حرس الحدود يقبض على (6) إثيوبيين بجازان لتهريبهم (138.3) كجم "حشيش"    إنزاغي يمنح لاعبي الهلال إجازة لمدة 21 يوماً    ارتفاع عدد الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة إلى 57,338 شهيدًا    المنتخب السعودي ينافس (90) دولة في أولمبياد الكيمياء الدولي (2025)    "المياه" السعودية تنفذ 19 مشروعًا مائيًا وبيئيًا في جازان    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق الفيلم الوثائقي "الوجهة"    البدء بصيانة جسر خادم الحرمين وتقاطع الملك عبد العزيز بالدمام    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات بولاية هيماشال براديش الهندية إلى 72 قتيلًا    بطلب من رونالدو..تحركات في النصر لضم نجم ريال مدريد    الحرب التجارية تطرق أبواب العالم.. وفرض الرسوم الأمريكية ينذر بأزمة اقتصادية عالمية شاملة    ضبط (17863) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    موسم جني بواكير التمور بالقصيم يعزز الحراك الاقتصادي بالمملكة    المركزي الروسي يرفع سعر صرف الدولار واليوان ويخفض اليورو    القيادة تهنئ رئيس جمهورية كابو فيردي بذكرى استقلال بلاده    رياح نشطة وأتربة على عدة مناطق في المملكة    مدرب فلومينينسي: الهلال فريق منظم وقوي    ترامب يوقع مشروع الميزانية الضخم ليصبح قانوناً    الهلال يودع مونديال الأندية من ربع النهائي    15 دقيقة أولى لحمدالله بقميص الهلال    فلومينينسي ينهي مغامرة الهلال في كأس العالم للأندية    أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة الراجحي    جمعية الدعوة بصبيا تُطلق الدورة العلمية الأولى لعام 1447ه بمحاضرة عن فضل العلم    محافظ صبيا يُدشّن حملة "لقمتنا ما تنرمي" للتوعية بأهمية حفظ النعمة في المناسبات    نادي الصقور يعلن عن فعالياته في المملكة    السديس في خطبة الجمعة: الهجرة وعاشوراء دروس في اليقين والشكر والتوكل على الله    سمو ولي العهد يستقبل سمو نائب حاكم أبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي    أمين منطقة القصيم يتفقد مشروعي امتداد طريق الأمير محمد بن سلمان وطريق الملك سعود بمدينة بريدة    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق فعاليات برنامج أولمبياد أبطالنا 2025    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر يونيو 2025    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري    بلدية محافظة الأسياح تنفذ 4793 جولة رقابية في النصف الأول لعام2025م.    جمعية الكشافة تختتم مُشاركتها في ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    قطاع أحد رفيدة الصحي يُفعّل "اليوم العالمي للبهاق" و "اليوم العالمي لإضطراب مابعد الصدمة"    محمد بن عبدالرحمن يُشرّف حفل سفارة الفلبين لدى المملكة    إنقاذ طفل ابتلع حبة بقوليات استقرت في مجرى التنفس 9 أيام    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية ينظم ندوة للتوعية بخطر المخدرات    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    دعم النمو وجودة الحياة.. الرياض تستضيف"سيتي سكيب"    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    عقب تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بأهمية ضم «الضفة».. تحذيرات أممية من مشروع «استيطاني استعماري»    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    استعرض التعاون البرلماني مع كمبوديا.. رئيس الشورى: توجيهات القيادة أسهمت في إنجاز مستهدفات رؤية 2030    49.4 مليار ريال إنفاق الزوار في الربع الأول    الإنجاز والمشككون فيه    «تسكيائي» اليابانية.. وحوار الأجيال    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد غياب استمر 17 سنة في سجون إسرائيل ما هي مشاعر وشاح نحو ابنتيه فداء وحنين ؟
نشر في الحياة يوم 16 - 09 - 1999

"كان الوقت صديقاً لي، فالزمن إما أن يكون عدواً لدوداً، أو صديقاً ودوداً، وأنا من أولئك الذين كان الزمن صديقاً ودوداً لهم، لدرجة أنني كنت أتمنى لو كان عدد ساعات اليوم 25 ساعة أو أكثر".
بهذا الهدوء غير المعهود وبصوت خفيض تحدث جبر مطلق وشاح 48 عاماً عن الوقت والزنزانة.
إنها مفارقة غريبة أن يتمنى سجين أفنى زهرة شبابه في الزنزانة ان تزداد ساعات اليوم الواحد ساعة إضافية أو أكثر، إذ أن السجين يتمنى عادة أن تنقضي الأيام في الزنزانة بأسرع ما يمكن حتى يخرج إلى الحرية.
يسترسل وشاح قائلاً: "انجزت بعض الدراسات التي تم تعميمها على الأسرى والمعتقلين في السجن، وأعددت دراسة شاركت بها في المؤتمر الثاني لتطوير المنهاج التعليمي الفلسطيني الذي اعتمدها وأعكف حالياً على إعداد دراسة بدأتها داخل الزنزانة عن مدى انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على وضعية الأسرى الفلسطينيين في فترة ما بعد اتفاقات "أوسلو".
وشاح، الذي أفرجت عنه سلطات الاحتلال في التاسع من أيلول سبتمبر الجاري تنفيذاً لبنود اتفاق "شرم الشيخ" المذكرة التنفيذية لمذكرة واي ريفر، دأب على كتابة مقالات سياسية من داخل السجن، نشرت في إحدى الصحف اليومية المحلية تحت عنوان "دقات على جدران الخزان".
يقول وشاح أبو فداء ل"الحياة" في الحوار الذي أجرته معه بعد أيام على اطلاقه من زنازين سجون الاحتلال، إن السجانين حيرهم كيف كان يقضي وقته داخل زنزانته، التي كان ضوئها يبقى مشتعلاً طوال الليل، معتقدين أنه يخطط لعمل ما، فيما كان هو يكتب، أو يقرأ، بشكل كان يتمنى معه لو ان اليوم يطول أكثر.
ولد "أبو فداء" في 13/2/1950 في خيمة من خيم اللاجئين في مكان قريب من وادي غزة، وسط قطاع غزة، لأبوين لاجئين من قرية بيت عفّا نحو 25 كيلومتراً شمال شرقي مدينة غزة ومتزوج من طبيبة وله بنتان فداء 17 عاماً وحنين 16 عاماً.
قبل عامين ونصف عام التقت فداء الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان لدى زيارته مدينة غزة وسلمته رسالة من أهالي الأسرى، يطلبون فيها منه القيام بدوره في ضمان اطلاق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
وعن مشاعره تجاه ابنته التي تركها طفلة صغيرة لا زالت تحبو عندما اعتقل عام 1985، يقول:"شعرت بالفخر، وبالخوف أيضاً، الخوف من كيفية التعامل مع هذه الطفلة التي تركتها قبل نحو 15 عاماً، عندما يفرج عني".
ويضيف، وهو ينقل بصره بين الحاضرين، لعله يرى مدى تأثير ما يقول فيهم: "قبل فترة وجيزة من اطلاقي، بدأت ادرب نفسي على التوفيق بين الصورة المطبوعة في ذهني لفداء وحنين قبل 15 عاماً، وصورتيهما الآن، وتساءلت بيني وبين نفسي: بأي طريقة يجب عليّ أن أتعامل معهما؟ حنين التي تركتها عندما كانت في الشهر الثالث من عمرها جاءت في أحد الأيام تزورني في السجن، وشاهدتني من خلف الشباك الفاصل بيننا وصرخت خائفة". ويستدرك قائلاً: "لا أشعر بالألفة الأبوية الصادقة العفوية تجاههما. إني ابحث عن هذه الألفة... لم أجد صعوبة في التعامل مع زوجتي، ولكني أجدها في التعامل مع طفلتيّ".
وتسأله "الحياة": أما زالت الفجوة قائمة؟ ويجيب بلهجة المتشكك: "ربما الفجوة قائمة، فإحداهن صارحت والدتها بأنها تحس بمشاعر مشابهة لتلك التي تنتابني... هي تبحث عن أب، والاب ليست كلمة موثقة في عقد... الاب ممارسة، ومشاعر تُترجم يومياً بعواطف انسانية".
ولا ينسى وشاح أبناء الأسرى، إذ يقول: "إنهم يبحثون عن آبائهم الذين ما زالوا غائبين عنهم إلى الآن". كما أنه لا ينسى اصدقاءه في القيد والسلاسل، ويتمنى لو أن الإسرائيليين اطلقوا علي البياتي العراق وسمير قنطار لبنان وموسى خميس السودان ومحمد عفيف سورية وسالم أبو غليون وسلطان العجلوني الأردن وخليفة الصفير ليبيا، والأصدقاء المصريين، والرهائن لدى سلطات الاحتلال من عناصر وكوادر "حزب الله".
ويعود ليذكر أسماء الأسرى المرضى والألم يرتسم على قسمات وجهه.
هل أنت حر الآن؟ "لا أشعر تماماً بالحرية". هل أنت خائف من المستقبل؟ "دائماً كنت من دعاة التحدي لصناعة الواقع وأكررها لا للاستسلام ويصنع الحاضرون المستقبل أبداً".
وراء هذه القوة والتحدي الذي يدعو إليه وشاح "ضعف" وقدرة على التأثر إلى حد البكاء. بكى "أبو فداء" ومن معه من الأسرى من سجن "نفحة" الصحراوي عندما سمعوا حواراً يدور بين سجين وابنه وابن اخيه. ففي فترة من الفترات سمح السجّان بادخال الأطفال الذين يأتون لزيارة آبائهم بالدخول إلى داخل السجن، فكان ان أجلس أحد السجناء ابنه على ساق وابن شقيقه على ساق أخرى، فأمسك ابن الأسير بأربعة من أصابع إحدى يدي والده، واعطى ابن عمه الاصبع الخامس ليمسك به. وسأل السجين ابنه: لماذا أنت تمسك بأربعة يا ولدي وتعطي ابن عمك اصبعاً واحداً؟ فأجاب ابنه: ابن عمي له والد في الخارج حر، فيكفيه اصبع واحد من أصابعك، أما أنت يا ابي فلست عندي لأمسك بيدك كل يوم... عندئذ انفجر الاب الأسير بالبكاء وانضم إليه في ذلك كل من كانوا حوله.
والباقون خلف القضبان... ماذا سيفعلون؟
يقول وشاح: "قد يستخدمون حقهم الإنساني في المطالبة بالعمل من أجل اطلاقهم".
وهل من حق التنظيمان والفصائل أن تلجأ إلى طرق ووسائل أخرى لتأمين حريتهم؟
يقول: "مقابل حفنة من الجنود أو أشلاء الإسرائيليين تم اطلاق نحو ثمانية آلاف من الأسرى في عمليات التبادل التي جرت في الأعوام 1979 و83 و85 وبعد ذلك أيضاً. وإذا كانت عملية سلام يُراد لها أن تكون تاريخية لم تستطع ضمان حرية مئات، واستطاعت عملية تبادل عدد صغير من الجنود اطلاق الآلاف، فأي الاسلوبين أنجح؟".
الكل يتساءل لماذا لم يتم اطلاق جميع الأسرى الفلسطينيين والعرب من سجون الاحتلال بعد ست سنوات على توقيع اتفاقيات أوسلو. يجيب وشاح ببساطة ان ذلك بسبب اتفاقات أوسلو "الخطأ - الخطيئة".
ويرى وشاح ان المفاوضين الفلسطينيين ارتكبوا اخطاء بحق الأسرى يجب تدارك نتائجها، ويطلب عند التفاوض في المرة المقبلة أن يتم استشارة ما يمكن تسميته "لجنة مركزية للأسرى" قبل التوقيع على أي اتفاق جديد "لأن أهل مكة أدرى بشعابها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.