القدس المحتلة، لندن - "الحياة" - وزعت وكالات الانباء امس نبأ من اسرائيل يبدو للوهلة الاولى انه مجرد تقرير عن اختفاء ضابط عسكري اميركي فرّ من الخدمة العسكرية، مع ان الدلائل تشير الى فضيحة تجسس كبيرة تذكّر، من أوجه عدة، بفضيحة الجاسوس الاميركي اليهودي جوناثان بولارد. ونقلت الانباء عن الشرطة الاسرائيلية اعلانها امس انها بدأت تبحث عن ضابط اميركي مفقود يعتقد انه في اسرائيل. ونشرت الصحف العبرية امس تقارير تفيد بأن هذا الضابط عمل في الاستخبارات العسكرية الاميركية وغضب لتنحيته عن منصبه فيها وقرر الانتقام بإعطاء اسرائيل اسراراً عسكرية. واعلن ناطق باسم الشرطة في حديث هاتفي: "أرسلت الينا السفارة الاميركية طلباً لمساعدتها في البحث عن الضابط وبدأت الشرطة اليوم امس النظر في الامر وباشرت البحث عنه". وقال ناطق باسم السفارة الاميركية ان اللفتنانت كولونيل احتياط جيريمايا ماتيس 50 عاماً لم يعد الى قاعدته في تكساس بعد انتهاء عطلته في السابع من آب اغسطس وان الجيش الاميركي اعتبره غائبا من دون اذن. واضاف: "لدينا من الاسباب ما يحملنا على الاعتقاد انه هنا في اسرائيل وطلبنا من حكومة اسرائيل مساعدتنا في تسهيل عودته الى الولاياتالمتحدة". ونشرت الصحف الاسرائيلية امس تفاصيل عن قضية اختفاء ماتيس وكشفت انه كان مسيحياً وتحول الى الديانة اليهودية قبل نحو 20 عاماً بعد زيارة لاسرائيل، وأقام بعدئذ علاقة مع امرأة اسرائيلية تدعى ريفكا آرتزي نير التي التقاها في كنيس يهودي في سان انتونيو في ولاية تكساس. واتخذ ماتيس اسماً يهودياً هو جوناثان ماتيتيا. وشرحت صديقته الاسرائيلية انه اتخذ اسم جوناثان تشبهاً بالجاسوس الاميركي اليهودي بولارد الذي أغرق اسرائيل قبل سنوات بآلاف الوثائق السرية المتضمنة اسراراً عسكرية عن الدول العربية والاتحاد السوفياتي ودول اوروبا الشرقية. وكشفت صديقة الكولونيل ماتيس التي تعيش الآن في اسرائيل انه أرسل اليها "40 كيساً بريدياً تحتوي على أشد الأسرار حساسية، معظمها يتعلق باسرائيل وجيرانها"، حسب ما ورد في صحيفة "يديعوت احرونوت" امس. وشجب افرايم سنيه نائب وزير الدفاع الاسرائيلي الايحاءات بأن اسرائيل قد تسعى الى التوصل لاتفاق مع واشنطن بمبادلة ماتيس بالجاسوس الاميركي المدان جوناثان بولارد الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة لنقله اسراراً الى اسرائيل. وقال لإذاعة الجيش الاسرائيلي: "لا اعتقد ان هناك من يتعامل مع هذا الامر في الوقت الحالي". يذكر ان بولارد محلل سابق في استخبارات البحرية الاميركية احتجز في الولاياتالمتحدة عام 1986 بعد اعترافه ببيع وثائق اميركية سرية لاسرائيل. وذكرت الصحف العبرية امس ان حلم الكولونيل ماتيس كان الانتقال الى اسرائيل والزواج من صديقته والعكوف على دراسة التلمود في مدرسة دينية يهودية. وعندما رفض رؤساؤه السماح له بذلك قرر الفرار من الخدمة العسكرية. والتقى سفير الولاياتالمتحدة لدى اسرائيل مارتن انديك رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك الجمعة الماضي طالباً المساعدة في العثور على الكولونيل الفار ماتيس ومعرفة ما اذا كان قد جلب معه اسراراً اطلع عليها من خلال عمله. وكشفت "يديعوت احرونوت" ان ماتيس كان في عمله قادراً على الاطلاع على أسرار عسكرية مهمة وعلى معلومات تجمعها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي.آي.اي. واضافت: "قبل ستة شهور تقريباً، وبعد ابدائه اهتماماً زائداً بالتحول الى يهودي ارثوذكسي، نحي عن منصبه ونقل الى وحدة احتياط تعتبر غير مهمة". ونقلت الصحيفة عن اشخاص اميركيين معنيين بالقضية ان ماتيس كان يتعرض لإجراءات طرد من وظيفته بسبب علاقة "غير لائقة" مع امرأة متزوجة هي صديقته الاسرائيلية. وزار الملحق العسكري الاميركي في اسرائيل رفكا آرتزي نير في منزلها في كفار سابا واسترد منها بعض المتعلقات التي تركها عندها ماتيس. وخلال الزيارة قالت رفكا للملحق العسكري ان ماتيس يرفض تسليم نفسه وقال لها، حسب ما اوردته صحيفة "يديعوت احرونوت": "اذا سّلمتني اسرائيل فإن اي يهودي لا يمكن ان يغفر لها ذلك. لقد جئت الى الارض الموعودة وآمل بأن لا أُباع".