إذا كانت نتيجة مباراة لبنانوالعراق تمثل عودة الروح الى أصحاب الأرض بعد الأداء المميز والقتالي امام العراق، والذي أبقى حيوية البطولة وحماسة الحضور والإقبال الجماهيري مشتعلاً "ليزقفوا وما يوقفوا"... فإن المباراة اليوم بين لبنانوتايلاند على ملعب المدينة الرياضية في بيروت ضمن منافسات الجولة الثالثة من المجموعة الاولى من نهائىات كأس آسيا لكرة القدم المقامة حالياً في لبنان، هي الفرصة الأخيرة والمصيرية للطرفين. ومطلوب من اللبنانيين خصوصاً الفوز ولا شيء غيره، ويفضل ان يكون بعدد وافر من الأهداف ليضمن التأهل الى الدور ربع النهائي كأحد أفضل منتخبين في المركز الثالث في اسوأ الاحوال ويعوّض بالتالي سقوطه الكبير امام ايران في الافتتاح. خاض اللبنانيون "مباراة العمر" امام العراق، في ظل تطلعهم الى انتزاع فوز لم يحققوه على هذا المنتخب منذ اعوام طويلة. ويبقى انتصارهم الفعلي أنهم حوّلوا تأخرهم صفر -2 الى تعادل اقل ما يقال عنه انه "عادل"، وبهدفين ربما هما الأجمل حتى الآن في بطولة. وهم أكدوا أن بوادر الانسجام التي طالما تحدّث عنها الجهاز الفني اللبناني بقيادة الكرواتي جوزيب سكوبلار ظهرت فعلياً بعد تعديلات عدة، كانت أفضل لو اعتمدت في السابق... لكن تبقى ثغرة الدفاع وفراغات الخطوط، ونقطة الضعف في حراسة المرمى أمور تقلق القائمين على هذا المنتخب، وتجعل الحذر ضرورياً وواجباً لئلا يقع المحظور وتنتهي رحلة الأحلام. ومن هذا المنطلق، ستضاف أيضاً تعديلات جديدة في صفوف المنتخب أبرزها دخول رضا عنتر أساسياً في خط الوسط بدلاً من محمد الرضا، واستمرار إشراك موسى حجيج، صاحب هدف التعادل، أساسياً، علماً بأن سكوبلار أوضح اكثر من مرة ومنذ عودة حجيج الى صفوف المنتخب أنه لا يمكن ان يشركه فترة 90 دقيقة كاملة نظراً الى عدم اكتمال لياقته، وأنه يفضل ان يلعب فترة محدودة يبذل فيها طاقته كلها ويخدم زملاءه. أمام العراق، انتظم الأداء الدفاعي الى حدّ ما عبر محمد حلاوي وعباس شحرور، وزادت فاعلية خط الوسط، وحيوية الهجوم مع "المشاغب" هيثم زين داخل المربع الصغير. لكن هذا النشاط يجدر أن يحصّن بإيجاد حل للثغرات الدفاعية، خصوصاً أن التايلانديين يمتازون بسرعة الانتشار والانقضاض على الكرة، وهو امر ظهر جلياً من خلال إزعاجهم الإيرانيين وفرض التعادل عليهم. وتبقى لثقة سكوبلار وجهازه الفني وإيمانهم باللاعبين الدور الأساسي لترجمة الأماني والأحلام واقعاً اليوم. وكما فعلوا حين كان المنتخب متأخراً أمام العراق. أما الجمهور فدوره أساسي، وإذا كانت حناجر نحو 12 ألف متفرج لم تهدأ من إطلاق عيارات التشجيع امام العراق، فيجب أن تكون أضعافاً مضاعفة في مواجهة تايلاند. سكوبلار أكد امس أن لكل مباراة حساباتها، وابدى ارتياحه الى تجاوب عناصره، وأن اختبار البدلاء خصوصاً في الظروف الحرجة كان مثمراً "ما يعني ان التشكيلة باتت متكاملة". ولم ينفِ أنه تردد كثيراً قبل أن يكرّس نهج التغيير عقب الخسارة الأولى. وأوضح سكوبلار ل"الحياة" بعد المران الأخير لمنتخب لبنان على ملعب المبرة، أن الجهاز الفني عالج الأخطاء السابقة سريعاً "وتكتيكياً الأمور تسير على ما يرام، لكن المهم ان تقترن كل الظروف بمعطيات ميدانية إيجابية". واعتبر أن الفوز على تايلاند ليس سهلاً، لأن المنتخب المنافس لن يكون لقمة سائغة، خصوصاً بعدما تجرع "كوباً" من المعنويات من خلال عرضه الكبير امام ايران، وطالب ان يحتشد أكثر من 50 ألف متفرج لمؤازرته. يذكر ان لبنان سبق والتقى تايلاند في الدورة الآسيوية ال13 عام 1998 على أرضها، وخسر بركلة جزاء، ويومها تحول أكثر من 50 ألف متفرج من تشجيع منتخبهم الى تحميس اللبنانيين نظراً الى العرض الكبير الذي قدموه. واليوم يتمنى بعض اللاعبين الذين عاشوا تلك التجربة وفي مقدمهم قائد المنتخب جمال طه وهيثم زين ووارطان غازاريان أن يحمل الجمهور اللاعبين الى تقديم اكثر مما لديهم، تمهيداً لتتويج المشاركة الأولى في النهائيات الآسيوية بعبور سليم ومستحق الى الدور ربع النهائي. توقعات من جهته، توقع مدير بعثة المنتخب التايلاندي فيراش شانبانيش ان يواجه منتخب بلاده مهمة صعبة امام المنتخب اللبناني المضيف، خصوصاً بعدما انعش الاخير آماله في التأهل الى الدور ربع النهائي بتعادله مع العراق 2-2: "لكننا اكتسبنا بدورنا معنويات عالية بعد تعادلنا مع المنتخب الايراني القوي، وتخطينا حاجز الخوف والشد العصبي الذي جعلنا نظهر 60 في المئة فقط من قدراتنا الحقيقية في مباراتنا الاولى امام المنتخب العراقي. من هنا نعتقد بان حظوظنا الفنية والمعنوية متساوية في مواجهة المنتخب اللبناني، الا لجهة افضلية الجمهور لمصلحة المنتخب المضيف". وعلى صعيد التأثيرات السلبية لثبوت تناول شوراجي جيراسيريشوتي مواد منشطة محظورة والذي لم يثبت نهائياً حتى الآن، على معنويات اللاعبين وجهوزيتهم، فهي معدومة بالكامل "اشكك في صحة الامر في ظل اشرافي المباشر على المنتخب". واضاف شانبانيش: "في المقابل لا يخفى تأثرنا بواقع انطلاق الاستعدادات في فترة متأخرة، بدأت في منتصف ايلول سبتمبر الماضي، وخوضنا مباريات ودية قليلة، اهمها في دورة شنغهاي الصينية الودية الدولية، لكنني اعتقد باننا نسير على الطريق الصحيح لتجاوز الصعوبات كلها في مباراتنا التالية امام لبنان". مباراة صعبة ويدخل المنتخبان اللبنانيوالتايلاندي اللقاء ورصيد كل منهما نقطة واحدة، ولذا فان الفوز وحده كفيل بابقاء فرصة احدهما بالتأهل الى الدور ربع النهائي، لأن العراقوايران ضمنا نسبياً صعودهما اذ يملك كل منهما 4 نقاط. وكان لبنان خسر امام ايران صفر-4، ثم تعادل والعراق 2-2، بينما خسرت تايلاند امام العراق صفر-2 ، ثم تعادلت وايران 1-1 في اكبر مفاجآت البطولة حتى الان. وارتفعت معنويات لاعبي لبنان بعد الاداء الرائع امام العراق الذي شهد سيطرة واضحة لهم منذ البداية وخاضوا الدقائق التسعين على الوتيرة ذاتها، لكن سكوبلار اكد انه "من الصعب ان يحصل امام تايلاند لكننا سنحاول تحضير اللاعبين نفسياً وبدنياً لتكرار ذلك". وتبقى الثغرة التي يعاني منها المنتخب اللبناني ولم يجد لها الجهاز الفني حلاً حتى الان في خط الدفاع، اذ اهتزت الشباك 6 مرات في مباراتين بسبب المساحات الخالية والتغطية الضعيفة لقلبي الدفاع، وهذا ما ظهر واضحاً في لقاء العراق، الذي سجل هدفيه بطريقة واحدة وبالرأس عبر صباح جعير. وقد اقر الجهاز الفني للمنتخب اللبناني بانه لم يعالج الثغرات في خط الدفاع تماماً رغم من التغيير الذي لجأ اليه في لقاء العراق بعد الاخطاء المميتة في لقاء ايران والتي اسفرت عن 3 اهداف في ربع الساعة الاخير. في المقابل، لم يعد امام المنتخب التايلاندي سوى خوض المباراة بروح قتالية عالية كما فعل امام ايران، التي احرجها وكاد يلحق بها الخسارة الاولى لو احسن سوتي سوكسومكيت استغلال الفرصة الذهبية التي سنحت له في الدقائق الاخيرة. ويتوقع ان يخوض مدرب المنتخب الانكليزي بيتر ويذ المباراة بخمسة مدافعين ليحد من خطورة نيوتن دو اوليفيرا وحجيج يساراً وزين عمقاً وشحرور يميناً، على ان يعمد خط الوسط المكون من تشوكيات نوسالونغ وتاوان سريبان وسوراتشاي جاتوراباتارابونغ الى تضييق المسافات بين خطي الدفاع والهجوم.