في يومهم العالمي.. «الموارد البشرية» تُجدد التزامها بخدمة كبار السن    «عالمية الدمام».. وجهة سياحية وثقافية واعدة    «ريف السعودية» يعزز إنتاج المملكة من البن    صداقة وتنمية    اختتام برنامج إعداد مدربين في مكافحة «الاتجار بالأشخاص»    40 قتيلًا وجريحًا ضحايا تفجير كويتا    برشلونة يفشل في كسر عقدة باريس سان جيرمان ويسقط بهدف قاتل في "أبطال أوروبا"    موناكو يتعادل مع مانشستر سيتي في الوقت القاتل بدوري أبطال أوروبا    أرسنال يواصل انتصاراته في دوري أبطال أوروبا ويهزم أولمبياكوس    استئناف ممارسة رياضة الطيران الشراعي في السعودية    «الجوازات» تُصدر 25 ألف قرار إداري بحق المخالفين    25 دولة تشارك في معرض الرياض الدولي للكتاب    «الشؤون الإسلامية» تنفذ 23 ألف نشاط دعوي بالمدينة    مؤتمر الاستثمار يدعو للعمل الخيري في القطاع الثقافي    إطلاق صفحة جدة التاريخية على منصة غوغل    تقليص ساعات العزاء والضيافة عن نساء صامطة    ملتقى لإمام وقاضي المدينة المنورة بن صالح    معتمرة تعود من بلدها لاستلام طفلها الخديج    1.1 مليون موظف جديد خلال عام    النصر يكسب الزوراء بثنائية في أبطال آسيا 2    12.7 مليار ريال أسبوعيا قيمة الإنفاق الاستهلاكي في المملكة    توقعات بتجاوز الذهب حاجز 4 آلاف دولار    آل مجثل: يدشن الحملة الرقابية الموجهة لأسواق النفع العام والمسالخ    إسرائيل تدفع شركاء السلام العرب إلى حدودهم القصوى    الخصوصية ضحية البث المباشر في تيك توك    التعبير عن مشاعر الفرح بطريقة متزنة    القبض على 17 مخالفًا في جازان لتهريبهم 360 كجم "قات"    استعادة 15 مليون م2 أراض حكومية في ذهبان    السعودية تُكرَّم بجائزة أممية    وزير الخارجية ونظيره السوري يبحثان الجهود المبذولة لدعم أمن سوريا واقتصادها    جمعية مساندون تحتفي باليوم الوطني وتطلق شراكات مجتمعية لتعزيز الصحة النفسية    أمير جازان يستقبل وكيل وزارة الداخلية لشؤون الافواج الأمينة    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة اجتماعية تزامنًا مع اليوم العالمي لكبار السن    اليونسكو تعلن استضافة السعودية لمؤتمر "موندياكولت" للسياسات الثقافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل سفير اليابان لدى المملكة    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام الأحوال المدنية بالمنطقة    غدًا.. انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2025 تحت شعار "الرياض تقرأ"    الصحة القابضة الشريك الصحي الوطني بملتقى الصحة العالمي 2025    نزاهة تحقق مع 387 مشتبها به في قضايا فساد من 8 جهات حكومية    القيادة تهنئ رئيس الصين بذكرى اليوم الوطني لبلاده    برعاية خادم الحرمين..أم القرى تنظم ملتقى أبحاث الحج والعمرة والزيارة في المدينة    السعودية تقدر ميزانيات توسعية لدعم النمو وترفع الإنفاق في 2025 رغم تراجع النفط    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ على أحد شوارع الرياض    «الأحوال» تطلق خدمة «شهادات الوفاة للأسر الحاضنة»    إطلاق برنامج الإنتربول لتعزيز الأمن البيولوجي    وزير العدل يوجه بإطلاق خدمة إصدار وكالة لقطاع الأعمال    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول المعينين بالمملكة    أمراء ومسؤولون يقدمون التعازي في وفاة الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    بطل من وطن الأبطال    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم عبدالعزيز آل الشيخ على أحد شوارع العاصمة الرياض    مع تصاعد العقوبات الدولية على إيران.. عراقجي: مفاوضات طهران – واشنطن إلى طريق مسدود    كييف تعلن استعادة أراضٍ جديدة شرقاً.. موسكو تحذر من «استفزاز خطير»    فيضانات السودان تثير الجدل بشأن سد النهضة    نائب أمير الشرقية يشيد بالخدمات الطبية في مستشفى قوى الأمن بالدمام    دراسة: قلة شرب الماء تزيد هرمون التوتر    شباب الأهلي يكسب الاتحاد بهدف في النخبة الآسيوية    مجلس الوزراء يقدر لقادة العالم مشاعرهم بمناسبة اليوم الوطني    بحضور الأمراء.. نائب أمير مكة يشارك في صلاة الميت على الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العطرجي" يزود كبرى الشركات بروح "بارفاناتها" . "حلت البركة" في سوق "العطارين" و "بونجور" في الصالحية
نشر في الحياة يوم 28 - 06 - 1999

رغم الركود الذي تشهده بقية المهن تنتعش صناعة العطور. وطالما ان دمشق مدينة الياسمين والفل والجوري فهي بامتياز مدينة العطور والعطارين، وخير دليل على ذلك سوق "العطارين" ذات السمعة العالمية وهي تقع وسط احد اقدم احياء المدينة بالقرب من الجامع الاموي وقصر العظم الاثري الشهير.
ولم تؤثر العصرنة والحداثة وانتشار محلات فخمة في الاسواق الحديثة لبيع العطور الاجنبية المستوردة، في مكانة "العطرجي" في دمشق، بل على العكس، اذ ان هذه المهنة "تزدهر مع تقدم الايام ولم تعد مقتصرة على طبقة وفئة معينة بل امتدت لتشمل الطبقات والفئات كافة" كما يقول محمد هاني شبقجي احد العاملين في هذه المهنة. ويضيف :"في ظل الغلاء الفاحش لاسعار العطورات الاجنبية الاصلية وتجاوز سعرها ثلاثة آلاف ليرة سورية 70 دولاراً اميركياً وفي ظل قلة الحيلة التي يعانيها المواطن صار هناك اقبال اكثر على العطور المصنعة لرخص ثمنها. في الماضي كان اكثر زبائننا من كبار السن والطبقات الفقيرة والمتوسطة، ولكن الآن تغير الحال وصار لنا زبائن دائمون من كافة المستويات يختارون الانواع ويتابعون احدث الصرعات في عالم العطور".
والتجار الدمشقيون كعادتهم فنانون في التعامل مع الزبون وجره للشراء برضى وراحة نفس. ويقول خالد الغبرة من كبار اصحاب محلات العطور المنتشرة في كل الاسواق الدمشقية: "مصلحتنا تقوم على اقناع الزبون مهما كانت درجة ثقافته وذكائه". ولهؤلاء طريقتهم في اقناع الزبون يوضح الغبرة :"احيانا لا يستطيع تمييز الرائحة فنسأله "جوعان" لأن الجوعان لا يشم، واذا نفى نسأله: "شبعان؟" لأن الشبعان لا يشم ايضاً". ويضيف "طبعاً هذه تخاريف لكن يجب ان يشعر زبونك بالثقة فانا اقدم له الانواع الجديدة والمشهورة واختار له في النهاية ويقتنع ويشتري".
ويبادر كل الزبائن التاجر بتحية افتتاحية "انا زبونك لازم تتوصى" و"اريد زجاجة عطر ناعمة وحلوة وفخمة". ويجيب التاجر "محلك" او "على راسي". وهناك زبائن اجانب كثيرون يترددون على هذه المحلات ومن مختلف الجنسيات لكن اختيارهم يتركز على العطور الشامية الشرقية مثل الياسمين والعنبر والفل.
ولا تقتصر هذه المحلات على بيع العطور انما هناك كالونيا ل"المساج" وعطرلتنقية البشرة ورونقها مثل "ماء الورد" وزيوت للشعر، الورد الجوري والياسمين يعطيان استرخاء لبصلة الشعر، وللجسم زيت "لافان" وزيت "باتشولي" ولحمامات الساونا "الورد والنعنع". وهناك مواد طبية وتجميلية مثل مادة "سليماني" المعروفة منذ القدم وهناك متخصصون بطبختها وتباع للسيدات وتعطي مظهراً رائعاً للبشرة بعد تقشيرها، وهناك بودرة للاطفال وتعطيرة "العرقسوس" الذي ينتشر كشراب في رمضان وغيرها كثير.
وطالما ان دمشق تشتهر بمسكها وعطرها المأخوذ من الورد الجوري والفل والياسمين الدمشقي فانها اصبحت مقصداً للزوار العرب من دول الخليج الذين يتطيبون بالمسك والعنبر كما يقول خالد. ويشرح: "للمسك وللعنبر مكانة خاصة لدى المصنعين والتجار ويتم استيرادهما من الهند والدول الافريقية ولهما زبائن خاصون من امراء الخليج ويباعان باسعار عالية". وهناك سوق قديمة متخصصة لمثل هذه البضاعة وهي "سوق المسكية" المجاورة للجامع الاموي.
ويقول ان الورد الجوري معروف ومشهور مثل "ورد الطائفي" في السعودية و"الورد الاستنبولي" في تركيا و"الورد البلغاري"، وهو مرتفع الثمن لأن الموسم لا ينتج اكثر من كيلو واحد من الورد الجوري وبالتالي نبيعه تقريباً بسعر مرتفع يصل الى نصف مليون ليرة سورية نحو 10 الاف دولار اميركي لزبائن من الخليج.
لكن الامر لا يقتصر على زبائن دول الخليج، بل يشكل الاردنيون واللبنانيون زبائن مهمين لبائعي العطور في السوق القديم اذ يخصص اصحاب المحلات في سوق العطارين بجانب قصر العظم الشهير على امتداد الجامع الاموي يوم الخميس للاردنيين ويومي السبت والاحد للبنانيين الذي يشترون بكميات كبيرة: "لانبيع في هذه الايام سوى الاردني واللبناني وصار هذا معروفاً بالنسبة للسوريين فلم يعودوا يقصدون محلاتنا في هذه الايام، وصار لنا زبائن دائمون يشترون منا صفقات كبيرة".
كيف يلاحق هؤلاء اخر الصرعات في عالم العطور العالمية؟. يقول عمران علي البلح من تجار العطور المعروفين في السوق: "هم يلاحقوننا ولسنا من نلاحقهم، فالشركات الفرنسية والايطالية والسويسرية التي اصبحنا زبائن دائمين لها ترسل الينا الفاكسات التي تضم قائمة بآخر الماركات التي انتجتها". ويضيف: "سورية مشهورة بين دول المنطقة بصناعة العطور لذلك تشهد اقبالاً من جميع الشركات التي توفد خبراء ليدققوا عملنا ويتعرفوا على اسراره وفي ما اذا كان للمحل سجل تجاري في غرفة تجارة او صناعة". ويضيف علي البلح: "نستجر مواد اساسية بكميات هائلة من اصحاب هذه الشركات، وهم يربحون من وراء ظهورنا اكثر مما يربحون من بيع عطورهم المعبأة في زجاجات كريستال جميلة ومغلفة".
وعن التركيبة الاصلية للعطور، يقول خالد :"حسب الشركة المصنعة. هناك شركات فرنسية تعطينا التركيب مئة في المئة وبعضها يعطي 70 في المئة ونحن بالخبرة نضيف بعض المواد لنصل الى نفس النتيجة تقريباً".
والصفة الغالبة لهذه المحلات المنتشرة في اسواق دمشق القديمة، هي صغر حجمها وانفتاحها على الهواء الطلق مباشرة. ويوضح خالد: "لا نحتاج مساحات واسعة لانه مجرد محل للبيع وهناك ورشات خاصة تابعة لنا والسبب الاهم اننا في حاجة لمجرى هواء حتى يستطيع الزبون ان يشم ونحن لا نفطس من الروائح".
وتزين واجهات هذه المحلات صور لأسماء اشهر الماركات العالمية. وفي وقت لا يهتم اصحاب المحلات في السوق بديكور المحل او مساحته نجد اصحاب هذه المحلات انفسهم ونتيجة للارباح التي جنوها في العطور بادروا الى فتح فروع في المناطق الراقية والاسواق الرئيسية في البلاد مثل "القصاع" و"باب توما" و"الصالحية" و"الشعلان". يقول خالد "هذا المحل متر بمتر وله اربعة محلات في معظم المناطق"، لافتاً الى "ان طريقة التعامل مع الزبون تختلف حسب المنطقة، وفي سوق العطارين في دمشق القديمة اقول للزبون "حلت البركة" بينما اذا قلت هذا في القصاع والصالحية لهرب الزبون. هناك اقول له "بونجور" و"بنسوار".
وتورث هذه المصلحة مثل بقية المصالح التقليدية وان دخلها "الكثير من الغرباء في الآونة الاخيرة لانها تجارة رابحة" كما يقول عمران مضيفاً: "صار بياع العصير والسمك ولوازم الخياطة وكل من ليس له صنعة يفتح عطارة فهي مصلحة من ليست له مصلحة"، لكنه يؤكد "انها تحتاج الى الخبرة ولم يستطع الكثيرون الاستمرار بها".
لقد تخلى العطرجي الدمشقي منذ فترة طويلة عن تصنيع العطور التي تحتاج الى افران خاصة ومواد اولية كثيرة "طالما تأتينا ارخص ومصنوعة فلماذا نعذب انفسنا". واكتفى بتركيب العطور، وحسب السعر وبعد تحديد النوع تحدد كثافة العطر فاذا طلب الزبون ان تجهز له زجاجة بمئة ليرة تكون كالونيا ما بعد الحلاقة و150 لأودو تواليت و200 ليرة للبارفان. وعلى "العطرجي" ان يكون ملماً باللغة كما يقول خالد فالخطأ بحرف يمكن ان يبدل العطر "احيانا يأتي زبون ومسجل اسم العطر بالغلط".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.