حوّلت الاستخبارات العراقية مدينة مالمو في جنوبالسويد الى وكر لنشاطاتها التخريبية ضد قوى المعارضة العراقية المناوئة للدكتاتورية والارهاب ولخيارات الحرب، مستهدفة ابرز نشطائها بالإساءة والتجريح، شاملة الشيوعي والديموقراطي والإسلامي المتنور والوطني المستقل. وبحجة "الدفاع عن الوطن" عقد قيادي سابق في الحزب الشيوعي ومطرود من القيادة القومية لحزب البعث السوري، وغيرهما، تحالفاً مع "لاجئ سياسي" مزعوم. وتحت هذه اليافطة البالية اعلن احدهم تزعمه مجموعة لا تتجاوز عدد اصابع اليد، انتحلت اسم الحزب الشيوعي العراقي. وهي - بحسب معلومات اكيدة - لا علاقة لها بمنظمة الحزب في السويد، ولا في أي مكان آخر، لا من قريب ولا من بعيد. في هذا السياق تأتي طروحات نشرة "الكادر الحزبي" الذي ينم رده على ما كتبه الاستاذ اسماعيل زاير في "الحياة" في 9/8/2002 على خبرة الكادر المجرب. "فتُدس ملاحظات مختصرة جداً، مجردة عن التحليل والشرح، ومسندة الى مصادر معلومة الاسم، مجهولة الهوية والموقع، ومرفقة ببعض الحقائق الجانبية لتوهم السامع انها برقيات عن حوادث حدثت للتو. وهو نمط عادة ما يرافق عمليات الاستخبارات الاميركية". اما ما يتعلق بالحزب الشيوعي العراقي، فالمرادي، من "الكادر الحزبي" يزعم: "همّنا هو توحيد الحزب، وإعادته الى ثوابته الوطنية السابقة، وأهمها إلغاء العهود والمواثيق التي التزمت بها قيادتنا الحالية لأميركا". فلا يشير، وهو "الكادر الحزبي" الذي يفترض فيه امتلاكه للمعرفة والإطلاع، ولو الى بند واحد من تلك "العهود" و"المواثيق" المزعومة. وأتحداه ان يفعل ذلك، مثلما أتحداه ان يشير الى وثيقة واحدة للحزب وردت فيها عبارة "الرئيس العراقي" - المذكورة في نشرته وثوابته - بدلاً من "الطاغية" و"المجرم" و"الجلاد". وفي شأن موقف الحزب من الحرب، والجيش العراقي، ومهمة التغيير، كتب المرادي، في مكان آخر، يقول: "اما ما تفعله القيادة الحالية فهو ارتداد عن ثوابت الحزب النضالية وخيانة وطنية عظمى". لكنه نسي هذا الاتهام الخطير، وراح يغالط نفسه بنفسه، معترفاً، في رده على "الحياة"، بقوله: "والجدير ذكره هو ان الموقف المعلن لقيادة الحزب الشيوعي العراقي هو إدانة الغزو الاميركي، والوقوف ضده، شأنه في ذلك شأن القوى الوطنية العراقية والعربية والعالمية على السواء"، ومؤكداً: "وقيادة الحزب الشيوعي العراقي غالباً ما توجّه النداء الى الجيش العراقي للمساعدة على التغيير المنشود للحكم". فأين "الارتداد" عن الثوابت، و"الخيانة" الوطنية، سوى في مخيلة المرادي؟ وأولى بلاغ الاجتماع الاعتيادي اللجنة المركزية للحزب في 15 آب اغسطس المنصرم، اهتماماً استثنائياً للمخاطر المتنامية المحدقة بشعبنا وبلادنا، ارتباطاً بتصاعد الحملة السياسية - الاعلامية والعسكرية للادارة الاميركية الهادفة، كما يجرى الاعلان تكراراً، الى تقويض النظام الدكتاتوري القائم. ولفت الاجتماع الانتباه الى انه، خلافاً لما يعلنه ممثلو الادارة، عن انهم لا يريدون استبدال دكتاتور بآخر، ويعملون على اقامة نظام ديموقراطي في العراق، بينت المعلومات التي نشرت في الاسابيع الاخيرة ان في النية الابقاء على قسم كبير من القوات المشاركة في الهجوم المرتقب في الاراضي العراقية لسنوات طويلة، بدعوى مواجهة "الفوضى التي ستنشأ" غداة إسقاط النظام، و"حماية" وحدة البلاد، و"منع" تقسيمها، وغير ذلك من الحجج. وأشار البلاغ الى ان هذا التوجه يكشف رغبة جلية في التحكم المباشر بالتطور اللاحق في البلاد، ودفعه في الاتجاه المناسب للتصورات والخطط الاميركية عن اوضاع المنطقة، وفقاً لمصالح الولاياتالمتحدة الاستراتيجية. ويؤكد حقيقة ان من يغير الاوضاع، خصوصاً من طريق الحرب، ستكون له، وليس للشعب وقواه السياسية، اليد الطولى في تحديد طبيعة النظام المقبل وشكله. ويثير استمرار تشتت القوى الوطنية المعارضة، وتأسيس كيانات معارضة جديدة، شعوراً بالاحباط. وهذا ما يخدم مسعى النظام الدكتاتوري لإدامة تبعثر الجسم المعارض، باعتباره شرطاً لبقائه، كما يخدم الجهود الاميركية الرامية الى استبعاد او تهميش العامل الداخلي المنافس في عملية التغيير، وهو غير المرغوب فيه من قبلها عند اعادة ترتيب الاوضاع في العراق بعد اطاحة النظام. وفي شأن المشاريع المطروحة للاطاحة بالنظام الدكتاتوري، ولرسم معالم مستقبل العراق، نبه الحزب الى المخاطر الجدية التي تنجم عن اعتماد خيار الحرب والتدخل العسكري الاجنبي كوسيلة للتغيير. وتدلل التجارب على انهما يخلفان الموت والدمار والمآسي، ولا يأتيان بالديموقراطية. فهذه يعتمد تحقيقها اساساً على مشاركة جماهير الشعب وقواه السياسية في عملية التغيير. وشدد اجتماع اللجنة المركزية الاخير على ان التغيير هو مهمة شعبنا، وقواته المسلحة، بقيادة تحالف قوى المعارضة الوطنية، وبدعم دولي شرعي. السويد - عبدالفتاح ابراهيم