أمير الرياض يستقبل محافظ الدرعية ورئيس "الأمر بالمعروف".. ويعزي الشنيفي    أمير القصيم: سوق العمل الموجّه الحقيقي للتخصصات التعليمية    مجلس الوزراء: إلغاء المقابل المالي على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية    الذهب يسجّل قمة تاريخية والأسهم ترتفع بدعم «البنوك والطاقة»    وزير البيئة يرأس اجتماع مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعية    سورية: مقتل شخص واعتقال ثمانية بعملية أمنية ضد خلية ل«داعش»    احتجاز الآلاف و70 من طواقم صحية بجنوب دارفور «الصحة العالمية» تطالب بالإفراج الآمن وغير المشروط    الاحتلال يضيّق الخناق على "أونروا"    في الشباك    كوزمين: المركز الثالث في كأس العرب "إنجاز"    القيادة تهنئ ملك بوتان بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «تعافي»    أمانة حائل تستعرض خطط معالجة التشوه البصري    أمطار رجال ألمع بهجة وفرحة    أمير حائل يكرم الطلاب والطالبات المميزين    سلمان بن سلطان يطلق حوكمة جديدة بمركز بحوث المدينة    العربية.. وجود وموقف    نعمة الذرية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يشخص أورام الرئة عبر تقنية تنظير القصبات الهوائية بالأشعة الصوتية EBUS    "القصيم الصحي".. اعتماد "سباهي" و"عناية الكبار"    رئيس قسم الإعلام الخليجي والقطري ل «البلاد»: نبارك للأولمبي السعودي التتويج بكأس الخليج    "الغامدي"يتوّج الجواد "يهمني"بكأس وزارة التعليم في موسم الطائف الشتوي    الفطرية: إطلاق طيور جارحة في متنزه السودة    15.07% نمو صادرات التجارة الدولية    تعزيزاً لمكتسبات رؤية 2030.. المملكة مقراً إقليمياً لبرنامج قدرات المنافسة    في ذمة الله    البيطار يحتفل بزفاف مؤيد    القحطاني يحصل على الماجستير    تعول على موسكو لمنع جولة تصعيد جديدة.. طهران تعيد تموضعها الصاروخي    بوتين: لا نية لشن هجوم على أوروبا.. واشنطن تلوح بعقوبات قاسية على موسكو    شاهد فيلماً وثائقياً عن أكبر هاكاثون في العالم.. وزير الداخلية يفتتح مؤتمر أبشر 2025    «الأسير» يعيد هند عاكف بعد غياب 16 عاماً    خالد عبدالرحمن يصدح في «مخاوي الليل»    الكلية التقنية بجدة تنتزع لقب بطولة النخبة الشاطئية للكرة الطائرة 2025    فرص امتياز في معرض أبها    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    مدربا ميلان ونابولي: مواجهتنا صعبة والتركيز سيمنحنا بطاقة العبور لنهائي السوبر الإيطالي    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد المتناهية الصغر.. «التخصصي» يبتكر تقنية تعالج اعتلالات الأذن الداخلية    حنان الغطيمل تحصد جائزة عالمية وضمن 100 قيادية    الفتح يتعادل إيجابياً مع النصر ودياً    رئيس الأكاديمية الأولمبية السعودية "بن جلوي"يشهد تكريم خريجي دبلوم الدراسات الأولمبية    البكري تحذر من الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي    تفوق رقمي للأفلام مقابل رسوخ محلي للكتب والمكتبات    أمسية شعرية سعودية مصرية في معرض جدة للكتاب 2025    ضبط 952 كيلو أسماك فاسدة ببيشة    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    موسكو ومسارات السلام: بين التصعيد العسكري والبعد النووي للتسوية    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    الشؤون الإسلامية بالمدينة تشارك في البرنامج التوعوي "إنما يعمر مساجد الله من آمن" بمحافظة ينبع خلال شهر جمادى الآخرة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل وفد من أعضاء مجلس الشورى    المساحة الجيولوجية : الهزة الأرضية المسجلة اليوم بالمنطقة الشرقية لم تحدث خسائر    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    «هيئة الحرمين» توفّر سوارًا تعريفيًا للأطفال    مظلات المسجد النبوي.. تُحف وإبداع معماري    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول حديث الى صحيفة عربية مع أبرز المخرجين الايرانيين . محسن مخملباف : الحياة أهم من الفن ... وأفلامي تحتفي بها !
نشر في الحياة يوم 02 - 03 - 1998

الصدفة التي جمعتني بالمخرج محسن مخملباف على هامش مهرجان فجر السينمائي الدولي، عادت مرة أخرى عندما دعاني الى تناول الغداء وإجراء هذا الحوار. ففي طريقنا الى مطعمه المفضل في ذلك اليوم المثلج، تلاسن مخملباف، أو هكذا فهمت، مع شخص قابع في سيارته من دون ان يترك لنا مجالاً لإيقاف سيارتنا بالقرب من المطعم. وبعد ان توقفنا في مكان آخر، وأخذنا مواقعنا في ذلك المطعم الشعبي، وبدأنا نعد للحوار، اذ بشاب يطل على مائدتنا ويتوسل مخملباف بطريقة تثير الشفقة ويطالبه بتوقيع. وعندما سألت عما يريده هذا الشاب... ابتسم المنتج الصديق بهمن مقصودلو ومعه مخملباف: انه الشاب نفسه الذي التقيناه قبل لحظات وسد علينا الطريق، فقد جاء يعتذر من مخملباف ويأخذ توقيعه.
واذ تنفرد "الحياة" بهذا الحوار، لأنه الأول مع صحيفة عربية، فإن الاقتراب من عالم المخرج محسن مخملباف يشكل متعة تضاف الى ابداعات هذا الفنان المميز. فإلى جانب انه أحد الأسماء المهمة في السينما الايرانية، وله حضوره في المحافل السينمائية الدولية، فهو صاحب "البائع المتجول" 1986 و"الدراج" 1987 و"وقت للحب" 1989 و"كان ياما كان سينما" 1992 و"سلام سينما" 1995 و"كبه" 1996.
أنت أحد صناع السينما المهمين في ايران، وهناك سؤال يدور في ذهن كل مخرج يتناول كيفية تأسيس علاقة مع مشاهد خارج بلده؟
- أنا أعتقد بأن ما يعني البشر في كل أنحاء العالم، بغض النظر عن ثقافاتهم وخلفياتهم، هو في حقيقته واحد. التقسيمات والحدود والدول مجرد اشكال نعيش تفاصيلها، فالهم الانساني لا يمكن تجزأته، وما يعنينا وما نتقاسمه ونحس به كبشر هو ما يثير في المشاهد تلك الشحنة التي تحرك الجانب الانساني فيه ويراها على الشاشة.
كيف تُقيم عملك مقارنة مع أقرانك؟
- أنا لست حكماً جيداً على نفسي أو على الآخرين، وانما أنظر الى نتاجي برؤية الشك ويمكن تسميتها بالنسبية، وهذا ما يحملني كمخرج على مقاربة حالات ربما لا رابط بينها سوى موضوعها الانساني.
تبدو من خلال أفلامك معنياً بالحاضر، ماذا يعني هذا الحاضر لك كمخرج؟
- هناك مقطع شعري لعمر الخيام يقول ان الحياة تعني اللحظة الراهنة، أما الماضي والمستقبل فهما ليسا لنا. إننا لا نملك إلا اللحظة الراهنة وهي بمثابة الحاضر الذي نعيشه ونسجل حضورنا فيه.
تحمل أفلامك أبعاداً سياسياً واجتماعية، أيها الأقرب اليك؟
- في كل قصة ثمة أبعاد سياسية واجتماعية، وهي تمثل على كل حال جزءاً من عناصرها. إنني لا أصادر حق المشاهد في النظر الى الفيلم بعين مجردة، فقرار الحكم على العمل متروك له وحده شأنه شأن الذي ينظر الى شجرة متفرعة الأغصان.
أعود واسأل ماذا تعني السياسة لك؟
- تخريب حياة الناس، فحجة تأمين مصالح الناس سرعان ما تتحول الى فرصة تقديم المصالح الشخصية وعرقلة الحياة الطبيعية مما يفقد السياسي صدقيته.
تعتمد في أفلامك على ممثلين غير محترفين، ما السر في ذلك؟
- إنني أتعمد زج ممثلين غير محترفين في أفلامي لأنهم يحملون عفوية وبراءة الحياة، بينما لا يستطيع الممثل المحترف مهما اشتغلت عليه ان يقارب مثل هذه الحالة. يستطيع الممثل المحترف معرفة وإجادة الجانب التقني، ولكن هل تستطيع هذه المعرفة والتقنية التقاط تلك العفوية والوعي والجمال التي أبحث عنها؟ لذا لا أجد خياراً آخر سوى إعادة رسم الحياة مثلما هي وبتدخل يخدم حبكة الفيلم.
هناك تشابه واختلاف في الوقت نفسه بين بطلتي "سلام سينما" و"كبه"، ففي الوقت الذي تتوق الأولى الى اتخاذ السينما وسيلة للهرب الى باريس ولقاء حبيبها من دون ان تترك أثراً. تتوقف الثانية ايضاً للهرب... ولكن بحكم الحياة التي تعيشها تجد نفسها مضطرة الى تسجيل ذاكرتها/ تجربتها على سطح سجادة. لماذا وفرت للأولى مثل هذه الفرصة بينما حجبتها عن الثانية؟ هل تعتقد بأن بطلة "سلام سينما"، بسبب انحدارها من المدينة، كان لها مثل هذا الخيار، في حين ان بطلة "كبه" محكومة بثنائية الهروب/ الذاكرة؟
- دعني أقول ان حياة البشر هي التي تحدد طبائعهم الانسانية وليس العكس، فالحياة هي الاساس وطبائع وأحاسيس الانسان تترتب عليها. عندما تحجب الحياة عن البشر لا يمكنك ان تتحدث عما يدور في أذهانهم. في "سلام سينما" الحب هو الذي يتقدم، وهو الأهم، وما السينما إلا وسيلة تظهر ما تحسه تلك الشابة، لذلك تتخذها وسىلة للهرب بعيداً عن واقعها. بينما ممكنات الهرب لبطلة "كبه" تبدو محدودة، انها تنسج من قصتها وما تحس به سجادة تقليدية. وهذا السجل أو الدفتر هو في حقيقته صورة أريد لها ان تكون أكثر أهمية في تمجيدها للحياة، وفي الوقت نفسه تحيل هذه التقاليد المتوارثة عبر أجيال الى ما نطلق عليه اسم التراث. الحياة في رأيي أكثر أهمية من الفن، لذا تراني عبر أفلامي معنياً بها، فهي تعلمني كيف أنظر الى الامور. السينما صورة تقلد الأصول المبثوثة في مسارب الحياة. وكلما أمسكت تلك التفاصيل وجدت نفسي إزاء لحظة صدق حقيقي وسعادة وأحاول ان أديم هذه اللحظات طويلاً تاركاً السينما التي وفرت لي مثل هذه الفرص.
ان الاستمتاع والاستغراق والحب بمثل هذا الاحساس هو ما يحيل السينما الى شكل مجازي من أشكال الايديولوجية التي تتجاوز حدود الفن. بل انني أذهب أبعد من هذا وأقول: يمكنك ان تتعلم من الحيوانات اكثر من البشر احياناً فالحمل عندما يرضع من ثدي أمه يبدو أكثر سعادة وبراءة من جبروت الانسان. الحياة عبارة عن تفاحة إغراء تدفع الناس في سعيهم اليومي الى اقتناص لحظات السعادة والصدق وامساك نبضها وزخمها، والأفكار المسبقة عنها أشبه بالايديولوجيا المبثوثة مفرداتها في بطون الكتب. لذا تجدني ابتعدت عن الرومانسية الساذجة التي تعتاش على ابتزاز العواطف الساذجة. لقد أحببت شريط "التفاحة" لابنتي سميرة، لأنه يدفع الصبايا بعيداً في طريق البحث عن الخلاص المتمثل في البحث عن التفاحة خارج البيت. بالمناسبة. كنت اخترت لهذا الفيلم موسيقاه التصويرية المقتبسة من أعمال موسيقي ايراني كبير، لكنني تخليت عنها في اللحظة الأخيرة. لا أريد لأفلامي ان تكون ذات صبغة ميلودرامية، فبكاء المشاهدين لا يعني شيئاً، انما أريدهم ان يشاهدوا الفيلم ويعودوا الى حياتهم بنهم وشهية أكبر.
ولكن هل يمكن للخطاب السينمائي القائم احياناً على الحزن والسعادة ان يتجاوز هذا الجانب الانساني؟
- يمكن ان يثير الفيلم عند مشاهدته لحظات سعادة وحزن، ولكن حضور أحكام الماضي والمستقبل هو مايفسد لحظة المشاهدة. لا أريد لأفلامي ان تكون ذات أحكام يقينة وانما تنهل من نبض الحياة، ولا أريد لها أيضاً ان تفسد لحظة المشاهدة بمقولات كبيرة. نجد - لسوء الحظ - ان لإيران وغيرها من المجتمعات القديمة مشكلة واحدة، إلا وهي تقديس الماضي. وعندما يحضر الماضي بقوة سيغيب الحاضر، وسيحل التاريخ وأمجاده محل مفردات اليوم التي نتقاسمها. ان تنازع الماضي والمستقبل هو ما يفسد متعة الإنهماك بلحظة الحاضر ويحيله الى فراغ.
كيف تصف علاقتك بالرقابة؟
- لم تكن جيدة فقد حطمتني عندما منعت فيلمين. ولكن انتخاب السيد محمد خاتمي رئيساً للجمهورية، عبر صناديق الاقتراع وبعدد أصوات تجاوز العشرين مليوناً، فتح آفاقاً جديدة لحرية التعبير. وجاء هذا تعبيراً عما أؤمن به، ذلك ان اللعبة الديموقراطية هي الوسيلة الوحيدة التي تضمن للحوار ان يشترك فيه الناس، والعنف والبندقية لا يمكنهما إرساء تقاليد وأصول يمكن الاحتكام لها. الديموقراطية هي طريق للوصول الى هدف وليست غاية بحد ذاتها. شريطي "سلام سينما" شاهده اكثر من مليون مشاهد، ولو عرض هذا الفيلم قبل 15 عاماً لما تجاوز عدد مشاهديه بضعة آلاف.
يدور كلامك حول الحياة والتمتع بها، ولكنك في الوقت نفسه تحجب على عائلتك حق التعلم خارج البيت؟
- إنهم يفضلون البقاء والتعلم في البيت، فهم يعيشون ويزاولون اهتماماتهم من دون حاجة للذهاب الى المدرسة. طبعاً هم يدرسون تحت اشراف مدرسين خصوصيين، وهذا ما يمنحهم معرفة البرامج الدراسية، وكذلك يتواصلون مع أقرانهم وأصدقائهم، ولا أعتقد أنهم بحاجة الى أكثر من هذا... ولك ان تأخذ من ابنتي سميرة مثالاً.
هل يعني ذلك انك غير مقتنع بالنظام التعليمي؟
- نعم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.