في خطوة تبدو كأنها تحول في سياسة الإدارة الأميركية، يدرس خبراء عسكريون خطة لتقليص عدد الطلعات الجوية فوق منطقتي حظر الطيران في شمال العراق وجنوبه اللتين فرضتهما واشنطن ولندن بعد انتهاء حرب الخليج. ويتوقع ان تثير هذه الخطة انتقادات في الكونغرس، إذ أبدى بعض أعضائه قلقاً على ما اعتبره تخفيفاً للعقوبات الاقتصادية. وأفادت صحيفة "شيكاغو تريبيون" الاميركية أمس، نقلاً عن مصادر عسكرية مطلعة، ان خبراء عسكريين برئاسة الجنرال تومي فرانكس، رئيس القيادة المركزية للقوات الاميركية في الخليج، يعدون تقارير ستقدم الى وزارة الدفاع لكيفية تقليص الطلعات الجوية التي تراقب منطقتي حظر الطيران، ويتركز الجدل الداخلي حالياً على كيفية التقليص ومداه. وتهدف الخطة الى الاستمرار في الضغط العسكري على العراق من دون توريط القوات الاميركية والبريطانية في دوريات جوية يومية، تؤدي غالباً الى إطلاق صواريخ مضادة للطائرات فترد بقصف مواقع المضادات العراقية. ويقول مسؤولون في ادارة الرئيس جورج بوش ان الطلعات الجوية الاميركية فوق منطقتي الحظر تلقي عبئاً على القوات الاميركية يفوق بكثير أي فائدة منه في المقابل. كما أعرب قادة عسكريون عن قلقهم من تزايد المخاطر التي يتعرض لها الطيارون الاميركيون والبريطانيون لدى تحليقهم فوق الأجواء العراقية بسبب تحسين العراق دفاعاته الجوية، واعربوا عن شعورهم بالاحباط من ان لعبة "القط والفأر" لم تستطع ان تخفض قوة العراق العسكرية. ومما يزيد السخط لدى هؤلاء العسكريين انه على رغم هذه الأخطار أصبح دعم الحلفاء الطلعات الاميركية والبريطانية شبه معدوم. وتربط الخطة، حسب الصحيفة، تقليص الطلعات الجوية بتوسيع الخيارات أمام واشنطن لقصف منشآت عراقية يشتبه بتطويرها أو انتاجها أسلحة محظورة. ويعتبر مسؤول في البنتاغون ان هذا "التغيير" يسمح لواشنطن باستعادة المبادرة لضرب العراق "في المكان والزمان اللذين نختارهما"، وليس مجرد التزام الطيارين باطلاق النار في حالات الدفاع عن النفس على حد قوله. وتتضمن الخيارات التي يدرسها مسؤولو وزارة الدفاع الاميركية تقليص عدد الطلعات الجوية فوق شمال العراق وجنوبه الى أقل درجة ممكنة. كما يدرس البنتاغون احتمال التخلي عن مراقبة منطقة الحظر الشمالية للقوات البريطانية على ان تركز القوات الاميركية على الجنوب. وهناك خيار آخر بتطوير استراتيجية "فوق الأفق" التي تقضي بإبقاء الطائرات الاميركية والبريطانية في منطقة الخليج جاهزة لقصف العراق لكن من دون دوريات يومية. ويصف وزير الخارجية الاميركي كولن باول مراجعة الدوريات الجوية بأنها واحدة من "ثلاث خطط" رئيسية ستحدد استراتيجية ادارة بوش تجاه العراق، و"الخطتان" الاخريان هما زيادة دعم المعارضة وتخفيف العقوبات عن العراق للتركيز على منع وصول المواد التي تستخدم في صناعة الأسلحة. وتبدو ان خطة تقليص الدوريات الجوية فوق منطقتي حظر الطيران تتعارض مع رغبة ادارة الرئيس بوش في تشديد الضغط على نظام الرئيس صدام حسين، إلا انها تنسجم مع اولويات الادارة الاميركية التي أعلنت وتقضي بتقليص الالتزامات العسكرية في الخارج. وتأمل الادارة الاميركية، بتخفيف العقوبات الاقتصادية ووقف الغارات الجوية شبه اليومية غير المؤثرة على قدرات القوات العراقية، ان تضع الرئيس العراقي في موقف دفاعي، إذ ان الضغط العسكري على العراق سيستمر بوتيرة أقل لكن بفاعلية أكثر عبر القصف الجوي للمنشآت التي يشتبه بإنتاجها أسلحة محظورة. وحذر مسؤولون في البنتاغون من جهة أخرى، من ان الرئيس صدام حسين سيصور أي تقليص في الطلعات الجوية على انه نصر دعائي ويزعم انه هزم قوة عظمى.