ما الذي يمكنك توقعه من محرك رياضي سعة ليترين؟ محرك من هذا العيار ممهور بتوقيع صانع شأن ألفاروميو مثلاً، يوفر لك 150 حصاناً. أما عند القسم الرياضي التابع ل بي ام دبليو، فكل ليتر يولد نحو 100 حصان ترتفع إلى 5،111 حصان لكل ليتر مع فيراري. لكن محرك أس - 2000 ومن دون وجود أي جهاز تلقيم إضافي كأجهزة التيربو أو المبدلات الحرارية، تمكنت هوندا من إستخراج 120 حصاناً من كل ليتر. ولاستخراج هذا الكم من الأحصنة من الليتر الواحد يكمن الحل في زيادة عدد الأسطوانات من 4 إلى 6، خصوصاً أن هذا النوع من المحركات لا يوفر قوة عالية وحسب، بل يمكنه أيضاً توليد عزم دوران مرتفع على دوران مخفوض، وهذا عنصر حيوي مثالي عندما يتعلق الأمر بالتأدية الرياضية. هوندا درست الاحتمالات، ووجدت أن الجواب ينحصر في محرك الأسطوانات الأربع، والسبب يتمثل بوزنه المخفوض وحجمه الصغير اللذين يمكنان قسم التصميم من تثبيته في الأمام، متراجعاً لجهة الخلف، ما يؤدي إلى توزيع أفضل للوزن بين الأمام والخلف، وبالتالي إلى تماسك أفضل. ويسمح بالإبقاء على مقدم منحنٍ ما ينعكس إيجاباً على انسيابية السيارة. كذلك يمكن مع المحرك الصغير رفع عدد دورات المحرك، وبالتالي استخراج قوة أعلى. ومع ذلك تمكنت هوندا من الخروج بمحرك نظيف يطابق أقسى قوانين البيئة صرامة في العالم. شخصية مميزة وفريدة أبرز ما يميز أس 2000 شكلها الخارجي الذي حافظ على تقاليد هوندا. ف أس 2000 تتحلى بشخصية مستقلة جداً، خصوصاً أنها لا تشبه أي سيارة رودستر أخرى في العالم. ويحمل تصميم هيكلها في طياته عدداً من العناصر التي طالما ميزت سيارات هوندا عن منافساتها اليابانية. فمقدَّمها منحن وإسفيني الشكل، يزيّنه مصباحان أماميان مدمجان مع إشارات الالتفاف غطيت جميعاً بزجاج شفاف شكل تكملة لخطوط غطاء المحرك. أما فتحة التهوئة الوسطية التي ارتأت هوندا تكبيرها إلى أقصى حد ممكن، فثبتت في أسفل المقدم، واستغل مدخلها العريض للتحكم بمجرى الهواء لتأمين تبريد فاعل للمحرك. وعلى طرفي هذه الفتحة، زودت أس 2000 فتحتين صغيرتين مهمتهما نقل الهواء الخارجي إلى محيط الإطارات الأمامية لزيادة فعالية تبريد جهاز المكابح الأمامي. أما في المؤخّر، فعملت هوندا على تزويد سيارتها هذه مصباحين خلفيين غطيا بزجاج شفاف على غرار المقدم، في وقت نقلت الفجوة المخصصة للوحة السيارة إلى الصادم الخلفي، ليوفر الأمر تصميماً خلفياً يوحي لكل من يقود سيارته خلف أس 2000 بمدى قوتها وعصبيتها، خصوصاً أن السيارة زودت مخرجين للعادم طليا بالكروم الذي لم يطاول أياً من أجزاء الهيكل الخارجية، باستثناء شعار السيارة الموجود في الأمام والخلف، وكلمة أس 2000 الموجودة على جانبي السيارة. فورمولا واحد مدنية أبرز ما يطالعك عند دخولك مقصورة ركاب أس 2000 المخصصة لشخصين فقط، رحابتها. فبناؤها على قاعدة عجلات بطول 240 سم، مكنها من التمتع بمقاسات خارجية كبيرة نسبياً. فطولها البالغ 411,5 سنتم في مقابل 175 و128,5 سم لعرضها، أسهما في تحليها بمقصورة ركاب واسعة يمكنها استيعاب راكبين من أصحاب القامات الطويلة. وهذه المقصورة التي زودت مقعدين رياضيين من طراز الباكيت يلتف حول جسم الجالسين عليهما ويمنع انزلاقهما وتأثرهما بارتجاجات، مبطنة بكاملها بالجلد الذي يطاول كل مكوناتها. وبمجرد جلوسك إلى المقود، سينتابك شعور غريب مصدره لوحة القيادة وخصوصاً تجويف العدادات الذي أمال قسم التصميم لدى هوندا جهتيه اليمنى واليسرى في اتجاه السائق. فهو تجويف يذكر بسيارات الفورمولا واحد، عبارة عن شاشة سوداء لا يمكن رؤية أي من مكوناتها إلا بعد تشغيل المحرك. ولتظهر عندها العدادات الرقمية التي يبرز منها عداد دوران المحرك المقوس وتحته عداد السرعة الرقمي، الذي يتوسط عدادي حرارة المحرك وكمية الوقود في الخزان. أما باقي العدادات، فاستعاضت هوندا عنها بالمؤشرات الضوئية. وعلى جانبي تجويف العدادات، عمدت هوندا إلى تثبيت مفاتيح تشغيل معظم أجهزة السيارة شأن مفتاح التشغيل ومفاتيح التحكم بجهازي الاستماع الموسيقي والتكييف. أما الكونسول الوسطي القصير بسبب تدني ارتفاع السيارة، فضم جهاز الاستماع الموسيقي وقارئ الأسطوانات المدمجة. وفي القسم الأرضي من الكونسول، وضعت هوندا مقبض علبة التروس المزود رأساً مصنوعاً من خليط من الألمنيوم والتيتانيوم، إضافة إلى مفتاحي تشغيل السقف الكهربائي وإشارات الالتفاف الأربع، وبينهما المنفضة وولاعة السجائر، وخلفهما مفتاح رش الماء بضغط عال على المصابيح الأمامية. شبه متكاملة الجلوس في مقعد السائق والمقود المثلّث الأضلاع أمامك وخلفه تجويف العدادات، أمور تؤكد لك أنك خلف مقود سيارة ستنهب الأرض بمجرد الضغط على دواسة التسارع، وتوحي لك بأنك ستكون في وضع السيطرة التامة على السيارة، خصوصاً أن وضعية الجلوس شبه مثالية. فهي واطئة نوعاً ما - وهذا في المناسبة أمر عادي في سيارات رودستر الرياضية - إلا أن مجالات الرؤية جيدة، ووضعية الجلوس ممتعة، تمكنك من التحكم بوضعية المقعد والمقود في شكل عملي جداً وبما يتناسب وقامتك. البارز في مقصورة ركاب أس 2000 العملانية التي تشعر بها. فقسم التصميم لدى هوندا صمم لوحة القيادة تجمع كل ما يمكنك أن تحتاج إليه من معلومات في تجويف العدادات، الذي إن تميز بشيء فبالوضوح وسهولة القراءة. وجمع مفاتيح تشغيل معظم أجهزة السيارة على جانبي تجويف العدادات، يخوّلك استعمالها الأجهزة في سهولة ومن دون الحاجة إلى رفع النظر عن الطريق. ثم أن مفتاح تشغيل السقف الكهربائي المثبت مباشرة خلف مقبض علبة التروس لا يعمل إلا عند توقف السيارة ورفع مكبح اليد، ولتستغرق عملية الكشف نحو 6 ثوان فقط، ولتظهر عندها أس 2000 بحلة مميزة توفر لك الشعور بالأمان بمجرد أن تعرف أنها مزودة عوارض معدنية على شكل مساند رأس ثبتت خلف مساند الرأس وبطنت بالاسفنج والجلد، تمنع اصطدام رؤوس الركاب بأي شيء في حال انقلاب السيارة . وككل سيارات هوندا المتمتعة بعوامل سلامة عدة، لا بد من الإشارة زودت أس 2000 عوارض معدنية مدمجة في جوانبها أيضاً، مهمتها منع وصول تأثير الاصطدامات الجانبية إلى مقصورة الركاب، وجهّز قسماها الأمامي والخلفي بدورهما بمناطق هشة تتشوه تحت تأثير الاصطدام، وتمتص قوة الصدمة لتبعدها بالتالي عن مقصورة الركاب. هادئة ورصينة ولافتة أدر مفتاح السيارة واضغط على مفتاح التشغيل الأحمر وستفاجأ بمدى نعومة عمل المحرك. اضغط على دواسة الوقود وارفع دوران المحرك إلى نحو 3500 دورة في الدقيقة، وسيتأكد لك فوراً أن هذه النعومة تخفي إسطبلاً من الأحصنة المروضة والمدربة على إعطائك شعوراً لا يمكنك أن تشعر به إلا خلف مقود أكثر السيارات الرياضية عراقةً. عشّق علبة التروس على النسبة الأولى وانطلق، وستجد نعومة لا تتوافر عادةً في هذه الفئة من السيارات، إلا أنك ستتوقعها إذا كنت من "مدمني" سيارات هوندا. انطلق ب أس 2000 في شوارع المدينة، وستشعر كأنك تقود أي سيارة هوندا. فالهدوء سيحيط بك من كل حدب وصوب، وستشعر أنك معزول عن العالم، وأن لا شيء سيعكر صفو هذا الهدوء باستثناء جهاز الاستماع الموسيقي المدروس ليوفر نوعية صوت لا تتوافر إلا في أجهزة الاستماع الموسيقي المخصصة للحفلات. إلتفت حولك، وستفاجأ أن الجميع ينظر إليك، إلا أنك ستدرك بعد لحظات أن الناظرين يهتمون بسيارتك التي لا يمكنها أن تمر من دون أن تلفتهم إلى تصميمها الأخّاذ وجمال خطوطها الباهر. تابع سيرك في شوارع المدينة بين إشارات السير المتتالية في طريقك إلى الضواحي، وستكون على يقين تام أن هوندا لم تخرج عن "فلسفتها" القائلة بتوفير سيارات تتميز بنعومة التشغيل. لكن ما أن تصل إلى حدود المدينة وتستلم الطريق السريعة، حتى يتأكد لك أن هوندا، على رغم تركيزها على نعومة سياراتها، تمكنت من إيجاد التركيبة الناجحة، إذ جمعت في أس 2000 بين السيارة الناعمة والرياضية في آن . فالسير ب أس 2000 على الطرق السريعة، يؤكد لك أن السيارة تتحلى بتماسك متقدم، خصوصاً عند تجاوز الشاحنات الطويلة في ظل طقس تسيطر عليه الرياح القوية، حيث يمكنك الشعور بمدى ثباتها. فالشعور بتأثير الرياح على تماسك السيارة شبه معدوم، والسبب وضعية المحرك الأمامية المتراجعة إلى الخلف، والتي مكنت مهندسي هوندا من توزيع الوزن بالتساوي بين الأمام والخلف. زد سرعتك وستُدهش عندما تجد أنك تقود السيارة بسرعة تتجاوز حدود 200 كلم/س. تابع سيرك واضغط على دواسة التسارع، وستشعر بمتعة كبيرة لن يعكرها شيء سوى عمل جهاز الكومبيوتر الذي سيؤدي إلى تقطع طفيف في عمل المحرك، وتعرف في نتيجته أنك تجاوزت السرعة القصوى للسيارة والمحددة ب 241 كلم/س. لكن أس 2000 تصدر ضجيجاً خفيفاً عند تجاوز سرعة 150 كلم/س مع سقفها القماشي، مغلقاً. فأين المشكلة؟ أوليس يفترض أن تقاد سيارة رودستر مكشوفة؟ عصبية ورياضية أيضاً انتقل من الطريق السريعة إلى الطرق الجبلية الملتوية حيث القرى بعيدة بعضها عن بعض، وهيئ نفسك للانتقال إلى القيادة الرياضية، وتوقع المفاجآت. فالقيادة الرياضية واستخراج قوة السيارة سيتطلبان منك المحافظة على دوران مرتفع للمحرك يتفاوت ما بين 6000 و6500 دورة في الدقيقة. فعند القيادة على مستوى 5000 دورة في الدقيقة تجد أن المحرك عادي، وقد تشعر ببعض الخيبة. إلا أنها ستزولسريعاً عندما تكتشف أن نسب علبة التروس الست القصيرة ستمكنك من المحافظة على دوران عال للمحرك المكون من 4 أسطوانات متتالية، سعة ليترين، زود جهاز بخاخ إلكترونياً مع 16 صماماً في الرأس ونظام في _ تك للتحكم بتوقيت عمل الصمامات. ويمكن هذا المحرك الذي طور بالتعاون مع عدد من مهندسي هوندا العاملين في حقل الفورمولا واحد، أن يولد قوة 240 حصاناً عند 8300 دورة في الدقيقة، مع عزم دوران يبلغ حده الأقصى 21 م كلغ عند مستوى دوران يصل إلى 7500 دورة في الدقيقة. وهنا قد يبدو أن نسبة الدوران مرتفعة جداً في ما يتعلق بالقوة والعزم، إلا أن التقارب في الحد الأقصى للدوران بالنسبة إلى القوة والعزم، يمكنان المحرك من التحلي بمرونة تشغيل عالية مدعومة بعلبة التروس ذات النسب الست. المهم هنا أن تحاول الابقاء على دوران يزيد عن 6000 دورة في الدقيقة. فبين 6000 و6500 دورة في الدقيقة، سيتأكد لك أن هذا المحرك عصبي جداً، وستشعر بقدراته بكل سهولة. ارفع الدوران إلى ما بين 7000 و8000 دورة في الدقيقة، وستتثبّت من قدرة هذا المحرك على جعلك موضع حسد سائقي أفضل السيارات الرياضية، خصوصاً أنه قادر على نقلك من الصفر إلى سرعة 100 كلم/س في 2،6 ثانية، ومنها إلى سرعة قصوى فعلية تصل إلى 241 كلم/س. متماسكة جداً على الطرق الجبلية الملتوية، كان التحول من القيادة السريعة إلى تلك "الرياضية جداً"، والهدف اختبار السيارة فعلاً. فمع رفع وتيرة القيادة ومحاولة الحفاظ على دوران مرتفع جداً للمحرك، بدت أس 2000 كأنها "قنبلة موقوتة" تحتاج إلى من يعرف كيف يستخرج منها ما هو مخبأ في محركها. وهنا لم تكن السرعة كل شيء، إذ كانت المفاجأة مع التماسك الذي بدا جيداً بفضل تعليق السيارة القائم على الشعب المزدوجة مع مصاصات الصدمات المدعومة بنوابض معدنٍ حلزونية بنبض قاس، وقضيب مقاوم للانحناء في الأمام والخلف. وهذا التعليق الذي أثبت جدارته في عدد من السيارات، مخبأ خلف عجلات معدنية، قياس 16 بوصة، مع إطارات بريدجستون بوتنزا أس-02، قياس بي 55 / 205 في آر 16 في الأمام، في مقابل بي 50 / 205 في آر 16 في الخلف، الأمر الذي أسهم في رفع نسبة التماسك بمقدار كبير. وهذا لا يعني أن إمكان انزلاق السيارة في المنعطفات غير وارد، بل على العكس. فإمكان الانزلاق وارد، خصوصاً أن السيارة تندفع أساساً عبر عجلاتها الخلفية، إلا أنك ستحتاج عندها إلى تعدي الحدود المعقولة للسرعة عند دخول المنعطفات. ولتتعرض لمفاجأة أخرى تتمثل في سهولة إعادتها إلى خط سيرها الصحيح، وبالأخص في حال كان دوران المحرك مرتفعاً فوق 6500 د.د.، إذ يمكنك بمجرد الضغط التدريجي على دواسة التسارع، أن تتحكم بدرجة الانزلاق وقوته. ويساعدك في هذا السياق عنصران، أولهما أن رد فعل أس 2000 ليس مفاجئاً بل هو تدريجي، وثانيهما جهاز المقود القائم على تقنية الجريدة والبنيون والمزود مساعداً كهربائياً، تبلغ عدد لفاته بين جهتيه اليمنى واليسرى 25،2 . فجهاز المقود هذا يتميز بنعومة عمله وبدقة توجيهه اللامتناهية التي تمكنك لفاته القصيرة من استغلاله إلى الحدود القصوى. وأبدت أس 2000 كفاية عالية وتماسكاً شبه مثالي في المنعطفات السريعة والمتتالية، وأثبت جهاز مكابحها القائم على الأسطوانات القرصية للعجلات الأربع الأمامية منها مهواة أنه فعال، خصوصاً عند الاستعمال المكرر والمكثف على الطرق الملتوية والمتجهة نزولاً.
