رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»: دعوات الرئيس ترمب لخفض الفائدة لا تؤثر على عملنا على الإطلاق    51 مليونا تضع النصر في مأزق بيولي    أسبوع القلعة مطرز بالذهب    القبض على يمني بالعاصمة المقدسة لارتكابه عمليات نصب واحتيال    محافظ الطائف يقلد القحطاني رتبة لواء    الأهلي النخبوي يحتفل بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة بثنائية في التعاون    حصيلة قتلى غزة في ارتفاع وسط أولوية الاحتلال للرهائن    تصعيد عسكري خطير بين الهند وباكستان بعد ضربات جوية متبادلة    تصاعد الهجمات بالطائرات المسيرة في روسيا    نائب أمير الرياض يطلع على بصمة تفاؤل    175 % ازدياد مصابي السرطان بالأحساء    أمير منطقة تبوك يدشن مرحلة التشغيل الفعلي لمشروع النقل العام بالحافلات    الخريف يجتمع بقادة شركة إيرباص    نهائي التصفيات الآسيوية للبولو ينطلق غداً في الرياض    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    الموافقة على استحداث عدد من البرامج الاكاديمية الجديدة بالجامعة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر ابريل 2025    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة الدائمة للحج والعمرة    الشيخ بندر المطيري يشكر القيادة بمناسبة ترقيته للمرتبة الخامسة عشرة    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان هاتفيا التطورات الإقليمية والدولية    جراحة معقدة في "مستشفيات المانع" بالخبر تنقذ يد طفل من عجز دائم    رئيس سوريا يصل إلى باريس    أمريكا قد ترحل مهاجرين إلى ليبيا قريبا على متن رحلة عسكرية    نجاح عملية فصل التوأم الطفيلي المصري "محمد جمعة"    جامعة الملك سعود تُنظّم المؤتمر السعودي الدولي للأبحاث الصيدلانية والابتكار "مسير"    جمعية تحفيظ القرآن الكريم بطريب تعقد جمعيتها العمومية العادية    "مركزي القطيف" ينظم ندوة تقييم وعلاج اضطرابات النطق واللغة    جسور ثقافية تربط الرياض ببكين في ندوة مشتركة بجامعة الأميرة نورة    أمير الجوف يواصل زياراته لمراكز محافظة صوير ويزور مركزي طلعة عمار وزلوم ويلتقي الأهالي    رؤية السعوية 2030.. من الطموح الى التحقق    عمادة شؤون الطلبة بجامعة الإمام عبد الرحمن تقيم حفل ختام الأنشطة الطلابية    برعاية نائب أمير مكة.. مُحافظ جدة يفتتح المؤتمر الدولي للابتكار في الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء    رياح نشطة وأمطار رعدية على عدة مناطق في المملكة اليوم    وزير الشؤون الإسلامية يصل المغرب ومندوب الشؤون الإسلامية المغربي في استقباله    68.41% من الموظفات الجامعيات حصلن على تدريب عملي    رفع الوعي المجتمعي حول الصدفية والتهاب الجلد التأتبي    في ختام الجولة 32 من دوري" يلو".. النجمة للاقتراب من روشن.. والحزم يطارده    كبير آسيا    8.4 مليار تمويل سكني    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    هل الموسيقى رؤية بالقلب وسماع بالعين ؟    أزمة منتصف العمر    اغتيال المعلّم بدم بارد    مسيرات "الدعم السريع" تصل بورتسودان وكسلا.. حرب السودان.. تطورات متلاحقة وتصعيد مقلق    ميليشيا الحوثي تدفع البلاد نحو مزيد من التصعيد .. ضربات إسرائيلية متتالية تعطّل مطار صنعاء    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    "صحي مكة" يقيم معرضاً توعويًا لخدمة الحجاج والمعتمرين    «طريق مكة» تجمع رفيقي الدرب بمطار «شاه» الدولي    خالد بن سلمان يبحث مع بن بريك مستجدات الأوضاع في اليمن    في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. سان جيرمان يأمل بضم آرسنال لضحاياه الإنجليز    ولي العهد موجهًا "الجهات المعنية" خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء: العمل بأعلى درجات الكفاءة والتميز لخدمة ضيوف الرحمن    أمانة جدة تضبط 9.6 أطنان من الغذاء الفاسد    إصابات الظهر والرقبة تتزايد.. والتحذير من الجلوس الطويل    أمير الرياض يستقبل سفير إسبانيا    ..و مشاركتها في معرض تونس للكتاب    فيصل بن مشعل: منجزات جامعة القصيم مصدر فخر واعتزاز    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حركة "فتح" ودرس الانتخابات
نشر في الحياة يوم 28 - 01 - 2006

النتائج التي أفرزتها العملية الانتخابية الديموقراطية لاختيار أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، كانت في وقعها أشبه بالصاعقة التي هبطت فوق رؤوس المتابعين للشأن الفلسطيني، والمتابعين لخريطة القوى السياسية الفلسطينية وأوضاعها الذاتية.
فالنتائج كانت حادة في انزياحها لمصلحة قائمة"حماس"التغيير والاصلاح ولمصلحة مرشحيها الذين فازوا في ظل النظام الانتخابي المعتمد مناصفة بين القوائم والدوائر, فحصدت 76 مقعداً، فيما تراجعت حركة"فتح", حزب السلطة، الى الموقع الثاني للمرة الأولى في التاريخ المعاصر لحركة المقاومة الفلسطينية بفارق كبير نسبياً، ونالت 43 مقعداً فقط من أصل 132، وباتت القوى الفلسطينية من كل التلاوين القومية واليسارية في خانة"القوى ذات الوزن الخفيف"ولم تستطع أن تحصد سوى 13 مقعداً، على رغم التاريخ الوطني الطويل لبعضها.
ان الفحص الدقيق للمقدمات التي أوصلت الى هذه النتائج يتطلب وقفة تأملية لسبر مسار التطورات التي اعتملت داخل صفوف حركة"فتح"منذ العودة الكثيفة لقياداتها وكوادرها الى فلسطين وتشكيل السلطة الوطنية عام 1994 واستحواذ"فتح"على مقادير الأمور في ظل تحولها حزباً حاكماً. فقد امتلأ جزء غير يسير من جسم الكادر"الفتحاوي"بأمراض السلطة وامتيازاتها ومظاهر الفساد، فضلاً عن سيادة حال الترهل التنظيمي وغياب الأطر والهيئات وتراجع دور المؤسسات"الفتحاوية"، خصوصاً التأجيل المتواصل لأعمال المؤتمر العام السادس للحركة والذي لعب دوراً في تململ القاعدة"الفتحاوية"العريضة واعلانها حال التمرد أحياناً، في ظل نمو الأجيال الجديدة التي صقلتها الانتفاضتان الأولى والثانية، الا انها بقيت بعيدة نسبياً عن مواقع القرار بعدما دفعت أثماناً باهظة لاعادة البريق الى"فتح"ودورها التاريخي.
ففي العنوان التنظيمي الداخلي، يمكن القول بأن الأمور مازالت تراوح مكانها عند حدود المؤتمر الخامس للحركة الذي عقد في تونس قبل أكثر من عقد ونصف عقد، فيما تتطلب الهزات العنيفة التي وقعت في الفترات الماضية السير نحو مؤتمر حركي موحد لوضع التجربة على مقياس التقويم والمراجعة، واعادة انتخاب الهيئات القيادية المركزية بطريقة شفافة ونزيهة تضمن انتقال"فتح"من حال حزب التحرر الوطني إلى حال المزاوجة بين هذا الحزب وبين حزب بناء الكيان الفلسطيني وتجسيده على أرض فلسطين. فحركة"فتح"من موقعها كتيار وطني عريض، والتي تحملت العبء الرئيس في رسم مسار حركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة منذ عام 1965، معنية الآن قبل الغد بإعادة النظر في أوضاعها الداخلية، والإسراع في إنجاز بناء الهياكل الحية للمؤسسات الجماعية قولاً وعملاً، وليس بناء مؤسسات المجموعة الضيقة أو مؤسسة الفرد كما لدى العديد من الأحزاب والقوى الفلسطينية, بخاصة اليسارية منها، التي يمكن اختصار مؤسساتها وقرارها بأفراد محدودي العدد يمثلون قدرها والمطبخ الخلفي لقرارها، وتالياً مستقبلها، وفقاً لارث يحمل تلاوين من النزوع"الفاشي العصابي المرضي الداخلي المزمن".
شكلت النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية"صدمة"كبيرة لحركة"فتح"، لكنها كانت ضرورية في سياق مراجعة الذات، واعادة تصحيح العلاقة بين القيادة والقاعدة، بين كتائب شهداء الأقصى والقيادة المستحوذة على القرار في مركزه الأول في اللجنة المركزية والمجلس الثوري. فحركة"فتح"، في واقعها الراهن، ومع أزماتها المتلاحقة، تعاني مخاضات الولادة العسيرة والواعدة لأجيال جديدة تتبوأ تدريجاً مواقع القيادة من الداخل الفلسطيني في سياق"تدافع الأجيال"نقيضاً لمنطق"صراع الأجيال". وفي سياق هذا التدافع كان من الطبيعي أن نلحظ مدى استفحال الحراكات الداخلية في جسم الحركة بين تجاذب وتنافر, وصولاً الى الفترة القليلة الماضية التي اندلعت فيها الخلافات في شأن توحيد قائمتي"فتح"في قائمة انتخابية واحدة.
وانطلاقاً من المعطى اياه، على"فتح"أن تسرع فوراً الى اعادة توحيد الجسم"الفتحاوي"تحت خيمة واحدة، والاسراع في عقد أعمال المؤتمر الوطني العام السادس، وتحقيق المزاوجة بين الأجيال المجربة والتاريخية والأجيال الصاعدة، بدلاً من التحول الى حزب للقيادات التي طواها الزمن.
حركة"فتح"تجد نفسها الآن أمام تحد بالغ الخطورة، وهو أن تحافظ على ديمومتها وتطور أداءها وتعيد تجديد حيويتها وبناء مؤسساتها مستفيدة من تجاربها التي أكسبتها منعة وشيئاً من الحصانة الداخلية حمتها من التشرذم إبان أزماتها العاصفة خصوصاً زمن الانشقاق الكبير عام 1983.
وفي كل الحالات، لا بد من الاقرار بأن النزول القيادي"الفتحاوي"عند ارادة الشعب الفلسطيني، والقبول بمبدأ المشاركة عبر صندوق الاقتراع، انجاز كبير يسجل لها. فللمرة الأولى, عربياً وعالمثالثياً, نلحظ استعداد حزب عريق من أحزاب السلطة والقرار للقبول بمبدأ المشاركة الديموقراطية مع الأخرين عبر صندوق الاقتراع، في انتخابات شهد المراقبون الدوليون بنزاهتها.
* كاتب فلسطيني پ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.