يتهيأ التلفزيون العربي السوري لإنتاج الجزء الرابع من مسلسل "حمام القيشاني"، الذي يتناول حقبة مهمة من تاريخ سورية والمنطقة العربية، على غرار ما تطرقت اليه الأجزاء الثلاثة السابقة. وكان الجزء الأول انتج عام 1994 وتناول الأحداث ما بين العامين 1945و1947، والجزء الثاني عام 1997 وعني بالمرحلة ما بين 1947 و1951، والجزء الثالث عام 1998 وركز على المرحلة ما بين 1952 و1955. أما الجزء الرابع، قيد الانجاز، فيعالج الاحداث ما بين 1955 و1959، وهي مرحلة مهمة إذ عاشت المنطقة العربية عموماً وسورية خصوصاً احداثاً انعطافية اثرت في تطورها السياسي، ومنها العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ومحاولة الوحدة وقيامها بين سورية ومصر عام 1958، وما جلبته من خيبات وآمال، ثم قيام الثورة على الحكم الملكي في العراق. هذه السلسلة الطويلة يتم تناولها من خلال سيرة حارة شعبية هي "حمام القيشاني" التي ينتمي ابناؤها الى مختلف التيارات السياسية في تلك المرحلة التاريخية، ويشكلون خليطاً من التجار والمحامين والأطباء والمثقفين والفئات الشعبية. ويبدو ان معظم الممثلين الذي شاركوا في الأجزاء السابقة سيستمرون في الجزء الرابع مع تعديلات طفيفة. فمن المشاركين الجدد ديما الجندي تقوم بدور سهام مكان الفنانة امل عرفة التي جسدت هذا الدور في الاجزاء السابقة، وكذلك جهاد عيدو ولورا ابو اسعد ووفيق الزعيم وروعة مخللاتي. أما ابطال "حمام القيشاني" الذي يستمرون في التمثيل، فمنهم: سلمى المصري امتثال وطلحت حمدي شوكت وهاني الروماني كمال، وصباح بركات وليلى صبر ونادين وسليم كلاس وعابد فهد. ويعتبر الروماني ان استمراره في اخراج المسلسل مسألة ترتبط بطاقته، لأنه لا يستطيع اخراج اكثر من عمل واحد في العام، ما دام يحتاج الى تحضير وتصوير مدة تصل الى 8 أشهر. ويقول إن هذا المشروع "كان يُرتب مع كاتب العمل دياب عيد وقد بُدئ بتحقيقه، واقعاً، خطوة خطوة وبكل حب، لأنه حكاية تاريخ سورية الحديث الذي يقوم على خلفية عمل درامية اجتماعية، ويأخذ في الاعتبار تطور المجتمع والناس والمتغيرات من حوله". من الشخصيات الرئيسة في المسلسل "شوكت القناديلي" أو "أبو عزو"، وهي شخصية يجسدها طلحت حمدي الذي يرى ان المسلسل يشكل "نقلة نوعية او مفصلاً جديداً في الدراما السورية في وقت تُنتج أعمال درامية سورية لا تنتمي الى الواقع او الى تاريخ الوطن وحياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية". فكل الاعمال السابقة بحسب حمدي "افتراضية او خيالية او منقولة عن الدراما المصرية او تحاكي السينما المصرية، اما "حمام القيشاني" فأهميته في موضوعيته وتوثيقه". وكانت شخصية ابو عزو في الحلقات السابقة متنوعة وغنية على رغم طغيان الوجه الظاهري عليها، اي ولعه بالنساء. لكنه في هذا الجزء يتوجه نحو القضايا الوطنية والتقدمية، وتتطور مشاعره القومية. ويتجلى ذلك بدعمه التيارات الوطنية الجديدة عبر مناصرته أفكار جمال عبدالناصر. وأبو عزو هنا ايضاً متعاطف مع ابنه الشيوعي ومع الاتحاد السوفياتي الذي ساند سورية في تلك المرحلة، ويناهض حلف بغداد الاستعماري. وتستمر شخصية الفنان علي كريم الذي يجسد التيار الاسلامي المتمثل ب"الاخوان المسلمين". ومن الأدوار الجديدة الشخصية التي يؤديها وفيق الزعيم، وستكون "ضيفة شرف" على المسلسل. وتمثل حياة شاب عاش مع أخته في الاردن، ويعودان الى حارة "حمام القيشاني" حاملين ثروة مالية كبيرة ورثاها عن اسرتهما، ويشتريان محال تجارية، ويحاولان التقرب من اهل الحارة. كذلك تستمر شخصية عمران المسكاوي من الجزء الأول الى الرابع، ويؤديها توفيق اسكندر. وهي شخصية وطنية غير متعصبة تنتمي الى الحزب السوري، لكن علاقتها بالاحزاب الاخرى جيدة. بعد هذا العرض الموجز للعمل، يبقى سؤالان: الى اي مدى سيستطيع تقديم تلك المرحلة بأمانة؟ وهل يعتبر بؤرة تحريضية على تناول التاريخ الحديث والمعاصر في الدراما السورية، بدلاً من المسلسلات الغرائبية والمفترض انها تاريخية، ولكن جل ما تفعله هو ربط الناس بألم وهمي لا علاقة له بالواقع؟