أعلنت الحكومة الكويتية أمس موافقتها المبدئية على دعوات المعارضة البرلمانية إلى تعديل الدوائر الانتخابية. وقررت تشكيل لجنة من وزراء العدل والمواصلات والتخطيط والصحة والتربية لدرس هذا الملف البالغ الحساسية. وطالبت بعدم التسرع إذ رأت ان بعض ما تقدم به النواب من اقتراحات "فيه مثالب وثغرات سواء في التقسيم وتحديد الدوائر الانتخابية أو في شبهات دستورية وقانونية في الأحكام". وكانت مسألة الدوائر اثيرت بالحاح بعد الانتخابات الأخيرة في تموز يوليو الماضي، اذ شاع ان ممارسات، مثل شراء الأصوات والانتخابات الترجيحية داخل القبائل، انتشرت واسعة على رغم أن القانون يجرمها. وشهدت النتائج سقوط عدد من نواب المعارضة المخضرمين، مما حرك المعارضة للطلب بإعادة النظر في الدوائر. خصوصاً أن آخر تعديل لها حصل عام 1980 في غياب مجلس الأمة فرفع عدد الدوائر من عشرة الى 25. الأمر الذي خلق دوائر صغيرة جداً يسهل فيها شراء الأصوات واستخدام الأحلاف القبلية لاحتكار المقعدين المخصصين لكل دائرة. ومنذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي طرح النواب عدداً من الاقتراحات، كان أهمها ما يدعو الى اعادة تجميع الدوائر في خمس فقط. وهناك من طالب بجعلها عشراً مثلما كانت عند وضع الدستور عام 1962. واتفق 23 نائباً من أصل 50 الاسبوع الماضي على تحريك هذا الأمر عاجلاً مما دفع الحكومة التي امتنعت طويلاً عن ابداء موقف واضح الى الموافقة على التعديل من حيث المبدأ. لكن بيان مجلس الوزراء جاء أمس بكثير من المبررات والأعذار لمنع الحسم السريع للقضية. وقالت الحكومة في بيانها أنها "لا تقف ضد تعديل الدوائر الذي يحقق المصلحة العامة"، وأن مراجعتها وتعديلها "أمر طبيعي ولا بد منه في كل الأنظمة الديموقراطية"، لكنها ترى ان تحديدها وفقاً للاقتراحات المطروحة "أمر يتطلب التأني وعدم التسرع في اقراره"، مشيرة الى موضوع "الحدود الجغرافية للدوائر". وأكدت على معالجة "شاملة فاحصة" للموضوع "بطريقة سليمة قائمة على الحيدة والانضباط لتتوافر مقومات العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص". ولم تفضل أياً من الاقتراحات المقدمة، لكنها نوهت بما في بعضها من مثالب وثغرات سواء في التقسيم وتحديد مناطق الدوائر أو شبهات دستورية وقانونية في الاحكام". وتحدثت عن أهمية "ان يكون التعديل في اتجاه تعزيز الممارسة الديموقراطية الصحيحة، ويحد من الممارسات غير السليمة والضارة والمتمثلة في مظاهر تكريس الطائفية والقبلية والفئوية وما يتردد عن عملية شراء الأصوات"، وألا يخل التعديل "بتمثيل البرلمان للأمة تمثيلاً صحيحاً أو يؤدي الى فقد القدرة على التعبير عن الاتجاهات المختلفة في المجتمع، واتاحة الفرصة للأقليات في التمثيل النيابي". وشددت الحكومة على أن العملية كلها يجب أن تساعد على "صهر الجميع في بوتقة الوطن وألا يتأثر بأي اعتبارات قبلية أو طائفية أو غيرها، وأن يرسخ فكرة الولاء الوطني والقضاء على أي محاولات لاستبدال هذه الفكرة بمبدأ الانتماء القبلي أو الطائفي أو الفئوي". وساد شعور بين النواب وفي أوساط المعارضة السياسية فور صدور بيان مجلس الوزراء مساء أمس، "ان الحكومة بصدد المماطلة في هذا الملف"، وقال نواب ل"الحياة" ان الحكومة تعلم ان موضوع تعديل الدوائر اذا لم يحسم هذه السنة فسيكون صعباً على النواب حسمه السنة المقبلة خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة.