حجاج الأردن وفلسطين : سعدنا بالخدمات المميزة    الحجاج يشيدون بخدمات « حالة عمار»    ..و يرعى حفل تخريج متدربي ومتدربات الكليات التقنية    نقل تحيات القيادة وأشاد بالجهود الأمنية.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يدشن مشروعات «الداخلية» في عسير    الصدارة والتميز    أجمل من عطر منشم..!    39.7 مليون برميل مستويات الإنتاج.. ( أوبك+) تمدد تخفيضات الإنتاج لنهاية 2025    9.4 تريليونات ريال ثروة معدنية.. السعودية تقود تأمين مستقبل المعادن    أوبك+ تقرر تمديد تخفيضات الإنتاج الحالية حتى نهاية 2025    فسح 856 ألف رأس من الماشية وتجهيز المسالخ في مكة    ماذا نعرف عن الصين؟!    وصول الطائرة السعودية ال 51 لإغاثة الفلسطينيين    مزايا جديدة لواجهة «ثريدز»    الاحتلال يدمر 50 ألف وحدة سكنية شمال غزة    ملاجئ «الأونروا» فارغة    الأولمبي السعودي يستهل مشواره بمواجهة كوريا الجنوبية    الأزرق يليق بك يا بونو    الاتحاد بطل.. أخذوه وبعثروه    أكدت عمق الروابط والعلاقات السعودية الكويتية.. القيادة تهنئ الشيخ صباح خالد ورئيس إيطاليا    المملكة تستضيف بطولة العالم للراليات تحت مسمى "رالي السعودية 2025"    الكعبي.. الهداف وأفضل لاعب في" كونفرنس ليغ"    القيادة تهنئ الشيخ صباح الخالد بتعيينه ولياً للعهد في الكويت    وزير العدل: دعم ولي العهد اللامحدود يضع على أفراد العدالة مسؤولية كبيرة    حجب النتائج بين ضرر المدارس وحماس الأهالي    بدء تطبيق عقوبة مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    سائقو الدبَّابات المخصّصة لنقل الأطعمة    بدء تطبيق عقوبة مخالفي أنظمة وتعليمات الحج دون تصريح    هذا ما نحن عليه    هنأ رئيس مؤسسة الري.. أمير الشرقية يدشن كلية البترجي الطبية    إطلاق اسم الأمير بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق مدينة الرياض    جامعة نورة تنظم 20 حفل تخريج لطالبات كلياتها ومعاهدها    توبة حَجاج العجمي !    "طريق مكة".. تواصل تسهيل دخول الحجاج إلى المملكة    "فعيل" يفتي الحجاج ب30 لغة في ميقات المدينة    "الأمر بالمعروف" تدشن المركز الميداني التوعوي بمكتبة مكة    تقرير يكشف.. ملابس وإكسسوارات «شي إن» سامة ومسرطنة    أمير نجران يشيد بالتطور الصحي    رائحة تقضي على النمل الأبيض    نوبة سعال كسرت «الصيني»    أمير منطقة تبوك يعتمد الفائزين بجائزة سموه للمزرعة النموذجية    أمير الشرقية يستقبل رئيس مؤسسة الري    11 مليون مشاهدة و40 جهة شريكة لمبادرة أوزن حياتك    الشورى: مراجعة شروط الضمان الاجتماعي المطور لصالح الأيتام وبعض الأسر    الهلال الاحمر بمنطقة الباحة يشارك في التجمع الصحي لمكافحة التدخين    الزعيم يتجلى في الجوهرة    خلال أسبوع.. «مسام» ينتزع 1,406 ألغام وعبوات ناسفة من الأراضي اليمنية    إدانة مزور شيكات ب34 مليون ريال منسوبة لجمعية خيرية    مسبار صيني يهبط على القمر    «طريق مكة».. تقنيات إجرائية لراحة الحجيج    «أطلق حواسك».. في رحلة مع اللوحة    تاسي يعود للارتفاع وتراجع سهم أرامكو 2%    وصول الطائرة ال51 لإغاثة غزة    «إخفاء صدام حسين» يظهر في بجدة    المملكة تحقق أول ميدالية فضية ب"2024 APIO"    فيصل بن مشعل يرعى حفل تكريم معالي رئيس جامعة القصيم السابق    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاصرار على مبدأ التوافق والاجماع يعرقل اقرار التعديلات الدستورية . العراق : صراع بين المطالبين بالمركزية ودعاة الاستقلالية وتطبيق الفيديرالية
نشر في الحياة يوم 21 - 11 - 2008

تتفاعل قضية اجراء التعديلات على الدستور العراقي الدائم الذي اقر من قبل العراقيين في استفتاء أجري اواخر عام 2005. فالعمل لاجراء التعديلات التي ارتأتها الكتل السياسية المشاركة في الحكم مستمر، إلا أن الفشل في حسمها بات يضغط على الوضع العراقي السياسي ما جعله ينفتح على العديد من الازمات السياسية الداخلية بين الكتل البرلمانية من جهة، وبينها وبين الحكومة المركزية في بغداد من جهة ثانية.
وعلى رغم ان السياسيين العراقيين يتباهون بأن الانجاز الأكبر الذي تحقق بعد دخول القوات الأميركية هو كتابة دستور دائم يثبت دعائم العراق الجديد وفق النظام الديموقراطي البرلماني الفيديرالي الا ان الاحتكام اليه في العديد من القضايا الخلافية أثبت اخيراً فشله في ايجاد الحلول الناجعة بل ترك هذه الخلافات قابلة للتأويل وجعل كل طرف يحيل من يعارض مطالبه الى الدستور لمنحها الشرعية.
وبحسب الدستور العراقي فإن لجنة برلمانية شكلت بناء على مطالب الاطراف السنية لقاء قبولها الدخول في العملية السياسية أوكلت اليها مهمة اعادة النظر في بعض البنود في مدة لا تتجاوز الأربعة اشهر الا ان اللجنة بدأت عملها منتصف تشرين الثاني اكتوبر من عام 2006 من خلال ثلاث لجان فرعية الاولى تكميلية والثانية صياغية والثالثة سياسية، وفيما نجحت في حسم الملفين الأول والثاني فإن المحور السياسي لا يزال حجر عثرة في طريقها، وطالبت بتمديد عملها خمس مرات.
ويقول النائب في البرلمان العراقي عز الدين الدولة عضو لجنة التعديلات الدستورية، ان الدستور العراقي قاصر عن الاستجابة لما يواجهه من مطالب لسبب انه ولد نتيجة الصراع بين المكونات السياسية العراقية وجاءت بنوده وفقاً لرغبات ومبادئ ومنطلقات أطراف عراقية استغلت حالة الفراغ في الساحة السياسية معتبرة الدستور غنيمة حرب ولا بد من استثماره لمصلحتها".
ويضيف:"الدستور العراقي الذي جاء بعد الغزو الأميركي اريد له ان ينظم عراق ما بعد سقوط بغداد إلا انه لم يبن على أسس واقعية، فالمواد الدستورية التي تتحدث عن كيفية توزيع القوى والسياسات والقوانين والبرامج وتحديد السلطات والصلاحيات وشكل الحكم ودور الطوائف والقوميات والمذاهب والأحزاب والدين والعلمانية والاتحاد أو الوحدة وتوزيع الثروة والسلطة جاءت جميعها مجسدة لارادات قوى سياسية وليس لتطلعات الشعب العراقي".
وكذلك - كما يرى النائب الدولة - لم يكن مستغرباً ان تشهد المكونات المختلفة للعراق صراعاً وحراكاً في ما بينها على مواد هذا الدستور وخصوصاً بين العرب والأكراد من جهة وبين العرب بعضهم بعضاً من جهة ثانية ليولد الدستور بعد مخاض عسير دام شهوراً بالاتفاق وفقاً لمطلب العرب السنّة على ضرورة اجراء تعديلات لاحقة عليه مقابل دخولهم في العملية السياسية التي اثبتت في ما بعد انها جاءت متأخرة باعتراف القادة السياسيين للسنّة.
نقاط الخلاف
وعلى رغم تشكيل لجنة لمراجعة الدستور منذ اكثر من سنتين إلا انها لم تحسم بعد بعض أهم التعديلات بسبب استمرار الخلاف بين الكتل الرئيسية في البرلمان والذي انحصر أخيراً في خمس قضايا، هي المادة 140 الخاصة بالوضع في كركوك والمناطق المتنازع عليها، والمادة 115 الخاصة بصلاحيات الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في المحافظات والأقاليم، وصلاحيات رئيس الجمهورية، وتوزيع الثروات، فضلاً عن المادة 41 التي تخص قوانين الأحوال الشخصية.
ويقول القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي الشيخ جلال الدين الصغير عضو لجنة التعديلات الدستورية ل"الحياة"انه"تم التوافق على تعديل خمسين مادة دستورية"، مشيراً الى انه"تم رفع المواد الخلافية الى هيئة الرئاسة للبت فيها"، ولفت الى ان الأطراف السياسية وضعت آراء متعددة حول المسائل الخلافية التي تعبر عن رأي كل كتلة"، مشدداً على"ضرورة التوافق على أي تغيير للمواد الخلافية، لأن"الدستور لكل الشعب العراقي وينبغي موافقة المكونات الرئيسية للشعب".
وبحسب العديد من أعضاء اللجنة البرلمانية التي أحيلت إليها مهمة النظر في إعادة صوغ بنود الدستور وفي مقدمهم رئيس اللجنة الشيخ همام حمودي فإن المتبقي من المواد المختلف عليها من شأن كبار القادة السياسيين في البلاد الممثلين في مجلس الرئاسة والمجلس التنفيذي والمجلس السياسي للأمن الوطني.
وطيلة المدة الماضية تبين ان محور السجال والنزاع بين الأطراف العراقية في شأن الدستور يتركز في رفض الكتلة الكردية اجراء أي تعديلات على المادتين 140 و115، فيما يتمسك الائتلاف العراقي الموحد الشيعي بالصلاحيات الممنوحة لرئيس الوزراء ويعارض توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية، كما يصر"الائتلاف"و"التوافق"على عدم تغيير المادة 41 في وقت تطالب الاطراف السنية باجراء تعديلات جوهرية على معظم هذه المواد".
وعند النظر الى اهم المشاكل التي تعصف بالعراق حالياً نجد أنها تعود الى هذه النقاط الخلافية.
كما ان الخلافات التي تفجرت أخيراً بين حكومة بغداد وحكومة اقليم كردستان حول صلاحيات كل منهما، السياسية والاقتصادية، في شكل بات ينذر بولادة ازمة جديدة قد تتسع الى مديات اوسع وتضرب العملية السياسية برمتها تعود الى عدم حسم المادة 115 من الدستور المتعلقة بتوضيح صلاحيات الحكومة المركزية وصلاحيات الحكومات المحلية.
ترتيب التحالفات
ويبدو انه مثلما كتب الدستور بعد صفقات بين الكتل السياسية والبرلمانية الكبيرة فإن هذه الكتل حاولت ولا تزال تحاول ترتيب تحالفاتها من جديد في الشكل الذي يضمن لها تحقيق الموقع الجيد والمناسب على طاولة المفاوضات للحصول على أكبر عدد من المكاسب التي تطمح اليها من خلال عملية تعديل الدستور.
وجاءت التحالفات التي أجريت أواخر عام 2007 بين القوى الرئيسة لتجسد ذلك، كالتحالف الرباعي بين حزب"الدعوة"و"المجلس الأعلى الاسلامي"و"الحزب الديموقراطي الكردستاني"و"الاتحاد الوطني الكردستاني"ليليها التحالف الثلاثي بين"الحزب الاسلامي"والحزبين الكرديين الكبيرين لتنتهي الى التحالف الخماسي الذي يضم جميع هذه القوى مجتمعة.
واللافت ان موضوع هذه التحالفات يتحدث عن القضايا الخلافية في الدستور فهدف الأكراد هو عدم المساس بالمادة 140 من الدستور الخاصة بكركوك فيما كان هدف الاحزاب الشيعية لا سيما المجلس الأعلى الاسلامي بزعامة السيد عبدالعزيز الحكيم تدعيم مبدأ الفيديرالية استعداداً لأقامة اقيلم الوسط والجنوب مستقبلاً. في وقت كانت غاية الحزب الاسلامي من هذه التحالفات إيجاد السند في هذه المرحلة الصعبة في تاريخ المكون السني الذي فقد العديد من مكتسباته السياسية.
لكن فشل المفاوضات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية اكثر من مرة حول قضايا جوهرية في مقدمها التمدد الكردي خارج حدود الاقليم والعقود النفطية، وحصّة الإقليم من الموارد المالية، والجدل حول المادة 140 من الدستور من دون استكمال مهامّها، ألقى بظلاله الثقيلة على تعديلات الدستور.
ووسط هذا كله جاءت دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي أخيراً إلى تغيير دستور البلاد على نحو يعطي سلطة أكبر للحكومة المركزية، وقال ان"نظرية التوافق والمحاصصة التي اعتمدناها كانت ضرورية جداً للعبور من حالة الى اخرى"، إلا إنه"لا يمكن أن تبقى هذه الحالة دائمة لانها تعطل حركة الدولة، وتجمد الطاقات".
ومما قاله ايضاً:"لا يمكننا أن نقول إننا بحاجة إلى تفتيت المركزية المقيتة، ولكن علينا أن نضع ما يضمن لنا بأن لا تكون اللامركزية هي الديكتاتورية مرة اخرى"، وهو ما اعتبره الاكراد جرس انذار يواجه مكتسباتهم التي حصلوا عليها بعد عام 2003 باتجاه تقليصها، وجاءت تصريحات المسؤولين الاكراد شديدة اللهجة وفحواها ان الاطراف السياسية بدأت تتملص من التزاماتها الدستورية، وهو ما وصفوه بأنه يضع العملية السياسية على المحك".
التوافق والاجماع والصراع
ويقول عضو لجنة التعديلات الدستورية النائب المسيحي يونادم كنا ل"الحياة"ان"مبدأ التوافق هو أصل المشكلة، القيادات السياسية تصر على مبدأ التوافق والإجماع في مسألة التعديلات الدستورية، وهذا أمر اقل ما يقال عنه انه صعب جداً في وضعنا الحالي". واضاف:"الفيديرالية هو ان تتوافق اللجنة الدستورية على التعديلات ومن ثم هيئة الرئاسة والسلطة التنفيذية وبعدها يحصل الاجماع في البرلمان على التغييرات، ومن ثم يأتي دور المواطنين العراقيين للتصويت عليها وهذا ما استبعد حصوله"، معرباً عن تشاؤمه من امكان التوصل الى توافق على التعديلات الدستورية خلال الفترة القليلة المقبلة".
وطبقاً لما سبق فأن الجدل الجاري بين الكتل البرلمانية حول مواد الدستور المختلف عليها يمكنه توصيفه بأنه صراع بين اتجاهين: الاول يطالب بالمركزية ويتخوف من طروحات الفيديرالية وتقسيم الثروة، والثاني يدعو الى الاستقلالية وتطبيق النظام الاتحادي ويبدي مخاوفه من عودة النظام المركزي، ويرفض كل طرف منهما التنازل ولو قليلاً عن مطالباته لأنه سيعتبرها خسارة له.
فالأكراد يحاولون تعزيز موقفهم في التسريع بتطبيق النظام الفيديرالي ليبدأ قادتهم في لملمة اوراقهم في مدينة كركوك والسعي لضمها الى الاقليم الكردي من خلال عدم المساس بالمادة 140 والابقاء على المواد المتعلّقة بتوزيع الثروة النفطيّة واستثمارها، ويرون أنها تعطي الإقليم حرّية أكبر في التصرّف يواكبهم في ذلك المجلس الأعلى الاسلامي الطرف الشيعي الأقوى لتحقيق هدفهم في انشاء اقليم الوسط والجنوب، فيما تتصارع الاحزاب والقوى السنية والعلمانية كجبهة"التوافق"و"القائمة العراقية"والجبهة العراقية للحوار الوطني بزعامة صالح المطلك ومعهم تكتلات شيعية كتيار الصدر وحزب الفضيلة ضد هذه النزعات الاستقلالية مشددين على ان الدولة المركزية هي الحل الوحيد للوضع العراقي لينضم اليهم أخيراً حزب"الدعوة"بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي الذي دعا غير مرة الى ضرورة تعزيز سلطة الدولة المركزية في ما لو أريد بناء الدولة الاتحادية.
والواقع اليوم ان هذه التعديلات الدستورية المعلّقة تضغط على الوضع العراقي المعقد محيلة اياه الى المزيد من السجال بين الفرقاء السياسيين وبشكل بات ينذر بأزمة خطيرة قد تهدد العملية السياسية برمتها، وفيما يرى البعض من السياسيين ان حسمها لن يكون على المدى القريب في ظل الصراعات المستحكمة يراهن سياسيون اخرون على ثقلهم في العملية السياسية لحلها وفقاً لنظام الصفقات كما جرت العادة مع العديد من القضايا الأخرى.
نشر في العدد: 16667 ت.م: 21-11-2008 ص: 14 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.