كان يجب أن تتذكر الميديا، خصوصاً الأميركية منها، كلاماً من لعبة البيسبول هو "لا تنتهي حتى تنتهي"، والمقصود ان نتيجة المباراة قد تتغير في آخر لحظة، لذلك يجب انتظار النهاية قبل إعلان الفائز. الصحف على جانبي المحيط الأطلسي توقعت اكتساح هيلاري كيلنتون الانتخابات التمهيدية في آيوا، وكل ولاية لاحقة، وعندما خسرت هيلاري كلينتون الولاية في شكل مفاجئ، توقعت الصحف أن يفوز باراك أوباما بولاية نيوهامبشير، وأن يكتسح الولايات التالية. غير أن الصحف وشركات استطلاع الرأي العام أخطأت في المرتين، وقد تخطئ من جديد، لذلك لن أرجح أحداً، خصوصاً انه لا يزال هناك مرشحون كثيرون آخرون، والتنافس بين الجمهوريين لم يحسم بأي شكل على رغم فوز جون ماكين في نيوهامبشير، بعد مايك هاكابي في آيوا. الصحف الأميركية خرجت الأربعاء وهي تعرف من فاز ومن خسر، بعد أن كانت الثلثاء رجحت فوز أوباما بنسبة كبيرة. غير أن الصحف البريطانية، مع فارق خمس ساعات في الوقت، خرجت الأربعاء وهي تعتقد بأن أوباما فاز، وقرأنا العناوين الآتية: - الدموع تتساقط، إلا أن كلينتون تتعهد بأن تواصل القتال. - صعود وصعود أوباما. - مِن"لا تقهر"الى الترنّح على الحبال. - رحلة لا تصدق لباراك أوباما. - حملة هيلاري بدأت تواجه نفاد الحماسة والمال. - حملة هيلاري وراء الركْب. بعض الصحف البريطانية استطاع تعديل أخباره في الطبعات المتأخرة، وسجل بعضها تقدم ماكين بين الجمهوريين، ومع ذلك قرأت: ماكين وأوباما يفوزان بالجولة الثانية. الانتخابات التمهيدية المهمة المقبلة هي في نيفادا في 19 من هذا الشهر، ثم في كارولينا الجنوبية في 26 منه. غير أن الحسم لا بد من أن يكون في الخامس من الشهر المقبل أو"سوبر ثلثاء"كما يسمونه عندما تدور الانتخابات التمهيدية في حوالى 20 ولاية، بينها الثلاث الكبيرة: كاليفورنيا ونيويورك وألينوي. ويختار المؤتمر الوطني الديموقراطي في 25-28 آب أغسطس مرشح الحزب للرئاسة. لا أريد أن أثقل على القارئ بالتفاصيل اليوم لأنني سأعود الى الانتخابات التمهيدية كثيراً في الأشهر المقبلة، وأكتفي هنا بالقول ان الفائز بولاية يكسب أصوات مندوبيها الى المؤتمر الوطني. إلا أن الفوز لا يضمن كل الأصوات في كل ولاية، فهناك مندوبون مستقلون في بعض الولايات يستطيعون أن يختاروا من يريدون، والعملية معقدة جداً. ومع تقدم هيلاري كلينتون وباراك أوباما الواضح على بقية المتنافسين الديموقراطيين، فإنني سأكتفي بهما اليوم وغداً، وسأعود الى المرشحين الجمهوريين عندما تتضح الصورة في شكل أفضل في التنافس بين رودلف جولياني وجون ماكين ومايك هاكابي وميت رومني. وإذا كان من رأي سريع اليوم فهو أن كلينتون وأوباما أفضل كثيراً من جولياني الذي ليس عنده ما يبيع الناخبين سوى موضوع الإرهاب انطلاقاً من رئاسته بلدية نيويورك عندما وقع إرهاب 11/9/2001، ومن ماكين داعية الحرب الذي يعيش على أمجاد وقوعه في الأسر خلال حرب فيتنام. والاثنان يؤيدان الحرب على العراق حتى اليوم، على رغم ما أوقعت من ضحايا ودمار. في المقابل، لم تعتذر هيلاري كيلنتون حتى اليوم عن تأييد قرار الحرب على العراق، وإنما اتهمت الإدارة بخداع الكونغرس، وتصريحاتها العلنية عن الموضوع عكست تراجع التأييد للحرب، وانخفاض حماستها لها في شكل موازٍ. في نيسان ابريل 2004، قالت كلينتون:"لا، لست آسفة لإعطاء الرئيس سلطة شن حرب، لأنها كانت في إطار أسلحة دمار شامل وأخطار كبيرة تهدد الولاياتالمتحدة، وكان صدام حسين مشكلة للأسرة الدولية منذ أكثر من عقد". وفي كانون الأول ديسمبر 2005، قالت:"يجب أن يوضح الديموقراطيون للجمهور اننا نريد الفوز في العراق، لا أن نعجل بالانسحاب". وفي حزيران يونيو 2006، قالت:"لا أعتقد أنها استراتيجية ذكية أن يواصل الرئيس التزاماً مفتوحاً لا يشمل ضغطاً كافياً على الحكومة العراقية، أو أن يعلن الرئيس موعداً محدداً للانسحاب". وفي كانون الثاني يناير 2007، قالت:"نتوقع منه الرئيس أن ينتزع بلادنا من العراق قبل أن تنتهي ولايته". وفي شباط فبراير 2007، قالت:"أريد أن أكون واضحة تماماً، لو كنت الرئيس في تشرين الأول اكتوبر 2002 لما بدأت هذه الحرب". وهي تعهدت"إذا لم ننه في الكونغرس هذه الحرب قبل كانون الثاني 2009 فسأنهيها أنا كرئيس". موقف هيلاري كلينتون من العراق جعل معلقين كثيرين يصفونها بأنها"بوش لايت"، والواقع أن تصريحها عن إنهاء الحرب عندما تفوز بالرئاسة جاء تحت الضغط، فقد كانت تتكلم في اجتماع الشتاء للجنة الوطنية الديموقراطية، وسبقها الى الحديث السناتور باراك أوباما والسناتور السابق جون ادواردز اللذان لقيا استقبالاً حسناً وهما يقولان ان الحرب ما كان يجب أن تشن أصلاً ويدعوان الى سحب القوات الأميركية، وتبعتهما كلينتون بالتجاوب مع جو الاجتماع. وأكمل غداً.