوجدت مزيداً من التردي الاجتماعي والسياسي على رغم من تعاظم ثورة الاتصالات. وكيف اذا وقعت أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة لتزيد من حجم المأساة الإنسانية؟
* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.