فتح انهيار بناية في حي مدينة نصر شرق القاهرة، مساء أول من امس، مجدداً ملف الفساد في قطاع الإسكان بعدما تبين أن البناية كان قد صدر قرار بإزالة سبعة طوابق منها قبل نحو عشر سنوات، من دون أن ينفذ. وحتى مساء أمس بلغ عدد ضحايا البناية المنكوبة 14 قتيلاً و40 جريحاً غالبيتهم من رجال الإنقاذ والدفاع المدني الذين كانوا يقومون بواجبهم في إطفاء حريق في الطابق الأرضي قبل أن تنهار البناية على رؤوسهم. وكالعادة حركت الحادثة المسؤولين الذين بدا أنهم تمرسوا على التعاطي مع الكوارث، إذ عقد رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد اجتماعاً عاجلاً أمس حضره وزير الإسكان الدكتور إبراهيم سليمان لمراجعة الصيغة النهائية لمشروع قانون البناء الموحد المقرر أن تحيله الحكومة على البرلمان لمناقشته. وأعلن بعد الاجتماع قراره تحويل المخالف لتراخيص البناء على النيابة فوراً والتحفظ الفوري على المعدات والمواد المستخدمة. كما تقرر مراجعة جميع المباني التي خالفت قيود الارتفاع الواردة في التراخيص الصادرة لهذه المباني والتحقق من سلامتها ومراجعة كل المباني السكنية التي حُوّلت إلى إشغالات تجارية أو صناعية والتي تمثل خطورة على قاطني العقارات، علماً أن غالبية البنايات في حي مدينة نصر مخالفة لتراخيص انشائها. وأوضحت مصادر مطلعة أنه تقرر أيضاً خلال الاجتماع أن تقوم الجهات الادارية بالمحافظات بمراجعة اسلوب منح الشهادات للمهندسين الاستشاريين وزيادة موازنات التدريب للجهات التي ترتبط بأعمال البناء، كما تقرر مشاركة وزارة الاسكان والمرافق ممثلة في مركز بحوث الاسكان والبناء في الموافقة على استصدار تراخيص البناء. لكن ذلك التحرك السريع لم يخف حال الاستياء الشعبي من استشراء الفساد والاهمال في قضايا الاسكان والبناء وضياع الأمل في اصلاح حقيقي في ظل استمرار الاحوال على ما هي عليه وعدم معاقبة المسؤولين. وأكد محافظ القاهرة الدكتور عبدالرحيم شحاتة أن العقار صدر في شأنه قرار ازالة العام 1992 وان الترخيص الذي كان صدر له العام 1979 كان لبناء أربعة أدوار وتم رفعه سبعة طوابق اضافية في مخالفة للترخيص الممنوح. واستدعت نيابة شرق القاهرة كلاً من مدير اسكان حي شرق مدينة نصر المهندس علاء عبدالرحيم ورئيس حي شرق مدينة نصر اللواء محمد المؤيد للوقوف على ملابسات انهيار البناية المنكوبة. وقدم عبيد خالص تعازيه لأهالي ضحايا الحادث اثناء تفقده لموقع الكارثة، وقال إن سكان البناية كتبت لهم النجاة بعد قيام رجال الشرطة بإخلاء العقار من السكان عقب نشوب الحريق الأمر الذي ساعد على عدم ارتفاع عدد ضحايا الحادث، وأضاف أن الشواهد تشير الى وجود تعاون وثيق بين كل اجهزة الدولة حيث توجهت قوات الاطفاء والاسعاف من الشرطة والقوات المسلحة واجهزة محافظة القاهرة عقب نشوب الحريق الى مكان الحادث، مشيراً الى استمرار جهودهم في انتشال بقية الضحايا من تحت انقاض العمارة. وأعلن إحالة الأمر على النيابة العامة للتحقيق والاستعانة بالخبرات المتوافرة في كليات الهندسة للوقوف على اسباب انهيار العقار والسبب الذي ادى الى نشوب الحريق،. وأشار الى الاتفاق مع وزير التنمية المحلية اللواء مصطفى عبدالقادر ومحافظ القاهرة للبحث في مخالفات العقارات الموجودة في محافظة القاهرة بأكملها ومدينة نصر خصوصاً، مشيرا الى أن هناك "تركة ثقيلة من المخالفات متراكمة منذ سنوات". ومن جهته أكد مدير الأمن في اللواء اسماعيل الشاعر ان سرعة تعامل قوات الاطفاء والدفاع المدني مع الموقف وإخلائها لعقار مدينة نصر المنهار عقب اندلاع الحريق فيه ساعد على منع وقوع كارثة كادت تودي بحياة 120 شخصاً على الأقل إضافة الى عشرات المارة. وقال في موقع الحادث إن رجال الشرطة من قوة الدفاع المدني سجلوا لحظات بطولة خلال تعاملهم مع الحريق الذي اندلع في العقار المنهار في شارع عباس العقاد بحي مدينة نصر والذي اودى بحياة 12 من رجال الدفاع المدني ومدني واحد حتى الآن. وتحدث احد ضباط قوة الشرطة التابعة لقسم مدينة نصر التي انتقلت الى مواقع العقار عقب الإبلاغ عن اندلاع الحريق عن الدقائق الفاصلة بين الحريق وانهيار العقار. وقال إن الفترة الفاصلة تبلغ نحو ربع ساعة، وانه عند قيامه بالتعامل مع الحريق اسفل باب العقار احس بما يشبه الزلزال فتراجع الى الخلف ليشاهد انهيار العقار بكامله على مرحلتين مما ادى الى اصابته بجروح طفيفة تلقى على اثرها العلاج وعاد للانضمام الى قوة الشرطة للعمل في موقع العمارة المنكوبة. وذكرت مصادر في موقع الحادث ان العقار بني عام 1981 برخصة لخمسة ادوار سكنية وميزانين لكن زيد عليه 6 ادوار العام 1992، فقدم السكان شكوى يتضررون فيها من زيادة الادوار الستة وصدر قرار بازالتها لم ينفذ حتى الآن. كذلك قدم سكان العقارات المجاورة شكوى اخرى مرفقة بصورة للعقار يتضررون فيها من ان صاحب العقار اجرى بعض التعديلات عليه قبل ستة ايام لكنهم تلقوا رداً من حي مدينة نصر بأن العقار سليم وليس فيه اية مشكلة.