منح 8 مقيمين ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثالثة لتبرع كل منهم بدمه 10 مرات    زين السعودية تستثمر في قطاع التأمين الرقمي مع شركةPrevensure العالمية    مرايا غامضة تظهر في مختلف المدن السعودية... ما الذي تعكسه؟    من 18 منشأة إلى 190 ألف مشاركة.. جائزة العمل تواصل تحفيز القطاع الخاص    معرض الحرف والأعمال اليدوية.. منصة تمكينية تسويقية بالمنطقة الشرقية    أمانة حائل وصندوق التنمية السياحي يطلقان مشروعًا واعدًا بجبال النهايد.    10% من وفيات المستشفيات مرتبطة بأخطاء تشخيصية    بيئة الرياض تتلف 3 أطنان من اللحوم غير الصالحة وتضبط 93 مخالفة في سوق البطحاء    تعليم الطائف ينظّم اللقاء الأول للمنظمات غير الربحية    تجنب التوقف أو السير ببطء في الطرق العامة    "موسم الرياض" يشهد أضخم حدث لكرة القدم الأميركية بنظام العلم    تحرك معنا": تعزيز الرياضة ونمط الحياة الصحي في الحدود الشمالية    النقل تفرض غرامات وحجز المركبات غير النظامية    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    اعترضنا سفنا فلبينية بمنطقة متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي    مستشفى قوى الأمن بالدمام يتصدر جائزة "أداء الصحة" لمسار الأمومة والطفولة    الراجحي الخيرية تدعم مصابي التصلب المتعدد ب50 جهازاً طبياً    الوحدة يصعق الاتحاد في الوقت القاتل    ولي العهد في برقية لأمير قطر: الجميع يقف مع الدوحة لمواجهة الاعتداء الغاشم    القيادة تهنئ رؤساء السلفادور ونيكاراغوا وكوستاريكا ب«ذكرى الاستقلال»    محافظ "ساما": نركز على الابتكار والفرص للمستثمرين    أمير القصيم يزور محافظة البدائع ويلتقي المواطنين ويطلع على مشاريع تنموية تفوق 100 مليون ريال    أعلنوا رفضهم للاعتداء على قطر.. قادة الدول العربية والإسلامية: ردع إسرائيل لحماية أمن واستقرار المنطقة    أكد أن تشريف ولي العهد يجسد الدعم الكبير.. «الشورى»: توجيهات القيادة تمكننا من أداء مهامنا التشريعية    سوريا.. ضبط شحنة أسلحة معدة للتهريب للخارج    السلوك العام.. صورة المجتمع    «قمة الدوحة» ترفض محاولات تبرير العدوان الإسرائيلي تحت أي ذريعة.. تضامن عربي – إسلامي مطلق مع قطر    يستعيد محفظته المفقودة بعد 51 سنة    «قدم مكسورة» تدخل تامر حسني المستشفى    ظل الماضي    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    متقن    الحوثي يستهدف مطار رامون والنقب ب 4 مسيرات    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    2.3 % معدل التضخم    الخرف الرقمي وأطفالنا    رابطةُ العالم الإسلامي ترحب بمخرجات القمة العربية الإسلامية الطارئة في قطر    لبنان يوقف عملاء لإسرائيل ويفكك شبكة تهريب مخدرات    الخرطوم تنتقد العقوبات الأميركية على مواطنين وكيانات سودانية    الفيصل رئيساً للاتحاد العربي    إنزاغي: سنواجه خصماً قوياً ومنظماً    بلماضي: استعددنا جيداً لملاقاة الزعيم    التحالف الإسلامي يطلق في العاصمة القُمريّة دورة تدريبية في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    جامعة الملك سعود تُنظّم الندوة العالمية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية    دراسة أسترالية: النظام الغذائي يحد من اضطرابات النوم والأمراض المزمنة    "سلطان الخيرية" تدعم "العربية" في قيرغيزستان    الكشافة السعوديون يزورون الحديقة النباتية في بوجور    تضامن عربي إسلامي مع قطر.. دول الخليج تعزز آليات الدفاع والردع    تكريس الجذور واستشراف للمستقبل    عزنا بطبعنا    أمير القصيم يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف    «الشؤون الإسلامية» توقّع عقودًا لصيانة وتشغيل 1,392 مسجدًا وجامعًا خلال الربع الثالث لعام 2025م    رئيس الوزراء السوداني يغادر المدينة المنورة    مانجا للإنتاج تفوز بجائزة المؤسسات الثقافية الربحية ضمن الجوائز الثقافية الوطنية لعام 2025    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    جدة تستضيف مؤتمر ومعرض المكتبات المتخصصة 2025 غدًا    سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة تزور الملحقية العسكرية السعودية في واشنطن    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غرفة بأقل من مترين مربعين صارت مقهى رصيف ونادي تعارف !. المقاهي تجدد شباب أحياء دمشق المترهلة
نشر في الحياة يوم 26 - 08 - 2007

قبل أيام كان مجرد محل ضيق، تحتله ورشة لتركيب زجاج المنازل. اليوم أصبح مقهى جديداً تزينه الطاولات والكراسي وراح يستقبل الزبائن.
يعتبر فراس أن لمقهاه الفضل في إحياء حي"ساروجة"المهمل من دمشق القديمة. يدير الشاب مقهاه الذي لا تتجاوز مساحته مترين مربعين، ولا يتسع لأكثر من خمسة أشخاص. الا أنه وزّع كراسيه وطاولاته على الرصيف المجاور، وأينما اتسع لها، ما ضاعف زبائنه.
بدأت المقاهي تزداد، ومعها سكنت الحي موجة من الحيوية. محال صغيرة لصناعات تقليدية، تمتد على طول الشارع الحجري للحي وأزقته.
منذ سنوات كان فراس يمر ويتأمل مقهى رواده من الرعايا السودانيين. أعجبه موقع المكان، على رغم ضيقه، جلس فيه مراراً، واقترح على صاحبه إجراء تحسينات، لكن عبثاً.
ظن من طبيعة رواده، أن"السفارة السودانية اشترته ليخدّم ويجمع جاليتها في دمشق، وانتدبت أحد موظفيها ليديره. وجد فراس بعد فترة أن المقهى أغلق أبوابه لأيام متواصلة. استفسر عن الأمر، وعرف أن المواطن السوداني لم يكن مالكاً، بل مستأجراً. لم يفكر مرتين، اهتدى الى بيت المالك واستأجره منه. يوضح فراس أن هدفه الأساس من استثمار المحل الصغير لم يكن تجارياً، بل تحقيق حلم لطالما راوده. تصوره عن هيئة المقهى، وديكوره، كان مختمراً. أراد ديكوراً بسيطاً لا يجافي طبيعة المكان القديمة والشعبية في آن. وضع داخل الحجرة الصغيرة مقاعد تشبه تلك الموجودة في مضافات بيوت دمشق التراثية. استخدم جذع شجرة وقطّعه على شكل طاولات صغيرة. غطى الجدران، المهلهلة، بالبسط والأغطية التي تباع في محال"الشرقيات".
لم ينس صورة سكنت رأسه من أيام الطفولة، عندما كان أهل الحي يجتمعون في محل البقالة، ويجلسون على كراسي القش الصغيرة. أراد تجسيد تلك الصورة"الدافئة"فجعل كراسي المقهى من النوع ذاته. لم يخطط لأن يصبح مقهى رصيف، لكنه صار كذلك. أشياء كثيرة طرأت من خارج التخطيط. لاحقاً راح المكان يقدّم فطوراً"بلدياً"، والفكرة منه جذب انتباه الأجانب الذين لن يثيرهم بالتأكيد بيع الشطائر الفرنسية الكرواسون. اسطوانات الموسيقى الشرقية، التي داوم على اذاعتها للزبائن، صار يبيعها في المقهى بعدما كثر طالبوها.
لم يخطط فراس لتوسيع المقهى، الا ان نجاح ثنائية"التجارة والعلاقات"شجّعه على ايجاد محل أكبر وأوسع. حاول استئجار أحد المحال المغلقة في جواره، لكن مالكيه أصروا على بيعه. إصراره أقنع صديقاً له بشراء المحل، ومن ثم تأجيره له.
مقهيان مواجهان لبعضهما بعضاً، يخدّمهما مطبخ بالكاد يتسع لشخص واحد قادر على التحرك. صباحاً، يتشرذم زواره في الحجرة وعلى الرصيف. أجانب وسوريون، يأخذون قهوتهم، أو فطورهم، ويمضون. ظهراً يقل العدد، ومساء تضيق الكراسي بزوارها، فيفترشون الرصيف.
مشهد يضج بالحيوية. لم يحصل كما في الجزء"المزدهر"من دمشق القديمة منطقة باب توما وتفرعاتها، حيث تحول البيوت، إلى مقاه ومطاعم متكلّفة. ففي هذه الأحياء تنتشر المقاهي العصرية، وترتفع الاسعار، وتكثر الاستثمارات التي تخنق الأرصفة. أما في حي ساروجة حيث يقع مقهى فراس، فتعود الحياة الى طبيعتها وشعبيتها. هنا، في"ساروجة"، العكس يحصل.
تحولت جلسة المقهى إلى ما يشبه نادي التعارف. أجانب يقابلون شباناً محليين ليتمرّنوا على اللغة. أصدقاء للمقهى باتوا"زبائن مقيمين"، على حد تعبير سيف، النحات الذي يجلس متأمّلاً المارة فيما يخط رسوماً أولية على أوراقه البيض.
عرف هذا الشاب بالمقهى منذ"الحقبة السودانية"، وصار يرتاده بعدما طرأت عليه التجديدات. ويعتبر سيف أن هذا المكان"يمثّل مقهى الرصيف الحقيقي، والذي لا نعرفه هنا، فكل مقاهينا مغلقة على الازدحام والضجيج، البساطة والهدوء أكثر ما يشدّنا الى المكان، وهما شرطان يصهران المقهى في محيطه، ويدفعان الزبائن إلى الانسجام مع الحي الشعبي، كما يشكلان التقاطع المشترك الذي يلتقي عليه رواد المقهى".
"أشعر أن معظم الزبائن من طبيعة واحدة"، يعلق سيف منتظراً رد فعل باسم، صديقه العراقي الذي التقاه في المقهى، وهو نحات أيضاً. يرتاد باسم المكان منذ سنة، ويرى أنه"يجمع الحالمين الذين ضاقت بهم الأمكنة". تريح الصديقين العلاقة الأسرية مع العاملين في المقهى، اذ لا يتم التعامل على أساس زبون ونادل، بل يجلسون معاً ويتحدثون في امور عدة. أكثر ما يبهج رواد المقهى أنهم باتوا يستمعون الى قصص سكان الحي وأخبارهم وكأنهم يتابعون بثاً مباشراً أو عرضاً مسرحياً لا يتوقف.
لا يخاف أصحاب المقهى من تكاثر المقاهي حولهم. ففراس يشجع ذلك، ويقول ان أصحاب مقاه جديدة جاؤوا إليه وأخذوا قياس الطاولات والكراسي، ليصنعوا مثيلات لها، وشاوروه في شأن الديكور. هو متأكد من أن الأفكار الجديدة، والابتكار، دائماً يتفوقان على التقليد. يضع كرسيين على الرصيف، وينظر مومئاً بمفاجأة، ثم يأتي بهيكل آلة خياطة قديمة سيصبح عما قريب طاولة أخرى في مقهاه."هذه فكرة جديدة أيضاً"، يقولها بثقة وكأنه يعرض دليلاً أمام هيئة محلفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.