عندما بدأ "سوبر ستار 1" استبشر الكثيرون خيراً. فالبرنامج الأول من نوعه حينها استطاع أن يوحد بعض أبناء الوطن العربي وأن يفسح المجال أمام هواة من أي قطر عربي لكي يأخذوا فرصتهم. وعندما بدأ "سوبر ستار 2" اعتبر بعضهم أن الدورة الثانية ستكون أقوى من الأولى من ناحية افساح المجال في المشاركة لعدد كبير من الهواة أصحاب الأصوات المتميزة، وكانت بين هؤلاء مجموعة ممتازة وصلت إلى مرحلة النهائيات. وإذا كان البرنامج في دورته الثانية لم يحصد بعد "الجنون الجماهيري" الذي طبع المرحلة النهائية من الدورة الأولى، فإنه استطاع أن يحافظ على تميزه، وتصنيفه علامة فارقة بين برامج الهواة الكثيرة في عالم الغناء العربي: أولاً: حافظ البرنامج ضمن منهجه العام على تقديم الأغاني الطربية، فكان شاهداً على أن الجمهور ملّ أغاني اللون والحركة وبقي متمسكا بأغاني الكلمة واللحن التي حملها الفن القديم، الأصيل والصادق. هذا فضلاً عن كونه ساعد الهواة على الغناء باحتراف أكبر حينما فرض في المرحلة الثالثة فرقة موسيقية مكتملة العناصر. ثانياً: العلامة الأبرز التي تسجل للبرنامج كانت لتركيزه على اختيار الهواة للأغاني التي سيقدمونها، مما يعكس مدى ذكائهم في اختيار ما يظهر قدراتهم الصوتية، فيأتي أداؤهم أكثر صدقاً ويمهد لهم الطريق لمعرفة انتقاء أعمالهم الخاصة في المستقبل في حال كتب لهم النجاح. ثالثاً: "قوة المواهب" التي يسلط البرنامج عليها الضوء، إذ أفرز "سوبر ستار" مجموعة من الهواة من أصحاب الأصوات المميزة بقوتها وعذوبتها، حرمنا من أمثالها مدة طويلة. فبعد أن طغت أغاني ورقصات الفيديو كليب التي أفسدت أذواقنا الفنية - خصوصاً أذواق الجيل الشاب - عدنا نستمتع بالصوت والأداء والكلمة واللحن، ونفتخر بالمواهب الفذّة والواعدة التي يعجّ بها الوطن العربي. النقاط السلبية وإذا كانت الفنانة فاديا طنب من أبرز العناصر الإيجابية التي طبعت الدورة الثانية من "سوبر ستار" عبر ثقافتها الموسيقية العالية، وحكمتها ومدى قدرتها على تنبيه المشاهد إلى مواطن القوة التي تميز كل مشارك، فإن الجزء الثاني حمل نقاطاً سلبية لا بد من الإشارة إليها: أولاً، يبدو أن إدارة "المستقبل" ليست راضية بعد عن النجاح الجماهيري للبرنامج، علماً انه بدأ يسجل في مرحلته الثالثة نسبة مشاهدة عالية. ويبدو واضحاً أن القيمين على البرنامج لم تكفهم النعرات القبلية التي شهدتها الدورة السابقة، ولم يرضوا بكونها استنفدت طاقة الإثارة والتشويق. وإلا فما مبرر أن يحض الياس الرحباني بعد ظهور كل مشترك، أبناء بلده على مساندة بطلهم القومي؟ ولماذا التركيز مرة ثانية على أن يتحول البرنامج من مسابقة فنية إلى معركة قبلية؟ وأن يحل الانتماء المحلي بديلاً من المعايير الفنية التي يجب على المشاهد أن يبني عليها تصويته؟ ثانياً: لم تصغ الإدارة للانتقادات الكثيرة التي وجهت إلى ملابس المشتركين. فإما أن تكون غير مناسبة لشخصياتهم، وإما تظهر عيوباً من الممكن إخفاؤها. ثالثاً: ما الداعي لأن يكون "سوبر ستار اكسترا" الذي يعرض مساء كل أربعاء على القناتين الأرضية والفضائية، نسخة مصغرة عن برامج تلفزيون الواقع. وما الهدف من أن تدخل المقدمة والمشتركون في تفاصيل لا تمت إلى البرنامج بصلة أو تقدم إلى المشاهد معلومات لا تفيده من قريب أو بعيد سوى أنها قد تؤثر سلباً في عملية التصويت؟ "سوبر ستار" في فكرته الأساسية يختلف عن برامج الواقع والتركيز هنا على موهبة المشترك أولاً وليس على شخصيته وأكلته المفضلة وطريقة نومه! خرج في الحلقة الثانية من مرحلة التصفيات الثالثة كل من رنين الشعار وزاهي صفية، وفي وقت اعتبر الكثيرون أن المشتركين يستحقان الفوز باللقب، شككوا بصدقية عملية التصويت. علماً أن إدارة "المستقبل" حاولت في الدورة الثانية تصحيح اللغط الذي أفرزه الجزء الأول والرد على تشكيك الجمهور بآلية التصويت وانعدام الثقة بالتقنية المتعبة وفاعليتها، فاستقدمت شركة خاصة غير حكومية للمراقبة. إلا أن الجمهور، وهذا طبيعي، لن يكون راضياً فالأصوات جميعها ممتازة والكل يستحق الفوز!