باشر الرئيس ياسر عرفات أمس تحركاً لاستكشاف امكانات انعقاد قمة عربية استثنائية، قاده الى العاصمة الأردنية حيث أجرى محادثات مع الملك عبدالله الثاني ثم الى جدة مساء أمس حيث التقى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وسيجري اليوم محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. وقال عرفات لدى وصوله الى جدة ان موضوع القمة هو محور محادثاته مع القيادة السعودية. وأوضح في تصريح الى "الحياة" ان "المشاورات مع القيادة السعودية تقرر هل سنعقد قمة عربية مصغرة أم شاملة". وأكد ان الوضع في الأراضي الفلسطينية يمر في مرحلة حرجة نتيجة تعزيز اسرائيل قواتها التي تحاصر المدن والقرى والمخيمات لترهيب الشعب الفلسطيني باستخدام خطة "اورنيم" التي تعني بالعربية "جهنم". ورداً على سؤال ل"الحياة" عن الحصار واحتمالات الاجتياح الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية قال عرفات: "الحصار شامل لكن الزمن طويل بيننا وبينهم". وأضاف: "يا جبل ما يهزك ريح". واثنى على الدور السعودي والمساعي التي تبذلها القيادة السعودية من أجل دعم الشعب الفلسطيني. وتحدث الرئيس جاك شيراك في جنوى عن خلاف مع اسرائيل التي تطالب السلطة الفلسطينية ب"مئة في المئة من النتائج" في "مكافحة الارهاب"، بينما يريد زعماء الدول الصناعية الثماني "مئة في المئة من الجهود". في الوقت ذاته أجرى الملك عبدالله اتصالاً بولي العهد السعودي وآخر بالرئيس حسني مبارك، في حين قلل وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز من تبني مجموعة الثمانية فكرة مراقبين من "طرف ثالث"، وقال ان الدولة العبرية تقبل بتدخل "بعثة أميركية للمتابعة". وواصل رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون سياسة التصعيد رافضاً "العودة الى مسار كامب ديفيد أو طابا"، ومعتبراً أن الدولة العبرية تخوض "معركة صعبة أمنياً وسياسياً وتاريخياً". وقال في كلمة أمام أعضاء ليكود: "سنحقق السلام فقط مع القدس الموحدة وفي مركزها جبل الهيكل، عاصمة الشعب اليهودي الى الأبد". واتهم "تحالف كل الفصائل الفلسطينية" ب"ممارسة الارهاب"، مشيداً بالتصفيات التي نفذتها قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد ناشطين فلسطينيين. اجراءات أمنية في غضون ذلك شددت اسرائيل امس الاجراءات الامنية تحسباً لهجمات يشنها فلسطينيون انتقاماً لمقتل ثلاثة بينهم رضيع، برصاص مستوطنين قرب الخليل. وافادت الشرطة الاسرائيلية انها أوقفت في مدينة حيفا فلسطينيا "كان يعد لعملية تفجير"، مشيرة الى انه تحدث عن آخرين يعدون لتنفيذ هجمات مماثلة. وقالت مصادر في جدة مرافقة للرئيس الفلسطيني ل"الحياة" ان "الفلسطينيين يملكون خططاً لمقاومة عمليات احتلال قد تنفذها اسرائيل"، وذكرت ان "الاسرائيليين يقدرون للمرة الأولى حجم خسائرهم في حال اجتاحوا الأراضي الفلسطينية بالمئات في مقابل آلاف من الفلسطينيين". وفيما استقبل الملك فهد بن عبدالعزيز الرئيس الفلسطيني الذي عرض الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة وانتهاك اسرائيل اتفاقات السلام، تلقى الأمير عبدالله بن عبدالعزيز اتصالاً هاتفياً من الملك عبدالله الثاني وتبادلا وجهات النظر في القضايا ذات الاهتمام المشترك. واعلن في القاهرة ان الرئيس حسني مبارك تلقى اتصالاً من العاهل الأردني تناول اوضاع الاراضي الفلسطينية ونتائج محادثات الملك عبدالله مع عرفات التي ركزت على الخطوات التي يمكن اتخاذها عربياً ودولياً للمساعدة في وقف معاناة الشعب الفلسطيني ومواجهة التهديدات الاسرائيلية. وقالت مصادر الديوان الملكي الأردني ان الزعيمين أكدا خلال محادثاتهما "خطورة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وضرورة ارسال مراقبين دوليين لضمان تطبيق توصيات ميتشل كرزمة متكاملة وضمن جدول زمني محدد". وشدد الملك عبدالله على ان الأردن "يقف بكل امكاناته الى جانب الأشقاء الفلسطينيين"، مشيرا الى "ضرورة ان يعمل المجتمع الدولي كفريق واحد للحؤول دون تدهور الأوضاع في ضوء التصعيد الذي تشهده المنطقة ويهدد الاستقرار الاقليمي". وتطرق الملك عبدالله وعرفات الى توصيات لجنة المتابعة التي اجتمعت في القاهرة الاسبوع الماضي، اضافة الى قرارات قمة الدول الصناعية الثماني، خصوصاً قرار نشر مراقبين من "طرف ثالث" للتأكد من التزام تنفيذ توصيات ميتشل. شيراك وفي جنوى حيث اختتمت القمة أمس، أكد الرئيس الفرنسي جاك شيراك ان المناقشة المعمّقة حول الشرق الأوسط أظهرت خلافاً في الرأي بين الحكومة الاسرائيلية التي تطالب السلطة الفلسطينية ب"مئة في المئة من النتائج" في مكافحة الارهاب قبل تطبيق توصيات ميتشل، وبين رؤساء مجموعة الثماني الذين "يريدون ان يكون المعيار مئة في المئة من الجهود". ورأى شيراك ان "المئة في المئة من النتائج تعني ان اي مبادرة تقوم بها أي مجموعة ارهابية لاضرام النار في الاراضي الاسرائيلية تجعل مفتاح السلام او الحرب في يد هذه المجموعة، وهذا من شأنه دعم المجموعات الارهابية واضعاف رؤساء الدول والحكومات المعتدلين لا سيما في العالم العربي". واستدرك "انها عملية خطيرة، لذلك شدد وزراء خارجية مجموعة الثماني ثم رؤساء دولها وحكوماتها على أهمية استئصال الاعتداءات الارهابية، ولكن في ظروف لا تعطي المفتاح لأحداث ومجموعات ارهابية". ورداً على سؤال ل"الحياة" هل لمس لدى الرئيس جورج بوش رغبة في العمل لحمل اسرائيل على قبول تنفيذ توصيات ميتشل، قال شيراك انه لمس لدى الرئيس الأميركي اهتماماً كبيراً بما يجري وانه اظهر هذا الاهتمام بتبني ما ورد في بيان وزراء الخارجية الثمانية الذي ساهم فيه الوزير كولن باول. وأكد ل"الحياة" مصدر فرنسي مأذون له شارك في المحادثات، ان الجانب الفرنسي لمس قلقاًَ واسعاً لدى بوش ازاء الأوضاع بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وأن ادارة بوش، خلافاً لادارة الرئيس بيل كلينتون، ترحّب بدور اوروبي الى جانب الولاياتالمتحدة بالنسبة الى هذه الأزمة. واعتبر المصدر ان موافقة الرئيس الاميركي على مبدأ آلية مراقبة محايدة "من طرف ثالث" هي في حد ذاتها انجاز. وبدا بيريز كأنه يفتح الباب نوعاً ما أمام "آلية مراقبة"، اذا أُطلق على الأشخاص المعنيين وصف "ملاحظين" بدلاً من "مراقبين". وتابع في تصريحات الى الاذاعة الاسرائيلية: "لم نعارض نشاطات المتابعة، ولكن ليس من مراقبين مثل المنتشرين في لبنان واماكن اخرى". وقال ان دعوة مجموعة الثماني لم تبتعد عن مطالب لجنة "ميتشل" التي ربطت نشر مراقبين بموافقة الجانبين، وزاد: "حق الاعتراض ما زال في أيدينا، ولم نقل ابداً لا لتدخل بعثة اميركية للمتابعة" تشرف على مراقبة الهدنة ميدانياً. واشار الى ان اتفاقات واي بلانتيشن بين اسرائيل والفلسطينيين عام 1998 نصت على دور لوكالة الاستخبارات الاميركية سي. آي. اي في مراقبة تطبيق اجراءات الأمن.