سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" في مقر قيادة عمليات القوة المكلفة ملاحقة حركة الملا عمر وتنظيم بن لادن . الكولونيل ماكغراو : لن يسقط حكومة كارزاي "زواج المصلحة" بين "طالبان" و "القاعدة"
جلس الضابط الأميركي في حديقة مقر قيادته في كابول وأمامه مجموعة من الخرائط التي تُظهر ما وصفه ب"مناطق اهتمام"لبلاده في الحرب ضد حركة"طالبان"وتنظيم"القاعدة"في أفغانستان. خط"الاهتمام"هذا شمل، إضافة الى كامل أفغانستان، أجزاء من باكستان، واخرى من دول آسيا الوسطى مثل تركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان. وتوقف هذا الخط فجأة الى الغرب، فبقيت إيران خارجه. سألت الكولونيل دون ماكغراو، مدير العمليات في"قيادة القوات المشتركة في أفغانستان"، لماذا يشمل اهتمامه دول آسيا الوسطى دون إيران، على رغم ان الأخيرة معروفة بأنها معبر استخدمه في السابق مقاتلو"القاعدة"، وربما ما زالوا يستخدمونه، بينما الحدود الأفغانية الشمالية مع آسيا الوسطى لا يُعرف عنها أي نشاط لهذا التنظيم ولا حتى ل"طالبان". فقال:"نراقب أي تأثير للايرانيين في أفغانستان لكن ليس لدينا عناصر على الأرض عندهم"، موضحاً ان تركيز بلاده في ملاحقة"القاعدة"و"طالبان"يكاد ينحصر في شكل كبير في جنوبأفغانستانوجنوبها الشرقي وفي مناطق باكستانية. وتابع ان لبلاده مكتب تنسيق في باكستان. أما سبب شمول"خط الاهتمام"آسيا الوسطى فمرده، كما قال الكولونيل، الى وجود قواعد هناك استخدمتها بلاده، وما زالت، في عملياتها في أفغانستان. "مناطق الاهتمام"، كما أضاف، هي غير"مناطق العمليات"، التي يتولى مسؤوليتها المباشرة في جنوب وجنوب شرقي أفغانستان. ويوضح الكولونيل الاميركي ان"القوات المشتركة"التي يقودها تتألف من 21 ألف جندي، بينهم 18 ألفاً من الأميركيين و2900 من"الحلفاء"من 19 دولة. وهي تقوم بالعمليات القتالية ضد"طالبان"و"القاعدة"في الجنوب والجنوب الشرقي، في حين يتولى حلف"الناتو"قيادة قوات"ايساف"التي تساعد الحكومة في جهودها لبسط سلطتها في شمال البلاد وغربها، إضافة الى كابول. وفي حين لا تقوم قوات"ايساف"بعمليات قتالية، فإن القوات الأميركية والمتحالفة معها في"القوات المشتركة"هي"رأس الحربة"في عمليات مطاردة عناصر حركة"طالبان"و"القاعدة". ويشرح الكولونيل ماكغراو ان"مناطق العمليات"لقواته في أفغانستان تنقسم الى ولايات الجنوب مثل قندهار وزابل وأوروزغان وهلمند ومناطق الشرق مثل باكتيكا وباكتيا وخوست وننغرهار وكونار. وفي حين تضم القوات التي تلاحق"طالبان"و"القاعدة"في ولايات الجنوب كتيبة مشاة واحدة قرابة 800 جندي وكتيبة من القوات الخاصة، فإن قوات الشرق أكبر بكثير، إذ تضم أربع كتائب وكتيبة قوات خاصة. وواضح ان كثافة قوات الشرق، مقارنة بقوات الجنوب الصحراوي القاحل في معظمه، سببها وعورة مناطقها التي تحوي بعضاً من أعلى القمم في أفغانستان، مثل تورا بورا في"الجبال البيضاء"قرابة 35 ميلاً جنوب شرقي جلال آباد عاصمة نانغرهار حيث خاض تنظيم"القاعدة"آخر معاركه الكبرى مع الأميركيين وحلفائهم الأفغان وحيث"اختفى"أسامة بن لادن بعدما جمع قادة تنظيمه وخطب فيهم خطبة الوداع في صباح يوم قارس من أيام كانون الأول ديسمبر 2001. والظاهر ان الأميركيين يعتقدون ان بقايا خلايا"القاعدة"في أفغانستان تعيد تجميع نفسها في شرق أفغانستان. ولا يبدو ذلك مستغرباً. فللتنظيم تاريخ طويل في هذه المنطقة، إذ حقق فيها بعضاً من أهم"انجازاته"في معارك جلال آباد وجاجي في الثمانينات ضد القوات الروسية القوات الأفغانية الشيوعية. ويقول ماكغراو ان العمليات الجارية ضد"طالبان"و"القاعدة"حققت نتائج جيدة. ويؤكد أن"طالبان تضعف لا تقوى"، لكنه يُقر بأنها"لم تمت بعد"وان خلاياها تعيد تنظيم صفوفها وهيكلية قيادتها منذ الضربة التي تلقتها في نهاية 2001 عندما سقط نظامها في كابول وتوارى وزعيمها الملا عمر بعدما غادر معقله في قندهار. ويعترف الكولونيل الأميركي بأن المواجهات مع"طالبان"تشمل الآن عشرات أو مئات من مقاتليها، بينما كانت في السابق لا تشمل سوى مجموعات صغيرة لا يزيد عدد أفرادها على عشرة. لكنه يلفت الى ان المواجهات السابقة كانت تتم بناء على هجمات"تبادر الى شنها"طالبان"بعدد قليل من العناصر"، لكن الذي يحصل اليوم"هو اننا نهاجمهم. إننا ننقل المعركة اليهم، ونبادر الى شن عمليات بعدما نحصل مثلاً على معلومات استخباراتية عن أماكن اختبائهم". ويتابع ان الأميركيين لاحظوا انه حتى الهجمات التي تقوم بها"طالبان"بأعداد كبيرة فإن المهاجمين هم في الغالب شبان ذوي خبرات قتالية قليلة، مما يعني ان الحركة فقدت مجموعة كبيرة من قادتها المخضرمين. ويرى الكولونيل ماكغراو ان هناك"زواج مصلحة"بين"طالبان"وبقايا خلايا تنظيم"القاعدة"في أفغانستان. لكنه يضيف ان قوات التحالف"تخوض أحياناً"مواجهات"مع مقاتلين أجانب"يعملون إما وحدهم أو مع"طالبان". ويزيد ان من غير الواضح هل تخوض خلايا"القاعدة"في أفغانستان معاركها"تحت مظلة طالبان أم في شكل مستقل". ويوضح ان الذين يقاتلون القوات الغربية وقوات الحكومة الأفغانية حالياً ينطلقون إما من وازع ديني ينطبق على"طالبان"و"الحزب الإسلامي"بقيادة قلب الدين حكمتيار أو بسبب الفقر تُدفع مئات من الدولارات لفقراء لقاء القيام بعمليات ضد الأميركيين أو بسبب الشعور"بفقدان السلطة"وهذا ينطبق على حكام منطقة ما يفقدون سلطتهم عندما تتمدد اليها سلطة الحكومة المركزية. ويُقر بأن الأميركيين لا يعرفون مكان وجود زعيم"طالبان"الملا عمر، وهل هو في أفغانستان أو باكستان. لكنه ينفي ان تكون بلاده لم تعد تولي اهتماماً كبيراً باعتقال زعيم"القاعدة"أسامة بن لادن، ويقول:"اعتقاله هو أولويتنا". ويلفت الى ان آخر ما تعرفه الأجهزة الأميركية عن بن لادن هو ان"لديه مشاكل صحية"و"يسعى الى الحصول على عناية طبية". لكنه يلفت الى ان مصدر هذه المعلومات، ككثير من معلومات الاستخبارات، غير مُجرّب في السابق ولا يمكن التحقق من صدقيته. ورفض القول ما هو سبب المرض المزعوم الذي يعاني منه زعيم"القاعدة"وهل هو مرض الكلى الذي قال الباكستانيون في السابق انه يعاني منه. كذلك رفض ان يقول هل المعلومات التي تلقاها والتي لم يحدد تاريخها كشفت هل ان بن لادن سعى الى تلقي العلاج في أفغانستان أو باكستان. لكنه قال انه لو تأكد من المكان الذي يختبئ فيه بن لادن"لتركت كل شيء، حتى الاهتمام بالانتخابات الأفغانية، وذهبت للقبض عليه". وختم بأنه لو سُئل الرئيس حميد كارزاي هل يخشى سقوط نظامه تحت ضغط قوات"طالبان"و"القاعدة"وحكمتيار وغيرهم من معارضي النظام الحالي، لرد بأنه لا يخشى عليه من هؤلاء بل يخشى عليه من الفساد، ف"طالبان لن تعود هذه المرة الى السلطة بشاحنات تنطلق من قندهار، مثلما فعلت في السابق"، مشيراً الى العام 1994 عندما بدأ"الطلبة"في الزحف من معاقلهم في قندهار الجنوبية وصاروا يدخلون المناطق واحدة تلو الأخرى، من دون معارك تذكر، حتى دخلوا كابول في 1996.