اختتمت في روما أمس أعمال المؤتمر الدولي للمانحين لإعادة إعمار الأراضي الفلسطينية والذي نظمته الرئاسة الإيطالية للاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع "لجنة التنسيق"، وهي لجنة توجيهية وتنسيقية مختصة بالإدارة الإستراتيجية للمساعدات المقدّمة إلى السلطة الفلسطينية. وبرزت في المؤتمر ملامح "استجابة مشروطة" تجاه مطالب السلطة التي حددها وزير المال الفلسطيني سلام فياض ببليون و200 مليون دولار، إلاّ أن المؤتمرين أبدوا "إنزعاجاً من استمرار وتيرة العنف" وحضوا الطرفين على "الإسراع إلى العودة إلى المسار السياسي في العملية السلمية". واتهم فيّاض الحكومة الإسرائيلية ب"عرقلة مسار إعادة البناء والإصلاح داخل مؤسسات السلطة"، وقال في حوار أجرته معه "الحياة" في روما "إن الحكومة الإسرائيلية بمواصلتها بناء جدار الفصل العنصري وسياسة الإغلاقات وتدمير المنازل والهدم وجرف الأراضي الزراعية إنما تسعى لحرف أدائنا من إدارة صائبة للجهاز المالي الفلسطيني إلى إدارة للأزمات التي تخلقها لنا". ورفض أن يسجّل التقدّم الحاصل في الإصلاح المالي بإسمه شخصياً، كما جاء في الإشادات التي تكررت في روما، مشيراً إلى أن "عملية البناء المؤسسي تتطلب تضافر الجهود من الجميع، وهي ليست مجهوداً شخصياً بل عمل فريق بكامله وأنا جزء من هذا الفريق". وحدد المهمة الرئيسية التي جاء الوفد الفلسطيني من أجلها إلى روما في "إقناع المجتمع الدولي بضرورة تقديم الدعم الكافي للسلطة لتنهض مجددا بواجباتها وتمكينها من العودة إلى المسار السياسي في العملية السلمية". وأكد فيّاض "ان عملية البناء المؤسسي والإصلاح الإداري والمالي، خصوصا في مجال الإصلاحات المالية التي نحتاج الى تنفيذها في مجال إدارة المال العام قطعت شوطاً بعيداً خلال الأشهر الماضية". وأضاف: "لقد نجحنا في تنفيذ عدد من الإجراءات الضرورية للغاية للإنسجام مع المعايير الدولية، ومن بين هذه الإجراءات توحيد حسابات السلطة وحصر النشاطات التجارية والاستثمارية التي تمارسها السلطة وإدارته وفق أفضل المعايير والسبل والمنهجيات المعترف بها دولياً". وحذر من تداعيات الوضع الكارثي للاقتصاد الفلسطيني وعرض حاجات السلطة أمام المؤتمرين في روما وقال: "نواجه احتياجا تمويلياً كبيراً لعام 2004 بحدود 900 مليون دولار، منها نحو 250 مليون دولار كنفقات تطويرية والباقي يمثل عجزاً في الميزان الجاري". وأعرب عن أمله في "أن نحصل على ما يغطي حاجاتنا التمويلية للعام 2004". وكشف "ازمة خانقة لازمت السلطة خلال الاشهر الثلاثة الماضية ناتجة عن توقف إسرائيل عن تحويل الأموال التي كانت محجوزة سابقاً. ما تبقى لنا من أموال في إسرائيل محجوز بأوامر قضائية وتزامن ذلك مع انخفاض المساعدات التي قدّمت لنا خلال النصف الثاني من العام الحالي". وقال فيّاض: "السلطة تعمل الآن على فك الحجز عنها"، مضيفا: "اننا نحتاج الآن الى ما يزيد عن 250 مليون دولار لسد الفجوة التمويلية بالكامل في ما يتعلق بموازنة العام الحالي. في الظروف الراهنة ما نحتاج إليه على وجه السرعة هو مبلغ 150 مليون دولار من أجل مساعدتنا لسد الالتزامات القائمة علينا حالياً تجاه القطاع المصرفي. التزامات كان لا بد منها لتمكيننا من الاستمرار في أداء مهماتنا". وكانت اجتماعات اليوم الثاني من المؤتمر تمحورت على متابعة أوضاع وخطى الإصلاح الإداري والقضائي والمالي داخل مؤسسات السلطة وإزاء الطلبات الملّحة في هذا الاتجاه.