في مبنى بسيط في إحدى ضواحي موسكو، يستعد غورغي بوليشتشوك، الجنرال السوفياتي المتقاعد، لغزوته الفلكية المقبلة: العثور على إشارات تدل على وجود حياة على كوكب المريخ. ويتهيأ هذا الجنرال الذي يترأس مركز لافوتشكين للدراسات الفضائية، لرحلة غير مأهولة إلى أحد قمري الكوكب الأحمر، وهو القمر فوبوس. وتبهره، شأنه شأن الكثير من العلماء، فكرة وجود حياة على كوكب المريخ. ويقول غورغي:"علينا أن نتأكد من وجود حياة أو إذا كانت لا تزال مستمرة. وفوبوس سيعطينا هذه الإجابات". وعرض على خريطة، رحلة الثلاث سنوات التي ستنطلق بها مركبة الاستكشاف فوبوس - غرانت في مركز خيمكي الذي كان يعد سابقاً من أسرار الدفاع. يأتي هذا البرنامج الروسي لغزو المريخ بعد الإعلان عام 2004 عن طموحات أميركية لإرسال مهمة مأهولة إلى الكوكب الأحمر، ما شكل انطلاقة جديدة للسباق إلى النجوم الذي برز في مرحلة الحرب الباردة. ومع إرسال مركبة الاستكشاف هذه في تشرين الأول أكتوبر 2009 تزمع روسيا إعادة تأكيد موقعها كقوة فضائية عظمى. ويوضح بوليشتشوك أن الرحلة التي تمولها الدولة الروسية بنسبة 75 في المئة منها ستكلف"بلايين الدولارات"، ورفض تقديم المزيد من الإيضاحات. والمسبار الذي يتكون من كرات تزن إجمالاً ثمانية أطنان ويحمل جهاز حفر لأخذ عينات من تربة فوبوس، سيدرس أيضاً مصدر قمري المريخ والتغيرات المناخية الموسمية للكوكب. ويعترف الجنرال بأنها"مهمة شديدة الصعوبة لكوكب شديد الصعوبة"، مشيراً إلى فشل الرجل الآلي الجيولوجي الأوروبي"بيغل 2"عام 2003 وفشل إطلاق مهمته إلى المريخ عام 1996. ومركز لافوتشكين الذي كان مفخرة البرنامج الفضائي السوفياتي وقد شهد مراحل إعداد الرحلات الأولى غير المأهولة إلى القمر والمريخ والزهرة، عانى صعوبات كبيرة مع انهيار الاتحاد السوفياتي. فبعدما كان يعمل فيه اكثر من 14 ألف موظف لم يعد هؤلاء يتعدون خمسة آلاف جراء الاستقطاعات الكبيرة ونقص الاستثمارات. والمركز المعروف أيضاً بصنع طائرات مقاتلة وصواريخ لا يزال يعمل على تطوير التكنولوجيا العسكرية. وفي أوج الحرب الباردة تميز مركز لافوتشكين بمهمات فضائية رائدة. ففي الثاني من كانون الأول ديسمبر 1971 كان المسبار"مارس - 3"وهو على شكل نبات فطر كبير مزين بشعار المنجل والمطرقة، أول مركبة تحط بنجاح على كوكب المريخ وان كان الأميركيون أرسلوا مسباراً على مقربة منه. هذا المركز هو الذي أتاح أول نزول هادئ على القمر مع المركبة "لونا-9" عام 1966 ومختبراته أخرجت المركبة"فينيرا-8"، أول مركبة تحط على سطح كوكب الزهرة عام 1972.