يتوقع المسؤولون في قطاع السياحة في المغرب ان يكون القطاع مرة اخرى ضحية للاحداث التي تعيشها منطقة الشرق الاوسط، في وقت يحاول القطاع فيه استعاد عافيته بعد تكبده خسائر حادة نتيجة احداث 11 أيلول سبتمبر الماضي في الولاياتالمتحدة. وقدر المسؤولون حجم الخسائر المتراكمة في قطاع السياحة منذ خريف العام الماضي بنحو 45 في المئة، خصوصاً بالنسبة لاسواق الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة، التي تقلصت اعدادها بشكل ملحوظ منذ بدأت القنوات الفضائية الدولية قبل نحو اسبوع نقل صور مشاهد مؤلمة لمعاناة الفلسطينين وخروج المسيرات المؤيدة للانتفاضة في العديد من البلدان العربية والاوروبية. قال مسؤولون في القطاع ل"الحياة" ان وكالات سفر دولية الغت رحلات كانت مبرمجة الى المنطقة المغاربية، خصوصاً المغرب وتونس، بدعوى سوء التوقيت وتزايد مشاعر الغضب الشعبية. واشعرت فنادق في المنطقة بتعديلات في برامج السياحة الدولية خصوصاً بالنسبة لفترة الربيع التي تزدهر فيها السياحة نحو شمال افريقيا والتي جلبت العام الماضي نحو ثمانية ملايين سائح. وقال سعيد لبار وهو رجل اعمال ورئيس فيديرالية السياحة في فاس ل"الحياة" ان المدينة التاريخية تبدو شبه خالية من السياح الاجانب، على عكس العام الماضي الذي شهد انتعاشاً سياحياً كبيراً. واعتبر انه باستثناء بعض المجموعات الاوروبية التي تتكون في الغالب من كبار السن تعاني السياحة في المدينة من تراجع حاد في الليالي الفندفية التي تراجعت نسبة الاشغال فيها الى 25 في المئة وهي نسبة لا تسمح باعتقاده في تحقيق مردود تجاري. وانخفضت السياحة في مراكش وهي اكبر مدينة سياحية في شمال افريقيا الى مادون 40 في المئة، وكانت النسبة تتجاوز 56 في المئة العام الماضي. وحصل الامر نفسه في اغادير التي تقلص اعداد السياح الالمان والاسكندنافيين فيها. وتعاني مدينة طنجة على البحر الابيض المتوسط بدورها من تناقص السياح الاسبان وتبدو فنادق المدينة اقل صخباً مما كانت عليه في الصيف الاخير. ويتوقع المسؤولون ان تتكبد السياحة خسائر جديدة اذا تواصلت الاحداث في منطقة الشرق الاوسط، كما حدث اثناء حرب الخليج الثانية عام 1991. وقال مصدر ل"الحياة" انه باستثناء السياح الفرنسيين المتوقع زيادة اعدادهم حوالى 900 الف شخص تم تسجيل تراجع في معظم الاسواق الاوروبية التقليدية. وبلغت النسبة اقل مستوى لها بالنسبة للسياح الاميريكيين الذين كان يتجاوز عددهم 130 الف شخص. ولتعويض الخسائر في السياحة الاوروبية والاميركية، بدأ المكتب المغربي للسياحة حملة اعلان في اسواق الشرق الاوسط والخليج. وقال مصدر من المكتب ان اعداد السياح العرب نحو المغرب بلغ العام الماضي74 الف شخص وهو رقم مرشح للتضاعف بسبب الاوضاع الدولية التي باتت تفرض قيوداً على السياحة العربية في بعض المناطق من العالم. واحتل السياح السعوديون المرتبة الاولى بين الزوار العرب الى المغرب بحوالى 33 الف سائح. وزدات السياحة العربية خلال الشهرين الاولين من السنة بنحو 8,2 في المئة وبلغت 10 الاف سائح عربي اغلبهم من دول الخليج ومصر. وقال المصدر ان المغرب يراهن على السياحة العربية لتعويض الخسائر المسجلة في السياحة الاوروبية. واعتبر ان انفاق سائح عربي يوازي انفاق 15 سائحاً اوروبياً بسبب الرسوم التي تجنيها وكالات الاسفار الدولية من رحلات السياح الاوروبيين. وكانت السياحة طيلة الاعوام الماضية احد اهم مصادر الدخل الرئيسة في المغرب وتمثل سبعة في المئة من اجمالي الناتج القومي ويعيش عليها نحو نصف مليون شخص. وينوي المغرب استثمار نحو ثلاثة بلايين دولار اضافية لمضاعفة الوحدات الفندقية في مسعى لاستقبال 10 ملايين سائح في سنة 2010. ويتخوف المغرب من انعكاس الوضع الخطير في الشرق الاوسط على مجمل الاقتصاد المحلي في وقت يستعيد الاقتصاد عافيته تدرجاً بعد ثلاثة أعوام من الجفاف كلفت البلاد خسائر قدرت بنحو عشرة بلايين دولار.