في الأول من آذار مارس إحتفلت الهيئات الإنسانية والمنظمات الدولية غير الحكومية واللجنة الدولية للصليب الأحمر بمرور خمس سنوات على بدء نفاذ الحظر الشامل للألغام المضادة للأفراد. وبعد أن انضمت 141 دولة إلى اتفاقية أوتاوا لحظر الالغام، تقدمت الدول الأخرى بتعهدات سياسية بشأن احتمال إزالة كاملة للألغام المضادة للأفراد. وتكمن أهمية مسألة حظر الألغام الأرضية في كونها أدوات تدمير قوية بالغة القسوة، إذ أنّ الضحيّة هي هدفها، لأنها صممت لكي تنفجر عندما يخطو عليها شخص ما أو يمسك بها بيده أو يتعثر في السلك المتصل بها. و بمجرد أن توضع خفية في مكانها، تصبح الألغام الأرضية المضادة للأفراد عشوائية في آثارها ودائمة الخطر ما لم تتم إزالتها أو إبطال مفعولها. و حتى يومنا هذا، يستمر اكتشاف ألغام أرضية من مخلفات الحرب العالمية الثانية. وغالباً ما يكون المدنيون، في فترات ما بعد توقف النزاع في مجتمعاتهم، هم سيئو الحظ الذي يسقطون ضحايا هذه الألغام خلال قيامهم بأعمالهم اليومية. واذا كانت كل جروح الحرب مرعبة، فإن الإصابات التي تُلحقها الألغام المضادة للأفراد بضحاياها تكون بالغة القسوة بوجه خاص. ويتسبب تفجير لغم أرضي "ناسف" مدفون مضاد للأفراد في العصف بإحدى ساقي الضحية أو كلتيهما. وحتى إذا ما نجا الضحايا بأرواحهم من انفجار اللغم فإنهم يحتاجون عادة إلى عمليات متعددة وعلاج تأهيلي طويل. ولسوء الحظ، فإن معظم حوادث الألغام تقع في بلدان محدودة الإمكانات الطبية والتأهيلية. ويتمكن القليل من النجاة في الحصول على مثل هذه الرعاية الطويلة الأجل وبرامج المساعدة. وحتى في حال إعادة تأهيلهم، فالكثير من الضحايا يصبحون مقعدين ولا يستطيعون العمل لإعالة أسرهم، كما يعانون غالباً من قلق متزايد وتضاؤل الأمل في تحسّن حالتهم. بداية القصة بدأت الحكاية عندما قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من المنظمات الإنسانية عام 1990 بتوثيق أعداد المدنيين المصابين في حوادث انفجار ألغام. ونتيجة لما كشفته الدراسة من أعداد هائلة من الضحايا، أصيب قسم كبير منهم خارج فترات القتال أو بعد انتهاء الأعمال العدائية، بدأت اللجنة الدولية والجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والحملة الدولية لحظر استخدام الألغام الأرضية ائتلافاً دولياً تشكّل من المنظمات غير الحكومية وهدف إلى تكثيف الجهود لزيادة الوعي في النتائج المدمرة لهذه الأسلحة ومارس ضغوطاً لوضع نهاية لاستخدامها. وفي تشرين الأول أكتوبر 1996 عقد في أوتاوا برعاية الحكومة الكندية مؤتمر "نحو حظر عالمي للألغام المضادة للأفراد". وتبنّى المؤتمر إعلان أوتاوا الذي يلزم المشاركين بتنفيذ خطة عمل تهدف إلى زيادة عملية تمويل إزالة الألغام، ومساعدة الضحايا، وتأكيد ضرورة التوصل إلى معاهدة حظر في أقرب وقت ممكن. وأقامت معاهدة أوتاوا حظراً شاملاً على هذه الأسلحة ومنعت استخدامها وتطويرها وإنتاجها وتخزينها ونقلها. إضافة إلى ذلك، طالبت بنزع هذه الألغام، سواء كانت مخزونة أم مزروعة في جوف الأرض. تحديات مهمة بين 29 تشرين الثاني نوفمبر و3 كانون الأول ديسمبر 2004، سيعقد في العاصمة الكينية مؤتمر المراجعة الأول لاتفاقية حظر الألغام، "قمة نيروبي من أجل مجتمع خال من الألغام" وسيقوّم الاجتماع الدولي التقدم الذي أحرز منذ بدء نفاذ الاتفاقية عام 1999، وتحديد جدول العمل الزمني للسنوات الخمس المقبلة من أجل ضمان تحقيق أهدافها الإنسانية، علماً أن المجتمعات التي بدأت تنفيذ الاتفاقية شهدت تحسنا ملموسا في حياة الناس العامة وانخفض عدد الضحايا الجدد بنسبة ثلثين أو أكثر. ودمرت الدول الأطراف في الاتفاقية 31 مليون لغم ضمن المهل المحددة. إلا أن عدداً من التحديات المهمة لا يزال مطروحاً في المستقبل خصوصاً انه لم يبق سوى خمس سنوات لإزالة غالبية الألغام من المناطق الملوثة بها، وهي مهلة لا يمكن احترامها إلا إذا توافر المزيد من الموارد المادية والتقنية والمالية. كما يأتي الانضمام الحديث لبلدان تعد من بين الأكثر تميزاً في كثافة ألغامها لا سيما أنغولا وأفغانستان، ليزيد الضغط لناحية تأمين الموارد. ومن بين الدول العربية التي صادقت على معاهدة أوتاوا: الجزائر، الأردن، قطر، تونس واليمن. أما ابرز الدول العربية التي تعاني من خطر الألغام وتعمل على إزالتها فهي: لبنان، العراق، فلسطين وسورية. وسجلت البلدان المذكورة عدداً لا يستهان به من الضحايا، لذا تقوم المنظمات الحكومية وغير الحكومية فضلاً عن بعض المؤسسات العالمية بإعداد حملات متتالية لإزالة الألغام المزروعة في أراضيها. وتجدر الإشارة إلى أن عمليات إزالة الألغام تعتمد بشكل رئيس على حملات تبرع، وجهود عدد من المتطوعين، والدور الذي لعبته وتلعبه نساء شهيرات، أمثال الأميرة ديانا التي شنت حملات كثيرة لإزالة الألغام، وزارت بعض الأراضي المزروعة. ويدرج قميص شهير مضاد للرصاص ارتدته الأميرة ديانا خلال إحدى زياراتها لانغولا ضمن ابرز الأدوات التي تعرض في المعارض العاكسة لدور النساء في النزاعات المسلحة.