عجباً لحال المسيحيين في العالم الذين فترت همّتهم ازاء القدس وباتوا يتعاملون مع احتلالها وكأنه حدث عادي عابر ولا يخصّهم. ويخطىء من يظن ان القدس قضية إسلامية فقط بل هي قضية اسلامية - مسيحية مشتركة - ومن لا يصدّق ليسأل رجال الدين الأفاضل وبينهم المطران المناضل هيلاريون كبوتشي الذي نفي من القدس الى الفاتيكان، وغيره وبينهم الأخ عفيف صافية إبن القدس البار، كما يمكن ان يسأل الأخوة المسيحيين من ابناء القدسوفلسطين الذين طبق الصهاينة بحقهم سياسة "التطهير العرقي" والقمع ومارسوا شتى انواع الضغوط لحملهم على الهجرة والرحيل وتفريغ المدينة المقدسة. ففي القدس عشرات الكنائس والأديرة داخل السور في طليعتها كنيسة القيامة وطريق الآلام وفيها تسع مراحل وحبس المسيح على طريق الآلام ودير السيدة، وخارج السور هناك عشرات الكنائس والأديرة وبينها كنيسة الصعود على جبل الزيتون وكنيسة زياحة العذراء. هذه المقدسات المسيحية التي حماها المسلمون وحافظوا عليها على مدى العصور تنفيذاً للعهدة العمرية التي أعطاها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه للبطاركة والمطارنة فيما انتهك حرماتها الاحتلال الاسرائيلي فهدم منها ما هدم واعتدى على أكثرها وشدد الخناق على الكنائس مثلها مثل المساجد. وهناك شهادات رسمية مودعة لدى الاممالمتحدة ومنظماتها الفرعية والهيئات الدولية من صليب احمر وغيرها تشرح بالتفصيل وبالوقائع الدامغة انتهاكات اسرائيل للمقدسات المسيحية ليس في القدس فحسب بل في شتى أنحاء فلسطينالمحتلة. ولم يترك الاسرائىليون فرصة الا ودنسوا فيها الكنائس وأولها كنيسة القيامة وحطّموا القناديل والصور ووضعوا صورة بريجيت باردو مكان صورة السيدة مريم العذراء، وكان آخر اعتداء من هذا القبيل قبل أشهر عدة. واغتصب الاسرائيليون ايضاً أملاك عدد من البطريركيات وبينها بطريركية الروم الارثوذكس وأملاك الكنيسة الروسية. وقال المناضل المحامي الاستاذ عيسى نخلة ممثل الهيئة العربية العليا لفلسطين في نيويورك ان اسرائيل تسعى لمحو المسيحية من القدس. واضاف: ان هذا الموقف الاسرائىلي وما يرافقه من القيود التي يضعها الصهاينة على السكان المسيحيين العرب الاصليين لا يؤدي الا الى هلاك المسيحية في البلاد المقدسة! وقدم الاتحاد المسيحي الفلسطيني قائمة بعشرات الأديرة والكنائس والمؤسسات المسيحية التي تعرّضت للانتهاك أو الخسائر واضرار فادحة نتيجة للاعتداءات الاسرائىلية. كل هذا يحدث في وضح النهار وعلى مرأى من العالم المسيحي وحاضرة الفاتيكان من دون ان يصدر أي موقف حازم وحاسم لادانة هذه التعديات والعمل على وقفها. وهذا ليس بغريب لان الانتهاكات ليست جديدة وقد اعتادت عليها اسرائىل بعد هدم قرى دالو وبيت نوبا وعمواس التي كانت معروفة منذ عهد عيسى عليه السلام دون رد فعل من العالم. ولو أردت المضيّ في سرد الوقائع الدامغة لاحتجت الى مجلدات، لكن هذه الإشارة العابرة للفت النظر الى أهمية القدس، وواجب المسيحيين في العالم لانقاذها من براثن الاحتلال جنباً الى جنب مع المسلمين شركاء المقدسات في القدس الشريف، وابناء المصير الواحد في حال السماح بتمرير المؤامرة الصهيونية الشريرة لتهويد القدس.
لقطة من حكيم الزمان الغساني: فقلت باعوا نفوساً واشتروا ثمناً وصنت نفسي فلم أخضع كما خضعوا!