قلت لهم جميعاً إن السماء لم تمطر ذهباً من قبل وإن الطيور تبني أعشاشها بنفسها ولم يسبق أن بناها لها أحد أبداً قالوا: لا يا هذا. أنت واهم! فهو آت، ولا ريب في ذلك ألا تؤمن بمجيئه؟ ومرت دهور تليها دهور وهم مازالوا منتظرين وأحياناً يعتريهم بعض اليأس ويتساءلون: لماذا لم يأت الوعد بعد؟ أتراه سيخلف وعده؟ ولكن هذا اليأس في كلامهم سرعان ما يتحول أملاً من جديد حين يظهر فيهم من اعتاد أن يقول: لا يا قوم، لقد تأخر حقاً ولكنه آت وبمجيئه ستحل البركات وسينفك أسركم جميعاً. ولما لم يأت في النهاية وقاموا جميعاً ليطيحوا بمن اعتادوا تخديرهم عندئذ استمعوا إلى رجل جديد قال فيهم: تعالوا أحبائي نفعل بأيدينا ما انتظرناه من أجله وظنناه يعيينا فساروا خلفه وحاولوا ثم حاولوا ولكن الحقيقة هذه المرة كانت صادمة ومُرة فالطيور الصغيرة المهاجرة أخبرتهم أن ما فات أوانه قد فات وأنه لن يعود أبداً الأسكندرية - محمد علي ثابت