يتذكر الجمهور الفنان محمود قابيل الذي كان شارك في عدد من الافلام البارزة، منها "العصفور" و"الحب تحت المطر" و"بعيداً عن الارض"، قبل ان يهاجر الى اميركا التي مكث فيها نحو 12 عاماً، ولم يعد منها مرة اخرى الا في التسعينات الى السينما ليشارك في اعمال سينمائية منها "لحم رخيص" و"دانتيلا" ومسلسلات "حكاية أمل" و"الاب" و"القلب يخطىء احيانا" و"بقيت الذكريات" و"ضبط وإحضار" و"هوانم غاردن سيتي". "الحياة" التقت قابيل الذي تحدث عن ابتعاده وعودته قائلاً: "تعرضت لحملة ظالمة ليس لي ذنب فيها جعلتني اتفرغ لإدارة شركة سياحية، والحال انني عندما اتجهت الى العمل في السياحة كان هدفي ايجاد مصدر دخل آخر غير الفن، حتى يكون اختياري للأدوار نابعاً من اقتناعي بالدور وليس رغبة في جمع المال، ولكن مع الاسف كلفني عملي بالسياحة الكثير لدرجة انه لم يعني على الحفاظ على المستوى الفني بل تسبب في ابتعادي عن الفن. وربما لا يعرف الكثيرون انني كنت ضابطاً في القوات المسلحة وشاركت في حرب 67 وتركت الجيش بعد اصابتي في الحرب الاخيرة، ونشرت لي قصة قصيرة حول ضابطين من جيشين متحاربين جمعتهما الظروف في الصحراء ليواجها الموت معاً، الا ان الرغبة في الحياة تدفعهما الى التعاون. يومها تلقف البعض هذه القصة، واتهمنى بأنني اجمع فيها بين ضابط مصري وآخر اسرائيلي، ولا ادري لماذا هذه الاتهامات على رغم ان القصة لا تعبّر الا عن مأساة إنسانية، مثل قصص كثيرة في التراث الانساني. هل من اجل ذلك قبلت شخصية الصاغ يوسف ناصف في مسلسل "هوانم جاردن سيتي"؟ - بالفعل هو دور عمري، هو شخصية محمود قابيل، فعندما قرأت السيناريو وجدت نفسي اقف امام مرآة ارى فيها نفسي بكل ما تحب وما تكره. هناك تشابه كبير بين شخصيتي وشخصية يوسف ناصف، فكلانا يكتب الشعر، فأنا اكتب الشعر بالعربية والفرنسية وهو ايضا يكتبه بالعربية، انا رومانسي احب الحياة وأعشقها وأهيم في دنيا المشاعر وأسبح في بحور العاطفة، وهذا ينطبق ايضاً علي يوسف ناصف الضابط، وأنا ايضا عملت ضابطاً لفترة طويلة فوجدتني انا ويوسف ناصف قد اشتركنا في صفات كثيرة. هل كنت تخطط للعودة مرة اخرى للفن والتمثيل بعد غياب 12 عاماً في اميركا؟ - صاحبة الفضل في عودتي للفن مرة ثانية هي المخرجة ايناس الدغيدي التي اتصلت بي في اميركا اكثر من مرة وبذلت محاولات كثيرة لاقناعي بالعودة مرة ثانية، مؤكدة انني سأجد مكاني. وكما يقولون "ما صدقت" لأن ايناس عزفت على وتر حساس في نفسي وهو حبي وعشقي للفن الذي لا اأخذه مهنة او حرفة اكسب منها مصدر دخلي، بل وضعته في مكانة عالية في نفسي مصراً على أن اتخذ لنفسي مصدراً آخر غير الفن اكتسب منه المال. ألم تر ان عودتك ضعيفة بالمقارنة ببدايتك خصوصاً انك كنت بطلاً لبعض الافلام؟ - وما زلت بطلاً لأفلام سينمائية مثل "عيش الغراب" اخراج سمير سيف مع نور الشريف ويسرا، مهما يكن فأنا أرى ان عودتي قوية لأنني اعتبرها بداية جديدة وخطوة لاستعادة المكانة التي كنت تركتها، وهذه البداية مصحوبة بفهم اكبر وأعمق وأشعر انني ابدأ من جديد. لقد ابتعدت عن الساحة الفنية حوالي 12 سنة وبعد عودتي اهلت نفسي لهذه البداية الجديدة فنسيت الفترة الماضية لأنني لو تذكرتها سوف اتعب جداً. بلا شك ظهرت اسماء في فترة غيابي حققت النجومية وتربعت على عرش الفن وهذا لم يقلقني وسأبتعد عن المقارنات وعن الماضي وانظر الى المستقبل. ولا تنسوا هنا ان الناس عادوا، وخلال اقل من 3 سنوات يتذكرون محمود قابيل ويرحبون به. لماذا تنحصر معظم ادوارك في اطار الرومانسية؟ - الرومانسية تستهويني واجد فيها نفسي، لأني رومانسي بطبيعتي، فأنا احب الحب ولا يقلقني ذلك، وسيلاحظ المشاهد في اعمالي القادمة تنوعاً حيث انني أسعى لإرضاء جمهوري اولاً واخيراً. كيف كان شعورك عند اول لقاء لك مع الكاميرا بعد العودة؟ - الخوف الشديد وهذا امر طبيعي للفنان الحقيقي الغيور على عمله، لكنني تخلصت من هذا الخوف عندما بدأت اغازل الكاميرا، واعتذر لها حتى ترضى عني. كان لقائي الاول بالكاميرا في فيلم "لحم رخيص" اخراج ايناس الدغيدي، بعد ذلك كان فيلم "ضربة جزاء" مع اشرف فهمي، بعده شعرت انني اخطو خطوة الى الامام ثم كان فيلم "عيش الغراب". ونلت عن هذا الفيلم شهادة تقدير في مهرجان الاسكندرية السينمائي عام 1996. هل هناك فارق كبير بين البداية الاولى وهذه العودة؟ - تلك كانت اياماً جميلة، كانت البداية في الاسكندرية على شاطئ العجمي، كان هناك يوسف شاهين وفاتن حمامة واحمد رمزي، وبحاسته الفنية اقترب مني شاهين، وطلب مني ان اشارك في بطولة فيلم "فجر يوم جديد" امام فاتن حمامة، وحكى لي القصة، وكان عمري في ذلك الوقت 16 عاماً، لكن حدث ان سافرت فاتن حمامة الى اسبانيا ولم يتم المشروع وفي الوقت نفسه كنت قد قبلت في الكلية الحربية. لا شك ان ما حدث لي فرصة عظيمة لا يحلم بها اي شاب في ذلك الوقت لكن الحس الوطني لدي طغى على اتجاهي للفن وفضلت الدراسة بالكلية الحربية والالتحاق بالجيش، حيث خضت حربي 67 والاستنزاف، واصبت. وبعد خروجي من الجيش عدت الى الفن في فيلم "العصفور" وبعده اشتركت في "ابيض واسود" مع محمد فاضل و"احترق القناع" امام ماجدة الخطيب ونور الشريف ومحمود المليجي وابو بكر عزت. وفي يوم من الايام عرفني بعض اصدقائي من الضباط بالمخرج حسين كمال الذي قدم لي اول بطولة في فيلم "حب تحت المطر" عن قصة نجيب محفوظ. بعد ذلك مضت فترة لم يطلبني فيها احد من المخرجين ولكن فجأة جاءتني فرصة عظيمة تمثلت في لقاء المنتج السينمائي الراحل رمسيس نجيب الذي اعتبره صاحب الفضل الاكبر عليّ كفنان، فقدمني في فيلم "بعيداً عن الارض" وفي فيلم "وادي الذكريات" امام شادية، وبعد وفاة رمسيس نجيب هاجرت الى اميركا في العام 1981 كي اشارك اخي ادارة مشروع زراعي، وبعد سفري بعامين حدثت الحملة الشرسة ضدي. هل استفدت من الهجرة الى اميركا؟ - بالتأكيد استفدت من جميع النواحي لأني دخلت الجامعة ودرست الزراعة لكي امارس عملي بشكل علمي وحصلت ايضاً على بكالوريوس ادارة الاعمال وبعده حصلت على الماجستير ادارة الاعمال من جامعة تكساس، وقرأت كثيراً في القضايا الانسانية والسياسية والقيت محاضرات عن مصر وعن القضية الفلسطينية وعن الاسلام. ألم تتح لك فرصة تقديم اعمال في اميركا؟ - جاءتني فرصة واحدة وكانت في العام 1991 بعد مقابلة مع رئيس مجلس ادارة الشركة المنتجة لمسلسل "دالاس" حيث عرضت عليّ الشركة دوراً رئيسياً في فيلم تلفزيوني لكن الدور كان لشخصية ارهابي مسلم، فرفضت وبشدة وكان هذا ما جعلني أحاضر عن الاسلام كلما اتت المناسبة.