آل الشيخ يرأس وفد المملكة في اجتماع رؤساء المجالس التشريعية الخليجية بالبحرين    وزير الخارجية يصل إلى كندا للمشاركة في الاجتماع الوزاري لمجموعة ال7    جمعية ترابط وبناء تكرمان 17 مستفيد من رواد مبادرة "تاكسي أيتام السعودية"    القبض على مخالفَيْن لنظام أمن الحدود لتهريبهما (15) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    جمعية "نماء" بجازان تطلق دورة "تصميم وفن احتراف الديكور الداخلي" ضمن "مشروع إنطلاقة نماء"    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء بجميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بجازان تنمّي المواهب الإعلامية عبر ورشة "صناعة الأفلام الوثائقية"    مسؤول سعودي: نسعى لتكون السياحة ثاني أكبر قطاع اقتصادي لتعزيز التوظيف ووزبر السياحة اكد ذلك    وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    بيع صقرين ب (156) ألف ريال في الليلة ال 24 لمزاد نادي الصقور السعودي 2025    تراجع اسعار النفط    ارتفاع اسعار الذهب    تعليم المدينة يدعو للمشاركة في المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    الإدارة العامة للمجاهدين تستعرض الحقيبة المتنقلة للاستطلاع الأمني    برعاية سمو الأمير سعود بن نهار انطلاق الملتقى الأول للفنون البصرية والنقد بالطائف    إمارة منطقة مكة تشارك في مؤتمر ومعرض الحج والعمرة    المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي يوافق على تأسيس جمعية دروب السياحية بمحايل عسير    وسط تحركات دولية وإدانة مصرية.. هيئة محاميي دارفور: «الدعم السريع» يرتكب مذابح في الفاشر    أشاد بالتميز الصحي وأكد أن الإنسان محور التنمية.. مجلس الوزراء: الدولة تعتني بشؤون الحج والعمرة والزيارة    نحو نظرية في التعليم    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لودية ساحل العاج    الاتحاد يخطط للتعاقد مع مدرب فرنسا    نهى عابدين تشارك في فيلم «طه الغريب»    تعزيز حضور السينما السعودية في السوق الأمريكي    معاناة ابن بطوطة في كتابه    رونالدو: السعودية بلدي وسأعيش هنا بعد الاعتزال    القيادة تعزي رئيسة سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    وسط تعثر تنفيذ خطة ترمب.. تحذير أوروبي من تقسيم غزة    المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً    وزير الحج يلتقي ب100 وزير ومفتي ورئيس مكتب شؤون حج ويحثهم على استكمال إجراءات التعاقد قبل 15 رجب    «أونروا»: هناك مدن دمرت بالكامل في غزة    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    بدء التسجيل لجائزة سلامة المرضى    معايير تحديد سرقة رسومات الكاريكاتير    منطقة الحدود الشمالية الأقل في حالات النزيف والتمزق    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    الرئيس الأميركي يتعهد بمساندة سورية بعد لقائه الشرع    من أجل السلام    الأقل جاذبية يتمتعون بشهرة أعلى    "مدني الرياض" يكثّف "السلامة" في المباني العالية    «أحمر الشرقية».. برامج تأهيلية ودورات تخصصية    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    أزمة قانونية تلاحق ChatGPT    أرقام الجولة الثامنة.. 20 هدف ونجومية سيلا سو ومشعل المطيري    الفتح يعود للتدريبات بعد الإجازة استعداداً لاستئناف دوري روشن    بيع 41 طنا من التمور يوميا    248 ألف سعودي يعملون بالأنشطة السياحية    3 آلاف وظيفة يولدها القطاع الصحي الخاص بالأحساء    حالة من الاستياء في سانتوس البرازيلي بسبب تصرفات نيمار    فهد المسعود ينضم إلى لجنة كرة القدم بنادي الاتفاق    مركز الحياة الفطرية: إدراج «الثقوب الزرقاء» و«رأس حاطبة» ضمن قائمة المحميات الوطنية يعزز الريادة السعودية في الحماية البيئية    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    الديوان الملكي: وفاة وفاء بنت بندر    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهنة البحث عن المتاعب : الأميركيون لا يثقون والأكراد حذرون والعراقيون ضائعون
نشر في الحياة يوم 02 - 05 - 2003

في زمن الحروب، زمن القتل والدمار والركود، اخذت مفارقة اساسية في التبلور منذ ما يقارب العقدين تتمثل بتطور العمل الصحافي واحتلاله مركزاً مهماً في الأحداث المختلفة مهما كانت طبيعتها. والإعلام العربي الذي كان شبه غائب في الحروب الماضية، فاجأ الكثيرين في الحرب الأخيرة.
مراسلون من الفضائيات العربية كافة حزموا امتعتهم ووضبوا عدة السفر لتأمين تغطية شاملة، مدركين حجم الصعوبات التي قد تعترضهم، غير عابئين بما ينتظرهم. أفليست الصحافة اصلاً مهنة البحث عن المتاعب؟ ويبقى السؤال الأهم: "الى اي مدى يحق لهؤلاء تعريض حياتهم للخطر في سبيل الشهرة ونقل الخبر؟". ثلاثة مراسلين لثلاث محطات عربية شاركوا في تغطية احداث العراق، ما جعلهم نجوماً ولو لشهر من الزمن: ديانا مقلد وعلي نون وميشال غندور أجابوا عن اسئلة "الحياة":
لحظات حرجة
تقول ديانا مقلد مراسلة تلفزيون "المستقبل" من شمال العراق: "في بعض اللحظات الحرجة طرحت على نفسي هذا السؤال وتحديداً إبان تعرض القافلة الكردية لقصف النيران "الصديقة" من طريق الخطأ ووفاة الكثير من المدنيين، إذا كان من المحتمل ان نكون بين هؤلاء لو اتخذت الخيار بمرافقتهم... كنا في المكان نفسه والقرار اتخذ بسرعة، الBBC سبقتنا وكنا نريد اللحاق بهم إلا ان الحظ حالفنا وعدلنا عن ذلك بعد ان قررنا إجراء المقابلات مع الأسرى العراقيين الذين نقلوا الى هناك وبعد تحذير الأكراد لنا من ان خطوة كهذه تقع على مسؤوليتنا. وبالتالي هي مسؤولية كبيرة احملها على اكتافي، إذ ان مثل هذا القرار لا يتعلق بي وحدي إنما ايضاً بأشخاص آخرين هم فريق العمل الذي يرافقني والذي لكل واحد منه عائلة تنتظره بفارغ الصبر في بيروت. وهكذا فصل بيننا وبين الكارثة كيلومتران فقط فنجونا من تلك المأساة...
في تلك اللحظة بالذات بدأت كل تلك الأسئلة، صحيح العراق يعنينا، لكن السؤال الأساس الذي يطرح هو هل يعود لي ان اعرّض حياتي وحياة الآخرين للخطر؟ ابداً هذا غير مسموح. ولعل ذلك كان سبب عدم دخولنا قلب المعركة والاكتفاء بالمشاهدة من الخارج حتى ان بعض الاستكمالات تصبح اهم من تغطية الخبر نفسه، كالتعليق مثلاً على انعكاسات الحرب وآثارها وغيرها من الأمور. هذا مع العلم اننا لسنا مؤهلين لمواكبة الأحداث من الداخل كون الإمكانات التقنية المتوافرة بين ايدينا لم تكن امكانات محطة إخبارية او عالمية إنما إمكانات متواضعة والفارق كبير جداً. كل ذلك لا يعني اننا كنا في امان تام بعيداً من المخاطر، إذ على العكس، فإضافة الى حادثة القافلة رأينا الموت بأعيننا في اكثر من محطة. ولا يمكن ان انسى مثلاً خطوط التماس وكل تلك القذائف المنتشرة حولنا، خصوصاً بين المواقع العراقية المنسحبة والقوات الأميركية. باختصار خوف كبير يواجهه المرء في ظروف كهذه وأسئلة كثيرة يطرحها على نفسه".
نجاة من الموت
من جهته عاش علي نون مراسل قناة "العربية" من بغداد مخاطر كبيرة ونجا اكثر من مرة من الموت كما يقول ويتابع: "في لحظات معينة تعزّ عليك الحياة وتسألين نفسك ما الذي تفعلينه وهل يحق لك ايذاء المقربين منك وإثارة قلقهم في سبيل تحقيق طموحاتك؟ مشاهد كثيرة تنطبع في رأسك وأفكار كثيرة تمر في ذهنك، فلا يمكنني مثلاً ان انسى عندما اخذونا لنرى صور ضحايا القصف المدني، يومها ادخلونا الى غرفة العمليات في احد المستشفيات في بغداد، ما سبب لي أسى وحزناً شديدين. ولا أنكر انه في تلك اللحظات بالذات يشعر المرء بأنه لا يعود يريد شيئاً إلا العودة الى بيته سالماً معافى. كما لا انسى ما قلته لنفسي في احدى الليالي الشديدة القصف حينما شاهدت وأنا في الشارع سيارة تمرّ امامي، إذ تساءلت: الى اي مدى هذا الرجل تعيس الحظ ليمرّ في تلك الساعة من الليل، في قلب بغداد، ثم ما لبثت ان تنبهت الى انني في الحال نفسها... مرات كثيرة نجونا بأعجوبة وأذكر اننا كنا على بعد 100 م من مبنى وزارة الإعلام عندما قصف مع المباني المحيطة به. كنا في الوسط، امامنا الوزارة، خلفنا الأبنية الحكومية، وعلى يميننا ويسارنا التلفزيون والإذاعة العراقيان. والعارف بالتقنيات الحربية يدرك انه في المسار العسكري لصاروخ الكروز او التوماهوك او القصف الجوي، المئة متر تعادل جزءاً من الثانية وهو امر مرعب حينما اتذكره اليوم... مرة اخرى قصفت وزارة الهاتف ونحن فيها والحمد لله لم يصب اي مدني مع ان المبنى كان يعجّ بالناس الذين اتوا ليتفقدوا المكان. ومع هذا كله تبقى المخاطرة جزءاً من العمل الإعلامي الخاص بتغطية الحروب ولعل هذا هو سبب قلة اعداد المراسلين الحربيين. من جهة اخرى اقول ان تجربة العراق يستحق العمل فيها المخاطرة التي واجهتنا والسبب يعود الى طبيعة الحرب. وفي رأيي هناك هامش بسيط يفصل بين الجبن والتأني إلا انه لا بد من المخاطرة في نهاية الأمر. في بغداد كان الخطر عاماً من جهة تهديدات مباشرة للإعلاميين من المسؤولين الأميركيين ومن جهة ثانية خطر الوضع الداخلي. إذ ما كنا نخشاه اكثر هو ما الذي سيحدث في اليوم التالي. في النهاية، لا شك الخوف كان موجوداً إلا ان الأقوى من الخوف هو رغبتنا في العمل".
عدة الشغل
ويقول ميشال غندور مراسل "الحياة - LBC" الذي غطى الحرب من سورية: "المخاطرة من "عدة الشغل" لإعداد تحقيق جيد او التقاط صورة فريدة او إنجاز سبق صحافي، وللوصول الى هذه الغاية قد يجازف الصحافي بحياته ليقتنص "الكنز". كما ان التزام بعض الصحافيين قضية معينة او سعيهم الى "الشهرة" يدفعهم الى المخاطرة، فضلاً عن رغبة بعضهم في كسب المال، إذ من المعلوم ان عائدات الإعلاميين في حالات الحرب ترتفع الى حد كبير". وعن الصعوبات التي تعترض الصحافي في ظروف كهذه يجيب غندور: "الصعوبات هي العنصر المشوق في هذه المهنة وعندما ينجز الإعلامي عمله ينظر الى النتيجة وينسى ما عاناه".
وعلى طريقته كان علي نون يداوي نفسه حينما تعتريه الصعوبات. ويحدثنا عن ذلك قائلاً: "في اللحظات الصعبة حينما كان يشتد القصف كنت أستعيد في ذهني صورة ذلك الجندي فأقارن نفسي به وأكتشف كم انا محظوظ. هو لديه اسرة لم يرها منذ اشهر، يقاتل من دون قناعة ولا دعم، يتعرض للقتل بسبب ذنب لم يقترفه، لا مبرر لديه يجعله يموت براحة، راتبه لا يتعدى الدولارين، رجله تقطع إن هرب، موجود في قلب الصحراء، قوة كاسحة اقوى منه بما لا يقاس تهجم باتجاهه. على عكس حالنا حيث كل شيء متوافر لنا، فالمحطة كانت امّنت لنا كل المقومات المطلوبة لحماية انفسنا وللعمل بأقصى حالات الراحة: ننام على الأسرّة، نغسل وجهنا في الصباح، إدارة المحطة تهتمّ بنا، إذ قبل ان تسأل عن الخبر كانت تسأل عن احوالنا مكررين في اكثر من مناسبة ان سلامتنا هي الأهم، إذ لا وجود لخبر يستأهل ان يضحي المرء بنفسه من اجله. من هنا كنت كلما تضايقت اتذكر هذا المشهد فأرتاح".
وتتحدث ديانا مقلد عن الصعوبات التي واجهتها في تغطية حرب العراق فتقول: "إشكالان اساسيان طرحا امامنا: لا ثقة للأميركيين بنا والحذر التام نحونا من جانب الأكراد. لذلك كنا نُعطى الحد الأدنى من المعلومات والأفضلية حتماً للأجانب ومع هذا لم يؤثر ذلك بشيء في تغطيتنا". من هنا السؤال: ما الآلية التي اتبعت للوصول قدر الإمكان الى تغطية شاملة، وتجيب مقلّد بالقول: "قمنا بخلق شبكة علاقات مع اكثر من حزب وأكثر من شخصية على اكثر من مستوى. كما كنا نتابع ذلك في شكل يومي فلا نكتفي بالتغطية الميدانية، الأمر الذي ساعدنا كثيراً من دون ان انسى الحرية الكبيرة المعطاة لنا في شمال العراق، هذا إذا ما نظرنا الى ثقل القيود المفروضة في بغداد حيث استحالة تأمين مصادر المعلومات الكافية. صحيح ان لكل منطقة محاذيرها إلا انه على الأقل كنا في الشمال على اتصال وتواصل مع الخارج عبر الأقمار الاصطناعية، ولعل هذا سبب من اسباب اختياري التغطية في شمال العراق. من جهة ثانية قصدت هذه المنطقة قبل 4 اشهر من الحرب كما كنت ذهبت إليها سنة 1999 وفهمتها عن قرب بكل خصوصياتها ومميزاتها. فضلاً عن حماستي الزائدة لتغطية الحرب من دون ان يفلت مني حساب الوضع الأمني كون الوضع في بغداد مرعباً ولا يُحسد احد على الوجود فيها في تلك الظروف نظراً الى خطورة الأسلحة المستعملة. وهكذا بما انني لم أبغِ المخاطرة اردت ان اشارك في الشمال مؤمِّنة الحد المعقول من الأمان الشخصي لي ولفريق العمل المرافق".
القيود الرسمية
ولا ينفي علي نون حجم القيود المفروضة على العمل الصحافي في بغداد، إلا انه وعلى رغم ذلك كله لم يكن ليفوت على نفسه هذه الفرصة: "قد يكون مرّ على عملي الصحافي 25 سنة، والحقيقة انني طوال تلك السنوات كنت بانتظار لحظة كهذه: خبر مهم يستحوذ انتباه العالم كله. وما يمكن قوله اليوم ان المرحلة الأولى من وجودي في بغداد سادها نوع من الملل بحيث اصبح الخبر متكرراً روتينياً. وسرعان ما انتابت الكثير منا ازدواجية في المشاعر مع بدء المرحلة الثانية: من جهة اسى فعلي بسبب الحرب وويلاتها وأسى على الشعب العراقي لعدم القدرة على حل الأزمة كما كانت مطروحة آنذاك بطريقة سلمية، ومن جهة ثانية كان عندنا شعور بالتيقظ بحيث دبّت الحيوية فينا فجأة كمن يقول لنفسه: قف الحرب آتية. وبكل راحة ضمير اقول اننا لم نكن فرحين لوقوع الحرب مهنياً وإنسانياً، فالإعلامي لا يصنع الحدث إنما ينقله فحسب او يسجله ويصوره ويكتب عنه. على هذا اقول انني كنت انظر الى الناحية الإيجابية من عملنا والتي تتمثل بنقل الصورة بأكثر قدر ممكن من الموضوعية، خصوصاً اننا بقينا وحدنا كإعلام عربي في مرحلة معينة في الشارع وكان ذلك تحدياً كبيراً مع انسحاب الإعلام الأجنبي نتيجة عوامل عدة. ولا اشك في ان في ظروف كهذه، هناك مراسلون كثيرون يتمنون ان يصلوا الى تغطية خبر بهذه الأهمية ويكونوا في قلب الخطر".
ويلخص ميشال غندور تجربته في تغطية الحرب من سورية فيقول: "كنت في سورية لأن الإدارة انتدبتني الى دمشق. وعندما بدأت الحرب كنت في العاصمة السورية ولم أشارك في تغطية وقائع الحرب ميدانياً كما فعل الإعلاميون الذين كانوا موجودين في بعض المحافظات العراقية او في شمال العراق او الكويت او رافقوا القوات الأميركية والبريطانية الغازية. تغطيتي الحرب اقتصرت على متابعة الوضع على الحدود السورية - العراقية لجهة حركة العبور وإقامة مخيم للاجئين لإيواء نزوح عراقي محتمل الى الأراضي السورية، كما شملت تغطية وقائع يوميات العراقيين الذين وجدوا في دمشق وتحديداً في منطقة مقام السيدة زينب، اضافة الى اجراء مقابلات مع وزير الخارجية العراقي السابق ناجي صبري الذي زار دمشق في طريقه الى القاهرة ووزير الإعلام السوري عدنان عمران ومسؤولة الإعلام الخارجي في الخارجية السورية الدكتورة بثينة شعبان ومتابعة التحركات والتظاهرات الشعبية التي شهدتها دمشق تنديداً بالحرب على العراق. وكانت التجربة شيقة".
لماذا لم يمد العرب ايديهم؟
وعلى هذا الأساس، وكما يتضح من هذه الشهادات عاش المراسلون لحظات خطر حقيقية وكتبت لهم حياة جديدة اكثر من مرة ومع هذا كله لم يسلموا من الانتقادات التي طاولتهم في اكثر من مكان. ديانا مقلد اتهمت بالتحيز لحلفاء الأميركيين، وعلي نون اتهم بالتمثيل. فما هو ردّهم على منتقديهم؟ تقول ديانا: "لم اتردد يوماً في موضوع ادرك تماماً انه الصواب. صحيح يؤخذ الناس بالعاطفة لكن هل فكّروا للحظة ان الأكراد شعب يحق له العيش ايضاً؟ بكل صراحة يغيب الإنصاف في هذه القضية، فهم قوم تعرضوا لمشكلات كثيرة ولا يزالون وحيدين لا يقف احد الى جانبهم... انتقدوهم لوقوفهم الى جانب الأميركيين والسؤال الذي يطرح: هل مدّ احد من العرب يد العون إليهم؟ مهما يكن من امر انهم جماعة موجودة في العالم شئنا ام ابينا ولا يمكننا عدم الاعتراف بها، فلو كنا بحق انظمة ديموقراطية لتمّ استيعاب هؤلاء بدلاً من جعلهم يلجأون الى الأميركيين ثم نعتهم بالعملاء... والواضح في ذلك كله ان الجهل بالحقائق والأحكام المسبقة والانفعال الأعمى يسيّراننا فلا نرى الأمور كما هي غير عابئين بمعرفة الظروف والأسباب".
ويعلّق علي نون على الانتقادات التي طاولته فيقول: "بكل صراحة وموضوعية اعتبر ان بعض ما قيل في الصحف كان مؤذياً والبعض الآخر كان تافهاً بكل ما للكلمة من معنى. ولا أنكر ان جانباً من هذا النقد اصابني بالمرارة كونه صادراً من صحافيين كان من المفترض ان يفهموا على بعضهم بعضاً".
ويختتم نون كلامه قائلاً: "لم نكن في سياحة في بغداد إنما كنا في مهمة صعبة نحاول من خلالها قدر الإمكان نقل صورة موضوعية على رغم الرقابة المسبقة واللاحقة من العراقيين وعلى رغم استهداف الأميركيين الإعلام الموجود في بغداد. والجدير ذكره انها الحرب الأولى التي يسقط فيها هذا القدر من الصحافيين خلال فترة زمنية وجيزة". وعن شعوره بعد قصف فندق فلسطين يقول: "من دون اي ادعاء كاذب او بطولات عنترية تمنيت لو كنت هناك، اذ من دون مبالغة شعرت بأنني اقترفت ذنباً عندما غادرت الى بيروت وتركت هؤلاء لمصيرهم، وقد جاء استشهاد الصحافيين في الفندق ليعزز هذا الشعور، كل ذلك عدا عن الرغبة في ان اكون في موقع الحدث".
ومن جهته يتطرق ميشال غندور الى هذه الحادثة فيقول: "قصف فندق فلسطين امر مؤلم جداً لتسببه بمقتل الكثير من الزملاء وجرح غيرهم. ولم يكن القصف امراً مفاجئاً في ذلك اليوم لأن مجرى الأحداث كان يؤشر الى زيادة احتمال التعرض للصحافيين لتعطيل الحملة الدعائية العراقية".
وتنهي ديانا مقلّد قائلة: "على رغم كل الفظائع التي نتجت من هذه الحرب كانت خطوة متقدمة جداً بالنسبة إليّ. صحيح انني شاركت في الكثير من المناطق الساخنة في العالم غير انها لم تكن بهذا الحجم. تجربة حرب العراق الأخيرة تجربة جديدة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.