قال"بنك الكويت الوطني"انه على رغم أن مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي رفع أسعار الفائدة ثلاث مرات لتصل الى 1.75 في المئة، إلا أن أسعار الفائدة في السوق والتي توثر في المستهلك لم تتحرك، لا بل ان بعضها انخفض من المستويات التي كانت سائدة في منتصف الصيف. وأضاف أن هذا التباعد غير الاعتيادي بين أسعار الفائدة الفيديرالية وأسعار الفائدة في السوق يعود إلى الاعتقاد السائد في أسواق السندات بأنه ما زال هناك بعض الضعف في الاقتصاد الأميركي وأن الضغوط في اتجاه رفع سريع لاسعار الفائدة في السوق ما زالت محدودة. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: رفع مجلس الاحتياط الفيديرالي أسعار الفائدة القصيرة الأجل بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الثلثاء الماضي، وهي الزيادة الثالثة في أسعار الفائدة الاميركية خلال ثلاثة شهور وجاءت قبل ستة أسابيع من انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري في الثاني من تشرين الثاني نوفمبر المقبل، ما رفع أسعار الفائدة لليلة واحدة للأموال الفيديرالية بين البنوك إلى مستوى 1.75 في المئة من 1.5 في المئة. وكان السؤال الأهم والمطروح قبل قرار رفع الفائدة سواء كان البنك المركزي سيؤشر إلى أي تغيير بالنسبة لأهدافه المعلنة حول رفع أسعار الفائدة بوتيرة متئدة والمفترض أن تكون ربع نقطة مئوية خلال السنة المقبلة. لكن البنك المركزي لم يوح بأي تغيير في هذه السياسة، لا بل أبدى تفاؤلاً أكبر حول الوضع الاقتصادي ومزيداً من الثقة حول رفع أسعار الفائدة بأكثر مما ظهر خلال اجتماعه السابق في العاشر من آب أغسطس الماضي، إذ صرح البنك أن نمو الإنتاج يبدو أنه قد اكتسب بعض الزخم وأن أحوال سوق العمل قد تحسنت بشكل معقول. كما أعلن البنك من خلال تصريح مصاحب لقرار رفع الفائدة أنه حتى بعد هذا الرفع الأخير فإن وضع السياسة النقدية ما زال توسعياً. والواقع أن أسعار فائدة الأموال الفيديرالية الحقيقية بعد تعديلها بتأثير مستوى التضخم ما زالت تحت مستوى الصفر وأقل بكثير من مستوياتها التاريخية. وحتى إذا نظرنا إلى أسعار الفائدة القصيرة الأجل الاسمية فإننا نرى أن مستوى الأسعار ما زال بمستواها المنخفض نفسه في أواخر الخمسينات. ومع هذا يبقى مسؤولو مجلس الاحتياط الفيديرالي على دراية تامة من أن التوسع الاقتصادي في الوقت الحاضر هو أكثر عرضة مما كان عليه منذ شهور عدة. وبالفعل أظهر المجلس حرصاً أكبر يوم الثلثاء الماضي مما كان ظاهراً عندما رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى في هذه الدورة من رفع أسعار الفائدة في الثلاثين من حزيران يونيو الماضي. وكان المجلس صرح في حزيران أن الإنتاج المحلي كان يتصاعد بوتيرة قوية بينما في المقابل قال المجلس يوم الثلثاء الماضي ان نمو الإنتاج قد اكتسب بعض الزخم. وقد يكون المجلس أشار بذلك إلى ضعف الاقتصاد الأخير، الذي قال انه موقت. لكن المؤكد أن الاحتمالات تبقى مفتوحة. وكان النمو الاقتصادي قد تباطأ ليصل إلى نسبة 2.8 في المئة في الربع الثاني من السنة الجارية، وهو بالكاد نصف ما شهدناه في الربع الأول من السنة. وكانت بيانات طلبات السلع المعمرة الصادرة في نهاية الأسبوع الماضي أظهرت ضعفاً، اذ انخفضت بنسبة 0.5 في المئة في آب بعدما شاهدنا ارتفاعها بنسبة 1.8 في المئة و 1.2 في المئة في تموز وحزيران الماضيين على التوالي. والجدير بالذكر أنه على رغم ارتفاع أسعار الفائدة الفيديرالية، إلا أن أسعار الفائدة المؤثرة بالمستهلك لم تتحرك، لا بل أن بعضها انخفض من المستويات التي كانت سائدة في منتصف الصيف. ويعود هذا التباعد غير الاعتيادي بين توجه أسعار الفائدة الفيديرالية وأسعار الفائدة في السوق إلى الاعتقاد السائد في أسواق السندات بأنه ما زال هناك بعض الضعف في الاقتصاد وأن الضغوط في اتجاه رفع سريع لاسعار فائدة السوق ما زالت محدودة. وكانت أسعار فائدة السندات الحكومية الأميركية لمدة 10 سنوات انخفضت لما دون أربعة في المئة خلال الأسبوع المنصرم بعد وصولها 4.87 في المئة في منتصف حزيران. وتعتبر العوائد على هذه السندات مرجعاً بالنسبة لمعظم أسعار الفائدة الطويلة الأجل، بما فيها أسعار فائدة القروض الإسكانية. ومن الممكن تفسير ذلك على أن الأسواق تأمل أن يبقي مجلس الاحتياط سيطرته على مستويات التضخم عن طريق رفعه لأسعار الفائدة وبهذا تبقى أسعار الفائدة الطويلة الأجل منخفضة، كما أن ارتفاع أسعار النفط سيمنع الاقتصاد من النمو بشكل سريع. أوروبا منطقة اليورو تبقى البيانات الاقتصادية الصادرة من منطقة اليورو متضاربة، فقد انخفضت الطلبات الصناعية الجديدة بنسبة 0.6 في المئة في تموز وذلك في أعقاب انخفاضها بمعدل 5.3 في المئة في حزيران، ما زاد من الشكوك حول استمرارية الانتعاش الصناعي في منطقة اليورو. وتعتبر بيانات الطلبات الجديدة من البيانات الحديثة نسبياً وهي متقلبة بشكل كبير لكن الانخفاض في تموز يبعث على القلق أكثر من انخفاض شهر حزيران لأنه أكثر شمولاً بينما كان الانخفاض في حزيران محصوراً في معدات النقل. وكان الإنفاق الاستهلاكي ارتفع بنسبة 0.5 في المئة في آب أغسطس الماضي بعد هبوطه بمعدل 2.9 في المئة في تموز، ما يؤشر إلى تباطؤ الاقتصاد في النصف الثاني. أما ثقة المستهلك في إيطاليا فقد ارتفعت للشهر الرابع على التوالي. ومن المتوقع أن تهبط الأسعار الاستهلاكية في ألمانيا وتبقى منخفضة حتى نهاية السنة، كما جاء في استطلاع أخير. وكان الفائض التجاري في منطقة اليورو زاد ليصل مستوى 12.9 بليون يورو في تموز مقارنة ب9.0 بليون يورو في حزيران، ما يدل على أن المصدرين الأوروبيين ما زالوا يستفيدون من مبيعاتهم إلى دول اقتصاداتها أقوى نسبياً كالولايات المتحدة والمملكة المتحدةوالصين بينما تنمو الواردات بمعدل متواضع وذلك بسبب ضعف الطلب المحلي. وما زال البنك المركزي الأوروبي يصر على توقعاته بحصول انتعاش اقتصادي تدرجي، وباستمرار هذا الانتعاش للسنة المقبلة واتساعه من اعتماده على نمو الصادرات فقط ليشمل انتعاش الاستثمار وسوق العمل. لكن رئيس البنك المركزي جان كلود تريشيه، في إشارة منه إلى عدم تأكده من قوة الانتعاش هذا، أكد أخيراً أن البنك يراقب عن كثب أي ظهور جديد لأي ضعف اقتصادي. وعلى رغم تأكيده على توقعاته حول استمرارية هذا الانتعاش وعلى رغم اعتقاده أن ارتفاع أسعار النفط لا يشكل مخاوف تضخمية الآن، إلا أنه أكد واقعية القرار في البنك المركزي الأوروبي وكيف أن البنك ينظر إلى الحقائق والأرقام فقط. ومن الواضح أن لدى البنك المركزي الأوروبي أسباباً للقلق خصوصاً بعد الهبوط الحاد في استطلاع"زد إي دبليو"للتوقعات الاقتصادية بداية هذا الشهر. المملكة المتحدة يبدو أن ارتفاع أسعار الفائدة في بريطانيا وانخفاض ثقة المستهلك حول مستقبل أسعار المساكن قد فعلا فعلهما للشهر الثالث على التوالي. فقد انخفضت أسعار المساكن في بريطانيا بنسبة 0.3 في المئة في أيلول سبتمبر الماضي، كما جاء في مسح وطني لاسعار المساكن، ما جعل ارتفاع هذه الأسعار سنوياً بنسبة 3.14 في المئة. وكانت أسعار المساكن بدأت بالهبوط منذ شهر تموز وعقب إصدار صندوق النقد الدولي تحذيره الثاني من هبوط حاد في أسعار المساكن في بريطانيا. وكان بنك إنكلترا المركزي رفع سعر فائدة إعادة شراء الاوراق المالية ريبو إلى 4.75 في المئة على ثلاث مراحل بمقدار 0.25 في المئة كل مرة خلال الشهور الثلاثة الماضية، ما أثر في نشاط الشراء خلال الفترة نفسها. وكانت محاضر اجتماع لجنة السياسة النقدية التابعة لبنك إنكلترا المركزي أظهرت أن أعضاء اللجنة أخذوا علماً بتباطؤ أسعار المساكن وأظهرت أنهم قلقون من تقليلهم من احتمال تزامن هذا الأمر مع ضعف الإنفاق الاستهلاكي. لهذا الأمر فقد صوت جميعهم على إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعهم الأخير في أيلول. كما لاحظت اللجنة أن توقعاتها المتوسطة الأجل بالنسبة لمعدلات التضخم ما زالت قريبة من المعدلات المستهدفة. وسيجتمع بنك إنكلترا المركزي مرة أخرى في السابع من تشرين الأول أكتوبر المقبل ويتوقع أن تبقى أسعار الفائدة دون تغيير عندئذ. وفي هذه الأثناء تعثر الانتعاش الصناعي في أيلول بسبب ضعف الصادرات التي أثرت في طلبيات الشركات لتهبط من أفضل مستوى لها منذ ستة أعوام. وأظهرت استطلاعات رابطة الصناعيين البريطانيين أن الطلبات قد هبطت إلى -6 في أيلول مقارنة ب +2 في آب ، ويبدو أن ارتفاع الجنيه الإسترليني قد آذى طلبات الصادرات أيضاً. اليابان أثارت سلسلة من البيانات الاقتصادية الضعيفة في تموز الشكوك حول الانتعاش الاقتصادي في اليابان، اذ على رغم تأكيد السياسيين الحكوميين أن الوضع الاقتصادي ما زال يتحسن بشكل عام هناك قلق حقيقي حول ما إذا كان هذا التباطؤ موقتاً فقط. وكان المؤشر الصناعي الكلي والذي يقيس النشاط الاقتصادي في كل من القطاعين الصناعي والخدماتي هبط بنسبة 0.6 في المئة في تموز حسبما جاء في تقرير وزارات الاقتصاد والتجارة والصناعة، عاكساً الارتفاع بمقدار 0.7 في المئة الشهر السابق. وفي هذه الأثناء انخفض الفائض التجاري في آب بنسبة 26 في المئة على أساس سنوي، مقارنة بتوقعات المحللين بارتفاعه بمقدار 7.1 في المئة. وكانت الصادرات لكل من الصين والولايات المتحدة زادت بمعدلات أقل من الشهر السابق. ويعتبر هذا التطور مقلقاً لأن صحة الاقتصاد الياباني ما زالت إلى حد ما تعتمد على استمرارية الصادرات التي تساعد على إنتاج الشركات اليابانية وعلى تحسن أرقام الاستثمار الرأسمالي لديها. بيد أن الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل أكثر من خمسين في المئة من الناتج الاقتصادي ما زال بطيئاً. لذلك فلا عجب أن نرى كيف أن هذه البيانات الاقتصادية الضعيفة أثرت وتؤثر في أسعار الأسهم اليابانية بينما ترفع من أسعار السندات، ويبقى المستثمرون على شغف لتلقف أي إشارات حول ما إذا كان الاقتصاد الياباني سينتعش مرة أخرى كما رأينا في بداية السنة.