وزيرا الإسكان والإعلام ورئيس «هيئة العقار» في المؤتمر الصحفي الحكومي غداً    قطاع عقاري منضبط    المملكة ماضية في جهودها الحثيثة لتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة    الشرع: سورية عادت لمكانتها التاريخية الفاعلة بين الأمم    رسميًا.. الاتحاد يُعلن رحيل لوران بلان    الفتح يعترض على الأخطاء التحكيمية    الناقور يحتفل باليوم الوطني    50 مليار ريال فرصاً استثمارية في التعليم    وسط مساعٍ أمريكية لوقف الحرب.. 120 غارة إسرائيلية على غزة و52 قتيلاً    أوباما: لا مبرر لقصف غزة وإقامة دولة فلسطينية ضرورة    للحد من ابتزاز الحوثيين وحماية موظفي الإغاثة.. تعهد أممي بنقل مكاتب المنظمات إلى عدن    روشن تعرض مشاريعها السكنية    تعزيز الابتكار والاستدامة.. السعودية تستضيف (يونيدو) للتنمية الصناعية    القادسية يعبر الفتح ويقفز ل «وصافة روشن»    الفيحاء يتنفس الصعداء بنقاط النجمة    جماهير الاتحاد للإدارة والمدرب: ضيعتوا اللبن في الصيف    «زاتكا»: 1511 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية    ضبط 12 متورطاً واحباط تهريب 234 كجم مخدرات    الصليح يحتفل بزواج عمار    ملتقى سعودي عن الذكاء الاصطناعي في سيئول    16 باحثاً سعودياً ضمن قائمة الأفضل عالمياً    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً في أسبوع    53.6 مليون قاصد للحرمين الشريفين في ربيع الأول    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    «قط وكلب» يتسببان في طلاق زوجين    الملك عبدالعزيز الوحدة والمنهج    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية الهند    كيف قرأ العالم اتفاقية السعودية وباكستان    إشكالية سياسة واشنطن بشأن الطائرات المسيرة    ChatGPT يتيح أهم مميزاته مجانا    أزمة قلبية تنهي حياة عريس    قطرات تقلل ألم مرضى الشبكية    خطر خفي لنقص سوائل الجسم    "الإسلامية" تُقيم خطبة الجمعة في مسجد السلام بسانتياغو    «أم جرسان».. أقدم مواقع الاستيطان البشري    ضبط 18421 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    نيوم يهزم الرياض ويتقدم للثالث.. الفيحاء يكسب النجمة.. القادسية تجاوز الفتح    وزير الخارجية يوقع اتفاقيات مع نظرائه على هامش أعمال جمعية الأمم المتحدة    %20 استعادوا النبض بعد توقف القلب    الصقور المنغولية في «الصيد السعودي الدولي»    دراسة: كبسولات صغيرة تسعى للحد من التهاب الدماغ    إنجازًا طبي لزراعة مفصل المرفق    57% استجابة البنوك الخليجية لمحادثات العملاء    4320 شركة ومكتبا هندسيا في المملكة    ترقب لحركة تداول بعد موجة الارتفاع    سماحة المفتي.. رحل وبقي الأثر    محمد بن سلمان.. قائد التحول    تقدم وازدهار    تأهيل وادي قناة بالمدينة    ضبط 4 يمنيين لتهريبهم (60) كجم "قات" في عسير    حماة البيئة    رحل من كان أبا للجميع    الملحقية الثقافية بماليزيا تحتفي باليوم الوطني السعودي ال٩٥    في صمت النفس غربة الواقع وتمرد العقل    المزاح والضغوط النفسية    مهنة التسول    محافظ طريب يرعى احتفال مركز الصبيخة باليوم الوطني 95    محافظ قلوة يرعى احتفال أهالي المحافظة باليوم الوطني ال 95    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من بيته الى المقهى حيث مواعيد الأصدقاء . زكي ناصيف ... قيم نبيلة جعلته مكتفياً بما تيسر
نشر في الحياة يوم 23 - 01 - 2001

يخرج الفنان زكي ناصيف من منزله، غالباً، الى المقهى. هذا هو الخروج شبه اليومي، يقوم به هذا الكبير في أيام تبدو بطيئة، في غياب حركة فنّية، لديه استعداد "شبابي" لتحمّل متطلباتها كافة على رغم انها لا تأتي... إلاّ قليلاً. مع ذلك، فهو لا يضجر، وليس نادماً لأنه لم يتزوج، ولم يعد يرغب في تناول هذا الموضوع الذي صار وراء... وراء. والبيت الذي ليس فيه امرأة ولا أطفال ولا أجيال كان يمكن أن يكون أجمل بهم، لولا ان ظروفاً حكمت. غير ان زكي ناصيف الذي حكم قدره بفن جميل يدرك سلفاً ان البقاء، إذا كان، فلن يكون بغير ذلك التراث الضخم الذي وضع بين الدفاتر الفنية اللبنانية ذات الاستمرار، أروع النتاج في الألحان والكلمات والأغنيات الموصوفة.
احدى المؤسسات التلفزيونية الكبيرة في لبنان، كانت تعهّدت، قبل سنوات، بأن تكفي الفنان زكي ناصيف في شؤون السكن والسيارة والاحتياجات اليومية. نفّذت تعهدها يومذاك، ثم بقيت على العهد تنفّذه، ويشعر ناصيف بالامتنان لها كونها فكرت في ما تفكر فيه الدولة عادة، بمؤسساتها الثقافية والاجتماعية. ويرفض أي تشكيك بهذه المسألة، لأنها عنده حسّاسة، وذات صلة بالقيم النبيلة.
ان هذه الضمانات الإنسانية هي أكبر ما يشغل الفنان الذي بلغ من العمر عتياً. وينتظر ان يجد من يقول له بالراحة والطمأنينة ما يقال لكبير أعطى ولم يبخل، وكان عطاؤه ذا منفعة في حركة تاريخ فنّي ابداعي. المؤسسة اللبنانية للإرسال فكرت بالأمر، وبادرت، وحافظت على المبادرة بعناد. واليوم زكي ناصيف، واحد من "موظفيها" له ما لهم من دون ان يكون عليه ما عليهم.
افتراض: لو ان هذه الرعاية الأخلاقية العالية لم تتم، فماذا سيكون وضع ناصيف؟ افتراض لا ليقول إلاّ ان في لبنان تجاهلاً منقطع النظير لأمر الفنانين الذين صاروا رموزاً ولكل الآخرين الذين لم يصر وضعهم في خانة الرمز ويحلمون ويسعون. افتراض يشير الى ان وضعاً اجتماعياً متردياً يعيشه كثيرون من أهل الفن، ولا شيء لا شيء مطلقاً أمامهم من ذاك الذي يدعونه في بلاد الحضارة والقيم ضمان الشيخوخة أو الضمان الصحي أو غير ذلك.
قبل أربع سنوات بالتمام والكمال، صدرت اشارة حكومية في لبنان الى بدء معاملة الكتّاب والفنانين في لبنان بقوانين الضمان الاجتماعي. يومذاك، قيل لاتحاد الكتّاب ولجميع النقابات الفنية ان الطريق انفتح، ويجب توفير المعاملات الضرورية والأوراق الثبوتية لسريان العمل بقانون الضمان. وحتى اليوم، فإن ذلك القانون لم يصدر جدياً، والمعاملات والأوراق تنتظر، والكتّاب والفنانون أيضاً ينتظرون. وفي كل سنة تشتد همّةٌ ما في هذا الاتجاه ثم تذبل فتذبل معها أحلام فئة واسعة من أهل الفن والقلم، ويسود الصمت.
نقابة الفنانين المحترفين لم تنتظر طويلاً. كأنها أدركت ان الروتين الإداري والحكومي سوف يُدخل المشروع في دوّامته، فأنشأت "صندوق التعاضد" الخاص بها والذي يقبل في صفوفه فنانين آخرين من النقابات الفنية الأخرى. وخلال وقت قصير تمكن هذا الصندوق من أن يؤثر ويحضر بجدارة.
زكي ناصيف لا يحتاج الى صندوق تعاضد نقابة الفنانين المحترفين، الآن. ربما كان يحتاجه لو كان وضعه كغيره من الفنانين. وهذا وان يكن مطمئناً له بشكل شخصي، إلاّ انه ليس مطمئناً في المعنى العام إذ أنّ اهتزاز حياة فنان في احتياجاته وصحته تقض مضاجع زملائه الذين لا يريدون لمن كانت حياتهم في دورة نشاط وتوثب وجمال ان يقفوا مكتوفين أمام المرض أو الحاجة أو البطالة.
وزكي ناصيف، في يومياته، لا يتابع التلفزيون، الفيديو كليبات لا يراها ولا يعرف هذا من ذاك، وهذه من تلك من مطربين ومطربات في لبنان والعالم العربي. يستمع نادراً الى الإصدارات الجديدة، وحتى الحفلات الكبيرة لفنانين من جيل الريادة كوديع الصافي وفيروز ومسرحيات لمنصور الرحباني لا يتابعها، والسبب الذي لا يقوله ربما هو انهم لا يدعونه، ولو قدموا له الدعوة لما استطاع لغياب الحافز. كأنّ الأعمال الفنية تصير روتيناً قاسياً في ذاكرة من يعرف ماذا يفعل الآخرون من دون ان يتحمل مشقة الذهاب الى حيث العمل الفني الذي يقدمونه!
يخرج زكي ناصيف الى المقهى، فيجد أصدقاء، والأصدقاء خبز المواعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.