الأمير سعود بن جلوي يتفقد مركز ذهبان ويلتقي الأهالي    السعودية تتقدم 28 مرتبة في مؤشر البيانات المفتوحة    "المياه الوطنية": 2.3 مليار لمشاريع صرف صحي في جدة    انطلاق المعرض العائم اليوم في جدة.. 60 مليار ريال سوق «الفرنشايز» في السعودية    شددت على ضرورة حماية المدنيين.. السعودية: استهداف المرافق الحيوية بالسودان يهدد الاستقرار الإقليمي    صناديق الاقتراع ورسائل الأمن.. مساران لترسيخ الشرعية والسيادة.. لبنان يطلق الانتخابات البلدية ويحكم قبضته على «صواريخ الجنوب»    هجمات بالمسيرات على بورتسودان وكسلا.. والجيش يرد في نيالا.. انتهاكات بلا سقف تحت راية الدعم السريع في «النهود وزمزم»    اللقب الأغلى في تاريخ قلعة الكؤوس.. عاد الأهلي.. فأرعب القارة الآسيوية    نائب وزير الخارجية وسفير السودان يناقشان تطورات الأوضاع    أمير الشرقية يعزي المهندس أمين الناصر في وفاة والدته    الرفيحي يحتفي بزواج عبدالعزيز    أسرة عصر وأرحامهم يستقبلون المعزين في مصطفى    الداخلية: 100 ألف ريال غرامة لمن يؤوي حاملي تأشيرات الزيارة    "مسيرة الأمير بدر بن عبدالمحسن".. في أمسية ثقافية    بحضور شخصيات من سلطنة عمان.. عبدالحميد خوجه يحتفي بضيوف ديوانيته    القيادة الملهمة.. سرّ التميّز وصناعة الأثر    التقى أمير المدينة والأهالي وأشاد بالتطور المتسارع للمنطقة.. وزير الداخلية يوجه بمضاعفة الجهود لراحة قاصدي المسجد النبوي    شيجياكي هينوهارا.. كنز اليابان الحي ورائد الطب الإنساني    "الغذاء" تسجل دراسة لعلاج حموضة البروبيونيك الوراثي    الشاب خالد بن عايض بن عبدالله ال غرامه يحتفل بزواجه    بلدية محافظة عنيزة تعزز الرقابة الميدانية بأكثر من 26 ألف جولة    ضمن فعاليات "موسم الرياض" لاس فيغاس تحتضن نزال القرن بين كانيلو وكراوفورد سبتمبر المقبل    أمير تبوك يهنئ نادي الاهلي بمناسبة تحقيق دوري أبطال اسيا للنخبة    منجزات رياضية    المملكة تختتم مشاركتها في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025    أمير منطقة تبوك يدشن مشروع النقل العام بالحافلات غد الثلاثاء    رئيس إندونيسيا يشيد بجهود المملكة في تيسير رحلة الحجاج    إنطلاق مهرجان صيف البدائع 46    «البرلماني العربي» يدعم القضية الفلسطينية ويرفض التهجير    أمير جازان يلتقي مدير فرع "العدل"    «حقوق الإنسان» تثمّن منجزات رؤية 2030    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم بالشرقية    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    أمير الرياض يطّلع على جهود وأعمال الدفاع المدني    «الغذاء والدواء» تعزز أعمال التفتيش والرقابة في الحج    اختتام بطولة المنطقة الوسطى المفتوحة للملاكمة    عبدالعزيز بن سعود يلتقي أمير المدينة ويتفقد مركز عمليات أمن المسجد النبوي    إقبال كبير على معرض المملكة «جسور» في كوسوفو    فيصل بن نواف يتفقد مشروع داون تاون ببحيرة دومة الجندل    الخرطوم: "الدعم" ترتكب مجزرة غرب كردفان    8683 قضية تعديات واستحكام الأراضي    "الشؤون الإسلامية" تنفذ برامج التوعية لضيوف الرحمن    الفيدرالي يقود المشهد الاقتصادي العالمي في أسبوع مفصلي    عبدالعزيز بن سعود يدشن عددًا من المشروعات التابعة لوزارة الداخلية بالمدينة    رئيس إندونيسيا يشيد بجهود المملكة في "مبادرة طريق مكة"    بوتن يستبعد الحاجة للأسلحة النووية في أوكرانيا    أول انتخابات محلية لبنانية منذ عقد    "الصين الجديدة في القرن الجديد" أحدث ترجمات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة    بيئة المملكة خضراء متطورة    "سعود الطبية" توثق في بحثٍ طبي نجاح إزالة ورم نادر من مولودة    إطلاق عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ضمن خريطة العمارة السعودية    مختص: متلازمة التأجيل تهدد الصحة النفسية والإنتاجية وتنتشر بين طلاب الجامعات    محاضرات ومشاريع تطويرية تعزز ثقافة الرعاية في مستشفى الملك سلمان    جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية تعقد اجتماعها السادس والأربعين في الجزائر    في معرض جسور ب"جاكرتا".. "ركن المساجد" يبرز اهتمام المملكة ب"التاريخية"    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    شاهد.. وزير الدفاع يشهد تمرين القوات الخاصة "النخبة"    جامعة جازان تحتفي بخريجاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"بيبي" الجديد ليس ساحراً وصورة اقتصاد اسرائيل قاتمة
نشر في الحياة يوم 11 - 05 - 2004

قبل أربع سنوات قدم صحافي بارع العرض الملخص التالي لعهد بيبي نتانياهو في رئاسة الحكومة الاسرائيلية: "يقول بيبي عكس ما يفكر به ويفعل عكس ما يقوله. هذا لا يعني بالضرورة انه لا يعمل وفق ما يفكر به".
لم يعد "بيبي" هذا موجوداً. لا بد أنه فكر ملياً بالأسباب التي كانت وراء فشله كرئيس وزراء واستخلص بعض الدروس.
عندما ينظر المرء الى أدائه في وزارة الخزانة - حيث كان عملياً زعيم الاقتصاد - خلال الأشهر ال13 الماضية، سيرى "بيبي" جديداً، أقل نزوعاً الى الانتقام وأكثر انضباطاً وتركيزاً للانتباه. وأقل استعداداً للاعتماد كلياً على العلاقات العامة. وهو، قبل كل شيء، رجل وضع في "الخطة الاقتصادية" التي قدمها الى الكنيست في آذار مارس 2003، خطة تطابق تماماً السياسات الثاتشرية التي كان يدعو لها علناً منذ فترة، وهيّأ بعدئذ وزارة الخزانة للتحرك بلا هوادة في اتجاه الهدف المرسوم في هذه الخطة. ولم تتحقق بنود رئيسية كثيرة في الخطة أي اصلاح نظام الضمان الاجتماعي. لكن بنوداً أخرى كثيرة تحققت، ولم تشمل هذه البنود التجميل المعتاد للموازنات فحسب، بل أيضاً اصلاحات هيكلية، مصممة للحد من تدخل الحكومة المباشر في الاقتصاد، وتقليص القطاع العام، وغير ذلك. وصممت كلها في النهاية، من قبل خبراء يهتدي بهم "بيبي"، لاعادة اطلاق النمو الاقتصادي بعد سنتين من الركود المزري.
وما أثار دهشة الجميع تقريباً من ضمنهم على الأرجح شارون ان نتائج فعلية تحققت، في تناقض صارخ مع السجل الرديء لسلف "بيبي" القليل الحظ، سيلفان شالوم 2001 - 2003. تم اصلاح نظام صندوق التقاعد، الذي كانت حكومات حزب العمل فشلت أيضاً في اصلاحه، بتشريع قانوني جرى تمريره في الكنيست على رغم تظاهرات كبيرة واضرابات عنيفة نظمتها النقابات، وأخفقت النقابات على نحو مماثل في منع "بيبي" من خفض الإدارة المدنية بنسبة 6 في المئة، كما استطاع أن يخفض نسبة الزيادة في رواتب الموظفين الحكوميين الى النصف، وخفض الانفاق الحكومي الى حد كبير بما في ذلك نفقات الدفاع. وأنجز هذا كله عبر مفاوضات شاقة مع الهستدروت وممثلي النقابات المتشددين، ولكن من دون اذلالهم، وهو أمر اعتاد "بيبي القديم" التلذذ به عندما كان رئيساً للوزراء. وقدم بعض التنازلات كي يمكنهم من اعلان انتصار جزئي امام أعضاء نقاباتهم.
وعلى صعيد السياسة النقدية، خفض "بيبي" بمرسوم الضريبة على الشركات الى 36 في المئة وينوي ان يخفضها أكثر. وتهدف هذه الخطوة، من بين أشياء أخرى، الى تشجيع الزيادة التي تحققت أخيراً في الاستثمارات الأجنبية الخاصة. وخفض ضريبة الدخل، بشكل أساسي للنصف الأعلى من العاملين بخفض المعدل الهامشي من 50 في المئة الى 43 في المئة وخفض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1 في المئة. ومن المفترض أن يؤدي هذا كله، وفقاً للخبراء الذين يهتدي بهم "بيبي"، أن يساعد أكثر على تقليص حجم الحكومة وزيادة الدخل المتوافر، وبالتالي تشجيع الاستهلاك والاستهلاك المحلي، وهو ما سيساعد الاقتصاد على الخروج من حالة الهزال. ولتحقيق الغرض ذاته، لجأ "بيبي" الى خفض الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الاستهلاكية المعمّرة مصدرها في الغالب من أوروبا حيث يسعى الى مزيد من دمج اسرائيل في أوروبا.
وبحلول آب أغسطس 2003، أعلن بنك اسرائيل، الذي يمثل السلطة النقدية العليا - وهو مؤسسة مستقلة ويعتبر في أحيان كثيرة المنافس لوزارة الخزانة - ان الركود قد انتهى.
عبّر بيبي عن ابتهاجه الشديد. وسخرت الصحافة بالنبأ. لكن نتائج الربع الأخير من 2003 والربع الأول من السنة الجارية، اكدت صحة هذا التشخيص. فبعد سنتين تقريباً من التراجع في اجمالي الناتج القومي بدا معدل النمو واضحاً: صحيح انه متواضع، بالمقارنة مع فترة الانتعاش في التسعينات، لكن تم عكس الاتجاه، بالضبط كما كان "الدكتور بيبي" قد تكهن.
وبحلول الربع الأخير من السنة، يتوقع ان يبلغ معدل نمو اجمالي الناتج القومي 2،3 في المئة. وشهدت الصادرات تحسناً كبيراً، على رغم ان السياحة، وهي احدى ضحيتي الاقتصاد الرئيسيتين جراء الانتفاضة - الضحية الأخرى هي صناعة البناء وسوق العقار، ما تزال تعاني الركود. وبدأت صناعة التكنولوجيا المتطورة - التي انفجرت فقاعتها قبل الانتفاضة بوقت طويل - تستقطب ايدي عاملة بوتيرة متزايدة من دون انقطاع. ورفع ارباب العمل مستوى توقعاتهم وشرعوا بسد النقص في مخزونهم. وبقي المستهلكون متشائمين لفترة من الوقت، لكن الآفاق بدت لهم اكثر إشراقاً في مطلع 2004. وكانت حمى التسوق عشية عيد الفصح اليهودي - الذي يماثل اعياد الميلاد بالنسبة الى اسرائيل - الأفضل منذ 2000. وفاقت ايرادات الحكومة من الضرائب التوقعات، والأرجح ان يتحقق هدف 4 في المئة الذي حدد للعجز بالاتفاق مع الولايات المتحدة للحفاظ على مكانة اسرائيل المالية، وهو شيء كان معظم خبراء الاقتصاد يبدون شكوكاً كبيرة بشأنه الى وقت قريب.
"بيبي" ليس ساحراً. فقد ساعدته الى حد كبير عوامل خارجية: انتعاش الاقتصاد الأميركي، وحدوث توسع جديد في قطاع التكنولوجيا المتطورة على صعيد عالمي، وانتهاء فترة القلق قبل الحرب على العراق، والتراجع النسبي في ضراوة الانتفاضة. ومع ذلك، لا بد للمرء من ان يعترف انه افاد من هذه الظروف المؤاتية. كما انه قاتل بعناد من اجل اهدافه، بمكر وببناء تحالفات ذكية. وبالطبع، كان التلاعب بوسائل الإعلام، الذي برع فيه سابقاً، عاملاً مساعداً، خصوصاً في صراعه ضد النقابات لصوغ الأجندة العامة.
ولا تخلو الصورة من ظلال. وهي قاتمة بالفعل. فالبطالة ما تزال مرتفعة، وتقترب من 11 في المئة. وإذا كان المرء عاطلاً من العمل، لن يشعر بارتياح يذكر لأن معدل التضخم اصبح صفراً وخفضت ضريبة القيمة المضافة. ويفاقم هذا الإحساس ان "بيبي" الثاتشري النزعة خفض المساعدات للعاطلين من العمل وهدد بأن يفعل الشيء ذاته بالنسبة الى الضمان الاجتماعي. كما يقاسي الفقراء من الشغيلة الذين تقل مداخيلهم عن 1000 دولار شهرياً، وهم يحتجون بصخب. وتبدو آفاق وضعهم قاتمة بالتأكيد. وتعاني الصادرات الى اوروبا الشريك التجاري الرئيسي للبلاد جراء قوة اليورو. وليس من المؤكد ما اذا كان سوق الصادرات في جنوب شرقي آسيا ستواصل التعويض عن الخسائر في اوروبا الغربية.
مع ذلك، لا يمكن إنكار حقيقة ان "بيبي الجديد" ينظر إليه على نحو متزايد باعتباره يمثل نجاحاً، وربما كان هكذا بالفعل، جزئياً. ولا يوجد شك في النتيجة السياسية. إذ ان "بيبي" هو الآن، اكثر من اي وقت مضى، محبوب اعضاء ليكود، ونجمه في صعود في استطلاعات الرأي العام. وينظر إليه باعتباره الخليفة الطبيعي لشارون في حال اطيح بالأخير بسبب فضائح فساد. وكي يعزز "بيبي" موقعه لجأ خلال الأسابيع القليلة الماضية الى التودد لفئات الدخول الأدنى، فمنحهم خفوضات ضريبية. لكن ماذا في شأن العاطلين من العمل؟ يرد مستشارو "بيبي" السياسيون بأن العاطلين من العمل يفتقرون الى النفوذ السياسي: انهم غير منظمين ويميلون بأية حال الى عدم التصويت. وإذا أدلوا بأصواتهم فإنهم سيصوتون ل"شاس"، حزب اليهود الشرقيين، او لأحزاب عربية. إذاً لا داعي للقلق، ف"بيبي" يشارك بالتأكيد في اللعبة ويخوض السباق، مرة اخرى.
* كاتب اسرائيلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.