في اللحظة التي تم فيها الإعلان عن حفلة المغنية جوليا على أرض أرنون في جنوبلبنان بعنوان "مهرجان التحرير"، وُعرف أن هناك دعماً أساسياً بلغ حد إعداد المكان والمسرح والمقاعد وكل التجهيزات من القصر الجمهوري اللبناني، ومتابعة وزارة الدفاع اللبنانية على الأرض... أقول في تلك اللحظة طاب للبعض أن يستذكر الاهتمام المباشر الذي كان يبديه الرئيس السابق للجمهورية الياس الهراوي للمطربة ماجدة الرومي الى حد أن هناك من كان يسميها مطربة العهد لا بمعنى الغناء مديحاً لإنجازات العهد، وإنما بمعنى اعتمادها رمزاً جديداً في المناسبات الوطنية البارزة... والتبرعات الخيرية التي كانت تتقدم بها عبر حفلاتها المجانية. لم يبلغ اهتمام القصر الجمهوري، وسيده الحالي الرئيس إميل لحود درجة اعتماد جوليا رمزاً فنياً بالنسبة إليه كما كان موقع ماجدة الرومي لدى الرئيس الهراوي، وإن تكن الرعاية المباشرة وبهذا الزخم أوحت أن هذا الموقع قد تحتله جوليا. وبحسب جوليا، فإن الفكرة انطلقت منها هي، ولاقت تشجيعاً استثنائياً وفورياً من الرئيس لحود، بأن أعطى التعليمات بوجوب وقوف الجميع في خانة تأمين مستلزمات نجاح "مهرجان التحرير" على أكمل وجه... والرئيس لحود، لم ينطلق في فكرة دعم "مهرجان التحرير" الموقّع باسم جوليا إلا من زاوية أساسية هي أن جوليا تعتبر المغنية اللبناانية الوحيدة التي كان للجنوب حضور مهم في تجربتها الغنائية الشابة على امتداد أكثر من عشر سنوات، وابتداء من "غابت شمس الحق" حتى "نشيد الحرية" - الفيديو كليب التلفزيوني الذي يعرض حالياً على كافة الشاشات الفضية المحلية والفضائية اللبنانية، وتالياً فإنه إذا كان لأحد من المغنين أن يحتفل بالتحرير، وأن تكون السلطة اللبنانية معه في كل قدراتها، فهذا الشخص هو جولياً، يضاف الى ذلك سبب آخر هو أن أي مهرجان فني لم يحصل في الجنوب احتفاء بالتحرير، بعد، في الوقت الذي جرى فيه الكلام على مشاريع عدة في هذا الخصوص، لم ترَ النور. ومقارنة وضع المطربة ماجدة الرومي وقصر الرئيس الهراوي الجمهوري، مع وضع المغنية جوليا وقصر الرئيس لحود، تحتمل الواقعية نسبياً لأنها مبنية على وقائع فنية متشابهة، أو هناك قواسم مشتركة في ما بينها، متوازنة في معانيها، وتحديداً في النوع الفني الغنائي الذي تحترفه كل واحدة منهما... فالرئيس الهراوي كان يرى في ماجدة الرومي صوتاً يحمل بعداً إنسانياً لا جدال فيه، والنتاج الغنائي الذي قدمته أعدها لتكون صاحبة همّ إبداعي، وقيل يومها، إن ثمة إشارة إيجابية واضحة منه هي التي أعطت السيد انطوان دفوني زوج السيدة ماجدة التزاماً إنشائياً إعمارياً معيناً في "المدينة الرياضية" في بيروت، قبل أن ينقلب هذا الالتزام وبالاً على صاحبه في بداية العهد الحالي حيث خضع دفوني للتحقيق معه في هذا الشأن بعد إخبارات عن هدر أموال، ومرت القضية بسلام ولكن بتأثيرات عميقة بلغت حد تهديد دفوني بالسفر نهائياً من لبنان مع زوجته المطربة التي، كما يبدو، لعبت دوراً مهدئاً وممتصاً للنقمة، ولم تَخْلُ التفسيرات من اعتبارها القضية موقفاً من قرب ماجدة الرومي الى الرئيس الهراوي وحرمه السيدة منى الهراوي، في الوقت الذي كان فيه البعض يرى في هذه التفسيرات كثيراً من المبالغة وتضخيم الأمور لجعل ماجدة الرومي... ضحية! أما جوليا، فهي كذلك، تحمل في صوتها البعد الإنساني المميز! ونتاجها - من هذا المنطق - مزيج بين الوطني والعاطفي، الرومنسي الهادئ في الحالين حيناً والمتفجّر تعبيراً حيناً آخر. والرئيس لحود معروف أنه يؤمن بالشباب وقدراته وحيويته، وبالمستوى الرفيع الذي يمكن أن يصله هذا الشباب عندما تحين الساعة وقد حانت مراراً، وأجملها عندما اقتحم الشباب الحواجز الشائكة ذات يوم من أيام الاحتلال القريبة الماضية وأزالوها في أرنون، وقد احتلت صورة الاقتحام الكبيرة أحد جدران القصر الجمهوري بأمر من فخامة الرئيس لحود، اختار جوليا للرعاية والاهتمام والتعبير عن النصر لأنها نموذج نابض من شباب راقٍ بتفكيره ويريد أن يعيش أحلامه. وهناك من يهمس بأن الرئيس لحود هو الذي اختار المكان: أرنون، على خلفية إبقاء المثال الصالح حياً وهو الشباب الذي قاوم واستشهد وحرّر الأرض. حوالى خمسين ألف مشاهد - مستمع حضروا الى "مهرجان التحرير"، وغنت جوليا، في إحدى أفضل حالاتها الغنائية والنفسية. الغنائية: كونها "قاومت" بالأغنية، وانتصرت هي أيضاً في خيارها الفني الجمالي الملتزم. والنفسية: كونها كانت تعلم أن هذا المهرجان سوف ينجح على المستويات كافة لأن الإمكانات التي وضعت بتصرفه عالية وفريدة بامتياز. فإلى أي حد يصح الانطباع الذي شاع بعد "مهرجان التحرير" من أن جوليا هي... نجمة مهرجانات بعلبك للصيف المقبل؟!