شهدت البوسنة احتفالات امس، لمناسبة اعادة افتتاح "جسر موستار" الحجري وهو واحد من اكثر المعالم التاريخية شهرة في يوغوسلافيا السابقة، وسط تفاؤل محلي ودولي بأن يكون الحدث مؤشراً على رسوخ السلام والتفاهم بين شعوب الجمهورية المسلمين والصرب والكروات. وحضر الافتتاح رؤساء دول وحكومات ووزراء وأعضاء بالعائلات المالكة في اوروبا، ومسؤولون من الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الدولية التي ساهمت في اعادة بناء الجسر. وقال رئيس هيئة الرئاسة البوسنية سليمان تيهيتش رئيس حزب العمل الديموقراطي - الإسلامي ان "هذا الحدث يمثل انتصاراً لسكان موستار، ودليلاً للبوسنيين جميعاً بأن زمن المعاناة والصراعات اصبح من الماضي". ووصف عمدة مدينة موستار حمدي ياهيتش، اعادة بناء جسر موستار الذي يسمى محلياً ستاري موست" اي "الجسر القديم" بأنه "رمز للتعايش البوسني، وترسيخ لوحدة مدينة موستار، وراحة لسكانها من كل الأعراق الذين كانوا صورة جلية للثقة والتسامح عبر التاريخ، كما سيعيد وجوده ثقة العالم بالبوسنة وتراثها الإنساني". وكانت موستار تشهد قبل الحرب الأهلية البوسنية ثلاثة ملايين سائح سنوياً بفضل جسرها، الذي اخذت اسمها منه، اذ تعني كلمة "موست" باللغة البوسنية "الجسر". واستمرت الاحتفالات في موستار حتى ساعة متأخرة من ليل اول من امس. وشملت افتتاح جامع "كاراجوز - بيغوفا" التراثي القريب من الجسر الذي رمّم ايضاً، وعروضاً تقليدية مثل قيام سابحين بالقفز من اعلى الجسر في ماء النهر، ومهرجاناً غنائياً تراثياً راقصاً اضافة الى إطلاق الصواريخ الضوئية الملونة. وكان الكروات قصفوا الجسر ب86 قنبلة في تشرين الثاني نوفمبر 1993 اثناء الحرب البوسنية 1992 - 1995، ما ادى الى تدميره، وذلك على رغم انه مثبت ضمن مشروع حفظ الآثار لمنظمة اليونيسكو. وشيد العثمانيون الجسر على نهر نيريتفا الذي يقسم مدينة موستار الى شطرين عام 1566 في زمن عاشر سلاطينهم سليمان القانوني، وهو من تصميم المهندس الشهير سينان الملقب بالعظيم وتنفيذ مساعده خير الدين ميمار. واعتبر هذا الجسر فريداً من نوعه بين الجسور الحجرية الأخرى القديمة في العالم، لأنه على شكل قوس يبلغ ارتفاع اعلاه عن مستوى سطح الماء 30 متراً، وتم بناؤه الأصلي كله ب456 حجراً ضخماً، رُتبت فوق بعضها بشكل هندسي دقيق، لتبدأ بتكوين ضلعي قوس الجسر من ضفتي النهر الشرقية والغربية، فترتفع الحجارة وهي تتجه لتكوين القوس حتى تلتقي بحجر القمة الذي يربط بين طرفي الجسر. ووضع حجر الأساس لإعادة بناء الجسر، الذي تطلب 13 مليون دولار، في مثل هذا الوقت من العام الماضي، ونفّذ العمل بإشراف خبراء "اليونيسكو"، باستخدام الحجارة التي بقيت سليمة منه بعد سقوطها في النهر، بينما جلبت بقية الأحجار من المحجر نفسه في ضواحي موستار الذي استخدم الأتراك حجارته عند قيامهم ببنائه.