نائب أمير الشرقية يهنىء القيادة بعيد الأضحى المبارك    خالد الفيصل يطمئن على سير الخطط والأعمال المقدمة لضيوف الرحمن    "البيئة" تفسح أكثر من (2,1) مليون رأس من الماشية منذ بداية "ذو القعدة"    تصعيد في جنوب لبنان.. واشنطن تخشى الانزلاق لحرب    نائب أمير مكة يستقبل وزير الحج والعمرة    «الداخلية»: السجن والغرامة والترحيل ل25 مخالفاً نقلوا 103 أشخاص ليس لديهم تصريح بالحج    قرار من الاتحاد بشأن المعيوف    ناتشو يختار بين الاتحاد والنصر    لاعب النصر على أبواب القادسية    حاجة فلسطينية : كتب لي الله حج بيته الحرام ضمن برنامج خادم الحرمين    إغلاق شواطئ جزيرة سنتوسا في سنغافورة بسبب تسرب نفطي    مع دخول الصيف.. سكان مخيمات غزة يواجهون «الجحيم»    "التجارة": تصعيد أكثر من 258 مليون سلعة تموينية إلى العاصمة المقدسة    بنتانكور لاعب توتنهام يعتذر لزميله سون بسبب تعليق عنصري    المعيقلي في خطبة عرفة: الحج ليس مكانا للشعارات السياسية ولا التحزبات.. مما يوجب الالتزام بالأنظمة والتعليمات    "الصحة" تُحذر الحجاج من أخطار التعرض لأشعة الشمس    وزير الإعلام يتفقد مقار منظومة الإعلام بالمشاعر المقدسة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يؤكد اعتزاز المملكة بخدمة ضيوف الرحمن    رجل أمن يحتضن الكعبة.. خدمة وشوق    سويسرا تحتضن قمة دولية حول أوكرانيا    الحجاج يتوافدون إلى عرفات لأداء الركن الأعظم    الأجواء المناخية بطرق المشاعر المقدسة    أبحاث تؤكد: أدمغة الرجال تتغير بعد الأبوّة    الصحة الفلسطينية: توقف 32 مستشفى عن العمل من أصل 34 في غزة    انضمام مسؤول استخباراتي سابق إلى مجلس إدارة شركة Open AI    الرئيس المصري يزور المتحف الدولي للسيرة النبوية    جبل عرفات..من الناحية الجيولوجية    تعرّف على درجات الحرارة المتوقعة في مكة والمشاعر المقدسة    الرئيس الشيشاني يصل إلى المدينة المنورة    نائب أمير مكة يتابع أعمال الحج والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    اكتمال جاهزية إيصال ترجمة خطبة يوم عرفة لمليار مستفيد    تنظيف وغسل 120 مصلى وجامعا في بريدة استعدادا لصلاة العيد    السعودية تتسلم علم استضافة أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025    طيران الأمن يُسخر إمكاناته لخدمة الحجيج    النيابة العامة تطور جهاز ترجمان لترجمة مجريات التحقيق خلال موسم حج 1445ه    مصادر «عكاظ»: الشهري يدرس عروض أندية «روشن»    «النقد الدولي»: سياسة السعودية الاقتصادية تدعم النمو غير النفطي    حجاج صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين يحطون رحالهم في منى    2000 إعلامي من 150 دولة يتنافسون في الأداء    مركز العمليات الأمنية ل«عكاظ»: نرد على المكالمات في ثانيتين    «SSF» قوات النخبة.. تدخل سريع للحماية والتأمين    أفضل أداء أسبوعي للنفط في شهرين    «السيادي السعودي» يعتزم الاستثمار في الهيدروجين الأخضر و«المتجددة»    عرفة البيضاء.. تتهيأ لأضخم تجمّع بشري    النائب العام يجري جولة تفقدية على مركز القيادة والتحكم للإشراف المباشر على أعمال النيابة العامة بالحج    حجاج بيت الله يؤدون الركن الأعظم    4 أطعمة مناسبة أثناء تناول حقن التنحيف    40 عاماً لتخطي سوء معاملة طفل !    مركز البحوث السرطانية: لا تتجاهل البقع الزرقاء !    الأولوية لفيرتز    افتتاح قصير ل«يورو 2024» وتكريم بيكنباور    الأخضر تحت 21 عاماً يخسر من بنما بركلات الترجيح في بطولة تولون الدولية    فيلم "نورة" من مهرجان "كان" إلى صالات السينما السعودية في رابع العيد    120 مليون نازح في العالم    المملكة من أكبر المستثمرين في الطاقة النظيفة    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    هدايا بروح التراث السعودي لضيوف الرحمن    العيسى: تنوع الاجتهاد في القضايا الشرعية محل استيعاب الوعي الإسلامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط نتانياهو : من إنحلال الثقة الى الانتخابات
نشر في الحياة يوم 27 - 12 - 1998

في اليوم الذي خسر فيه بيبي نتانياهو غالبيته البرلمانية، عقدت اكاديمية العلوم الاسرائيلية مؤتمراً حول "الانحلال"، وهو علم إنحلال المادة. قد يستنتج المرء انها محض صدفة. ربما كان الامر كذلك. لكن "الانحلال" إستعارة مناسبة لعملية التحلل البطيئة والمؤلمة ثم المتسارعة لهذه الحكومة. فقد هجر وزراء ليكود الرئيسيون الحكومة، واحداً تلو الاخر، احتجاجاً على اساليب و/أو قرارات رئىس الوزراء: بيني بيغن وزير العلوم والتكنولوجيا ودان مريدور وزير المال وديفيد ليفي وزير الشؤون الخارجية، بالاضافة الى روني ميلو رئيس بلدية تل ابيب الليكودي. ثم جاءت رصاصة الرحمة، باستقالة ياكوف نئيمان، وهو خبير تنكوقراطي يحظى باحترام واسع وكان صديقاً قريباً لرئىس الوزراء في وزارة المال. بعدها بدأت حتى الاحزاب الاصغر في الائتلاف تطلق إشارات تهديد، واصبح المسرح مهيئاً للمشهد الأخير - المفضي الى انتخابات مبكرة.
من المغري ان نعزو ما حدث الى التأثير المتأخر لاتفاق "واي بلانتيشن" الذي اثار غيظ اليمين المتطرف، بينما اثار تعليق تنفيذ هذا الاتفاق، بعد اقل من شهرين على توقيعه، مشاعر الخيبة لدى احزاب الائتلاف الوسطية مثل "الطريق الثالث". او يمكن للمرء بدلاً من ذلك ان يرى في التباطؤ الاقتصادي السبب الرئيسي وراء هذا "الانحلال". لكن هذه الفرضيات خاطئة.
واستطلاعات الرأي التي يقرأها نتانياهو باهتمام كبير تُعلمه وتُعلمنا ان الرأي العام مشوش: فهو يؤيد اتفاق "واي"، لكنه لا يثق بياسر عرفات ويقبل بالتالي حجّة رئيس الوزراء بانه اُضطر الى تعليق الاتفاق حتى يعدّل الرئيس الفلسطيني مواقفه على صعيد قضايا خمس. مع ذلك، لو ان نتانياهو طبّق الاتفاق فان حزب العمل كان سيدعمه في مواجهة مذكرات سحب الثقة التي قدمها اليمين المتطرف. فلماذا لجأ الى إثارة غيظ اليمين المتطرف واليسار والوسط على السواء: الاول بتوقيع الاتفاق، والثاني ب "تجميده"؟
أما على صعيد الاقتصاد، فإن الذين في أدنى السلم أدنى مرتبتين او ثلاث مراتب، من اصل عشرة، التي تعاني اشد درجات الحرمان يميلون الى التصويت لصالح رئيس الوزراء. وهم من الارثوذكس المتطرفين الذين يكرهون اليسار العلماني، أو من اليهود الشرقيين الذين ينظرون الى "ليكود" بوصفه الحزب المعبّر عن مواقفهم المعارضة. صحيح ان هذه المراتب تحتوي أيضاً الكثير من العرب، لكنهم يصوتون ضد نتانياهو الذي يعتبرونه "عدو السلام". اما الفئات التي تقف في وسط السلم الاجتماعي الاقتصادي، وهي تضم الكثير من مؤيدي ليكود، فهي لم تتحسس بعد آثار الضائقة الاقتصادية و"تقبل" المجادلة الصحيحة جزئياً بان الركود يرجع الى العولمة: فالأزمة الآسيوية تؤذي بقوة الاسواق الرئيسية للصادرات الاسرائيلية، وبالتالي فإن الحكومة لا تتحمل أي مسؤولية. في الواقع، ساهمت الحكومة في الركود الاقتصادي بسياستها المتشددة لكبح التضخم، لكن المجادلات التي تدعم هذا الرأي تمتاز بطابعها الملغز والتقني على نحو مفرط. ويمكن ان نضيف ان ذوي المداخيل المتدنية لا يميلون الى العمل في قطاعات التكنولوجيا المتطورة بل في صناعات النسيج التي لا تعتمد على التصدير وتبدو أقل تأثراً بالاسواق العالمية. إلا أن هذه هي ايضاً مجادلة مفرطة في التعقيد.
حقيقة الأمر أن نتانياهو لم يخيّب وزراءه وناخبيه بسياساته. فالمسألة الاساسية التي كانت موضع شكوك هي قبل كل شىء شخصيته، وبالتالي اسلوب الحكم.
كان الشخص الذي حلّل شخصية نتانياهو على افضل وجه هي نوريث بيليد ايلكهنان. وربما يتذكر القراء اسمها. انها ام الفتاة البالغة من العمر 14 سنة التي قتلت في عملية تفجير نفذتها "حماس" في وسط القدس في تموز يوليو 1997. اتهمت الام، وهي ابنة داعية السلام الراحل ماتي بيليد، سياسات الحكومة بأنها المسؤولة عن مشاعر الاحباط لدى الفلسطينيين التي ادت الى العمل الارهابي في القدس. وادلت بتصريحات صاخبة بهذا المعنى كان لها وقع كبير على الرأي العام.
الجدير بالذكر ان نوريث بيليد ايلكهنان كانت صديقة بيبي نتانياهو ايام الطفولة والدراسة الثانوية. ولم تنقطع الاتصالات بينهما رغم الخلافات السياسية. وفي مقابلة اجرتها معها صحيفة "هآرتز" الملحق الاسبوعي، 18 الشهر الجاري تحدثت بحرارة عن حياتهما كمراهقين في حي ريهافيا في القدس. لكنها لفتت الى ان الفتى بيبي كان يتصف بالفعل بما يمثل، حسب رأيها، سمته الاساسية في الوقت الحاضر. فقد كان يميل الى رؤية الحياة كلعبة "حصيلة الصفر": ما يخسره يكسبه صبية اخرون، والعكس بالعكس. هكذا، يتصف بشكوكية عميقة تجاه اقرانه من البشر. فليس هناك من هو آهل للثقة حقاً، ويمكن حتى لزملائك ان يغرسوا السكين في ظهرك اذا لم تتخذ تدابير احترازية. كان يلجأ الى استغلال الصبية الآخرين واستخدامهم لغاياته، مبدياً ثقة مفرطة بذكائه المتفوق. كان يعتبرهم، في قرارة نفسه، مغفلين بالأساس: "يولد مغفل كل يوم"، هكذا اعتاد ان يفكّر. وختمت بيليد ايلكهنان بقولها: "كنت اعتقد دائماً انه بحكم ذكائه مؤهل ليكون اشبه بزعيم مافيا، أو زعيم عصابة. فهو يعتقد ان العالم غابة".
وإذا كان هذا هو موقفه من زملائه، فلنا ان نتخيّل كيف ينظر الى الآخرين: الاسرائيليين اليساريين وغير اليهود، وهلم جراً. ويوضح ذلك الى حد بعيد كيف نجح بيبي في تنفير اعضاء حزبه الأخير في هذه اللائحة الطويلة هو وزير الدفاع موردخاي والادارة الاميركية والزعماء الفلسطينيين، وبعدهم جميعاً أعضاء الكنيست.
في مطلع كانون الاول ديسمبر الجاري، على سبيل المثال، كان من المقرر طرح مذكرة حجب الثقة في الرابعة عصر يوم الاثنين. في الواحدة بعد الظهر، التقى بيبي اعضاء برلمان مؤيدين للمستوطنين. وتعهد لهم بالغاء اتفاق "واي" او تعليقه الى اجل غير مسمى، ووعد بضخ اموال كبيرة لتوسيع المستوطنات. في الثانية بعد الظهر، التقى النواب العرب برئاسة عبدالوهاب الدراوشة وتعهد له بالمضي قدماً في تطبيق اتفاق "واي" وتخصيص ميزانية مهمة للبلديات العربية التي تعاني عادة التمييز من قبل الحكومة. بحلول الخامسة مساءً، انتهى التصويت. وخرج بيبي سالماً بفضل اصوات اليمين المتطرف والنواب العرب. وبحلول موعد نشرة الانباء التلفزيونية في الثامنة مساء، تمكن صحافيون مثابرون من كشف حقيقة الوعود المتناقضة. وثارت ثائرة النواب اليمينين والعرب على السواء. واقسموا الاّ يُخدعوا مرة اخرى من قبل نتانياهو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.