تعتبر مشكلة الإدمان على المخدرات من أعقد المشكلات التي تواجه المجتمع، إذ أنها تمس حياة المدمن الشخصية والاجتماعية من جميع جوانبها، كما تمس صورته في نظر نفسه إلى جانب الصلة بينه وبين أفراد عائلته. ويؤثر الإدمان في جوانب المجتمع كافة إذ يؤدي إلى زيادة نسبة الجرائم والعنف في المجتمعات كجرائم السطو والسرقة والاغتصاب... ويعرّف الإدمان بأنه عملية تفاعل المدمن مع المخدر من خلال تكرار الابتلاع أو التدخين أو المضغ أو الأكل أو الحقن فيتحول إلى تصرف. والمخدر عبارة عن مادة طبيعية أو مصنّعة تغيّر في إحساس جسم الإنسان وتصرفاته وبعض وظائفه أيضاً. وتكرار استعمال هذه المواد المخدرة يخلّف نتائج خطيرة على الصحة الجسدية والعقلية وينعكس سلباً على البيئة والمجتمع. ولا بد من الإشارة إلى أن الإدمان لا ينحصر بتعاطي المخدرات وانما يشمل أيضاً الكثير من المواد التي تحمل في طياتها مركبات طبيعية أو مصنعة مخدرة ومنها: الحشيش، الأفيون، الكوكايين، القات، التبغ، الحبوب المنومة والمنشطة، العقاقير المقاومة للأوجاع، والمواد المهلوسة إضافة إلى ما بات يعرف بالمواد التخليقية التي تؤثر في الجهاز العصبي المركزي وبالتالي في النشاط العقلي. المصطلحات والمراحل التي تشكل الإدمان يعتبر الإدمان المرحلة الأكثر تقدماً والأخطر من بين المراحل التي يمر بها متعاطي المخدرات، وهذه المراحل التي تتفاقم تدريجياً تبدأ ب"الإسراف" في تناول العقاقير، وهو استعمال وقتي أو دائم من دون أن يتماشى مع حاجات طبية. إلا أن هذه الحال قد تتطور إلى ما يعرف ب"الاحتمال" وهو عبارة عن تدنّ تدريجي في التجاوب مع مفعول المخدّر، وينتج من تناوله بصورة متكررة بحيث يقتضي زيادة الكمية للحصول على النتيجة المرجوّة. ويأتي بعدها "الاعتياد"، أي التشوّق لتعاطي المخدر لما يجلبه من شعور بالراحة، حتى هذه المرحلة لا يحمل التشوّق قوة مكرهة وهذا ما يفرقه عن الاعتياد عن الإدمان. ومن ثم "التبعية"، وهي نوعان نفسية وجسدية، وهي عبارة عن تعلق مرضي بمادة معينة مضرّة للجسم وعدم إمكان التخلص منها بسبب عامل الإكراه الذاتي الذي يدفع المرء إلى تناولها على رغم إرادته. ويتم تعريف "المدمن" على أنه كل فرد يتعاطى مادة مخدرة، ويتحول تعاطيه إلى تبعية جسدية ونفسية أو الى الاثنتين معاً. ولا بد من الإشارة إلى أنه إذا ما انقطع المدمن عن تناول مخدره لأي سبب كان، يصاب بمجموعة من العوارض يطلق عليها اسم "عوارض الانسحاب" وهي كناية عن عوراض قلق وانزعاج وكآبة ناتجة من التبعية النفسية مصحوبة باضطرابات وظائفية عنيفة مع أوجاع في سائر أنحاء الجسم وتشنجات وتقيؤ وإسهال... نابعة عن التبعية الجسدية. أما السلوك الادماني فهو تشوّق لتكرار سلوك معين والشعور بلذة خلاله وباضطراب في حال الانقطاع عنه. وغالباً ما يشعر المدمن على المخدرات بحال من التشوق وبحاجة مكرِهة لتعاطي المخدر والحصول عليه بجميع الوسائل، إلى جانب نزعة دائمة لزيادة الكميات، فتبدأ عوارض مختلفة بالظهور عند الانقطاع عن المخدر، اختيارياً كان أم إجبارياً. ولا يمكن اختصار عملية الإدمان بالخلل البيولوجي فقط ولا اختزال المرض إلى عامل واحد لا طاقة ولا تأثير لنا عليه، إذ أنه وعلى رغم أن العامل البيولوجي شرط أساسي للوقوع في الإدمان فهو ليس كافياً ولتحريكه لا بد من وجود عاملين آخرين: أحدهما يتعلق بالشخصية السيكولوجية والثاني بالمحيط الاجتماعي. علامات الإدمان على رغم أن مفهوم الإدمان واحد إلا أن العوامل التي ترافق كل نوع من أنواع المخدرات تختلف إذ أن لكل منها أعراض خاصة وتأثيرات تدل الى أن متعاطيه وصل إلى حال الإدمان. - المتعاطي للحبوب المنبهة يلجأ إلى تعاطي مادة منومة حتى يتمكن من النوم وعندما يستيقظ يجد نفسه خاملاً مجهداً لأنه لا يزال تحت التأُثير المهبط للنوم فيلجأ إلى تعاطي المنبه لاسترجاع نشاطه وهكذا لا يستطيع النوم من دون منوم ولا اليقظة من دون منشط وبذلك يقع فريسة لهذه السموم الفتاكة . - الحشيش أكثر المخدرات انتشاراً في العالم يسبب تعاطيه تشويشاً لإدراك الحس بالزمان والمكان واختلالاً في الوظائف العقلية ويولد إحساساً خاطئاً بالقدرة على التفكير الثاقب والخلق والإبداع. كما يسبب الاعتماد النفسي، وقد يسبب الاعتماد الجسمي أيضاً وفي بعض الأحيان يؤدي التعاطي إلى الموت أو الجنون. وإلى ذلك يشكل تعاطي الحشيش نقطة انطلاق نحو تعاطي عقاقير أكثر خطورة مثل الهيرويين والكوكايين والمؤثرات العقلية من منشطات ومهبطات وعقاقير هلوسة وأحياناً يحدث أن يقوم متعاطي الحشيش بالقتل. - الهيرويين أكثر العقاقير المسببة للإدمان والمحدثة للموت في العالم العربي. ويؤدي تعاطيه إلى الإدمان والاضطرابات النفسية وتليّف الكبد والإصابة بالغرغرينة وبالتالي إلى بتر أحد القدمين أو اليدين كما يؤدي أيضا إلى نقل مرض الإيدز عبر الحقن والوفاة. - الكوكايين: يعد فقدان الشهية والأرق التام وفقدان الشهوة الجنسية من أعراض المراحل المتطورة لتعاطي الكوكايين، وتأثيراته السمية عميقة ويؤدي إلى الإدمان والموت. - التبغ: يسبب التدخين الإدمان مثل جميع المواد المخدرة، ويصل تأثير التدخين إلى المخ، ويؤدي النيكوتين الموجود بكثرة في التبغ إلى إجهاد القلب ويؤثر في ضغط الدم كما أنه يعتبر من أهم المسببات للأمراض السرطانية. العلاج وتسمى هذه المرحلة أيضاً بالفطام وهو الامتناع عن تناول المخدر يوازيه علاج خاص لتفادي ظهور عوارض الانسحاب وقد حددت منظمة الصحة العالمية ثلاث مراحل لذلك: - المرحلة الأولى "المبكرة": وتتطلب الرغبة الصادقة من جانب المدمن نظراً الى دخوله في مراحل كفاح صعبة وشديدة وصراعات قاسية وأليمة بين احتياجاته الشديدة للمخدر وبين عزمه الأكيد على عدم التعاطي والاستعداد لقبول المساعدة من الفريق المعالج وبالذات الأختصاصي النفسي وقد تستمر هذه المرحلة أياماً وحتى أسابيع. - المرحلة الثانية "المتوسطة": بعد تخليص المدمن من التسمم الناجم عن التعاطي، وبعد أن يشعر بأنه في حال طيبة تظهر مشكلات المرحلة المتوسطة من نوم لفترات طويلة وفقدان للوزن وارتفاع في ضغط الدم وزيادة في دقات القلب. وتستمر هذه الأعراض عادة بين ستة أشهر إلى سنة على الأقل لتعود أجهزة الجسم إلى مستوياتها العادية. - المرحلة الثالثة "الاستقرار": وهنا يصبح الشخص المعالج في غير حاجة إلى الخدمات أو المساعدة بل تجب مساعدته هنا في تأهيل نفسه وتذليل ما يعترضه من صعوبات وعقبات والوقوف بجواره. ويجب هنا أن يلاحظ أن هذه المرحلة العلاجية يجب أن تشتمل على تأهيل المدمن نفسياً وذلك بتثبيت الثقة بنفسه وفحص قدراته وتوظيف مهاراته النفسية. العيار المكثف وتبقى الحقنة القاتلة أو العيار المكثف overdose خطأ المدمن القاتل وهو أن يقوم بتناول كمية من المخدرات أكبر من تلك التي يحتاج إليها، أو عبر تناول كمية من المخدرات المغشوشة... ومن أعراضها: تقلص بؤبؤ العين، انخفاض درجة حرارة الجلد وتحول لونه نحو السواد، بطء في التنفس ثم دخول المدمن في غيبوبة عميقة تقوده إلى الموت جراء شلل مركز التنفس الدماغي وتوقف القلب عن العمل.