إحباط تهريب (114,000) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    أول فعالية بولو على كورنيش الدوحة تدشن انطلاقتها بمنافسات عالمية وظهور تاريخي لأول لاعبي بولو قطريين    أمير حائل ونائبه يعزيان أسرة آل عاطف في وفاة "أبو مرداع"    غداً .. الرياض تشهد ختام الأسبوع الأول من بطولة الجائزة الكبرى "قفز السعودية"    فيزيائي سعودي يقرأ المقامات الموسيقية من منظور علمي    الأردن يكسب العراق ويواجه الأخضر السعودي في نصف نهائي كأس العرب    ورشة عمل في كتاب جدة حول فلسفة التربية    تصوير الحوادث ظاهرة سلبية ومخالفة تستوجب الغرامة 1000 ريال    رئيس دولة إريتريا يصل إلى جدة    الجمعية الجغرافية بعسير تنفذ زيارة علمية لمعالم السودة الجغرافية    آل ناشع يرعى فعاليات اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    تعليم جازان يشارك في فعاليات اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2025 بركن توعوي في الراشد    السلامة الرقمية في غرف الأخبار بفرع هيئة الصحفيين بالمدينة    الطائف تحتضن حدثًا يسرع الابتكار ويعزز بيئة ريادية تقنيه واعدة في CIT3    جلسة حوارية حول اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة نظمتها جمعية سنابل الخير والعطاء بعسير    تحت شعار "جدة تقرأ" هيئة الأدب والنشر والترجمة تُطلِق معرض جدة للكتاب 2025    الذهب يستقر عند أعلى مستوى في سبعة أسابيع، والفضة تقترب من ذروة قياسية    رينارد: الفوز جاء بروح الفريق    "الداخلية" تستحضر قيمة المكان والذاكرة الوطنية عبر "قصر سلوى"    الجوازات تستعرض إصدارات وثائق السفر التاريخية في واحة الأمن بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل ال (10)    الصعيدي يفتح دفاتر الإذاعة في أمسية بقصيرية الكتاب    إمام الحرم: بعض أدوات التواصل الاجتماعي تُغرق في السطحيات وتُفسد الذوق    إمام وخطيب المسجد النبوي: رحمة الله تسع العاصي والجاهل والمنكر    الأخضر على أعتاب رقم قياسي في كأس العرب    تألق كبير لثنائية كنو والدوسري في كأس العرب    أمير منطقة جازان يشرّف الأمسية الشعرية للشاعر حسن أبوعَلة    امطار وضباب على اجزاء من منطقة الرياض والشرقية والشمالية    "الغطاء النباتي" يُطلق مبادرة نثر البذور في المزارع الخاصة بحائل .    منافسات قوية في اليوم الثالث من العرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية    كريم بنزيما يُلمّح: العودة للمنتخب الفرنسي ليست مستحيلة!    من أمريكا إلى السعودية..خطة تيباس لإقامة مباراة تاريخية خارج الأراضي الإسبانية    الصين تطلق أقمار صناعية جديدة للإنترنت    محافظ جدة يطّلع على مبادرات جمعية "ابتسم"    بوتين يعلن الاستيلاء على بلدة سيفيرسك الأوكرانية    المملكة ترتقي بجهود التنمية المستدامة عبر 45 اتفاقية ومذكرة تفاهم    ترامب: سنشارك في اجتماع أوكرانيا بشرط وجود فرصة جيدة لإحراز تقدم    الجريمة والعنف والهجرة تتصدر مخاوف العالم في 2025    أسبوع الفرص والمخاطر للسوق السعودي    المرونة والثقة تحرك القطاع الخاص خلال 10 سنوات    مدينون للمرأة بحياتنا كلها    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    وسط ضغوط الحرب الأوكرانية.. موسكو تنفي تجنيد إيرانيين وتهاجم أوروبا    زواج يوسف    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    أسفرت عن استشهاد 386 فلسطينيًا.. 738 خرقاً لوقف النار من قوات الاحتلال    ترفض الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي.. السعودية تكثف مساعيها لتهدئة حضرموت    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    استئصال البروستاتا بتقنية الهوليب لمريض سبعيني في الخبر دون شق جراحي    ضمن المشاريع الإستراتيجية لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الملكية.. ولي العهد يرعى حفل افتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية "دون كازمورو" رائدة الإبهام والأسطورة
نشر في الحياة يوم 10 - 09 - 1998


الكتاب: الأسطورة والحداثة
تأليف: بول. ب. ديكسون
ترجمة: خليل كلفت
الناشر: المشروع القومي للترجمة - المجلس الأعلى للثقافة - 1998
مَنْ هو "ماشادو ده أسيس":
وُلدّ جواكين ماشادو ده أسيس في ريو دي جانيرو في العام 1839، لأم برتغالية وأب برازيلي، وكانت الأُسرة فقيرة للغاية، لذا لم يتجاوز ابنها المستوى الأول في التعليم الرسمي.
ورغم ذلك انشغل ماشادو بالكلمة المطبوعة مُنذ صباه المبكر، حيث عمل في البداية جامع حروف في مطبعة ومُصحح بروفات طباعة، ثم كاتب أعمدة لصُحف متباينة؟ حول الأفكار السائدة والأحداث الجارية. وانهمك الصبي في القراءة والكتابة بشراهة.
ومن خلال حضوره المناقشات الأدبية في أفضل مكتبة في المدينة لفت انتباه بعض الكُتاب البارزين آنذاك، وبدأت شهرته تنمو، وهبطت عليه سلسلة من الوظائف المهمة، وتولى بعد ذلك منصب رئيس الأكاديمية البرازيلية للآداب، وعند وفاته عام 1908 كان ماشادو قد تسنم ذروة المؤسسة الثقافية للبرازيل.
وتقع أعمال ماشادو ده أسيس في 31 مجلداً، مما يُشكل عبئاً ضخماً على من يتصدون لمهمة ترجمة أعماله للعربية.
ومن أعماله التي تُرجمت للعربية:
- في سنة 1963 صدرت في دمشق رواية "كرنكاس بوربا" ترجمة سامي الدروبي ، وفي 1983 صدرت طبعة ثانية لهذه الرواية - بترجمة أخرى - بعنوان "الفيلسوف والكلب" ضمن روايات الهلال.
- وفي 1991 صدرت في القاهرة رواية "دون كازمورو" ترجمة خليل كلفت عن دار إلياس العصرية.
- وترجمت رواية مهمة وقصيرة لماشادو مرتين: الأولى العام 1967 بعنوان "مستشفى المجاذيب"، والثانية العام 1991 بعنوان "السراية الخضراء".
وبرغم غزارة أعمال ماشادو وعمقها وتنوعها وتفردها إلا أنه أحس بإحباط للظروف التي أحاطت به.
فرغم أنه من الصعب أن يوجد كاتب أكثر منه عالمية، لم يرد العالم له الجميل، ليس لجهل العالم بعبقريته الخاصة، وانما لحقيقة أن الأقدار حكمت عليه أن يكتب بالبرتغالية، اللغة التي وصفها أحد مُعاصريه الشاعر اولافو بيلاك بأنها "مقبرة الأدب".
وما من كاتب يُعد أكثر جاذبية لكُتاب السيرة الذاتية أو لأدعياء كتابة السيرة مِن ماشادو، وبرغم ذلك فالمعلومات الشخصية عنه نادرة، والاشارات لحياته الخاصة أكثر ندرة، باستثناء أنه كان يتلعثم في كلامه ويُعاني من نوباب الصرع، وربما كان يُعاني من مشكلات تتصل بقبول هويته العرقية ما جعل بعض النقاد يشيرون إلى اللحية والشعر الناعم في صوره الفوتوغرافية بوصفها محاولة لإخفاء ملامحه الافريقية.
وكان ماشادو يؤكد أن الطريق الى تأليف كتاب مُمتع هو ترك الأمور الخاصة خارجه، مما يُحفز خيال القارىء.
"دون كازمورو"..
رائعة الإبهام:
تُعد رواية "دون كازمورو" رائعة ماشادو، وقد تُرجمت الى لُغات عدة برغم أن عنوانها يُقاوم الترجمة بعناد، ولذا فلقد ظهرت غالباً حاملة عنوانها الاصلي "دون كازمورو". اما محاولات الترجمة وفقاً للمعنى فجاءت تافهة مثل ترجمتها الى "السيد النّكدِي".
ورواية "دون كازمورو" غنية الطبقات، تتناول مسائل مثل: الايمان والحقيقة والمعرفة والفن والدين والسياسة. وفوق كل ذلك فهي قصة حب بسيطة ورائعة.
وتقوم الرواية على شخصيتين رئيستين بنتو سنتياجو، كابيتو، ويروي الراوي "بنتو" كيف أنه عندما كان مُراهقاً وقع في حب "كابيتو" بنت الجيران، وكانت فتاة ماكرة وفاتنة للغاية، شجعته على أن يحبها وأبدت اهتماماً مماثلاً به.
وهنا تظهر أول اسئلة الرواية: هل هو "بنتو" بالفعل ما تجده جذاباً، أم المركز الاجتماعي الأعلى الذي يمثله؟ ف"كابيتو" من أسرة فقيرة، ولم يكن بوسعها أن تقيم في هذا الحي إلا أن أباها فاز بالجائزة الكبرى في اليانصيب. وتواعدا في عُمر مُبكر على الزواج، وهنا تظهر عقبة في طريقهما، ذلك أن أم "بنتو" المترملة كانت قد نذرته للرب أن يغدو، وهو ابنها الوحيد، قسيساً.
وهكذا اصبح لزاماً على العاشقين الصغيرين ان يتحايلا بطريقة أو بأخرى على هذا "النذر" دون إغضاب "الأم". ويتحايل الاثنان ويقنعا الأم ان تكفل شاباً آخر ليصير قسيساً، وهكذا يصبح في إمكانهما الزواج. وبعد خمس سنوات من القلق، يولد لهما "حزقيال" وبه سمتان بارزتان: نزوعه الى تقليد الناس، والشبه الذي يجمعه بصديق حميم للأسرة وهو إسكوبار.
ويظهر هنا التساؤل الثاني: هل هذا الشبه هو ببساطة شذوذ عرضي للطبيعة، عززته موهبة التقليد لدى الطفل، أم هناك ما هو أكثر من ذلك؟
وبرغم انتباه "بنتو سنتياجو" لهذه المسألة، فإنه لا يشغل تفكيره بها إلى أن يموت "اسكوبار" فجأة، ويرى "كابيتو" تبكي على جثمان الميت قبل دفنه، ويصدمه ذلك صدمة مريرة، ورغم ذلك لا يصارحها وإنما يشعر مع الوقت أنه لم يعد قادراً على أن يحبها هي أو ابنها ويؤلمه هذا الى الحد الذي يدفعه لمصالحة كابيتو بأنها خانته.
ثم تأبى كابيتو تأكيد أو نفي مزاعمه مع تأكيدها أن زواجهما قد انتهى أمره، وتقضي بقية أيامها في سويسرا، ويموت "حزقيال" شاباً خلال بعثة علمية في الشرق الأدنى، ويزداد إبهام كل شيء: مسألة إخلاص كابيتو، مسألة نسب الطفل، مسألة الدافع الرئيسي لارتباط كابيتو ببنتو سنتياجو، ويمتد هذا الإبهام الى بقية حياة الراوي والى المعرفة والقيم التي تطبع علاقاتنا.
"دون كازمورو" علامة فاصلة:
تعتبر رواية "دون كازمورو" المنشورة عام 1900، واحدة من أوائل الروايات التي واجهت عوالم روائية جديدة، لتميزها بما أشار إليه ألبير كامو بقوله: "ما يُميز الإدراك الحديث من الكلاسيكي هو أن هذا الأخير يزدهر على المشكلات الأخلاقية بينما الأول على المُشكلات الميتافيزيقية.
هذه الرواية جمعت الكثير من السمات التي أوجزها فوينتيس لجيل الروائيين الرواد في أميركا اللاتينية ويأتي على رأسهم ماشادو ده أسيس، وهي: التحويل الأسطوري، الاتحاد بين النقد والخيال، الإبهام، المحاكاة الساخرة، إضفاء الطابع الشخصي.
ويُقدم كتاب "الأسطورة والحداثة" كتابات ناقد أساطير بول. ب. ديكسون الذي يبحث عن نماذج أصلية ويدرس بنتو سنتياجو بوصفه العاشق النوستالجي، ويُقدم بالاضافة الى ذلك عمل ناقد أكثر "شكوكية" يهتم أكثر بمسألة كيف يجري تحوير الأسطورة.
ويؤكد المؤلف أن هذه الرواية لا تلفت نظر المرء في الحال إلى كونها عملاً أسطورياً، فليس هناك سوى القليل جداً مما يدعو صراحة الى التحليل الأسطوري كما في يوليسيس أو مئة عام من العُزلة. غير أن القراءة المُتسمة بروح التعاون ستكشف وجود توافق بعيد مع الخطاب الأسطوري، وثمة بون شاسع بين الأسطورة الضمنية والتصوير الأدبي، وهو الذي يُعزز إحساس التوتر والاغتراب في الحداثة.
وتدور أبحاث هذا الكتاب حول توتر هذا العمل الروائي بين نمطي تفكير مُتعارضين: عقلية بدائية تؤثر اللازمني والمُطلق المثالي، وعقلية حديثة تعترف بواقع أكثر انتقالية وعرضية بكثير.
ويتألف الكتاب من دراسات مُستقلة هي الأسطورة - وتحولاتها - إلغاء الزمن - الميلاد والموت والميلاد الجديد - الأمومية والأبوية - رحلة عبر عينين مثل مد البحر - رموز الخلاص - جوهر أم غياب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.