سوريا تعلن الاعتراف بكوسوفو بعد اجتماع ثلاثي في الرياض    الفالح ينوه بالخدمات المقدمة للشركات العائلية في المملكة    وزير الصحة يلتقي نظيره الإيراني في ملتقى الصحة العالمي    «إنفيديا» تتجاوز 5 تريليونات دولار بفضل الطلب على الذكاء الاصطناعي    "رهاني على شعبي" إجابة للشرع يتفاعل معها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان    الرميان:"الصندوق "يستهدف الوصول ألى تريليون دولار من الأصول بنهاية العام    قرعة ربع نهائي كأس الملك تضع الاتحاد في مواجهة الشباب    إكسبو الرياض 2030 يدعو العالم ليكون جزءا من الحدث العالمي    ولي العهد يستقبل نائب الرئيس الصيني    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    أمير منطقة الرياض يستقبل مدير عام قناة الإخبارية    نائب أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير الأحوال المدنية بالمنطقة    الأفواج الأمنية بجازان تقبض على مخالف لنظام أمن الحدود لتهريبه 84 كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    رئيس جمهورية رواندا يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير المنطقة    ترمب ينتقد رئيس البنك المركزي مجددًا في تأخيره خفض الفائدة    مدير تعليم الشرقية وأمين "موهبة" يطلعون على مشاريع "معرض إبداع الشرقية 2026"    المنكوتة والمعيني ينثران قصائدهم في سماء جدة    عطارد يزين الليلة سماء السعودية    العويران: نصف الرياضيين يعزفون عن الزواج.. "يبحثون عن الحرية بعيدًا عن المسؤوليات"    استشهاد 91 فلسطينياً في قطاع غزة    روائع الأوركسترا السعودية تعود إلى الرياض في نوفمبر    ارتفاع الوفيات المرتبطة بالحرارة عالميا 23٪ منذ التسعينيات    بإشراف وزارة الطاقة ..السعودية للكهرباء و إي دي إف باور سلوشنز تفوزان بمشروع صامطة للطاقة الشمسية    رئيس وزراء جمهورية باكستان الإسلامية يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير المنطقة    الاتحاد يقصي النصر من كأس خادم الحرمين الشريفين    غضب من مقارنته بكونسيساو.. خيسوس: رحلة الهند سبب الخسارة    أشادت بدعم السعودية للبرنامج الإصلاحي.. فلسطين تطالب «حماس» بتوضيح موقفها من السلاح    أطلقها نائب وزير البيئة لدعم الابتكار.. 10 آلاف مصدر علمي بمنصة «نبراس»    أكد أن الاتفاق مع باكستان امتداد لترسيخ العلاقات الأخوية.. مجلس الوزراء: مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار يدفع نحو التنمية والازدهار    بدء التقديم على برنامج ابتعاث لتدريس اللغة الصينية    التعلم وأزمة المعايير الجاهزة    مزايا الأمن السيبراني بالعالم الرقمي    إدانة دولية لقتل المدنيين.. مجلس السيادة السوداني: سقوط الفاشر لا يعني النهاية    دعا لتشديد الضغط على موسكو.. زيلينسكي: أوكرانيا مستعدة للسلام دون تنازل عن أرض    الإعلام السياحي على مجهر «ملتقى المبدعين»    «من أول وجديد» 15 حلقة    تحاكي الواقع وتقيس الكفاءة والدقة.. مسابقات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ.. إثارة وتشويق    تبوك تستعد للأمطار بفرضيات لمخاطر السيول    المناطيد تكشف أسرار العلا    سعود بن بندر يطلع على أعمال "آفاق"    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري الفحوصات الطبية للملاكمين المشاركين بنزالات موسم الرياض    منتديات نوعية ترسم ملامح مستقبل الصحة العالمية    الهلال يكسب الأخدود ويبلغ ربع نهائي كأس الملك    صحة المرأة بين الوعي والموروثات الثقافية    فترة الإنذار يالضمان الاجتماعي    فيصل المحمدي من بيت امتلأ بالصور إلى قلب يسكنه التصوير    ولادة توأم من بويضات متجمدة    العلماء يحذرون من الموز في العصائر    54 مليون قاصد للحرمين خلال شهر    السعودية تدين الانتهاكات الإنسانية الجسيمة لقوات الدعم السريع في الفاشر    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوزان بدرخان تكشف وجهاً آخر للفتاة الكردية
نشر في الحياة يوم 23 - 04 - 2002

الصورة التي استقرت في الأذهان عن مقتل الفتاة الكردية فاطمة شاهين على يد والدها، وتلاحق الانباء عن تعرّض المزيد من الفتيات الكرديات للعنف والبطش بأيدي الأهل، من جهة حملهن على الزواج الإجباري وقسرهن على الخضوع لعادات وتقاليد منبوذة، كل هذا ولد صورة قاتمة عن الفتاة الكردية. لقد بدت سلبية، مقهورة، لا حول لها ولا قوة.
تسعى سوزان بدرخان الى تبديد هذه الصورة. وهي بسلوكها وأفكارها ونشاطها المتعدد الأوجه تحاول قلب الآية. ولكنها إذ تفعل ذلك فلأنها تنتمي الى أسرة مثقفة، منفتحة على الحياة، تجاوزت القوالب المتحجرة وقفزت عن التقاليد الصارمة وصارت تمتلك إحساساً عميقاً بقيمة الإنسان، رجلاً كان أم امرأة، وقدرته على ان يكون سيّد نفسه. وسوزان تبلغ من العمر ثمانية وعشرين عاماً، وهي تقيم في النروج، مع أسرتها، منذ كان عمرها عشر سنوات. وقد جاءت الأسرة من كردستان العراق في أعقاب هجوم الجيش العراقي على المدن والقرى، بما في ذلك بلدة السليمانية، موطن سوزان وأهلها. كان أبوها ضابطاً في الجيش العراقي ولكنه انضم الى المعارضة الكردية ثم اختار الهجرة الى النروج.
سوزان الآن شهيرة في النروج: إنها ممثلة مسرح وسينما، مصممة أزياء ورسامة. وهي تنشط، فوق ذلك، في شؤون الدفاع عن حقوق المرأة وتحسين شروط العيش لهن وللمهاجرين بشكل عام. ولم تتزوج سوزان بعد. بل إنها لم تقع في الغرام. "أنا مشغولة الى حدّ كبير. لا وقت للحب لديّ"، تقول وهي تبتسم. ولكن "إذا ظهر فارس الأحلام فلن أتردد في استقباله". ولا يهم إن كان هذا الفارس شاباً كردياً أسمر أو فتى سويدياً أشقر أو من أي جنس أو قوم. فالحبّ لا يمارس التمييز العنصري.
لا تخاف سوزان، اذا وقعت في غرام شاب غير كردي، ان ينقضّ عليها أبوها أو أحد إخوتها فيذبحها ويهشّم جمجمتها بالرصاص. عائلة سوزان بعيدة من هذا النحو من "التفكير".
"مثلي الأعلى هو والدي" تقول سوزان. "إنه رجل حنون وقويّ. وهو علّمني الاعتماد على الذات وتكوين شخصية مستقلة وقوية".
درست سوزان في معهد المسرح بأوسلو، قسم تصميم الأزياء والتمثيل. وفي عام 1995 ظهرت على الخشبة في دورٍ لنصٍ مأخوذ من فرناندو بيسوا. وفي عام 1999 قامت بدور البطولة في فيلم بعنوان "العرس" يدور حول علاقة المهاجرين بالنروجيين والمشكلات التي تنجم عن اصطدام رؤيتين مختلفتين في القيم والذوق.
تقول أم سوزان، وهي سيدة محتشمة ومثقفة، انها فخورة بسوزان. أما أخواتها الأربع فإنهن يتقاسمن مع سوزان الهوايات والأعمال ذاتها. وقد شاركن جميعاً في إقامة معرض للأزياء، من تصميم سوزان، في احدى صالات أوسلو.
"أنا اعتزّ بسوزان وبأخواتي كلهن" يقول أحمد، وهو الشقيق الأصغر من ثلاثة اخوة. ولكنه لا يخفي "انزعاجه" منهن أيضاً. والانزعاج ناتج عن "مكوثهن طويلاً في الحمّام للتزيين، والمشكلة أنه لا يوجد سوى حمّام واحد في البيت".
"إن المرأة تملك جسداً جميلاً وعليها ان تدرك ذلك وتصون هذا الجمال" تقول سوزان. وهي تعمل من أجل تأكيد هذه المقولة من خلال تصميمها لأشكال مبتكرة من الأزياء "من شأنها ان تظهر جمال المرأة وتحافظ على أنوثتها وشخصيتها في آن معاً". وليس هناك من عائق في وجه ان تمارس سوزان أعمالها بحرية وان تحقق مشاريعها وتلاحق مطامحها. وهي لا تتردد في إظهار ثقتها بنفسها وقدرتها على تنفيذ ما تريد عبر الجهد والعمل والايمان بالذات. وهي تحوّلت، نتيجة إنجازاتها العديدة في أكثر من ميدان، الى نموذج للفتاة المهاجرة التي تخرج من قفص الانعزال وتنخرط في المجتمع النروجي وتسهم فيه بفاعلية وذكاء. ويعتبرها الكثر، الى جانب الباكستانية شعبانة رحيم والصومالية قادرة، الثلاثي الذي أظهر الوجه الإيجابي للفتيات المهاجرات. إنهن يمثلن جيلاً جديداً من الشابات اللواتي لا تتراجعن إلى الخلف بل تمضين الى مستقبل أرحب تتحرر فيه الفتاة الشرقية، عموماً، من قيودها وتقبل على الحياة بشغف من دون خوفٍ أو خجل. ولكن سوزان تجفل من السياسة ولا تريد الخوض فيه: "ليست لديّ طموحات سياسية وأنا لا أريد ممارسة نشاط سياسي". انّ الذي يهمها هو اندفاعها الى التعبير عن آرائها بحرية والسعي الى تحويل أحلامها الى مشاريع على أرض الواقع. وأحلامها كثيرة: ان تصبح ممثلة كبيرة. أن تقيم معارض رسم. ان تملك محلاً كبيراً خاصاً لتصميم الأزياء. ان تتمكن من امتلاك بيت خاص بها.
تعتبر سوزان نفسها مواطنة في مجتمع نروجي بات "متعدّد الثقافات والأعراق". وهي تحاول ان تظهر الوجه الآخر للفتاة الكردية. وجهها المشرق، الأخاذ، بعيداً من القلق والذعر والشعور بالانكسار.
"إن ما يبعث الأسى في لغتي هو اعتقاد النروجيين ان الفتيات الكرديات هن ضعيفات على العموم". يجب الا يحوّل الناس الى نماذج نمطية جامدة، تقول سوزان. ففي كل مجتمع هناك أصناف وعلاقات وسلوكيات مختلفة. ينبغي النظر الى الصورة كلها لا إلى جانب واحد منها.
تعتقد سوزان ان الفتيات الشرقيات في شكل عام، والكرديات في شكل خاص، وضعن أقدامهن على طريق تحررهن من القيود والتابوات والمحظورات الموروثة من عهود سحيقة. "إنه طريق طويل، ولكن ينبغي السير فيه". وما يجعل سوزان متفائلة، وسعيدة، هو ذلك العدد الكبير من الناس، رجالاً ونساء، ممن يتصلون ويؤكدون لها إعجابهم بما تفعل وثقتهم بها وتأييدهم لأفكارها وسلوكها.
"أنا من جهتي، وكإنسانة صارت معروفة في الأوساط العامة فإن ما يهمني هو التأكيد للجميع على ضرورة ان تقف الفتاة بنفسها وان تكون قوية وشجاعة وتثبت قدرتها على تجاوز الصعوبات". وأجمل شيء في حياتي، تهمس سوزان في فرح، هو استمراري في امتلاك علاقة رائعة مع أهلٍ أحترمهم ويحترمونني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.