توقيف 10 أشخاص ومواقف ترفض الإساءة الى المقامات ... والسلم الأهلي شغب يرافق الاحتجاج على تناول شخصية نصرالله واتصالات التهدئة شارك فيها السنيورة والحريري

عاد الهدوء امس، الى شوارع بيروت وضواحيها ومدن جنوبية واخرى بقاعية بعد ليلة عاصفة، تسبب بها برنامج تلفزيوني يسخر من الاحوال السياسية، وطاول اول من امس، ولاول مرة الامين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله. واغضب البرنامج المئات من اتباع نصر الله وانصاره، فنزلوا الى الشوارع بصورة عفوية قبل ان يتحول الغضب الى كرة نار راحت تتدحرج في اتجاهات الى ما لا تحمد عقباه.
وكان أحد الممثلين في برنامج"بس مات وطن"الذي تبثه"المؤسسة اللبنانية للارسال"بعد نشرتها الاخبارية مساء، جسد شخصية السيد نصر الله بشكل كاريكاتوري، فانتابت مشاعر الغضب المئات في الضاحية الجنوبية لبيروت الذين نزلوا الى الشوارع وراحوا يهتفون لحياته، معتبرين ان الامر طاول حرمة رمز ديني ووطني ومقاوم غير مقبول المس به.
الشبان الغاضبون الذين لم تتجاوز اعمار معظمهم العشرين حملوا معهم الى الشارع رايات"حزب الله"وصور نصر الله والبعض حمل رايات حركة"امل"وحتى اعلاماً ايرانية، وتحول الغضب من مجرد الهتاف لپ"الله ونصر الله والضاحية كلها"الى إشعال اطارات سيارات واقفال طرقات، وبدا مستغربا ان المحتجين على رغم عفوية تحركهم، لجأوا الى قطع الطرق المؤدية الى مطار بيروت وراحوا يصرخون في وجه ركاب السيارات المتوجهين الى منازلهم في ساعات الليل تلك ويضربون بقبضاتهم على مقدمة هذه السيارات للعودة اعقابهم، ما تسبب بحالات هلع وزحمة سير في مناطق بئر حسن وحارة حريك وتقاطع المشرفية.
وقبل ان يتمكن"حزب الله"من تطويق الاحتجاج، الذي بدا انه خالف التوقعات، نزلت مجموعات اخرى الى الشوارع في احياء زقاق البلاط وخندق الغميق والباشورة وبشارة الخوري وهي تقع على اطراف الوسط التجاري وشارع مونو الحافل بالمقاهي والمطاعم والنوادي الليلية في بيروت، وراحوا يشعلون المزيد من الاطارات لقطع الطرقات هناك، وحاول البعض التقدم في اتجاه الوسط الا ان عناصر قوى الامن منعتهم. ونزل آخرون الى شارع مار الياس والى محلة الكولا.
واستدعى الوضع حال استنفار بين صفوف الجيش اللبناني الذي لا يزال عناصر له يرابطون على الخط الفاصل ما بين الشياح وعين الرمانة على خلفية احتكاك سابق لم يمر عليه الزمن، فعززوا وجودهم هناك كما فعلوا على طول الخط الفاصل ما بين الاشرفية والجميزة ومحيطهما وحاول شبان التسرب الى هذه الاماكن ما ادى الى استنفار شبابي مقابل وسجل احتكاك في منطقة السوديكو وسارع الجيش الى الفصل ما بين المتجمعين.
وسارع القيمون على الحزب الى الاستعانة بعدد كبير من قياداته والمشايخ وعناصر الانضباط لديه وطلب منهم النزول الى الشوارع فوراً لاعادة الناس الى منازلهم وكانت الساعة اقتربت من منتصف الليل، ولم يتمكنوا من ضبط الموقف على رغم ان لا علاقة للحزب بالتحرك الذي حصل كما اكد مصدر قيادي في الحزب لپ"الحياة"، فاضطر الى الاستعانة مباشرة بامينه العام السيد نصر الله الذي كان في ذلك الوقت في بلدة سحمر البقاعية لتقديم واجب التعزية بالشهيد يوسف علاء الدين الذي سقط في المواجهة التي حصلت الاحد الماضي مع العدو الاسرائيلي في الجنوب.
وأذاع تلفزيون"المنار"التابع للحزب بياناً توجه فيه الحزب الى"اهلنا الغيارى يحيي فيهم احاسيسهم ومشاعرهم واستنكارهم لما عرضته محطة تلفزيونية محلية من اهانة لرمز المقاومة وسيدها ويدعوكم الى التحلي بالصبر وانهاء حالات الاعتصام والتظاهر الشاجبة لهذا العمل المدان ونعدكم بمتابعة هذا الملف بالطرق المناسبة مع الجهات المعنية والمسؤولة وبالشكل الذي لا يتكرر فيه هذا العمل".
ثم اضطر الحزب، وعلى رغم المحاذير الامنية، الى الاستعانة بالسيد نصر الله شخصياً عبر اتصال هاتفي مباشر معه صوتياً فدعا عبر الاثير عند الواحدة فجراً الحشود الى الهدوء واخلاء الشوارع.
وكشف المصدر في"حزب الله"عن ان الاتصالات بين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري الموجود في ألمانيا من جهة وبين المعاون السياسي للأمين العام حسين الخليل استمرت من الثالثة فجراً للسيطرة على الوضع وإعادة الهدوء الى المناطق التي كانت شهدت رد فعل احتجاجي، غامزاً من قناة"المؤسسة اللبنانية للارسال"التي بثت برنامج"بس مات وطن"قائلاً انها لم تتجاوب مع المداخلات التي أجريت مع رئيس مجلس ادارتها بيار الضاهر كي تبادر الى الاعتذار على ما ورد في البرنامج معتبراً ان عدم تجاوبه أدى الى تصاعد موجة الاحتجاج.
وعلى رغم تراجع الاحتجاجات في معظم الشوارع خصوصاً انها كانت امتدت الى صيدا والنبطية وبعلبك، فان ثمة شباناً تمكنوا في الثالثة فجراً من الدخول الى منطقة عين الرمانة من محلة الشيفروليه بعدما كان الجيش منعهم من الدخول الى المنطقة من جهة الشياح وعمل عناصر من الحزب على فرض طوق كنيسة مار مخايل منعاً لاي اساءة لحرمتها. وذكر شهود ان بعض الشباب كان مزوداً بأسلحة فردية واطلق احدهم النار.
وادت اعمال الشغب الى وقوع سبعة جرحى اثنان منهم بالرصاص في زقاق البلاط والكولا والى تحطيم سيارات في محلة مار الياس.
وتم امس، توقيف 10 اشخاص قاموا بأعمال شغب. وأوضحت مصادر قضائية ان الموقوفين اقدموا على قطع طرقات واحراق الاطارات وينتظر الادعاء عليهم بعد انتهاء التحقيقات الاولية.
وتفقد قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان بين الثانية من بعد منتصف الليل والرابعة فجراً، العسكريين في منطقة بيروت وضواحيها، وزودهم بالتوجيهات اللازمة. وافاد مصدر عسكري ان قوى الجيش تدخلت على اثر ردود الفعل الشعبية التي شهدتها بعض مناطق بيروت وما رافقها من قطع طرقات واحراق اطارات، وسيرت دوريات وعملت على فتح الطرق واعادت الوضع الى طبيعته.
وقرر أصحاب محطات"الساتلايت"في الضاحية الجنوبية والجنوب مقاطعة محطة الپ"ال بي سي"الى ان تعود عن خطئها الفادح والاعتذار من سيد المقاومة السيد حسن نصر الله".
وسجلت امس، عشرات المواقف المستنكرة للاساءة الى مقام السيد نصر الله. واجرى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، اتصالاً به، دان فيه التعرض له"ولأي مرجع ديني، من برنامج ساخر، في اي وسيلة من وسائل الاعلام، مهما كانت المبررات، لما قد يشعر ذلك ببعد طائفي يتجاوز البعد السياسي للبرنامج". واستغرب الشيخ قباني، بعد تلقيه شكاوى المواطنين"استغلال بعض الغاضبين المناسبة، للقيام باعمال تتنافى وشرف التعبير عن الموقف".
ورأى وزير الاتصالات مروان حماده،"ان الاعتداءات وأعمال الشغب التي طاولت آمنين في اكثر من منطقة، وقطعت طرقاً رئيسية، لا سيما طريق مطار رفيق الحريري الدولي، أمر يثير التساؤل عن النيات الكامنة خلف هذه التجاوزات المنظمة". وقال:"ان استساغة بعض الاحزاب والقوى استعمال الشارع لتسجيل عنتريات دورية، لا يمكن تفسيرها الا في السياق السياسي العام الذي جعل لبنانيين كثراً ينظرون بريبة الى سلوكياتها وفي كل الاحوال، من غير المقبول ان يحاول البعض العودة بلبنان الى الحقبة المخابراتية التي تفنن رموزها، وخصوصاً السيئ الذكر رستم غزالي، في الاعتداء على الحريات العامة".
وطلب رئيس تكتل"التغيير والاصلاح"النيابي ميشال عون من وزير الداخلية وقوى الامن الداخلي ان يعلنوا رسمياً عن هذه الحوادث ومفتعليها منعاً لتضخيم الاشاعات وقطعاً لدابرها وتحاشياً لاشاعة القلق لدى الناس. وأكد"ان كل حادث يجب ان يوضع في حجمه الطبيعي وتتحمل السلطات المختصة المسؤولة عن كشف ملابساته". واتصل عون بنصر الله مبدياً رفضه لأي اساءة تعرض له. واثنى على"الموقف الحكيم الذي اتخذه بالمبادرة الى احتواء ردود الفعل الشعبية".
وناشد المجلس العام الماروني"كل الأطراف توخي الحيطة في أي إشكال يقع كالذي حصل أمس وكاد يؤدي إلى فتنة لولا تدارك القيادات المخلصة ومعها السيد نصر الله وإدارة"المؤسسة اللبنانية للارسال"إلى ضبطه".
وتمنى المجلس على"كل القيادات الوطنية أن تعطي تعليماتها وتوجيهاتها الصارمة إلى جميع محازبيها للكف عن استخدام الشارع". واهاب بوسائل الإعلام كلها"ممارسة أقصى درجات الرقابة الذاتية نظراً الى الظروف الدقيقة التي يجتازها الوطن".
شريط الأحداث رسمياً
ولاحقاً اصدرت وزارة الداخلية شريطاً بالأحداث الامنية التي جرت. وذكر الشريط الامني ان"اثناء قيام أحد رتباء مفرزة استقصاء سرية حرس الحكومة بمهمة تأمين مسلك رئيس مجلس الوزراء وبمعيته مجند ممددة خدمته تعرض له بعض المتظاهرين وحاولوا الاعتداء عليه والاستيلاء على الآلية العسكرية رقم 612675 التي كان يقودها كما حاولوا الاستيلاء على مسدسه الاميري عنوة. وأثناء التدافع ومحاولة الافلات منهم انطلق عيار ناري من المسدس، وبحسب المعلومات ان المدعو محمد ابو خليل مجهول باقي الهوية والذي كان من بين المعتدين، اصيب في كتفه جراء ذلك نقل الى مستشفى الرسول الاعظم للمعالجة".
وأفاد الشريط ان في عين الرمانة حيث دخل شبان على الدراجات النارية وحصل إطلاق نار من مجهولين تم توقيف المدعو عبدالله احمد أشمر على متن دراجة نارية، واصطدمت دراجة نارية بسيارة متوقفة الى جانب الطريق وعلى متنها المدعو علي سعدالله طبوش وأصيب بجروح ونقل الى مستشفى الحياة. وادعى امام مخفر الشياح المدعو جورج ابراهيم داود انه تعرض للضرب من قبل مجموعة الدراجات المذكورة ادى الى اصابته بكسر في انفه. ونقل الى مستشفى رزق المصور في مجلة"لبناننا"جيلبير جان رزق لاصابته بضربة عصا على رأسه قرب مطعم الالمنت - بشارة الخوري.
وأشار الشريط الى ان"في محلة الناصرة، دعا المدعو سامي الجميل نجل الرئيس أمين الجميل نحو 50 من انصاره للتوجه الى تقاطع بشارة الخوري للتصدي للمتظاهرين فمنعه الجيش، واصيب بنتيجة ذلك برضوض.