اختتم مؤتمر المعارضة العراقية أعماله بعد ظهر أمس في لندن بتشكيل لجنة متابعة وتنسيق من 65 عضواً ثلثهم تقريباً من الشيعة للاعداد لمرحلة ما بعد صدام حسين، وعلم ان المشاورات جارية لزيادة عدد اللجنة التي سيكون مقرها "المناطق المحررة في شمال العراق" كما قال جلال طالباني. واقر المؤتمر الذي عقد تحت شعار "من اجل انقاذ العراق والديموقراطية" وثيقتان، الأولى بعنوان "مشروع المرحلة الانتقالية" والثانية بعنوان "البيان السياسي لمؤتمر المعارضة العراقية" دمجت فيهما وثيقة ثالثة بعنوان "مسودة تصور حول مستقبل العراق". وكانت الخلافات في شأن نسب تمثيل فصائل المعارضة المختلفة داخل لجنة المتابعة والتنسيق أدت الى تمديد اعمال المؤتمر لمدة 24 ساعة، وانسحبت خمسة تنظيمات من الجلسة الختامية "احتجاجاً على هيمنة المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"، فيما أعلن السيد محمد بحر العلوم تحفظه عن زج اسمه في لجنة المتابعة. افاد مشاركون في مؤتمر المعارضة العراقية ان زلماي خليل زاد، سفير الولاياتالمتحدة فوق العادة لدى المعارضة العراقية، عقد مساء الاثنين اجتماعاً مع مجموعة من قادة المجموعات المختلفة المشاركة في المؤتمر، وهدد بأن تلجأ الولاياتالمتحدة الى "خيارات اخرى بما فيها تعيين حاكم عسكري في العراق بعد سقوط النظام الحالي اذا لم ينته هذا المؤتمر الى اتفاق". وافادت مصادر مطلعة في مؤتمر المعارضة ان المشاركين اعتمدوا النسب التي اقرت في مؤتمر صلاح الدين العام 1992، اساساً لتحديد التمثيل في لجنة المتابعة التي اقروها في ختام مؤتمرهم في لندن امس. وكانت نسب التمثيل في مؤتمر صلاح الدين على النحو الآتي: 66 في المئة للعرب السنة والشيعة، و25 في المئة للأكراد، و6 في المئة للتركمان و3 في المئة للآشوريين. واقر المؤتمر وثيقتين تقضي اولاهما باجراء استفتاء عام يحدد شكل الحكم فى العراق: هل هو ملكي ام دستوري، وتقضي بتولي حكومة انتقالية ادارة شؤون البلاد لفترة انتقالية اقصاها عامان، على ان يشكل "مجلس سيادي من ثلاثة من القادة من ذوي الماضي النضالي المشرف والمشهود لهم بالنزاهة" لتولي مهمات رئاسة الدولة، من دون توضيح صلاحيات هذا المجلس ولا كيفية اختيار اعضائه الثلاثة. وتنص الوثيقة الثانية على حل مشكلة الاكراد من خلال اقامة نظام "فيديرالي ديموقراطي تعددي"، وعلى ضرورة رفع الاضطهاد عن "الغالبية الشيعية". وتؤكد الوثيقتان ان الاسلام دين الدولة وان الشريعة الاسلامية "من مصادر التشريع الاساسية". ويؤكد البيان الختامي ضرورة التخلي عن تطوير اسلحة الدمار الشامل وكل الاسلحة التي تحظرها المعاهدات الدولية، ويقترح "استغلال العوامل الدولية" لإطاحة النظام العراقي، مشيراً الى ان المعارضة والشعب يجب ان يقوما بدور رئيسي في تغيير النظام. وشهدت الجلسة الختامية خروج خمسة تنظيمات "احتجاجاً على هيمنة المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" على سير أعمال المؤتمر، فيما ضجت القاعة حينما تلي اسما مشعان الجبوري ووفيق السامرائي في لجنة المتابعة، وصرخ المعارض فائق الشيخ علي: "لم يعد ينقص اللجنة إلا اسمي صدام حسين وعلي كيماوي حسن المجيد". وأعلن عبدالعزيز الحكيم ممثل "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" ان حركته ترفض أي تدريب أو تسليح اميركيين للمعارضة العراقية. وأوضح ان الادارة الاميركية "عرضت علينا خلال زيارة أخيرة الى واشنطن مساعدات مالية وتدريبية كما عرضت علينا أموالاً، ولكننا في المجلس الأعلى قلنا اننا لسنا بحاجة الى مال ولا الى سلاح وتدريب". واضاف ان المجلس ابلغ الادارة الاميركية "ان لدى المعارضة العراقية المعسكرات والضباط القادرين على تدريب عناصر المعارضة، كما ان لديها الأسلحة". وقال رداً على سؤال عما اذا كانت المعارضة ستطلب من المجتمع الدولي ارسال قوة لحفظ السلام في العراق بعد سقوط النظام الحالي فقال: "العراق لا يحتاج الى مجيء قوات عسكرية اجنبية لأن المعارضة تستطيع، بانضمام القوى الشعبية اليها وهي كثيرة، ان تحفظ الأمن والاستقرار داخل العراق وفق التصور الذي أقر في هذا المؤتمر". واكد الحكيم ان "الشعب العراقي هو المسؤول الوحيد عن تغيير النظام، لكنه بحاجة الى دعم من المجتمع الدولي والاقليمي، خصوصاً الأممالمتحدة التي يجب ان تسعى الى تنفيذ قراراتها المتعلقة بالعراق"، موضحاً: "إذا نفذت هذه القرارات ومنع النظام من استخدام اسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة التقليدية فسيتمكن الشعب من الإطاحة بهذا النظام". من جهته، أعلن جلال طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني ان لجنة المتابعة والتنسيق ستعقد أول اجتماع لها في الخامس عشر من الشهر المقبل في "مقرها في المناطق المحررة في شمال العراق لاختيار قيادة" للمعارضة العراقية. وأوضح انه "ستتم زيادة عدد أعضاء اللجنة لتستوعب النساء وفئات أخرى"، مشيراً الى ان "الحديث عن حكومة انتقالية سابق لأوانه". وأكد طالباني ان حزبه "يرفض التفاوض مع الشركات النفطية للعمل في العراق ما بعد صدام التي تنتمي الى الدول التي تدعم النظام الديكتاتوري في بغداد"، في اشارة الى الشركات الروسية. وكان طالباني يعقب على كلام الدكتور أحمد الجلبي الذي اشار فيه الى ان الحكم المقبل في العراق لن يستثني التفاوض مع أي شركات نفطية عالمية. وكان الجلبي اكد ان المعارضة العراقية ستعيد النظر، في حال سقوط نظام صدام، بكل العقود النفطية التي وقعتها الحكومة العراقية. ولفت مسعود بارزاني الى "وجود قوى وشخصيات لم تشارك في المؤتمر لها تاريخ طويل في النضال ضد الديكتاتورية في العراق، يجب التواصل معهم، وأن يكون لهم دورهم، ولا يجوز لأي أحد منا مصادرة حق الآخرين". وأضاف: "لبناء عراق جديد ديموقراطي فيديرالي تعددي نحتاج الى فتح صفحة جديدة من التسامح والمصالحة الوطنية"، محذراً من ان اللجوء الى "الانتقام سيؤدي الى الهاوية"، مشيراً الى ان "القانون يجب ان يحكم، وان لا يسمح أي فرد لنفسه بالانتقام". انسحابات الى ذلك، اعرب السيد محمد بحر العلوم عن استغرابه لوجود اسمه في لجنة المتابعة على "رغم رفضي الترشيح مبدئياً لأسباب عدة"، مشيراً الى اختلافه "كلياً مع الآلية والطريقة والأسلوب في الإعداد لهذه القائمة التي تفتقر الى أبسط الممارسات الديموقراطية، اذ خضعت لمبدأ التوافق السياسي لبعض المجاميع السياسية من دون مشورة الآخرين"، مضيفاً ان لديه "تحفظات عن وجود بعض الشخصيات التي لديها، وما زالت، ماض في العمل مع النظام الديكتاتوري". ووصف احسان عبدالعزيز، ممثل الحركة الإسلامية في كردستان الاجتماعات بأنها "مسرحية" وأوضح أن "حصيلة" اسماء اللجنة جاءت نتيجة شهر العسل الذي يميز العلاقات الأميركية - الإيرانية حالياً". وانتقد كل من الشيخ جمال الوكيل، من حركة الوفاق الإسلامي والشيخ يوسف الناصري، من رابطة علماء الدين، "هيمنة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية على سير أعمال المؤتمر وفرض وصايته على الإسلاميين بالتآمر والتحالف مع بعض الأطراف الخارجية"، وأكدا "رفض أي وصاية على التيار الإسلامي". وعدد الوكيل أسماء خمس حركات انسحبت من الاجتماع الختامي للمؤتمر احتجاجاً على طريقة اتخاذ القرارات، وهي حركة الوفاق الإسلامي والحركة الإسلامية في كردستان ورابطة علماء الدين وتيار الإمام الصدر والحركة التركمانية الإسلامية. أكما أعلن أبو زهراء النجدي انسحابه من المؤتمر بسبب اختيار بعض الأعضاء في لجنة المتابعة من ذوي "الماضي الاجرامي". واعتبر اللواء وفيق السامرائي، المدير السابق للاستخبارات العسكرية، أن عضويته في لجنة المتابعة "مسؤولية وطنية". وأوضح ان أعمال المؤتمر "سارت بشكل جيد، وأن النتائج متوازنة تدل على بعض الهواجس والسلبيات السابقة".