رئيس البرلمان العربي: نتطلع لبداية جديدة لإطلاق مبادرات بنَّاءة ومواقف موحدة في التعامل مع التحديات الراهنة    فندق أنانتارا باليه هانسن فيينا يستقبل زواره بأكلات عربية وخدمات خاصة للسيدات    الصبان أكد أن الاختيار كان وفق تنظيم وشفافية .. (35) لاعبًا ولاعبة يمثلون السعودية في بطولة آسيا للتايكوندو بماليزيا    "الغروي" مديرًا لإدارة جودة الخدمات بتعليم جازان    أسواق الطيور تجربة سياحية رائعة لعشاق الحيوانات الأليفة في جازان    مشروع "واجهة زان البحرية".. يعزز القطاع السياحي والترفيهي والاستثماري بجازان    أمانة منطقة جازان تحقق المركز الثاني على مستوى أمانات المملكة في مؤشر الارتباط الوظيفي        تكليف الدكتور مشعل الجريبي مديرًا لمستشفى الملك فهد المركزي بجازان    ضبط (13532) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المركزي الروسي يخفض سعر صرف الروبل مقابل العملات الرئيسة    الهلال يواصل استعداداته بعد التأهل.. وغياب سالم الدوسري عن مواجهة السيتي    الأرصاد: استمرار الحرارة والغبار.. وأمطار رعدية متوقعة جنوب المملكة    استشهاد 17 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    نيوم يعلق على تقارير مفاوضاته لضم إمام عاشور ووسام أبو علي    موقف ميتروفيتش من مواجهة مانشستر سيتي    حقيقة تعاقد النصر مع جيسوس    رابطة العالم الإسلامي تُدين العنف ضد المدنيين في غزة واعتداءات المستوطنين على كفر مالك    رئيسة الحكومة ووزير الصحة بتونس يستقبلان الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية    ليلة حماسية من الرياض: نزالات "سماك داون" تشعل الأجواء بحضور جماهيري كبير    عقبة المحمدية تستضيف الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة    «سلمان للإغاثة» يوزّع (3,000) كرتون من التمر في مديرية القاهرة بتعز    فعاليات ( لمة فرح 2 ) من البركة الخيرية تحتفي بالناجحين    لجنة كرة القدم المُصغَّرة بمنطقة جازان تقيم حفل انطلاق برامجها    دراسة: الصوم قبل الجراحة عديم الفائدة    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة البسام    نجاح أول عملية باستخدام تقنية الارتجاع الهيدروستاتيكي لطفل بتبوك    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقوى الله أعظم زاد، وشهر المحرم موسم عظيم للعبادة    الشيخ صالح بن حميد: النعم تُحفظ بالشكر وتضيع بالجحود    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    رئاسة الشؤون الدينية تُطلق خطة موسم العمرة لعام 1447ه    استمتع بالطبيعة.. وتقيد بالشروط    د. علي الدّفاع.. عبقري الرياضيات    في إلهامات الرؤية الوطنية    ثورة أدب    أخلاقيات متجذرة    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    البدء بتطبيق نظام التأمينات الاجتماعية على اللاعبين والمدربين السعوديين ابتداءً من 1 يوليو    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    تدخل طبي عاجل ينقذ حياة سبعيني بمستشفى الرس العام    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    الإطاحة ب15 مخالفاً لتهريبهم مخدرات    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    تحسن أسعار النفط والذهب    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنون الوحشية الإسرائيلية
نشر في الحياة يوم 21 - 05 - 2007

الجريمة التي حدثت في إسرائيل ضد مواطن عربي الأسبوع الماضي، كان يجب ألا تمر بهدوء، إذ هي جريمة مثيرة بكل المعايير، ليس لكونها جريمة قتل عنصرية فحسب، ولكن لأنها شملت استهتاراً معلناً وتبجحاً سافراً بالدم العربي.
فقد جاءت هذه الجريمة النكراء بطريقة ما يعرف في القانون الجنائي ب"سبق الإصرار والترصد"، حين اعترف الجاني اليهودي - وهو مهاجر فرنسي- أنه ذهب مع أخيه إلى القدس ليبحث عن سائق تاكسي عربي لقتله. فلما وجده وأوصله السائق إلى شقته طلب المهاجر اليهودي منه حمل متاعه إلى داخل الشقة، حتى إذا تمكن منه ضربه بمساعدة أخيه بطعنات عدة أجهزت عليه. وعلى رغم أن الإرهابي اليهودي ذكر في اعترافاته اثناء التحقيق، أنه إنما أراد قتل عربي، حيث"الاعتراف سيد الأدلة"كما يقال في القانون الجنائي، إلا أن الشرطة الإسرائيلية لم تقبل روايته، وقررت إحالته لطبيب نفسي.
وحيث أن القاتل يهودي والمقتول عربي، فقد وجهت إلى القاتل تهمة"ارتكاب أعمال عنف"ضد الجاني. وأما الأخ المشارك فلم تزد المحكمة عن أن وجهت إليه تهمة الإعانة على ارتكاب جريمة عنف، وليس تهمة المشاركة فيها.
أما القاضي الذي نظر في القضية، فقد وافق على طلب محامي المتهم على أن"مواد التحقيق تتضمن مؤشرات على مشكلات نفسية لدى المتهم". وأنه والحال كذلك، فقد تمت إحالة المتهم إلى مصحة نفسية لتتم لاحقاً تبرئته قضائياً. وقد بلغ الاستهتار الإسرائيلي، أن الجاني كان يتبادل الابتسامات مع رجال الشرطة في المحكمة ويصفق، كما كان يمد لسانه أمام المصورين، من دون أي اعتراض من القاضي.
ولعله يبدو واضحاً تواطؤ المجتمع الإسرائيلي من حكومة ومحكمة وشرطة ومجتمع مدني، في ظاهرة"العنف"الذي تتحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤوليته. إذ أن هذه القضية - التي تؤكد من جديد انتشار ظاهرة الفاشية اليهودية في المجتمع الإسرائيلي- تأتي نتيجة التحريض الحكومي المستمر ضد ما يسمى بعرب 48، الذين يعانون من هضم حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وإذا كانت مثل هذه القضية ليست بدعة في التاريخ الإسرائيلي المليء بالوحشية الهمجية البربرية، إلا أنه بات ملاحظاً مستوى الوقاحة والجرأة التي وصلت إليها الوحشية اليهودية الرسمية، ومنها وحشية الحكومة الإسرائيلية ذاتها، التي تبجحت قبل أسابيع عبر فيلم وثائقي بثته القناة الإسرائيلية الأولى، وتضمن اعترافات مسؤولين إسرائيليين بقتل مئات الأسرى من العرب إبان حرب 1967.
إذ يبدو أن النمط الجديد للصهاينة اليوم، هو التبجح بجرائمهم نهاراً جهاراً بكل تحد للعالم كله، واثقين من غياب أي مساءلة دولية أو عربية، رسمية أو غير رسمية، بما في ذلك الدول العربية التي تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل، والتي تعين بسلبيتها وجمودها الحكومة الإسرائيلية على الاستمرار في طريقها الإرهابي الرسمي.
فقبل بضع سنوات، قام جندي إسرائيلي بقتل سبعة فلسطينيين بدم بادر، وقد أحيل المجرم إلى مصحة نفسية قررت أن الرجل يعاني من"أزمات نفسية تجعله لا يملك تصرفاته"، وعلى هذا الأساس رأت"العدالة الإسرائيلية"تبرئته من جريمته النكراء.
ولعله ليس ببعيد عن الذاكرة العربية تبرئة الشخص الذي قام بإشعال النار في المسجد الأقصى المبارك عام 1969، بعد أن اعتُبر في نظر المحكمة"مجنوناً". ومثل ذلك وصم الطبيب الذي قتل أربعين مصلياً في الحرم الإبراهيمي عام 1994، ب"الجنون"، لكي لا يدان، على رغم أنه كان قد دخل برشاشه بين يدي الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يمازحونه ويضحكون معه.
وقبل أكثر من عامين، أطلقت دبابة إسرائيلية نيرانها على ثلاثة من عناصر الشرطة المصرية في سيناء بزعم الظن أنهم كانوا"ناشطين فلسطينيين"، وتمت تبرئتهم ولم توجه لهم أي تهمة، واكتفت الحكومة الإسرائيلية ب"توبيخهم"، كونهم"أساؤوا التقدير".
المثير للسخرية، هو أن كثيراً من الحكومات العربية التي أقامت علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل، كانت تزعم في بداية أمرها، أن"السلام"الذي تقيمه مع الدولة العبرية سيجني ثمرته فلسطينيو الداخل، لأن هذا السلام بزعمهم يمكنهم من الدفاع عن المواطنين العرب المقيمين داخل الأراضي الفلسطينية وعن القضية الفلسطينية عموماً!
ويبدو أن الدم العربي أصبح رخيصاً حتى في نظر الإعلام العربي ذاته. وقد بدا لافتاً في هذه القضية المؤلمة، غياب الإعلام العربي الرسمي وغير الرسمي، الذي يخصص الساعات الطويلة للمواضيع التافهة في كثير من الأحيان. ولعله فات أرباب الإعلام العربي أنه ربما كان في اهتمامهم بهذه المأساة، بعض العزاء لأرملة القتيل الفلسطيني وأيتامه من ابن وأربع بنات، الذين لم يجدوا العزاء في مواقف حكوماتهم العربية، والفلسطينية منها خصوصاً. إلا ان هذا الخبر - على رغم قساوته - لم يثر كوامن الفضول عند الإعلام العربي المقروء أو المرئي أو المسموع. فلم يتصدر هذا الخبر الصفحات الأولى في الجرائد والمجلات، ولم تحفل به الفضائيات العربية، أو توفر له اللقاءات الخاصة لدرس"ظاهرة الإرهاب اليهودي"ولو كان الحدث قد صدر من مسلم ضد غربي، لكانت الحال غير الحال.
ولعله من المناسب مقارنة هذه الحادثة التي تنم عن العقلية اليهودية في عدم قبول مساواة يهودي بغير يهودي، بمعاقبة المواطن العربي حين يقتل شخصاً غير مواطن في العالم العربي. فقبل أقل من شهرين، أُعدم في السعودية جنديان سعوديان لإقدامهما على قتل مواطن من بنغلاديش، ولم يشفع لهما كونهما سعوديين أو من رجال الأمن في الحصول على نظرة حانية من الحكومة التي أرادت أن توجه رسالة واضحة مفادها أن معنى العدالة الإنسانية يجب ألا يكون مقصوراً على مواطني الدولة. ولعل في هذا المثال القريب ما يغني عن كثير الكلام في الفرق بين العدالة الإسرائيلية المبنية على أسس الديموقراطية المزعومة، والعدالة الإسلامية الفطرية التي مازالت قائمة بحمد الله.
* حقوقي دولي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.