بعد نهائي أسطوري .. المغرب بطلًا لكأس العرب 2025    أمريكا تفرض عقوبات على 29 سفينة وشركة مرتبطة بإيران    تخريج 335 كفاءة وطنية ضمن برامج التدريب بمدينة الملك سعود الطبية    القبض على يمني في جازان لتهريبه (234) كجم "قات"    جامعة سطام تحتفي باليوم العالمي للغة العربية تحت شعار "نفخر بها"    رئيس جامعة الطائف يستقبل وفدًا من أعضاء مجلس الشورى    مصير مباراة السعودية والإمارات بعد الإلغاء    السعودية الثانية عالميا في الحكومة الرقمية وفقا لمؤشر GTMI الصادر عن مجموعة البنك الدولي    "القوات الخاصة للأمن والحماية" نموذجٌ متكامل لحفظ الأمن وحماية مكتسبات التنمية    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل الهندي    أمير جازان يستقبل الفائز بالمركز الأول في مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية    طقس شتوي وأمطار تنعش إجازة نهاية الأسبوع في جيزان    الأولمبياد الخاص السعودي يقيم المسابقة الوطنية لكرة السلة    جمعية أرفى تحصد فضية جائزة "نواة 2025" للتميز الصحي بالمنطقة الشرقية    الفتح يتعادل مع النصر وديًا بهدفين لمثلهما    السعودية تستضيف كأس السوبر الإيطالي    برعاية سمو محافظ الأحساء.. افتتاح الفرع الثاني لجمعية الرؤية التعاونية    Center3 إحدى شركات مجموعة stc وهيوماين توقعان شراكة لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة تشغيلية تصل إلى 1 غيغاوات في المملكة    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل مفتي جمهورية رواندا    تعليم الطائف ينفّذ لقاءً تعريفيًا افتراضيًا بمنصة «قبول» لطلبة الصف الثالث الثانوي    أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    فرع وزارة الصحة بالطائف يحصل على شهادة الآيزو في نظام إدارة الجودة    برعاية أمير المدينة.. اختتام مسابقة "مشكاة البصيرة" لحفظ الوحيين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية النيجر رئيس الدولة بذكرى يوم الجمهورية لبلاده    إلغاء المقابل المالي على العمالة الوافدة: خطوة استراتيجية لتعزيز تنافسية الصناعة الوطنية    ارتفاع أسعار النفط    أمير الشرقية يكرّم داعمي جمعية «أفق» لتنمية وتأهيل الفتيات    الإحصاء: ارتفاع عدد المراكز اللوجستية إلى 23 مركزا في 2024م    ندوات معرفية بمعرض جدة للكتاب تناقش الإدارة الحديثة والإبداع الأدبي    أمير القصيم يواسي خالد بن صالح الدباسي في وفاة زوجته وابنتيه    TyC Sports تحتفي بمهارات سالم الدوسري وأهدافه الحاسمة    مرتفعات تروجينا وجبل اللوز تشهد تساقط الثلوج وهطول الأمطار    احتجاز الآلاف و70 من طواقم صحية بجنوب دارفور «الصحة العالمية» تطالب بالإفراج الآمن وغير المشروط    نعمة الذرية    سورية: مقتل شخص واعتقال ثمانية بعملية أمنية ضد خلية ل«داعش»    موسم الشتاء.. رؤية طبية ونصائح عملية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يشخص أورام الرئة عبر تقنية تنظير القصبات الهوائية بالأشعة الصوتية EBUS    تصاعد الاستيطان الإسرائيلي يثير إدانات دولية.. واشنطن تؤكد رفض ضم الضفة الغربية    تعزيزاً لمكتسبات رؤية 2030.. المملكة مقراً إقليمياً لبرنامج قدرات المنافسة    بوتين: لا نية لشن هجوم على أوروبا.. واشنطن تلوح بعقوبات قاسية على موسكو    «الأسير» يعيد هند عاكف بعد غياب 16 عاماً    خالد عبدالرحمن يصدح في «مخاوي الليل»    الكلية التقنية بجدة تنتزع لقب بطولة النخبة الشاطئية للكرة الطائرة 2025    900 مليون لتمويل الاستثمار الزراعي    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    في ذمة الله    البيطار يحتفل بزفاف مؤيد    القحطاني يحصل على الماجستير    استقبل رئيس مركزي أكسفورد والملك فيصل.. وزير الخارجية ونظيره الفرنسي يبحثان المستجدات    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    أمسية شعرية سعودية مصرية في معرض جدة للكتاب 2025    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    موسكو ومسارات السلام: بين التصعيد العسكري والبعد النووي للتسوية    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وسيلة للتعبير عن المعاناة والمكنونات . خربشات تسجل ذكريات مراهقين ... وتكسر حاجز الصمت
نشر في الحياة يوم 17 - 11 - 2008

"دعيني أقول لك بالرمز... حين تضيق العبارة عما أعاني... وحين يصير الكلام مؤامرة أتورط فيها"، كتب الشاعر نزار قباني في ديوانه"أحبك". أبيات يحفظها خالد عن ظهر قلب لأنها تحاكي قصة غرامه الطفولي، ويرى في عادات مجتمعه سطوة تجبر الحبيب على الصمت فيصبح"الرمز"الوسيلة الفضلى للتعبير.
رسومات، رموز وأحياناً كلمات ومقاطع من أغنية رومانسية، يكتبها خالد 18 سنة على مقعده الخشب، خلال انتظامه في الدوام المدرسي في محاولة منه للتنفيس عما يجول في خاطره، وتساعده على الاسترسال في رسم"خربشاته"أجواء من الملل تفرضها حصص المواد الأدبية.
وعادة ما تجده يمسك القلم ويلفه بأصابع يرهقها التوتر، يترّجم مكنوناته وهو يخط رسومات غير مفهومة غالباً بالنسبة اليه، على رغم جدواها في إزاحة تشتت غلب على فكره.
هذه ليست المرة الأولى التي يسجّل فيها ذكرياته المختصرة برسومات تركت أثرها على أشجار المدرسة وجدرانها، ليصبح مجرد لمحها والمرور بها لاحقاً إيقاظاً لأحداث طوتها السنين وحكايات بقيت حبيسة هناك حيث خطّت.
خالد كغيره من أبناء جيله في الأردن، يجد نفسه غير قادر على التعامل وما يَلِجهُ من مشاعر متأججة تزداد حدتها في سن المراهقة. وتصبح"الشخبطة"الوسيلة التي يختارها البعض لمحاكاة ما بأنفسهم في مرحلة عمرية ذات خصوصية يعجز غالبية الأهل عن مجاراتها.
وإن كانت قصص الحب المحرّك الأول لتلك الشخبطات، يترجمها صغار السن أيضاً عبر رسومات تعبّر غالبيتها عن محبتهم المفرطة تجاه الأهل، فإن كتابات ورسومات من نوع آخر تأخذ منحى أكثر عدائية ووحشية تجدها لدى بعض طلبة المدارس الأعدادية والثانوية.
وتعد"الخربشة"والرسومات غير المفهومة"من الأساليب التفريغية للتعبير عن مكنونات النفس، إلا أنها ذات دلالات تشير إلى أن صاحبها يعيش معاناة يسببها واقعه الاجتماعي"، بحسب الاختصاصي الاجتماعي الدكتور منير كراتشه، الذي يلفت إلى أن"الخربشة ترتبط بمراحل عمرية مبكرة، إذ تصبح السلوكيات التعبيرية من رسومات وكتابات وسيلة لتفريغ الإنفعالات خصوصاً لدى المراهقين الذين يمرون في مرحلة تنعدم فيها القدرة على تنظيم المشاعر".
وتصبح الجدران الداخلية والخارجية للمدارس مساحة يستغلها طلاب للتعبير عن مقتهم الموجه إلى استاذ بعينه. ولا تخلو كتاباتهم من الشتائم والإهانات تعاقب الأخير على تعامل صارم، أو أسئلة امتحان تعجيزية من وجهة نظرهم.
"ويتعمّد طلبة تسخير مهاراتهم الفنية في الرسم للإساءة الى بعض أساتذتهم، من خلال رسومات كاريكاتورية ساخرة من دون الإشارة إلى أسمائهم صراحة تحاشياً للوقوع في مسائلات قد تقود إلى عواقب وخيمة"يقول الطالب عبدالله 16سنة، الذي يشير إلى أن"رسمها على جدران المدرسة الخارجية، وعلى مرآى الجميع يعد وسيلة لتسديد ضربات مضادة لسلوكيات الأستاذ المعنفة لهم داخل الحصة".
ويضيف عبدالله أن"الطلبة غالباً ما يشعرون بمقت حيال أداء بعض أعضاء الهيئة التعليمية، ومع عدم وجود حلقة وصل بين الطرفين يزداد الكبت، وتصبح"الخربشات"والكتابات بمختلف مضامينها وسيلة للتنفيس عن مشاعر مشتركة يكنّها الطلبة حيال سلوكيات أساتذتهم".
وفي الأماكن المغلقة لا سيما المراحيض تصبح الرسومات والتعليقات أكثر بذاءة وذات مضامين جنسية، تضفي أجواء ساخرة لدى طلبة ممن يسقطون حواجز حيائهم في ظل غياب رقابة أخلاقية تشتد في باحات المدرسة وأروقتها.
وتزداد حدة الظاهرة في الأحياء الفقيرة فلا تكاد تخلو أسوار حاراتها، وأعمدة الكهرباء في شوارعها، فضلاً عن حافلات النقل التي تجوبها من إسقاطات تعبير تارة عن انتقادات لسوء أوضاعهم الإقتصادية، وأخرى عما يجول في نفوس أبنائها من رغبات تُكتب بسجيتها من دون تنقيح.
ويؤكد كراتشه على أن هذه الظاهرة ترتبط بمجموعة من الأفراد ممن ينشأون في كنف أسري مفكك، وهي مرتبطة بالتالي بالمحيط الاجتماعي والتربية الأسرية،"لذا نجدها أشد حدة في المناطق الفقيرة حيث تسيطر منظومة العادات والتقاليد على الحياة الاجتماعية ما يولّد لدى بعضهم نوعاً من الكبت يُترجم برسومات وتعابير تحاكي ما يجول في أنفسهم".
إسقاطات سياسية
وما يميز هذه الكتابات في مخيمات اللاجئين المتناثرة في أنحاء الأردن أنها ذات صبغة سياسية، يحرر عباراتها صغارهم قبل كبارهم، وتغلب عليها مشاعر حماسية تحاكي مشاهد القهر والظلم المحدق بالشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.
ويفرغ محمد 13 سنة من مخيم جرش ما تستحضره مخيلته من معاناة الشعب الفلسطيني، وصور يشاهدها يومياً لواقع الاحتلال في دفتر رسومات خاصة به تجسّد القضية الفلسطينية من منظوره. فتارة يرسم القدس وقد لونتها دماء الشهداء، وطوراً يجسّد المناضل الفلسطيني بشخصية عربية تحمل السيف لمحاربة العدو الذي يتقمّص هيئة الأفعى. فيما يفرّغ زملاؤه سخطهم على واقع الاحتلال بكتابة عبارات تستنكر العدوان على جدران المنازل في زقاق المخيم 19.
نشر في العدد: 16663 ت.م: 17-11-2008 ص: 27 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.