واجهت"هيئة الانصاف والمصالحة"صعوبات في تقديم افادات معتقلين سابقين في قضية انتهاكات حقوق الانسان في منطقة الريف شمال المغرب. واحتج نشطاء في مدينة الحسيمة اول من امس مطالبين بعرض"الحقيقة كاملة"عما تعرض له الريف من احداث عنف وتدخل القوات المغربية التي استخدمت الرصاص، ما أدى الى مقتل عدد من الضحايا عامي 1956 و1958، مباشرة بعد الاستقلال. الى ذلك، عرض محمد المرابط معاناة اسرته، جراء ارتباط بعض أفرادها بالزعيم الراحل عبدالكريم الخطابي الذي قاد"ثورة الريف"في مواجهة القوات الاسبانية والفرنسية قبل نفيه الى القاهرة. وقال ان شقيقه حدو المرابط الذي كان مرافقاً للخطابي، اعتقلته السلطات المغربية اثر عودته من العراق ضمن بعثة مغربية درست في الكلية الحربية هناك، وأمضى في الاعتقال ثلاثة اشهر من دون محاكمة. وبعد الافراج عنه بحوالي اسبوع"اقتحم جنود مغاربة بيته وفتشوه وهددوا أهله، ما حدا به الى تسليم نفسه في نيسان ابريل 1956 ومن وقتها لم يظهر له أثر". كما تعرض أبوه الى الاعتقال على اثر احداث الريف لعام 1958 ودانته محكمة بالسجن مدى الحياة قبل ان يخفض الى 30 سنة ثم عشر سنوات، قضى منها اربع سنوات في السجن على رغم صدور عفو عن المتورطين في تلك الاحداث. اما عبدالله بودونت المعتقل السابق على خلفية احداث عام 1984 التي شملت قلاقل مدنية في مراكشوالحسيمة وفاس، فوصف تجربة الاستماع الى افادات الضحايا بأنها مؤشر على"تحرر الذاكرة وتنامي الجرأة في طرح انتهاكات حقوق الانسان"في البلاد. غير انه طالب باقرار ضمانات سياسية وقانونية واخلاقية لتلافي تكرار الانتهاكات، وقال انه تعرض لانواع من التعذيب، على رغم انه كان تلميذاً في احدى الاعداديات وصدر ضده حكم بالسجن خمس سنوات. ودعا الى كشف ملفات المختفين من ابناء منطقة الريف وتسليم رفاة المتوفين منهم الى ذويهم. وقال:"اي مصالحة يجب ان تأخذ في الاعتبار أوضاع المنطقة"، في اشارة الى التهميش الذي عانته سنوات طويلة، متمثلاً في انعدام المرافق واستمرار سياسة العزلة. ورأى المعتقل السابق حبيب ازرياح ان اعتقاله ورفاقه يشكل فترة أليمة عانتها الحركة الطلابية من خلال حظر تنظيم"الاتحاد الوطني لطلاب المغرب"على اثر احداث الثمانينات. وقال ان افادته لا تهدف الى اثارة"الاحقاد وانما المساهمة في بناء مغرب الغد الخالي من انتهاكات حقوق الانسان". ودعا الى كشف ما وصفه ب"المقابر الجماعية"لضحايا حوادث الريف، ومعاودة الاعتبار لرموز المنطقة، في اشارة الى طلب دفن جثمان الزعيم عبدالكريم الخطابي في مسقط رأسه. وقال المعتقل السابق عبدالسلام بوطيب انه على رغم مرور ربع قرن على اعتقاله عام 1984، فإنه ما زال يعيش على ايقاع"حياة حزينة ولحظات كئيبة". وعرض معتقلون آخرون معاناتهم اثناء التحقيق وتعرضهم لشتى انواع التعذيب.