وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    ابتداءً من اليوم .. حظر دخول واستخدام أسطوانات الغاز المسال بالمشاعر المقدسة    وفد من مجموعة البنك الدولي يزور هيئة تقويم التعليم والتدريب    "الأخطبوط" عبادي الجوهر.. "أرينا" أكبر تكريم والسعودية نعمة    المركزي الأوروبي يخفض سعر الفائدة    كيف تبني علامة تجارية قوية عبر المحتوى ؟    انطلاق فعاليات الهاكاثون المصاحب للمنتدى الأول للصحة والأمن في الحج    كوبا تعلن أن غواصة نووية روسية سترسو في هافانا الأسبوع المقبل    القطاع الخاص والاستثمار في الفضاء الخارجي    ذبّاح نفسه ما ينبكى عليه    قلوبنا تدمي هنا وهناك    مصر تهزم بوركينا فاسو بثنائية في مباراة حسام حسن الأولى    البريكان الأعلى تقييماً في فوز الأخضر على باكستان    بن فرحان يبحث مع نظيريه السويسري والكندي مستجدات الساحة    بن نافل يُعلن ترشحه لرئاسة الهلال    الاتفاق يُحدد موقفه من فوفانا وجوتا    «سدايا» تنال شهادة مواصفة الآيزو «iso 42001» العالمية    الركن الخامس.. منظومة متكاملة    وزير التعليم يتفقد القطاع التعليمي بمحافظة الزلفي    الموارد البشرية: إجازة العيد 4 أيام تبدأ من يوم عرفة    إنذار أصفر.. موجة حارة على الرياض    مع التحية إلى معالي وزير التعليم    التطوع والحج    قرض تنموي سعودي بالسلفادور ب83 مليون دولار    منحة لدراسة الإبل ثقافياً واقتصادياً    فضائل الدول الصناعية وعيوب من عداها    «التحيّز».. الداء الخفي    هيئة الأفلام تكمل مشوار «ليالي الفيلم السعودي» بعروض جديدة في أستراليا    عمارة الحرمين.. بناء مستمر    بحضور وزير الاستثمار ومحافظ الزلفي.. وزير التعليم يرعى حفل جائزة الفهد لحفظ القران    أشهُرٌ معلومات    تجهيز 14 منفذاً صحيًا للحج    حفلات التخرج.. من الجامعات إلى رياض الأطفال    إنجازات رائدة    ولي العهد يهنئ رئيس وزراء الهند بمناسبة فوز حزبه بالانتخابات التشريعية    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تدشن مسرحها الجديد بأحدث التقنيات المسرحية    أمير القصيم يكرّم البشري بمناسبة حصوله على الميدالية الذهبية    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    رئيس "كاكست" يطلق مبادرات طموحة لتوطين صناعة تصميم الرقائق الإلكترونية بالمملكة    اختصار خطبة الجمعة بالحج لشدة الحرارة    نجاح فصل التوأم السيامي الفلبيني "أكيزا وعائشة" بعد عملية استغرقت 5 ساعات    بجراحة دقيقة مركزي بريدة يستأصل ورما نادراً ضاغطا على الأوعية الدموية    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية تنمية الموارد المالية    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام الأقصى اعتداء سافر على الوضع القانوني والتاريخي    "غوغل" تتخلى عن ميزة "سجل الخرائط"    أمير القصيم يقف على جاهزية مدينة حجاج البر    "العُلا" سحر التنوع البيئي والتراث    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    وزير الدفاع يبحث مع العليمي مساعي إنهاء الأزمة اليمنية    الحجيلي يحصد جائزة "المعلم المتميز"    رئيس الشؤون الدينية يدشن دورة "هدي النبي في المناسك"    نائب رئيس جامبيا يزور المسجد النبوي    الضليمي والمطيري يزفون محمد لعش الزوجية    بتوصية من مانشيني.. الأخضر الأولمبي يقترب من مدرب إيطالي    حذّروا من إضاعتها خلف الأجهزة الإلكترونية.. مختصون ينصحون الطلاب باستثمار الإجازة    قائد النصر "رونالدو" يفوز بجائزة الأفضل لشهر مايو في دوري روشن    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    الوزير الجلاجل وقفزات التحول الصحي !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لوحات العراقي جبر علوان في دمشق . المرأة حاضرة بسحرها والرجل بقوته
نشر في الحياة يوم 06 - 11 - 1999

تستضيف دمشق معرضاً للفنان التشكيلي جبر علوان في مجموعة جديدة من تجاربه الاخيرة، وهي تعتبر بحق متعة للبصر والبصيرة، إذ على رغم زحمة المعارض التشكيلية قلّما يستحوذك كمتلق معرض بهذه القوة الى درجة تجعلك تسبح معه في فراديس تكويناته وأشكاله وشخوصه التي ترفل في ألوان بهية، ساطعة، تنوس بين الحار والبارد، وبين العتمة والضوء. فتحرّك فيك دهاليز الذاكرة التي يأكلها الحنين، ويفتتها الشوق، ربما الى حكايا بغداد - ألف ليلة وليلة، أو الى شهرزاد بإهابها الجميل المكتنز بالخفايا والأسرار، أو الى تلك المرأة الحزينة، المشتهاة التي تنطوي في آخر الليل على وحدتها، وخلفها يمتد سريرها الأبيض البارد، تحيطها هالة من الألون الرمادية، ونافذة معلقة على جدران الزمن، اذ ثمة بصيص أمل، أو بارقة ضوء شحيح تنير روحها المغلولة بالعزلة والانتظار.
ماذا يفعل علوان، وكيف يرسم رجاله المتعبين، الغارقين في ضباب معارفهم، واكتشافاتهم، واحتمالاتهم؟ وكيف يرسم نساءه الشاحبات، الغارقات في بحر من الأحلام الرجراجة، والرغبات المكبوتة، الغافية، التي تنبثق في لحظة اشراق إلهي جميل؟!
كيف يجسّد بلغته التشكيلية البصرية التي لا تشبه الا ذاته، كل هذه الحالات الطقوسية في وقعها المسرحي المنضبط بتوازن مدهش، وايقاع مدروس وألوان تنساب موسيقاها المحيرة في تجاور، وتداخل شفيف في تدرجها وتآلفها مما يمنح فضاء اللوحة أبعاداً لا مرئية، يرسلها باشارات دالّة، مكثفة، تشي بالحالة، أكثر مما تفصح عنها؟!
حضور تعبيري
ليس المهم في لوحات علوان المرأة بوصفها جسداً يثير الخيال لدى المتلقي، وخاصة الرجل، الراغب في الاكتشاف، والتمتع بالجمال الأنثوي الآخاذ، بل الأهم هو الحالة التعبيرية التي يجسدها هذا الحضور، فالفنان يبحر عميقاً في عوالم المرأة الداخلية، وحالاتها الانسانية والنفسية، بشروخها، وانبثاقها كجسد وروح، فيجسدها: منتظرة احياناً، وشغوفة متلهّفة أحياناً اخرى. مشرقة، مجللة بالضوء واللون تارة، وغارقة في عتمة روحها، ورماديات انكساراتها تارة اخرى.. وكل هذا يتجلّى على سطح القماشة بمتانة التكوين، والخطوط المختزلة، اللينة، المتخفية وراء لعبة الضوء. وكل هذا يضفي على عوالم اللوحة فضاء مسرحياً، طقوسياً، غنياً بالقيم والدلالات التعبيرية التي يحسّ بها المتلقي قبل ان يدرك كنهها. ولعل هذا الامر هو ما يفسّر سحر أعمال علوان، التي تستحوذ على عين المتلقي، وتشدّه لاكتشاف عالم غامض مكتنز بالأسرار.
اللافت في أعمال علوان ايضاً، هو حضور الرجل على نحو مختلف تماماً عن حضور المرأة في تعبيره وشكله، فاذا كان حضور المرأة يتجلى في حركتها واضطجاعها. وتعبيراتها.. في ثيابها و"اكسسواراتها"، والحيز الضيق المغلق الذي يحيط بها، وغالباً ما يكون جدران غرفتها، أو سريرها واشياءها الحميمة... فان حضور الرجل قائم على وعد بالقوة التي يجسدها، وذلك بغض النظر عن طبيعة هذه القوة الموعودة ومغزاها كقوة أخلاقية أو مزاجية، أو معرفية، أو جسدية... ففي احدى اللوحات يقدّم علوان الرجل المثقف، المتصوّف، المنكب على أوراقه، وخلفه ضوء شحيح، حيث معظم ألوان هذه اللوحة هي من تدرجات الرمادي، والوجه يكاد يكون غائماً، بلا ملامح، فهل يشي هذا بعجز المعرفة الرجولية في هذا الزمن عن الوصول الى الجوهر، والسيطرة عليه؟
يوحي حضور الرجل، بما هو قادر على فعله، أو ما يمكن ان يفعله، وقد يلفّق حضوره تلفيقاً، اي انه ربما يدعي ما ليس قادراً على فعله. لكن الادعاء موجه دائماً نحو قوة يمارسها على الآخرين. وفي اللوحة التي يقارب فيها علوان أجواء مسرحية "طقوس الإشارات والتحولات" لسعد الله ونوس، نرى عبدالله - الرجل، مندفعاً بقوته الجسدية، الذكورية الى جانب المرأة بانبثاقها الروحي والجسدي. ولكن أيهما أكثر صدقاً، هو، باستعراضه الخارجي لقدرته على الفعل؟ أم هي بعبقها، وهالتها، وتكورها على ذاتها؟
أسئلة كثيرة يطرحها هذا المعرض، واذا لم يكن مطلوباً منا ان نقدّم تأويلاً أدبياً لهذه الاعمال، فمن المؤكد ان اللغة البصرية، التعبيرية الآخاذة لجبر علوان قد اختزلت بجمالية رائعة الكلام، وعبّرت على نحو بليغ عن مشاهد انسانية في غاية العمق والدلالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.