لم تمر سهرة الاثنين مرور الكرام في منزل سوزان 22 سنة وأهلها. العائلة الصغيرة يتحلق أفرادها الأم، الفتاتان والصبي حول شاشة التلفزيون استعداداً لاستحقاق "مصيري". اليوم كل الناس يتابعون برنامج "ع الهوا سوا". لأن ميرفت إحدى المشتركات اختارت عبدالكريم عريساً لها وأهله سيحضرون بعد قليل للتعرف إليها. لا تبدو الأم مستعدة لسماع المزيد من التعليقات. تسكت ابنتيها بحركة سريعة فهي تحس بأنها "أم العروس اليوم". تتابع تحركات ميرفت التي "مزقزق" قلبها منذ ليلة الجمعة الفائتة حتى انه لما اتصلت أم العريس بالمحطة نادتها ميرفت ب"ماما زهرة". تضحك والدة سوزان وهي تروي التفاصيل التي تستجمعها نتيجة سهرها "كل ليلة حتى الثالثة فجراً لمتابعة المستجدات". الثامنة مساء بتوقيت بيروت: ميرفت تنتظر وصول أهل العريس بتلبك واضح وخجل مصطنع، والدة ميرفت تحاول الحفاظ على برودة أعصابها، عائشة مشتركة أخرى - جزائرية تتقن دور صديقة العروس المحبة، بينما تكتفي رنا مشتركة سورية بالتفرج. شقيقة سوزان لا تبدو راضية عن ملابس ميرفت: "كان لازم تلبس احسن من هيك، ملابس رسمية يعني". لا تعجب العبارة سوزان التي تعتبر ان اللباس لن يؤثر، ف"أهل العريس يشاهدونها 24 على 24 ساعة ويعرفون تفاصيل يومياتها". دقائق معدودة ويصمت الجميع، ويعلن "فويسي" وصول والدة العريس، عمته وشقيقته. طقوس تبدو والدة سوزان راضية عنها لأنها "تقاليدنا الشرقية نفسها: أولاً يعجب العريس بالعروس، يتقدم أهله لطلب يدها ثم تستكمل المراسم". ويزداد رضاها ما ان تعلم ان أهل العريس لم يكونوا على علم بطلب ابنهم الزواج من ميرفت عبر محطة "عالهوا سوا" إلا أخيراً. تتابع العائلة الحديث المفتعل بين والدتي العروسين والحاضرين، ثم قطع قالب الحلوى. تشارك سوزان الموجودين الفرحة بأن تقدم بنفسها حلوى أعدتها خصيصاً للمناسبة. سوزان وأفراد عائلتها لم يكونوا من متتبعي البرنامج في بدايته. أما اليوم فقد اصبح البرنامج جزءاً لا يتجزأ من يوميات الوالدة التي لم تعد تحس بالملل: "هناك إحساس دائم بوجود ضيوف في المنزل". تسخر الوالدة من ابنتها، "كانت تضحك علي. تقول إني لا أقوم بعمل مفيد. عندما تابعته تعلقت به اكثر مني". تفكر سوزان جدياً في الاشتراك بالدورة المقبلة لأنها تتيح لها فرصة الزواج من بلد آخر. كما انها تجد في "ع الهوا سوا" واقعية اكثر من برامج "الرياليتي تي في" الأخرى: "التوقيت حقيقي والمشاهد لا تخضع للمونتاج، فقط filtration على عكس بقية برامج تلفزيون الواقع". إضافة الى "الحشمة" وغياب الكاميرات في غرف النوم. إهانة للإنسان العربي؟ وإذا كانت عائلة سوزان واحدة من عائلات كثيرة تجد في البرنامج متعة وتسلية كبيرتين، فإن ذلك لا ينفي وجود شريحة كبرى ترى ان البرنامج "فاسد وخارج عن المألوف". وأكثر ما يتجلى ذلك على صفحات الإنترنت، حيث يعتبر أحدهم ان "الغرض المعلن من هالحبسة عرض البنات في سوق الزواج على شبان العالم العربي يمكن واحد فيهم يحن وتعجبه واحدة منهن وهي جالسة ولا واقفة ولا حتى مثنية نفسها ترفع الأكل من على الطاولة أو الأرض..!! كيف تتزوج امرأة قد عرضت نفسها لآلاف غيرك وتصنعت وتمايلت من اجل الحصول على المزيد من الأصوات". وتتصاعد وتيرة الانتقادات لتصل إلى حد طلب "تقديم شكوى إلى لجان حقوق الإنسان للتدخل لأن ما يحدث هو إهانة للإنسان العربي". وفي وقت يرى بعضهم ان هدف البرنامج هو حل مشكلة الزواج في العالم العربي، يقول آخرون انه تجاري يلعب على فضول الشباب العربي ورغبته في مشاهدة البنات في خصوصياتهن داخل البيت. بينما يجمع كثيرون على انه يهدف إلى قتل وقت الفراغ لدى المواطن العربي من دون ان يضيف إلى المتلقي أي معلومة مضرة أو مفيدة. تباينت الآراء حول "الرئيس" وغير بعيد من تلفزيون الواقع، أطلقت قناة MBC 2 برنامج "الرئيس" أو "بيغ براذر" نسخة عربية عن برنامج بريطاني الأصل مستوحى من رواية جورج اورويل "1984"، وما أن انطلق بثّه حتّى بدأت الضجة من حوله، والمشاكل ذات الطابع السياسي في البحرين راجع "الحياة" يوم أمس. تقوم فكرة البرنامج على وضع 12 شاباً وصبية في منزل مشترك تشبه ديكوراته إلى حد بعيد تلك الخاصة بمنزل ستار أكاديمي وان كانت ألوان البرنامج الجديد غير موفقة والإقامة مدة سبعين يوماً في جزيرة أمواج في البحرين. يمنع خلالها على المشتركين استخدام أي وسيلة من وسائل الاتصال أو التقنيات الحديثة، في خطوة تهدف إلى إعادتهم إلى نمط الحياة البدائية. ويحظر على الشبان دخول غرف البنات أو العكس جناحان منفصلان للشبان والبنات. ويثير برنامج big brother أو "الرئيس" منذ خطواته الأولى سلسلة من الانتقادات في أوساط رسمية في دولة البحرين. وتبث المحطة تقريراً عن يوميات المشتركين مدته نصف ساعة مساء كل يوم، وساعة ونصف الساعة مساء السبت تحتل الإعلانات نصف المدة تقريباً بحيث لا يبقى للمتابع إلا مشاهد متفرقة. ويظهر المتسابقون في التقرير، عادة في غرفة الجلوس يتبادلون أحاديث متفرقة لا تبدو مثار اهتمام الحاضرين جميعهم. كما يغيب عن البرنامج، وفق ما يرد التقرير، أي نوع من أنواع النشاطات الهادفة أو حتى حلقات الحوارات التقليدية. وكانت سبقت إطلاق البرنامج حملة ترويج تولتها المقدمة رزان المغربي، ولكن المذيعة لم تظهر الا في الحلقة الأولى منه، مكتفية بمراسم استقبال المشتركين، لتغيب بعد ذلك عن التقارير اليومية. وعلى رغم ان البرنامج ما زال في بداياته، تباينت الآراء حوله إلى حد بعيد. واعتقد بعضهم انه تقليد للبرنامج الأميركي big brother, big sister الذي يهتم برعاية الأطفال الأيتام، ويؤمن الجو الأسري الطبيعي لهم تمهيداً لانخراطهم في المجتمع. وبدا آخرون اكثر دراية بتفاصيل البرنامج: "على هؤلاء المتسابقين ان يتعايشوا بعضهم مع بعض في الأوضاع التي خصصت لهم في البرنامج... وكل أسبوع بعد سلسلة من التصويت المستمر من المتسابقين ومن ثم المشاهدين يتولى Big Brother إخراج أحد المتسابقين من البيت كي يبقى فيه شخص واحد فقط". ويضيف: "هدف هذا البرنامج هو تسلية المشاهدين بالأوضاع الحقيقية التي تختلق داخل المنزل، من مشاجرات وحفلات ليلية وقصص غرامية بين المتسابقين، ونميمة". ويختتم: "سيكون البيت مزوداً غرفتين للصلاة إحداهما للرجال، والأخرى للنساء".